شاهد، أعمال تركيب القضبان والفلنكات بمشروع الخط الأول من شبكة القطار الكهربائي السريع    الصين تُبقي أسعار الفائدة دون تغيير للشهر السادس رغم مؤشرات التباطؤ    ترامب يوقع قانونًا لنشر ملفات جيفري إبستين.. ويعلن لقاءً مع رئيس بلدية نيويورك المنتخب    حجبت الرؤية بشكل تام، تحذير عاجل من محافظة الجيزة للمواطنين بشأن الشبورة الكثيفة    سيد إسماعيل ضيف الله: «شغف» تعيد قراءة العلاقة بين الشرق والغرب    ترامب يرغب في تعيين وزير الخزانة سكوت بيسنت رئيسا للاحتياطي الاتحادي رغم رفضه للمنصب    أخبار فاتتك وأنت نائم| حادث انقلاب أتوبيس.. حريق مصنع إطارات.. المرحلة الثانية لانتخابات النواب    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 20 نوفمبر 2025    انتهاء الدعاية واستعدادات مكثفة بالمحافظات.. معركة نارية في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    تحريات لكشف ملابسات سقوط سيدة من عقار فى الهرم    زكريا أبوحرام يكتب: هل يمكن التطوير بلجنة؟    زوار يعبثون والشارع يغضب.. المتحف الكبير يواجه فوضى «الترندات»    دعاء الفجر| اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله    بيان سعودي حول زيارة محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة    مستشار ترامب للشئون الأفريقية: أمريكا ملتزمة بإنهاء الصراع في السودان    سفير فلسطين: الموقف الجزائري من القضية الفلسطينية ثابت ولا يتغير    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    كيفية تدريب الطفل على الاستيقاظ لصلاة الفجر بسهولة ودون معاناة    فلسطين.. تعزيزات إسرائيلية إلى قباطية جنوب جنين بعد تسلل وحدة خاصة    مكايدة في صلاح أم محبة لزميله، تعليق مثير من مبابي عن "ملك إفريقيا" بعد فوز أشرف حكيمي    مصادر تكشف الأسباب الحقيقية لاستقالة محمد سليم من حزب الجبهة الوطنية    طريقة عمل البصل البودر في المنزل بخطوات بسيطة    يحيى أبو الفتوح: منافسة بين المؤسسات للاستفادة من الذكاء الاصطناعي    إصابة 15 شخصًا.. قرارات جديدة في حادث انقلاب أتوبيس بأكتوبر    طريقة عمل الكشك المصري في المنزل    أفضل طريقة لعمل العدس الساخن في فصل الشتاء    مأساة في عزبة المصاص.. وفاة طفلة نتيجة دخان حريق داخل شقة    أسعار الدواجن في الأسواق المصرية.. اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    خبيرة اقتصاد: تركيب «وعاء الضغط» يُترجم الحلم النووي على أرض الواقع    وردة «داليا».. همسة صامتة في يوم ميلادي    بنات الباشا.. مرثية سينمائية لنساء لا ينقذهن أحد    مروة شتلة تحذر: حرمان الأطفال لاتخاذ قرارات مبكرة يضر شخصيتهم    مهرجان القاهرة السينمائي.. المخرج مهدي هميلي: «اغتراب» حاول التعبير عن أزمة وجودية بين الإنسان والآلة    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    ضبط صانعة محتوى بتهمة نشر مقاطع فيديو خادشة للحياء ببولاق الدكرور    إطلاق برامج تدريبية متخصصة لقضاة المحكمة الكنسية اللوثرية بالتعاون مع المعهد القضائي الفلسطيني    إعلام سوري: اشتباكات الرقة إثر هجوم لقوات سوريا الديمقراطية على مواقع الجيش    موسكو تبدي استعدادًا لاستئناف مفاوضات خفض الأسلحة النووي    بوتين: يجب أن نعتمد على التقنيات التكنولوجية الخاصة بنا في مجالات حوكمة الدولة    تأجيل محاكمة المطربة