يظهر المرشحون اليوم على مسرح الانتخابات وكأنهم خارجون من حكايتين متناقضتين: فالأول يمتطي جواد المال، يحمل أكياسه كأنها مغارة علي بابا لا تنضب، يوزعها بسخاء لا يختلف عليه اثنان، لا حبا في الناس ولا شفقة على حالهم، وإنما استثمارا طويل الأجل يريد جني أرباحه تحت قبة البرلمان. وفي المقابل، يقف أولئك الذين اصطلح العامة على تسميتهم ب "الفقهه"-ناس على باب الله، بالكاد يجدون ما يعينهم على معركة كتلك، ولكنهم يدفعون أنفسهم إليها دفعا؛ إما رغبة في تحسين أحوالهم أو هروبا من ضيق الواقع. التسمية قاسية.. لكنها في كثير من الأحيان حقيقة مرة. ومما زاد الطين بلة؛دخول السوشيال ميديا على الخط، فصارت تضخم هذا الصنف أو ذاك بحثا عن "الريتش"، وكأنها سوق صاخبة يتسابق فيها البلوجرز والصفحات على( لفظة) أو (لقطة) تصنع "تريندا" لا يتجاوز عمره يوما أو اثنين. وهكذا، بدل أن يظهر المرشح الكفء المثقف، طغى على المشهد .."المشهد"، وغُطِّيَ "الجوهر" بالضجيج. وهنا ؛صار الوطن بين مطرقة المال الذي يريد استثماراته، وسندان الفقير الذي يحمل (بؤجته) كما لو كان في مولد؛ الأول يستخدم المال ليحمي مصالحه، والثاني يلجأ إليه كملاذ أخير بعدما ضاقت به السبل. والفقراء-وهم أصحاب الحق-يقعون في حيرة القلة والحاجة، فيهرولون نحو من يعطيهم اليوم، ولو كان ثمن الغد ضياعا. #يا_سادة؛إن الفقر لا ينجب إلا فقرا، والبيئة الفقيرة إن لم تجد من يعتني بها ذبلت بذورها قبل أن ترى الشمس. ويحضرنى فى هذا المقام سؤالين: #الأول..من المستفيد؟ المستفيد الأول والأخير من هذا الحراك العبثي هو المنظومة نفسها؛ فهي لن تخسر من وجود هذا أو ذاك.. فكلاهما قابل للسيطرة، وكلاهما لا يمثل خطرا على مراكز القوى. وفي ظل هذا الضجيج، يغيب الصوت الحقيقي، ويضيع المثقف والكفء والخبير، ويتوه أصحاب البصمة الذين يمكن أن يصنعوا فرقا. #الثانى..أين نائب الشعب الحقيقي؟ والإجابة؛ نائب الشعب ليس وجها جميلا على "بوستر"، ولا خزانة مفتوحة، ولا شخصا يحمل على كتفه فقره ليتكئ على البرلمان..نائب الشعب-في الأصل-هو: #هيئة_وقورة.. لا خيلاء فيها ولا تصنع #ثقافة_واسعة، يفهم ملفات الوطن لا "بوستات" الصفحات #قدرة_على_الرقابة؛ لا خوف فيها ولا مصالح #لسان_صادق؛ لا يخشى أن يقول "هذا خطأ" #ضمير_حي؛ يرى الناس قبل أن يرى الكرسي #قلب_يعرف؛ أن البرلمان تكليف لا تشريف ذلك هو النائب الذي يراقب الحكومة، لا يتودد إليها؛ يحاسب، لا يتكسب؛ يمثل الناس.. لا يمثل عليهم. #فى_النهاية_بقى_أن_اقول؛ليس المال معيارا، ولا الفقر شهادة براءة..ليس الثراء دليل فساد، ولا الضيق تذكرة دخول للجنة..من أراد الاختيار فعليه أن ينظر لما وراء الوجوه واللافتات..إلى العقل.. والسيرة..والخبرة..والقدرة على الفعل. فالبلد لا تبنى بالعاطفة، ولا تصلحها الصدقة المؤقتة، ولا يتقدمها من لا يملك رؤية. فاللهم احفظ مصر من كل سوء،واحفظ أهلها الطيبين،وول عليها من يَصدُق ويُخلِص،وأبعد عنها كل تاجرٍ بالناس أو بالوطن،واجعل مستقبلها خيرا مما مضى،وسلاما يعم أرضها وسماءها.