سعر الذهب في مصر اليوم الاثنين 2-6-2025 مع بداية التعاملات    عاجل|إحباط عمليات تخريب واسعة ضد البنية التحتية الروسية.. الأمن الفيدرالي يكشف التفاصيل الكاملة    رئيس تشيلي: فرض حظر على تصدير الأسلحة إلى إسرائيل    الشهادة الإعدادية، 126 ألف طالب يؤدون اليوم امتحان الإنجليزي بالدقهلية    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى دار السلام دون إصابات    رفع درجة الاستعداد القصوى في الأقصر لاستقبال عيد الأضحى    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. تحذير جوى بشأن حالة الطقس: «ترقبوا الطرق»    بعد استقالتها من منصبها في الأمم المتحدة.. غادة والي تكشف أسباب القرار    لينك نتيجة الصف الرابع الابتدائي 2025 الترم الثاني بمحافظة القاهرة.. استعلم عنها بعد اعتمادها    أرملة إبراهيم شيكا ترد على أنباء مساعدة سعد الصغير للأسرة    أمين الفتوى: صلاة الجمعة لا تتعارض مع العيد ونستطيع أن نجمع بينهما    نصائح من وزارة الصحة للحجاج قبل يوم عرفة    وزير الخارجية الإيراني يزور القاهرة لبحث قضايا ثنائية وإقليمية    «هنقطع في هدومنا عشان زيزو!».. طارق يحيى يفتح النار على مجلس الزمالك    تعاون مصري إسباني لتطوير محاصيل الأعلاف المبتكرة في الوادي الجديد    وزير التجارة الأمريكي: ترامب لن يمدد تعليق سريان الرسوم الجمركية    هزة أرضية تضرب الجيزة.. وبيان عاجل من الهلال الأحمر المصري    المتهم الثاني في قضية انفجار خط الغاز بالواحات: «اتخضينا وهربنا» (خاص)    أشرف نصار: نسعى للتتويج بكأس عاصمة مصر.. وطارق مصطفى مستمر معنا في الموسم الجديد    أحفاد نوال الدجوي يتفقون على تسوية الخلافات ويتبادلون العزاء    هل حقق رمضان صبحي طموحه مع بيراميدز بدوري الأبطال؟.. رد قوي من نجم الأهلي السابق    "زمالة المعلمين": صرف الميزة التأمينية بعد الزيادة لتصل إلى 50 ألف جنيه    وزارة الحج بالسعودية توجه تحذير لحجاج بيت الله الحرام بشأن يوم عرفة    محمد أنور السادات: قدمنا مشروعات قوانين انتخابية لم ترَ النور ولم تناقش    بدء التقديم الكترونيًا بمرحلة رياض الأطفال للعام الدراسي 2025 - 2026 بالجيزة    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الاثنين 2 يونيو 2025    شريف عبد الفضيل: رحيل علي معلول طبيعي    4 إصابات في تصادم دراجة نارية بسيارة ربع نقل في الوادي الجديد    أكرم توفيق: صفقة زيزو ستكون الأقوى إذا جاء بدوافع مختلفة.. وميسي "إنسان آلي"    محمود حجازي: فيلم في عز الضهر خطوة مهمة في مشواري الفني    محافظ الشرقية يشهد فعاليات المنتدى السياحي الدولي الأول لمسار العائلة المقدسة بمنطقة آثار تل بسطا    "غير كده معتقدش".. أكرم توفيق يعلق على انضمام زيزو إلى الأهلي    دعاء العشر الأوائل من ذي الحجة.. 