إن للتربية البيئية دورًا أساسيًا في الحفاظ على التوازن البيئي، بهدف تغيير سلوكنا نحو البيئة التي نعيش فيها، وتشجيع كل المبادرات التي من شأنها أن تساهم في دعم أي نشاظ بيئي، سواء من داخل المؤسسات التربوية من خلال الدورس أو من خلال المؤتمرات التي تهتم بالبيئة، وما تقدمه من دراسات بيئية معمقة تعرف بوظيفة كل كائن حي في الوجود. لم يخلق الله سبحانه تعالى البيئة شيئًا عبثًا، بل، لأداء وظيفة معينة يتحتم على الإنسان إدراكها قبل تدميرها، إذا كانت البيئة هي الإطار الذي يعيش فيها الإنسان ويحصل منه على مقومات حياته، ويمارس فيه علاقاته مع بني جنسه، فإن أول ما يجب على الإنسان تحقيقه حفاظًا على هذه الحياة أن يفهم البيئة فهما صحيحا بكل عناصرها ومقوماتها وتفاعلاتها المتبادلة. البيت هي المدرسة الأولى، والتربية تبدأ من البيت، فيجب على الأسرة المثقفة المثالية أن تربي أبناءها في خصوص التربية على احترام عناصر البيئة والتوجيه إلى عدم الإضرار بها، لكون ذلك واجبًا دينيًا وحضاريًا. ومن جانب آخر، للمدارس والمعاهد والجامعات دور مهم في التوعية البيئية وتنمية الحس المدني لدى المنتسبين إليها، ولا سيما في مجال الحفاظ على البيئة وحماية النظام البيئي من التدهور عن طريق تطوير علاقة الاحترام مع مكوناتها وكائناتها، فيجب على المدارس الدينية بصفة خاصة أن تهتم بالتربية البيئية كالأولية في استراتجيات حماية البيئة في المستقبل. إن ما يواجه البشرية اليوم من مشكلات وكوارث بيئية متباينة يدل على غياب الوعي البيئي الذي يجب أن يحكم سلوكياتنا وتصرفاتنا تجاه البيئة، فيحتم علينا العودة إلى تعاليم الإسلام وتوجيهاته السديدة لترسيخ الوعي البيئي، لانقاذ البشرية مما تعانيه اليوم من مشكلات بيئية خطيرة، باتت تهدد البشرية وتعرقل مسيرة حركة الحياة على غير ما أمر الله سبحانه تعالى، وترسيخ السلوك البيئي على هدى من الشريعة الإسلامية لتتعامل الأجيال المقبلة مع بيئتها بأسلوب راشد وعاقل. بالرغم من التقدم العلمي والتكنولوجي الذي شهدته البشرية، والذي من المفروض أن يستفيد منه الإنسان لتحسين نوعية حياته والمحافظة على بيئته الطبيعية، فإنه أصبح ضحية لهذا التقدم التكنولوجي الذي اضر بالبيئة الطبيعية وجعلها في كثير من الأحيان غير ملائمة لحياته، وذلك بسبب تجاهله للقوانين الطبيعية المنظمة للحياة. إن المحافظة على البيئة وسلامة النظم البيئية وتوازنها أصبح اليوم يشكل الشغل الشاغل للإنسان المعاصر من أجل المحافظة على سلامة الإنسان. ومن أهم مقاصد التربية الاجتماعية في الإسلام ربط الفرد ربطا وثيقا ببيئته الطبيعية، وتوجيهه إلى حسن استثمارها لأنها قوام حياته، فلا بد من أن تكون التربية البيئية للأجيال القادمة لكي تستفيد من البيئة ومواردها على الحماية ومنع الفساد، بالإيمان بأهمية مبدأ الحس البيئي وغرسه في الناشئة، لأن تدهور نظامها يهدد البشرية جمعاء. *كاتب المقال الأستاذ المساعد، قسم اللغة العربية وآدابها