بوسي في اتهامها بالتهرب الضريبي ل3 ديسمبر    خالد الغندور: أفشة ينتظر تحديد مستقبله مع الأهلي    دوري أبطال أفريقيا.. بعثة ريفرز النيجيري تصل القاهرة لمواجهة بيراميدز| صور    تقرير: بسبب مدربه الجديد.. برشلونة يفكر في قطع إعارة فاتي    ديلي ميل: أرسنال يراقب "مايكل إيسيان" الجديد    بالأسماء| إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم ميكروباص وملاكي بأسيوط    فتح باب حجز تذاكر مباراة الأهلي وشبيبة القبائل بدورى أبطال أفريقيا    أرسنال يكبد ريال مدريد أول خسارة في دوري أبطال أوروبا للسيدات    "مفتاح" لا يقدر بثمن، مفاجآت بشأن هدية ترامب لكريستيانو رونالدو (صور)    ضمن مبادرة"صَحِّح مفاهيمك".. أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية حول حُسن الجوار    لربات البيوت.. يجب ارتداء جوانتى أثناء غسل الصحون لتجنب الفطريات    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    تصل إلى 100 ألف جنيه، عقوبة خرق الصمت الانتخابي في انتخابات مجلس النواب    أمريكا: المدعون الفيدراليون يتهمون رجلا بإشعال النار في امرأة بقطار    ماييلي: جائزة أفضل لاعب فخر لى ورسالة للشباب لمواصلة العمل الدؤوب    قليوب والقناطر تنتفض وسط حشد غير مسبوق في المؤتمر الانتخابي للمهندس محمود مرسي.. فيديو    خالد الجندي: الكفر 3 أنواع.. وصاحب الجنتين وقع في الشرك رغم عناده    أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شخصنة النقد الجدلي بين التجديدية والكلاسيكية موتٌ للإبداع أم انتعاش؟.. قصة قصيرة أثارت الجدل!..مع الناقد والكاتب : سعد الساعدي

هناك مجموعة من القواعد تتطلبها المرحلة الجديدة مرحلة (ما بعد – بعد الحداثة) في زمن العولمة، والتي ارتأينا تسميتها مرحلة (الحداثة التجديدية) اختصاراً كمفهوم جديد، حيث كتبنا بعض البحوث عنها في أماكن كثيرة أهمها ما نُشر في مجلات عالمية أمريكية محكمة متخصصة، وباللغة الانكليزية حسب ما تقتضي ضرورة البحث العلمي هناك، نحاول التطرق لجزء بسيط منها هنا ونحن نستعرض نصاً لقصة قصيرة نشرت في موقع يعنى بالقصص القصيرة ونقدها وأُثيرت عنها الكثير من التساؤلات والجدل. الاسماء لن تذكر صراحةً تلافياً للإحراج بل مجرد رموز حرفية.
القصة للكاتبة (ن) التي كتبتها تحت عنوان: خط سالب، ربطت بها معاناة امرأة تنتظر ولادة طفل بعد حملٍ لم تحصل عليه طيلة حياتها، فجات مفردة “سالب” دلالة على عدمية الحمل في كل مرة اختبار، ومفردة “موجب” هي قفلة القصة التي دار حولها الجدل.
نقرأ القصة ونتناول أخيراً ما وجدناه من تعليقات، وما من شأنه المساعدة في تحليل جزئي لها، ومن ثمة ما هي كيفية الارتقاء بالكاتب الموهوب وفق تصورنا، وما هي أهم خصائص الكتابة التجديدية وطريقة تناول الناقد التجديدي لها.
النص:
خط_ سالب
“ليلة واحدة هي الحد الفاصل لتنقلها الحياة من لقب الآنسة إلى السيدة، تنتظر نمو البذرة المنثورة على أرضها القاحلة كل شهر.
في ردهة الانتظار تدغدغها أحلام؛ يُخبرها المختص عن إيجابية النتيجة، الطريقة التي تزف فيها الخبر لزوجها، ترسل هدية مغلفة، جوارب طفل حديث الولادة، تقيم حفلة صغيرة، أو ربما تضع تقرير الطبيب على مكتبه، دفء المشاعر عند إرضاعه ينسيها تعب الأشهر التسع وآلام المخاض، سهر الليالي، بكاءه، جدول لقاحاته وعطر (البودرة) الخاصة به…
– سلبية؛ لا يوجد حمل.