10 كلمات تفتح أبواب الرزق (ردده الآن)    هل يحرم قص الشعر والأظافر لمن سيضحي؟.. الأوقاف توضح    سعر التفاح والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الاثنين 2 يونيو 2025    رئيس قسم النحل بمركز البحوث الزراعية ينفي تداول منتجات مغشوشة: العسل المصري بخير    قد تسبب الوفاة.. تجنب تناول الماء المثلج    أستاذ تغذية: السلطة والخضروات "سلاح" وقائي لمواجهة أضرار اللحوم    أحمد زاهر: تعرضنا لضغط كبير ضد صن داونز وهذه البطولة تعب موسم كامل    يورتشيتش: بيراميدز أصبح كبير القارة والتتويج بدوري أبطال أفريقيا معجزة    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الإثنين 2 يونيو 2025    توقعات برج الجوزاء لشهر يونيو 2025 رسائل تحذيرية وموعد انتهاء العاصفة    «قولت هاقعد بربع الفلوس ولكن!».. أكرم توفيق يكشف مفاجأة بشأن عرض الأهلي    عماد الدين حسين: إسرائيل تستغل ورقة الأسرى لإطالة أمد الحرب    غلق مطلع محور حسب الله الكفراوى.. اعرف التحويلات المرورية    مين فين؟    ملك البحرين يستقبل وزير التنمية الاقتصادية لروسيا الاتحادية    شروط التقديم لوظائف شركة مصر للطيران للخدمات الجوية    عدد أيام الإجازات الرسمية في شهر يونيو 2025.. تصل ل13 يوما (تفاصيل)    هل صلاة العيد تسقط صلاة الجمعة؟ أمين الفتوى يكشف الحكم الشرعي (فيديو)    رئيس حزب الوفد في دعوى قضائية يطالب الحكومة برد 658 مليون جنيه    أخبار × 24 ساعة.. إجازة عيد الأضحى للعاملين بالقطاع الخاص من 5 ل9 يونيو    محافظ كفر الشيخ: إنهاء مشكلة تراكم القمامة خلف المحكمة القديمة ببلطيم    التحالف الوطنى يستعرض جهوده فى ملف التطوع ويناقش مقترح حوافز المتطوعين    قبل العيد.. 7 خطوات لتنظيف الثلاجة بفعالية للحفاظ على الطعام والصحة    ختام امتحانات كلية العلوم بجامعة أسوان    وزير العمل يعلن موعد إجازة عيد الأضحى للعاملين بالقطاع الخاص    هل يمكن إخراج المال بدلا من الذبح للأضحية؟ الإفتاء تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور عادل عامر يكتب عن :هل تتجه ثورات الربيع العربي إلي نوع من الاستبداد الدينى
نشر في الزمان المصري يوم 28 - 12 - 2012

الشعوب العربية متدينة بطبيعتها فإنها تجنح إلى العاطفة الجامحة لإن العقل لا يوافقها ومنطقه لا يفهمه إلا النخبة ولذلك نجد أن مآل ثورات الربيع العربي التي نجحت حتى الآن في الإطاحة برؤوس الاستبداد في بلادها تتجه طواعية إلى نوع من التسلط الديني آملة أن تحقق الحركات الدينية أحلامها في حياة أفضل بعد أن عانت كثيراً من ويلات الفقر والظلم وانعدام العدالة الاجتماعية .
ونحن نعتقد أن هذه الحركات الدينية مثل حزب النهضة والأخوان المسلمين والسلفيون صادقون في نواياهم في تحسين أحوال شعوبهم ولكن المشكلة أن مشروعهم الفكري ونموذجهم التنموي يقوم على آليات لا تؤدي إلا إلى الاستبداد، فهم لا يؤمنون بالديمقراطية ويعتقدون أن مبدأ الشورى غير الملزمة أفضل منها بكثير وهم لا يؤمنون بالمساواة بين الرجل والمرآة ولا بمبدأ المواطنة كأساس للحقوق والواجبات ولا يقرون بحرية الفكر والاعتقاد.
والتاريخ شاهد على فشل نموذج الدولة الدينية كما حدث في افغانستان والسودان والباكستان وإيران والصومال وغيرها وشعوب هذه الدول عانت ولازالت من ويلات هذه التجارب التي فشلت لا لشئ إلا لإصرارها على تبني أفكار ما قبل عصر الحداثة.
إنه العقل الديني المتجمد الذي يقود دائماً إلى الانغلاق على الذات والتعصب وعدم قبول الآخر.
وبكلمات أخرى، فإن المشكلة ليست في الدين ذاته ولكن في العقل الذي يتعاطاه ويؤوله وينطقه بما شاء.
