مصر تتفق على تمويلات ميسّرة ب9.5 مليار دولار لدعم الموازنة خلال 2023-2026    البنك المركزي المصري يقرر خفض أسعار الفائدة بنسبة 1%    تراجع معظم أسواق الخليج وسط ‍تداولات محدودة بسبب العُطلات    الأهلي يواصل تدريباته استعدادا لمواجهة المصرية للاتصالات في كأس مصر    الداخلية تحبط محاولة غسل 500 مليون جنيه حصيلة تجارة المخدرات    الخارجية الروسية: الاتحاد الأوروبي يراهن على تصعيد الصراع الأوكراني من أجل المال    أردوغان يستقبل البرهان في أنقرة    إصابة شابين فلسطينيين برصاص الاحتلال الإسرائيلي وهجمات المستوطنين    محافظ الدقهلية يتفقد سوق الخواجات ويشدد على إصدار قرارات غلق للمحال    روسيا: نحلل خطة السلام الأمريكية بشأن أوكرانيا    هل يمنح اتفاق تبادل الأسرى هدوءاً نسبياً لليمن؟.. ترحيب عربى ودولى.. تبادل 3000 أسير ومختطف برعاية الأمم المتحدة.. توقعات بأن يشمل الإفراج عن قيادات بارزة بحزب الإصلاح.. مجلس الأمن: ندعم السلام فى اليمن    رئيس جامعة كفرالشيخ يلتقي بالطلاب الوافدين ويؤكد الحرص على تقديم بيئة متميزة    المصريون بالخارج يواصلون التصويت في جولة الإعادة لمجلس النواب    نائب محافظ الجيزة يتفقد المراحل النهائية لتشغيل محطة رفع الصرف الصحى بدهشور    إغلاق موقع إلكتروني مُزوّر لبيع تذاكر المتحف المصري الكبير    عاجل- المركز الإعلامي لمجلس الوزراء ينفي بيع مصانع الغزل والنسيج ويؤكد استمرار المشروع القومي للتطوير دون المساس بالملكية    فيديو.. سرب مكون من 8 مقاتلات حربية إسرائيلية يحلق فوق جنوب وشرق لبنان    الجيش السوداني يصدّ محاولة اختراق للدعم السريع قرب الحدود مع مصر وقصف جوي يحسم المعركة    برلماني: الوطنية للانتخابات وضعت خارطة طريق "العبور الآمن" للدولة المصرية    الجزائرى محمد بن خماسة آخر عقبات الإسماعيلى لفتح القيد في يناير    اتحاد الكرة يحذر من انتهاك حقوقه التجارية ويهدد باتخاذ إجراءات قانونية    وزير الخارجية: التزام مصر الراسخ بحماية حقوقها والحفاظ على استقرار الدول المجاورة    المنيا تنفرد بتطبيق نظام الباركود للمحاصيل الحقلية    رفع آثار انقلاب سيارة ربع نقل محملة بالموز وإعادة الحركة بالطريق الزراعي في طوخ    محافظة قنا تواصل تطوير طريق قنا–الأقصر الزراعي بإنارة حديثة وتهذيب الأشجار    كوروكوتشو: مصر واليابان تبنيان جسرًا علميًا لإحياء مركب خوفو| حوار    بعد 25 سنة زواج.. حقيقة طلاق لميس الحديدي وعمرو أديب رسمياً    صندوق التنمية الحضرية يعد قائمة ب 170 فرصة استثمارية في المحافظات    إزالة مقبرة أحمد شوقي.. ماذا كُتب على شاهد قبر أمير الشعراء؟    هل للصيام في رجب فضل عن غيره؟.. الأزهر يُجيب    محافظ الدقهلية: تقديم أكثر من 13 مليون خدمة صحية خلال 4 أشهر    ما هو ارتجاع المريء عند الأطفال، وطرق التعامل معه؟    مدينة الأبحاث العلمية تفتتح المعرض التمهيدي لطلاب STEM المؤهل للمعرض الدولي للعلوم والهندسة ISEF–2026    البابا تواضروس يهنئ بطريرك الكاثوليك بمناسبة عيد الميلاد    ضبط 19 شركة سياحية بدون ترخيص بتهمة النصب على المواطنين    إيرادات الأفلام.. طلقني يزيح الست من صدارة شباك التذاكر وخريطة رأس السنة يحتل المركز الخامس    وزارة الثقافة تنظم "مهرجان الكريسماس بالعربي" على مسارح دار الأوبرا    تأجيل محاكمة رئيس اتحاد السباحة وآخرين بتهمة الإهمال والتسبب في وفاة السباح الطفل يوسف    ادِّعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها.. الأزهر للفتوي يوضح    بشير التابعي يشيد بدور إمام عاشور: عنصر حاسم في تشكيلة المنتخب    الوطنية للانتخابات: إبطال اللجنة 71 في بلبيس و26 و36 بالمنصورة و68 بميت غمر    محافظ الجيزة يفتتح قسم رعاية المخ والأعصاب بمستشفى الوراق المركزي    محافظ الوادى الجديد يلتقى المستشار الثقافى للسفارة الهندية بالقاهرة    كرة طائرة - بمشاركة 4 فرق.. الكشف عن جدول نهائي دوري المرتبط للسيدات    مصادرة 1000 لتر سولار مجهول المصدر و18 محضرا بحملة تموينية بالشرقية    حسام حسن: ⁠طريقة لعب جنوب أفريقيا مثل الأندية.. وجاهزون لها ولا نخشى أحد    الصحة تعلن اختتام البرنامج التدريبي لترصد العدوى المكتسبة    المتحدث العسكري: قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أبريل 2026    من هو الفلسطيني الذي تولي رئاسة هندوراس؟    عبد الحميد معالي ينضم لاتحاد طنجة بعد الرحيل عن الزمالك    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية بمحافظة الدقهلية    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 25ديسمبر 2025 فى المنيا    لليوم الثاني.. سفارة مصر بإيران تواصل فتح لجان التصويت بجولة الإعادة للدوائر ال19 الملغاة    أمن القليوبية يكشف تفاصيل تداول فيديو لسيدة باعتداء 3 شباب على نجلها ببنها    حكم تعويض مريض بعد خطأ طبيب الأسنان في خلع ضرسين.. أمين الفتوى يجيب    أحمد سامي يقترب من قيادة «مودرن سبورت» خلفًا لمجدي عبد العاطي    لم يرحم إعاقته، القبض على مدرس لغة عربية هتك عرض تلميذ في الهرم    ما حكم حشو الأسنان بالذهب؟.. الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين الصمت والرماد: يوم وقف إطلاق النار في غزة
نشر في الزمان المصري يوم 09 - 10 - 2025

في ذلك الصباح الذي تلا القرار، لم تطلق صفارات الإنذار، ولم تلمع السماء بوهجِ القذائف. كانت المدينة ساكنةً كأنها تلتقط أنفاسها الأولى بعد غيبوبةٍ طويلة.
