أمامك عدة اختيارات .. التعليم .. الثروة .. الحظ .. المصاهرات .. الطموح والمجهود الخرافي .. مبروكة خفاجي الفلاحة المصرية الذكيّة اختارت بالفطرة التعليم وسيلة للارتقاء الطبقي .. حيث لم تتوفر لديها أية بدائل أخري .. راهنت على تفانيها في تعليم ابنها علي ابراهيم بكل قرش و مليم اكتسبته من الخدمة في البيوت .. والسعي للعمل في بيوت البهوات والباشوات في رحلة كفاح وشقاء عظيمة .. كانت تقتطع المال من قوتها وطعامها من أجل تعليم ابنها في المدارس المتميزة حتي أوصلته إلى مدرسة الطب .. فتخرج وتفوق .. وصار طبيبا عبقريا ... و شاءت الأقدار أن يرشحه الاطباء الأجانب لإجراء عملية جراحية معقدة للسلطان حسين كامل .. فينجح نجاحا مبهرا .. ويكافأ بتعيينه طبيبا للخاصة الملكية و يمنح درجة الباشوية .. ويصبح فيما بعد .. أول عميد مصري لكلية طب القصر العينى .. هكذا العائلات المكافحة فى مصر من قديم الزمان وحتى الآن .. يبيعون قيراطين الأرض وغوايش الذهب والكردان .. ويجاهدون في السعي والعمل المتفاني لتوفير مستقبل أفضل وحياة أرقى لأبنائهم ليعتلوا درجات السلم الاجتماعي المرموقة .. سؤال بريء .. هل مازال التعليم هو الباب الملكي للوصول لقمة الهرم الاجتماعي ؟ .. الاجابة لا .. لماذا ؟ .. لعدة أسباب .. أولا .. لأن التعليم أصبحت فرصته ضعيفة جدا في سوق العمل .. البطالة ضربت نظرية الرهان على التعليم في مقتل .. ثانيا .. نظريات علم الاجتماع المرتبطة بالتعليم والهيبة الاجتماعية اختلفت .. يرى بيير بورديو أن التدرج الاجتماعي يتشكل من خلال تفاعل عدة عوامل، أهمها رأس المال (الاقتصادي، الثقافي، الاجتماعي، والرمزي) ومفهوم "الهابيتوس" (Habitus) الذي يمثل مجموعة الميول والقيم المكتسبة من خلال التنشئة الاجتماعية والتي تؤثر في سلوك الأفراد ومواقفهم. كما يرى أن "الحقول" الاجتماعية (Fields) هي فضاءات للصراع والتنافس بين الأفراد والجماعات حول الموارد والسلطة. ثالثا .. اكتساح نشاطات ريادة الأعمال والمهارات الرقمية للمجال العام ساهم في شقلبة الهرم الاجتماعي بقوة رابعا .. عدم ربط الجامعات والأكاديميات والمراكز البحثية بمؤسسات القطاع الخاص و رجال المال والأعمال والصناعة .. همش مكانة التعليم و هيبته الاجتماعية خامسا .. السياسات الاقتصادية المتعلقة بأجور خريجي الجامعات غير داعمة وغير مشجعة للطموح العلمي والأكاديمي سؤال آخر .. ماهي تداعيات ذلك علي الحراك الاجتماعي الاجابة .. تآكل الطبقة الوسطى المتعلمة التي تمثل عصب الطموح والتقدم والازدهار .. حجم الطبقة المتوسطة في العالم يصل إلى أكثر من 3.6 مليار نسمة .. ويتوقع أن يصل إلى 5.3 مليار بحلول عام 2030 .. هذا النمو ارتبط ارتباطاً وثيقاً بنمو الاقتصاد العالمي .. لا سيما في الدول الآسيوية .. حيث يأتي أكثر من 90 في المائة من المنضمين الجدد لهذه الطبقة من هذه الدول. وأوضحت إحصائية حديثة أن 5 أشخاص في الثانية الواحدة ينضمون إلى الطبقة المتوسطة في أوربا و في آسيا .. ماذا عن الدول النامية في أفريقيا ؟ .. لاشيء .. أمامها تحديات كبرى وجبارة لكي تستطيع توفير مناخ مناسب لانتاج طبقة وسطي قادرة علي الإنتاح والابتكار والاختراع والابداع .. الخلاصة لابد من استعدال وضع الهرم الاجتماعي بسرعة .. خاصة و نحن نري "رأس المال الرمزي" حاليا هو الذي يعتلي قمة الهرم .. "نمبر وان" الآن هم المشاهير على"اليوتيوب" و"التيك توك" و"الإنفلونسرز" .. هولاء هم الذين يتمتعون بسلطة ورأس مال اجتماعي يفوق مكانة المثقفين والأكاديميين والعلماء والمفكرين و المهندسين والأطباء و خلافه .. إنها ظاهرة خطيرة جدا أيها السادة