إن نموذج الدولة الدينية في أوروبا وفي الخلافة الإسلامية كان مسئولاً دائماً عن إعانة الحاكمً على الاستبداد أو الفساد أو كلاهما معاً ولم يسع اينما حل إلى تنوير الشعوب وإعانتها على المطالبة بحقوقها المسلوبة ولذلك فإن هناك حالة من الخوف والتوجس لدى البعض من التوجهات الحالية لبعض الأنظمة العربية التي هبت عليها نسمات الربيع العربي .
ولكن هناك بارقة أمل أن تتعلم الحركات الدينية الحديثة في عالمنا العربي من التاريخ وأن تتعظ من التجارب السابقة بحيث يبتعد الدين عن السياسة ويصبح سلطة أخلاقية مراقبة للدولة بشكل فاعل بما من شأنه منع الحاكم من التسلط على العباد باسم الدين وفق ما قال به الإمام محمد عبده في مصر منذ أكثر من قرن . التيار الديني، شعبيا كان أم نخبويا، منخرط بالمعارضة التقليدية لأنظمة حكم أعاقت تحقيق العدالة الاجتماعية وحاصرت الحريات العامة وأهانت كرامة الإنسان ولم تكترث لحقوقه، ما أفرز نقمة عميقة تراكمت عبر عقود طويلة من الظلم والقهر، كما أفرز ميلا وجدانيا تلك المعارضة التي دفعت فاتورة باهظة ثمنا لبقائها ووقوفها في وجه الطغيان، وهذا ما يفسر جزئيا تقدم المعارضة الإسلامية التقليدية. ولقد نال ذانيك التياران نصيب الأسد من أصوات الناخبين المنخرطين في العملية الديمقراطية الناشئة، أما أكبر الخاسرين في تلك العملية فهم تيار النخبة الثقافية العلمانية اليسارية الليبرالية، فهؤلاء لم يكونوا محل جذب أو انتباه لأمزجة المشاركين في الحركة السياسية المتولدة بعد الانتفاضات الثورية، ومرد ذلك انفصال تلك النخب عن الشعب ومسايرتها لنظم الاستبداد، وانفصامها عن الرغبات والمتطلبات الحقيقية للمجتمع، فتطلعاتها الطوباوية لثورات فاضلة كاملة ناجزة نحّتها جانبا. لقد كانت الحركة السياسية المنبثقة من صميم النظم السائدة والخارجة من رحم الإسلام السياسي أكثر واقعية وبراغماتية من نخب علمية وثقافية لم تستوعب جوهر الديمقراطية ألا وهو : السيادة للشعب، وليس لما يظن أو يعتقد أنه الأفضل، فإرادة الناخبين هي الأفضل حتى ولو لم تكن كذلك بالتجربة ، لكن دينامية المسار الديمقراطي يفترض بها الوصول للأفضل.
هكذا تبدو العملية وكأنها تحقيق صارم لرغبات وتطلعات الأغلبية السياسية المستندة في بعض وجوهها لمرجعيات دينية أو قومية، وهذا ليس صوابا، فالديمقراطية لا تقف عند الحاجز العددي والأكثرية العددية ليست إلا مظهرا محدودا لعدالة النظم السياسية، في حين أن الديمقراطية في جوهرها نموذج فريد لتحقيق التشاركية السياسية الكاملة التي لا تتأتى إلا بحفظ حقوق الأقلية وإتاحة الفرصة الكاملة لها للتأثير في القرار و بنظام الحكم.