ينساب وقع حروفها كنوتات موسيقية ناشزة تعزف في رأسها حتى الشهر القادم، يتكرر الموعد ويتكرر عزف الموسيقار السيء.
كالمعتاد نتيجة سلبية، تلتهمها نظرات لائمة وهمهمات جزعة من أهل زوجها إلاّ هو الذي أصرَّ على الوقوف بجانبها يردد:
– إما أن يرزقني منها، أو لا أريد.
تتذكر يوم أن قالت له:
ما الضير لو كانت ايجابية؟! هل ستختفي الشمس وتتفشى الأوبئة وتنتهي حياة الكوكب ويفنى الكون؟! أمِن العدل أن تنال النسوة ما يرغبن من أطفال وأنا أقضي حياتي أراقب حجم البويضة ومستوى الهرمونات اللعينة!
مسح على رأسها بحنو وبصوت هادئ:
– توبي لربك يا امرأة، إنه امتحان من الله.
غالبا ما تنتهي محادثاتهم بنحيب وتراتيل دعاء على سجادة الصلاة:
” لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ”
لم تطأ قدماها أرض المشفى إلا بعد عشرين سنة، تجلس في غرفة خاصة بقلق، تنتظر نتائج تحليلها، لكن هذه المرة تأمل أن يخبرها ” بسلبية النتيجة “.
تعجُّ الحركة فجأة بالمشفى، الجميع مرتبك، تحركات مشبوهة، أبواب تغلق بسرعة، ركض في الممرات، همهمات غير مفهومة، تمسك يد زوجها الذي لم يفارقها يوما، رفعت نظراتها المتعبة باتجاه الطبيب الواقف أمامها على مسافة متر ونصف، ولأول مرة تمنت لو تتكرر على مسامعها الكلمة التي ودّت لو تحذفها من قاموس اللغة “سلبية”، لكن تردد الصوت الخافت:
-إيجابية
-إيجابية ! ترددها بغصّة تخرج من فيهها المفغور
-للأسف.. أنتِ حامل لفايروس كورونا!”
انتهى النص
لو أراد ناقد كلاسيكي ما تحليل مثل هكذا نص سيقف عند اللغة والسبك والسرد، ويبحث عن “القفلة” وتطابقها مع العنوان، وهل جاء النص وفق معايير المدارس القديمة، أين الاختزال والتكثيف، لماذا لم يكتب كذا بدلاً عن كذا، ولماذا ولماذا ..الخ
أما الناقد التجديدي الذي نتمنى وجود كثرة منه لا ينظر للنص فقط إنما للنص والكاتب والمتلقي وما يأتي من نقد لاحق ( نقد النقد)، بل الى جوانب كثيرة نحاول باختصار الوصول اليها كي لا يتشتت الموضوع، لأنَّ هناك بعض الآراء من قِبَل من عدّوا أنفسهم نقاداً مجيزين لأنفسهم نقد هذا النص وغيره بالتأكيد، طالما هم قائمين على ادارة المجموعة المنتمية لها الكاتبة.
ومع هذا نحن لا ننفي الدور الكبير الذي لعبته الكثير من المدارس النقدية، وما أفرزته صراعاتها من مناهج فكرية، لكنها ليست جميعاً بالتي يجب الالتزام بها، ولا بأس من الاستفادة منها واخضاع النصوص الأدبية لها ضمناً وليس بلابديّةٍ حتمية حينما تقتضي الضرورة، وقد تكون تلك الضرورة ملحة وواجبة في بعض الأحيان ما تستدعي الناقد الاعتماد عليها مضيفاً لها أبداعه الجديد كمبدع حداثوي تجديدي، وليس كناقل لرأي غيره كما نلاحظ لاحقاً حين نستعرض بعض التعليقات.
ما نقصده هنا هو واقعية النقد للتقويم والارتقاء قبل كل شيء، ومن ثمَّ وضع أسس اصلاحية إن احتاجها الكاتب قبل المسبقات الرصدية خالية الأدلة، وبذا يكون الناقد مبدعاً آخر أضاف للأدب والثقافة، وساهم في البناء بمجهود مختلف عما طرحه الكاتب من نظرية أو فكرة كتجديد مهما كان نوعه، فهو مفيد منصف بخلق سلسلة متكاملة تبدأ من الكاتب، النص، القارئ، والناقد، أو يتقدم أحياناً الناقد قبل القارئ (المتلقي) في السلسلة اذا وقعت كتاباته بيد المتلقي قبل/ أو تزامناً مع ظهور النص بغض النظر عن القبول أو الرفض من كلا الطرفين، قبول المتلقي، أو رفض نقد الناقد فيما أراد ايصاله.