غزة، المدينةُ التي تُشبه جرحا مفتوحا في خاصرة البحر، اغمضت عينيها قليلًا لتسمع صدى الحياة، بعد أن طغى لوقت طويل صوت الحديد على أصوات البشر.
وقف إطلاق النار… كلمات تبدو بسيطة في بيانات السياسة، لكنها في شوارع غزة معجزة.
في حي الشجاعية، جلس أبو خالد أمام بقايا بيته، يضع حجارة فوق أخرى كمن يعيد ترتيب الذاكرة. قال وهو ينفث دخان سيجارته ببطء:
"مش مهم البيت… المهم الولاد بخير. الباقي بيتعمر."
كانت كلماته تشبه اعترافًا بالهزيمة والنصر في آن واحد. النصر هنا هو أن تظل حيا، أن تبقى قادرا على قول "الباقي بيتعمر".
في المستشفى المقابل، كانت أمٌّ...
في المستشفى المقابل، كانت أمٌّ تُمسك بيد طفلها الذي فقد إحدى ساقيه..لم تبكِ.
كانت تنظر إليه بعينٍ تفيض بالحنان والصلابة، كأنها تعلمه أول دروس البقاء:
"رح تِمشي، يا يما، رح تمشي تاني، حتى لو على ضوء الحلم."
في تلك اللحظة، لم يكن وقف إطلاق النار مجرد اتفاقٍ بين طرفين متحاربين، بل كان مساحةً صغيرة من الكرامة، تتنفس فيها الأمهات، وتستعيد فيها الإنسانية وجهها الذي غطّاه الغبار.
في سوق مخيم النصيرات، عاد الباعة ببطء، ينفضون الرماد عن أكوام الخضار اليابسة.
طفل يحمل سلةً من النعناع الأخضر ويصيح بصوتٍ مرتجف:
"ريحوا قلوبكم… ريحة النعناع رجعت!"
ضحك الناس، وكانت تلك الضحكة أولى مظاهر الهدنة، لا تُشبه أي شيء سوى عودة الروح إلى جسد مُنهك.
لكن الهدوء في غزة ليس مثل الهدوء في المدن الأخرى.هو هدوء حذر، كأنك تمشي على أرضٍ من زجاجٍ مكسور.الكل يخاف أن تنكسر الهدنة مثل حلمٍ لم يكتمل.حتى البحر، ذاك الذي طالما حمل أحلام الغزيين، بدا مترددا في مده وجزره، كأنه ينتظر أن يتأكد من أن الحرب نامت حقًا.
في المساء، صعدت أصوات الأذان من المآذن المهدمة، واختلطت برائحة الغبار والمطر الخفيف.كان المشهد مزيجا من الخراب والرجاء.عجوزٌ تسند ظهرها إلى جدار نصف قائم، ترفع يديها إلى السماء وتقول:
"يا رب، خلّي هالليل يعدّي بلا نار."
دعاؤها لم يكن سياسيا ولا شعاراتيا؛ كان نداء من قلبٍ ذاق كلّ أشكال الفقد.
كان صوتها أشبه بتراتيل الأرض حين تستجدي السلام.
ما بعد القرار
الناس يعرفون أن وقف إطلاق النار ليس نهاية الحرب.
هو فقط استراحةٌ بين جولات الألم، لكنه أيضا مساحةٌ لزراعة بذورٍ صغيرة من الأمل.في المدارس، يحاول المعلمون جمع الأطفال تحت السقف المتصدع ليكملوا الدروس من جديد،
وفي الورش الصغيرة، يعيد الحدادون طرق الحديد ليصنعوا أبوابا جديدة لبيوت بلا جدران.
المدينة تتنفس، نعم، لكنها تتنفس من رئةٍ واحدة.ورغم ذلك، لا أحد يفقد الأمل نهائيا، لأن في غزة، الأمل ليس ترفًا، بل فريضة حياة.
فى النهاية بقى أن نقول ؛ وقف إطلاق النار ليس مجرد اتفاقٍ سياسي، بل لحظة إنسانية كبرى، تعيد تعريف معنى الوجود وسط الدمار.إنه تذكير بأن الشعوب، مهما نزفت، لا تموت، وأنّ في كل طفلٍ يبتسم رغم الركام، إعلانًا صغيرا بانتصار الحياة.
غزة لا تطلب الكثير .. فقط هدوءا يسمح للحياة أن تستعيد نغمتها القديمة.وفي كل مرة يعلن فيها وقف إطلاق النار، يولد في هذه الأرض وعد جديد:


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.