إعداد : ناصر البدراوى يعتبر شمعون بيرس واحدا من اكبر الخبراء في العالم بالسعي الى السلام، وهو سعي جعله يفوز بجائزة نوبل، وما زال منذ عشرات السنين يسعى تحت إمرة اشخاص وحكومات ليدفع بالسلام قدما، والذي يتبين مرة بعد اخرى أنه هاذي وخطير، وقد نقل في هذه الايام رسالة الى يئير لبيد وتسيبي لفني تقول إنه يجب عليهما أن يتركا الحكومة ويدفعا بمسيرة سياسية قدما. وكم هو محزن ألا يقدر سياسي ذو تجربة على استخلاص دروس من أحداث واقعية وأن يحصر عنايته بدل ذلك بتنبؤات بالمستقبل. التقى شمعون بيرس مؤخرا عدة مرات مع البابا فرنسيس وشمل ذلك صلاة مشتركة وهي صلاة استخرجت ابتسامة من دافيد بن غوريون الذي يحل هناك في الاعلى وينظر بدهشة الى المشهد الذي شارك فيه مساعده المخلص. وأهم من ذلك أن السيد بيرس سيلتقي زعماء الاسلام الذين يقودون الجمهور المتطرف القاتل حولنا، وسيتبين له أنه ليس عندهم أي استعداد للاعتراف بدولة اسرائيل في أية حدود فضلا عن صنع سلام معهم. ولا شك في أنه سيغير رأيه إثر هذه اللقاءات. فقد بدأ الرئيس اوباما يدرك من الذين تعاملهم الحضارة الغربية. واوباما لا يطرق السقف ولا ينشر منشورات وهو يعلم أن الشرق الاوسط الجديد الذي تنبأ به شمعون بيرس هو جحر أفاعي وثعابين تزعزع النظام العالمي. ويتبين أن الكلام السخيف مؤخرا عن أبو مازن باعتباره حمار المسيح سخافة وهراء. إن عظمة السياسي كعظمة المفكر ايضا أن يستطيع الاعتراف بالخطأ فالذي يعترف بالخطأ يشهد على نفسه بأنه اليوم أكثر حكمة مما كان أمس. وفي دولة اسرائيل مجموعة صغيرة لكنها مؤثرة تشمل ساسة وأدباء ومحللين غير مستعدين ولو لحظة واحدة أن يغضوا نظرهم عن الواقع، وهذا هو التأليف بين التنافر المعرفي والسذاجة الصبيانية تقريبا. إن للكلام الذي لا نهاية له على السلام تأثيرا مُسكرا كقيادة السيارة حقا تحت تأثير الخمر. فالسائقون لا يستطيعون الانتباه للطريق ويدفع مستعملو الطريق ثمن الحادثة. إن رؤيا السلام الداحضة اضعفت عند كثيرين بيننا الرغبة في الخدمة في الجيش الاسرائيلي وحماية الدولة. وفرسان السلام الذين يبينون للفتيان أن الجيش الاسرائيلي جيش احتلال يسببون خفض الروح المعنوية والاستعداد لبذل المهجات لحماية الدولة، والذين يتهمون حكومات اسرائيل بعدم الاستعداد للمشاركة في حفل السلام المزيف وبعدم الاستعداد للتنازلات في ايام يهيج الجنون فيها حولنا، مصاب بعدم فهم لجوهر الحلم الصهيوني وهو يضر بالوحدة القومية الضرورية. إن هذه الايام التي تسبق رأس السنة هي ايام محاسبة نفس شخصية وقومية ايضا منذ كان انشاء الدولة. وفي الايام التي تضطر فيها دولة اسرائيل الى مواجهة تهديدات معقدة يمكن أن نتوقع من اليساريين ايضا ان يتوقفوا لحظة ليبدأوا من جديد وليغيروا المسار. ومن المهم أن يعلم الجميع أنه لا سلام بلا أمن، فالامن والاستيطان فقط قادران على ضمان السلام في المستقبل. وكل تنازل عن الامن لاجل السلام الكاذب يقرب الحروب اكثر. إسرائيل اليوم 22/9/2014