لابد للنقد التجديدي اليوم الابتعاد عن محاولات التشكيك الشكلية الكلاسيكية وفق ما سار عليه مثلاً ديكارت بعدم قبوله للعمل تسليماً به كإنتاج ابداعي، ومع أنه دعا للعقل، لكن تبقى هناك نوازع نفسية مرفوضة بالأصل ( تسمى اسقاط العدوان في علم النفس) طالما وُجد مبدأ الشك أصلاً كأول خطوة من ناقد ناقم يحمل سيفه للتحليل، لأن الناقد سيبتعد عن موضوعيته لا لسبب، بل لمجرد العناد وتقليل شأن المنتِج الفاعل وجهوده.
مما نبتغيه اليوم عناصر ومقومات نقدية مهمة كي نواكب التطورات الحضارية والثقافة الانسانية، وليس الجمود على قوالب ما عادت تنفع بالمرة، يتمسك بها من يعيش فيما مضى، وكل هذا الجديد من أجل ولادة ابداع جديد. حسب وجهة نظرنا أن على الناقد التجديدي مراعاة التالي وهو يتعرض لنقد نصّ أدبي أو أي عمل ابداعي جديد:
الدراية التامة باللغة وصحة كتابتها، فمن المعيب جداً على ناقد أن يخطأ وهو في حالة تشخيص أخطاء غيره، أو في اشتغالاته الكتابية يكون أقل كفاءة وتأثير من النص الموضوع على منصة التشريح النقدي. لذا أكّد كثير من المتخصصين أن على الكاتب المعتد بنفسه أنه من المتميزين عليه تجاهل النقد السلبي الموجه له ومن يتصيد به العثرات كي يحافظ على نجاحه أولاً، ويتجه لإنتاج إبداعي جديد عبر تشجيع الناقد المنصف.
وقد يتفق رأي الكاتب والناقد على أمور عامة في البناء الصوري، والتشكيل اللغوي، ودرما الحدث بواقعيته، أو مثاليته، أو أي شكلٍ تشكيليّ ثالث، لكنه من الصعوبة بمكان الإقرار بأنها هي الحقيقة بأجمعها التي أرادها الناص، وجلّاها الناقد ببصيرة ثاقبة.
ما يدعونا اليوم الى تحوُّل نقدي آخر جديد، يدرس جميع القوى الفاعلة في تكامل نصٍّ جاء للحياة، يبتغي شيئاً ما، عبر الدراسة والتحليل والفهم العميق لمدلولات ذلك الانتاج، وصوره الخارجية والداخلية؛ الملونة ظاهراً،ً والمضمرة بين طيات الكلمات والسطور، أو تمازج الألوان فيما بينها، وطبيعة الأجواء التي تسببت بوجود الانتاج الابداعي والمعرفي، ومدى تأثير كل ذلك على المجتمع العام، والماهيّة التغييرية اللاحقة في تنوع طبيعة التلقي، وافساح المجال لقراءات وتأويلات متعددة من الناقد والقارئ لا الوقوف عند فهم واحد فقط ليكون هو الفصل الجزم ولا غيره هناك، وبذا تنشأ عوامل مساعدة لموت المبدع والابداع.
على الناقد التجديدي الجاد أن لا يتأثر بتداعيات العملية السيكولوجية المسبقة ويظل دائراً في دائرة مغلقة تقضم المعرفة رويداً رويداً؛ لكن هذا ما موجود للأسف في العالم العربي بكثرة نتيجة للتداعيات النفسية المتراكمة على مرّ الزمن، والعقلية المتزمتة المتخلفة، وعدم امكانية الخلاص والانفكاك منها سواء على مستوى الأدب أو التاريخ أو مجالات شتى أخرى. وبذا يكون الناقد (التجديدي) والجاً للنفس وفق إمكانياته وما لديه من معطيات نورانية وليست مظلمة، مبتعداً الى حدٍّ كبير عن مدرسة التحليل النفسي والمؤثرات الفرويدية!