يلح كثيرون من المحللين السياسيين على أن الضامن لتحقيق أهداف الديمقراطية و البعد عن مثالبها أو عيوبها يكمن في دستور مدني علماني غير منحاز سوى للعدالة والحرية والقيم الإنسانية العليا، والواقع أن ثورات الشعوب في البلدان العربية إنما جاءت مندفعة ومتحركة ضمن فضاء قيم إنسانية وطنية دينية تتداخل فيما بينها متجاوزة الفوارق والفواصل المدرسية، لذلك ينبغي على الهيئات التأسيسية العاملة على كتابة الدساتير القادمة عدم التهيب من معارضة جماهيرية لبنود تؤكد عدم انحياز الدولة لجانب دون آخر أو انحيازها لصالح أيديولوجية دون سواها ، والحقيقة أن هذا المفهوم هو صلب الغاية العلمانية المجتمعية. في دولة الحق والقانون لا سلطة لكهنوت أو مرجع سوى القانون أو الدستور ، ولعلنا نستشف تفاؤلا حقيقيا من خلال إقرار محكمة القضاء الإداري المصري في منتصف أيلول- سبتمبر 2012 لقرار حل مجلس الشعب المصري الذي أصدره سابقا المجلس العسكري ، ذلك المجلس كان يهيمن عليه الإخوان والسلفيون، ومصدر التفاؤل عائد لصدور ذلك الحكم في ظل رئيس إخواني هو السيد محمد مرسي، إذن حكم القانون طغى على إرادات الجماعة وحزب العدالة والحرية اللذان سعيا لنقض قرار المجلس العسكري بحل مجلس الشعب عبر عقد جلسة طارئة تحديا لسلطة المجلس العسكري قبل إحالة معظم زعماء الأخير للتقاعد بقرار رئاسي ، هكذا هي الحالة عندما تكون سلطة القانون فوق الجميع. فلا سلطة العسكر اعترضت ولا الأكثرية البرلمانية امتنعت، أليس ذلك تطبيق عميق لدلالات الديمقراطية بفصل السلطات وسيادة القضاء ؟
لا تختصر الديمقراطية بعربة نستقلها مرة واحدة للوصول لسدة الحكم ثم نترجل منها، ربما كان هذا المفهوم النفعي للديمقراطية سائدا في نظرية السياسة الشرعية لبعض الأحزاب الإسلامية، إلا أن الوعي الشعبي لن يسمح بتكرار ما حصل في غزة، حيث وصلت حركة حماس الإسلامية للرئاسة وشكلت الحكومة ومن ثمة ألقت بعربة الديمقراطية جانبان وباتت تحكم بسلطة الأمر الواقع متهربة من انتخابات مستحقة تخشى الحركة الخسارة فيها. الوعي الشعبي هو من أوصل التيار الليبرالي الليبي ليكون الكتلة الأكبر في المؤتمر الوطني،وهو الضامن الأكبر والأهم لاستمرار عربة الديمقراطية فوق السكة المستقيمة والمستمرة.
هذه الديمقراطية التي نمتدحها ونضحي لأجل تطبيقها، أوصلت للحكم رجلا تسبب بمقتل ملايين البشر هتلر كما أنه تحت وطأة حكمها تم إعدام مبتكر علم الأخلاق ورائد المفاهيم الفلسفية – سقراط ابن الحجار – وهي ذاتها حامية المحاصصة الطائفية في كل من العراق ولبنان، لكنها اليوم سمحت في كل من ليبيا ومصر وتونس واليمن بإزاحة استبداديات فردية تسلطت على رقاب البلاد والعباد عقودا طويلة، العبرة هنا أن النظام الديمقراطي ليس مثاليا وليس إلهي كما ليس مقدسا، وفي ذلك مكمن صوابيته ومصداقيته، حيث يتحلى بمرونة وسعة تسمح لتطبيقاته بالتطور والتأقلم حسب الحاجة الملحة والطارئة، كما تتيح آليات تمكن أعتا ديمقراطيات العصر من إبداع نماذج صارمة ودقيقة لتداول السلطة وانتقالها سلميا من اليمين إلى اليسار وما بينهما.
قد يكون استيعاب تلك اللحظة المؤجلة بين الركون للاستبداد وبين طلب الحرية والإصرار عليها والتضحية في سبيلها مفاجئا بل صادما للباحثين عن جذر الانتفاضات الجماهيرية وثورتها على الطغيان والاستبداد، الذي رزحت تحت سطوته عقودا طويلة، حتى بدا وكأن تلك الجماهير تخلت عن حقوق طبيعية سلبتها أنظمة حكم تفننت باختراع أنواع وأساليب لأشكال سلطات عائلية وراثية تفارق مفهوم الدولة الحديث، ككيان سياسي لا يستقيم بناؤه ما لم يؤسس على قيم الحرية والديمقراطية والمواطنة.
**كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.