أهم المرتكزات التي لابد للناقد عدم اغفالها هي اللغة والمعنى والجمال التي تغلف العمل، وما يحمله النص من مضامين، ومعرفة تحليلها وفق نظريات الاتصال الجماهيري الاعلامي، كون الناص صاحب رسالة اعلامية، وكذلك الناقد بعد تقديم دراسته وقراءته. ومن المهم دراسة كل ذلك دراسة واعية، لكننا نجد الكثيرين لا يلتفتون لذلك لأنهم خنقوا أنفسهم بما يوحيه اليهم تصوّرهم وادراكهم فقط، وأسقطوه على العمل (النص وغيره).
وعل الناقد التجديدي دراسة فلسفة النص مهما كانت بسيطة، وفكرته العامة بطريقة حداثوية بعيداً عن التعقيد، مع التعمق بتفصيل حالة أو ظاهرة نقدياً في الأدب والتشكيلات الأخرى تحليلاً وتفكيكاً لمجمل التصورات بتفسيرات عامة. وهنا ما يهمنا هو الأدب وكيفية دراسته نقدياً وفق المنهج التجديدي الذي ندعو له وليس المناهج المتعارف عليها سابقاً. ومعرفة فلسفة النص التي تعني الكينونة والماهية التي ابتغاها الناص (الكاتب) ومنها تلك الكيفية التي يلجها الناقد محللاً واصفاً مفسراً الصور التي جاءت بتتابع السياق النصي سيميائياً تارة، ومعرفة بواطن المكنونات بما هي جمالية تصويرية ذات مغازٍ شتى يقف عندها الناقد، أو عند بعض منها، وصولاً لحقيقة الجوهر البنائي للنص، ومحاولة اختراق ما يمكن اختراقه من الدوافع الكتابية تارة أخرى، وكيفية الوصول للفكرة.
ومهم أيضاً للناقد معرفة ما يلي:
أولاً: معرفة الناقد القبلية (السابقة) بنتاجات الكاتب، وطريقة عرضه للأشياء، وكيفية أسلوبيته الكتابية، حتى سيكولوجية البناء الدرامي، ومنافذ التأمل الموجودة في بعض السرديات القصصية بأسلوب شعري متقن، وبذا سيتمكن من نقد النص بسهولة وعمق لكن ليس تساهلاً أو بطريقة المجاملات.
ثانياً: لو كان النص هو الأول لكاتب جديد غير معروف، فينبغي على الناقد التأكد بشل تام أن هناك هدف ما لهذا النص، وفي حال تعذر فهم المقصود الواقعي للنص ولا هدف واضح؛ هنا يحدد الناقد حسب وجهة نظره المنطقية الموضوعية ما وجده (من كاتب مشهور أو مغمور) ويذكره للعلن لسببين هما:
عدم وقوع المتلقي بمطبات لا يرغبها، وتنبيهه لما في النص، والسبب الآخر تنبيه الكاتب أن ما كتبه لا يجدي نفعاً طالما لا يتعرض له قراء كثيرون اليوم ومستقبلاً كي يعدل من رسالته الاعلامية.
فيما سبق، أوضحنا أهم ما ينبغي على الناقد التجديدي عمله تاركاً ما يقوله من تقوقع في قوالب النقد المحتضرة و (المحتظرة)؛ الأولى ساعة الموت، والثانية البالية كالهشيم.
واذا حلّل الناقد التجديدي نص الكاتبة (ن) وفق هذا المنهج سيستخرج الكثير مما نراه وندعو له من الأساليب النقدية اليوم ولم نذكره بالتفصيل، وليس ما وجدناه بالأمس. وسنقدم ما وقع على نص الكاتبة من تعليقات ونترك الباقي للمتلقي والناقد كلٌّ يدلي برأيه كما يفهم ويحدده ويقرره تصوره وقراءته.
بعض التعليقات والردود:
تعليق الناقدة (س) على تعليقٍ أشاد بالقصة والكاتبة:
“أستاذ (تقصد الناقد والشاعر (ق)، لا يوجد شيء اسمه القفلة الدهشة والتي تعني بمقومات القصة القصيرة. هذه المعلومة جداً خاطئة أستاذ، فالقصة القصيرة لدى روادها وكتّابها العرب والعالميين منذ عرفها العالم لم تعنِ بالقفلة الدهشة كما سميتها حضرتك، ولكنها عنت بقوة القصة وتميز موضوعها وتأثيره على القارئ. وبالطبع قد تكون الخاتمة مدهشة أو صادمة ولكن بشرط أن تتناسق وموضوع النص وثيمته، ولا تُسقط النص كهذه القصة التي سقطت بسبب قفلتها الخاطئة. توجد خاتمة مفاجئة في بعض القصص، نعم، ولكن ليست كهذه أستاذ، ويجب أن يستوي غطاء القدر على القدر وإلا لن تستوي الطبخة.
وبالنسبة لمداخلاتي أستاذ، فالظاهر أنك لم تنتبه أني لا أحابي أحداً ولا أطبطب على ظهر أحد وحتى لو كان صديقي جداً أو صديقتي جدااااا
هنا يكمن الفرق، ولهذا اعترضت حضرتك على مداخلاتي”.
تعليق وردّ الاستاذ (ق) :
” من مقومات القصة القصيرة هي القفلة الدهشة، ويبدو من خلال متابعتي لمداخلاتك على النصوص تحتاجين سيدتي الكثير من القراءة حول القصة القصيرة ومقوماتها وبنيويتها، والتي تبدأ من العنوان، مرورا بالمتن، ثم الخاتمة”.
ردّ لاحق:
” مقومات القصة القصيرة والومضة الحكائية، أي القصة القصيرة جدا متاحة في الكوكل ،لا اظن يتطلب ذلك الاستغراب من جنابكم بدل الطلب مني توضيح كيف امتلكت هذه القصة كل مقومات القصة القصيرة كان عليك تفنيد هذا برد أدبي يؤشر خروج النص عن مقومات القصة القصيرة، أو تشيرين لنا برؤيا أدبية أين الخلل في النص وفي أي ركن منها. حقيقة لست مدافعا عن اديب ما ولكن علينا أن لا نثير الإحباط عند أي كاتب وخاصة الكتاب في بداية الطريق وشخصيا لم اقرأ لجنابكم الموقر نقداً أو قصة يشار لها بالبنان اًو سمعت بقاصة وناقدة بهذا الاسم مع كل احترامي لك”.
أما الكاتبة (م) فعلقت بما يلي:
“قرأت الردود والقصة كنت قد قرأتها من قبل، وطبعا الاختلاف يغني ويثري؛ لكنني سأطرح رؤيتي للقصة من منظار أنه: قد نتمنى شيئا ونرصد له كافة جوارحنا، نستدين له من حاضرنا لنجعل من واقعنا محطة انتظار ثم تفاجئنا الأحداث
ب (لو اطلعتم على الغيب لاخترتم الواقع)، وقتها فقط نشعر كم كان لدينا من أسباب النعيم وكنا عنها معرضين، وهنا الكاتبة استعانت بشبه بين حادثتين من حيث الإرهاصات والنتائج؛ لكن الفرق في التأثير كبير بطريقة ما يشبه دخول الفيروس للخلية؛ عملية تلقيح البويضة -طبعا مع الفارق الكبير- لكن قلت بطريقة ما كإرهاصات دخول.
تشابه آخر على صعيد النتيجة بين سالب وموجب، لكن الفرق أن الإيجاب في أحدهما يمنح الحياة والآخر يسلب الحياة. وهذه المرأة كانت موقفة حياتها بكل نعيمها على نتيجة واحدة تمنت أن تطرق مسامعها(إيجابية)، وبين السالب والموجب حيكت القصة، أما عن السرد واللغة فالكل متفقون على جماله”.
ردّ الناقد (س) على الناقدة (م):
من هم الكل عزيزتي؟
عزيزتي (م)، النص فسُد بسبب خاتمته، يعني هذه القصة إذا لم نغير خاتمتها نرميها وننساها. أنا أول تعليقي لم أقل فيه كل شيء لأنها جديدة هنا فرحبت بها.
يا (م)، النص مربوط بخاتمته. يعني تكمله، وهنا هي أفسدته، ولهذا لا يجب الفصل بين النص وخاتمته حتى لو كان طويلاً وجميلاً، كل جمال السرد قد تفسده الخاتمة، فلا نمدح نصاً ونقول جميل جدا ورائع ونذكر عيوب الخاتمة لوحدها، لا، بل نقول: لو تغيرت الخاتمة لكان النص رائعاً”.
تعليق الاستاذ (ع) (أحد مسؤولي الموقع):
“اعجبتني ملاحظة الاستاذة (س) بأن النهاية “صادمة” لأني برؤيتي الشخصية أجدها انحرفت عن موضوع القصة، هنالك سؤال هل أعراض الحمل هي ذاتها أعراض كورونا..؟ هذا من ناحية منطقية النص. تبدو مقدمة النص وكأن المرأة على موعد ليلة واحدة للأنجاب وهو الأمر الذي لم يتحقق طوال القصة فالمرأة تنتظر كل شهر دون جدوى.. هنالك أمر جيد في هذا النص هو امتلاكك القدرة على كتابة جمل أدبية جميلة”.
ملاحظة1: لا يوجد ردّ
تعليق الناقدة (ز) :
قصة رائعة تحاكي معاناة أي إنسان ينتظر أن يحيا الأمل بداخله من خلال كلمة قد ترفعه وقد تخسفه.. وهنا كانت المفارقة القوية..
أجدتِ انسيابية النص وأتقنتِ النقلات”.
ملاحظة2 : لا يوجد ردّ
تعليق الناقدة (ب) :
“معالجة القصة متميزة أسلوبا ولغة رغم ان الموضوع مكرور، والقفلة مفاجئة وذكية”
ملاجظة3 :لا يوجد ردّ
تعليق الأستاذة (ص) :
“مفارقة بدت منطقية وخاصة بعدما قمتِ باستهلال وارسلتِ بعض الجمل الإخبارية من قبيل التأكيد. مما جعلني أتلمس حبكة النص، الفكرة جيدة، والسرد نقل حالة ربما تعايشت بجوارك هذه الأيام.
ملاحظة4 : لا يوجد ردّ
الملاحظة الأخيرة مني شخصياً كخاتمة للموضوع:
أن الكاتبة حاولت توظيف فكرتها من خلال ما يمر به العالم اليوم عبر جائحة (كورونا) وفق أسلوب حكائي نرى أنه تجديدي حين بدأت القصة عبر تسلسها، وهي قصة قصيرة جداً، من خلال حدث حزين ملازم، سيميائيته واضحة بمفردة (سالب)، وقفلت بانتقالة غير متوقعة لصورة حزينة أيضاً فيها من الفكاهة، أو الساخرة أدهشت المتلقي الذي توقع النتيجة الإيجابية (موجب) بأنّ المرأة حامل بعد عشرين سنة، لكن ال (موجب) هنا غيّر مسار التوقع كليّة، ولم يُنقِص من القصة شيئاً، بل أضاف اليها قوة أسلوبية جديدة تقصّدتها الكاتبة، لتجعل متلقيها متفاعلاً مع تأثير الجائحة من جهة، وتأخذه للترفيه النفسي كنكتة تختم بها، وليس الاستهزاء بعقل القارئ، وهذا ما عُرف عن الكاتبة أريحيتها الكتابية في مجموعتها القصصية ” ……” رغم قصصها الحزينة، وليس بالضرورة بناء تصور وحكم قطعي عنها بالفشل كما مرّ معنا من تعليقات وردود، وهذا ما أشرنا اليه أيضاً كتوصية للناقد التجديدي هو المعرفة القبلية للكاتب أن تمكن من ذلك، كي يأتي تحليل نصّه وفق منظور الاتساقات البيانية الموضوعية حتى لو كانت القفلة غير معبّرة عن قناعة الناقد؛ إما مجموع المتلقين فلن تُعرف آراؤهم جميعها قطعاً لعدم وجدود استقصاء واستبيان عام عما كتبته القاصة، وتبقى الآحاد لا يُعوّل عليها أبداً إن كانت غير راضية.
أخيراً، طلبت الناقدة (س) مسؤولة الموقع من أحد المشرفين بإيقاف التعليقات على قصة خط سالب، لكثرة السجالات بين مؤيد ومنتقص وهذا قد يكون دليلاً على نجاح القصة وكاتبتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.