«نشرة «المصرى اليوم» من الإسكندرية: كواليس مقتل لاعبة «جودو سموحة» على يد زوجها.. وأول فرع للجامعة في ماليزيا    لليوم الرابع.. "مستقبل وطن" يواصل اجتماعات لجنة ترشيحات النواب استعدادًا لانتخابات 2025    وزير العدل يوافق على إنشاء محكمة جديدة بالنوبارية.. وافتتاح أول مكتب شهر عقارى بقرى «حياة كريمة» بالبحيرة قريبًا    اللجنة العليا للسكان بشمال سيناء تبحث تنفيذ عدد من الأنشطة خلال اجتماعها الدوري    ارتفاع الأسهم الأوروبية وسط تفاعل إيجابي مع مباحثات ترامب وزيلينسكي    «التعليم» تتعاون مع شركة يابانية لتزويد المدارس الحكومية بالآلات الموسيقية    الرقابة على الصادرات: تقليص زمن الإفراج الجمركى إلى يومين بنهاية 2025    حملات ميدانية وإلكترونية.. "حماية المستهلك" يعلن تفاصيل رقابته على الأوكازيون الصيفي    آخر تطورات التصعيد في غزة ولبنان وعلاقات الصين والهند    تقارير: 200 طفل يصابون يوميا بسوء تغذية حاد    تعرف علي تشكيل فاركو أمام طلائع الجيش بالدوري    بالإجماع.. محمد مطيع يفوز برئاسة الاتحاد الإفريقي للسومو    مصدر في مسار: جاهزون للتحدي ولأي منافس.. وإعادة قرعة السيدات لا يغير من خططنا    بسبب البيع والشراء.. مشاجرة بين سمكري ومالك محل في حلوان    نقابة الموسيقيين تنعى يحيى عزمي أستاذ الإخراج بالمعهد العالي للسينما    الثلاثاء المقبل.. طرح أول أغنية من ألبوم ويجز الجديد    بعد طرح بوستر فيلم "جوازة في جنازة "تعرف على مواعيد عرضه بمصر والعالم العربي    محافظ أسوان يوجه بتوفير العلاج والتخفيف عن المواطنين بمركز صحة أول    كان بيعدي السكة.. وفاة شخص دهسا تحت عجلات القطار في أسيوط    فابريزيو رومانو يكشف موقف مانشستر سيتي من رحيل نجم الفريق    عائلات المحتجزين الإسرائيليين: نتنياهو يكذب ويضع شروطًا غير قابلة للتنفيذ لإفشال الصفقة    موجة حارة.. حالة الطقس غدًا الأربعاء 20 أغسطس في المنيا ومحافظات الصعيد    محامي بدرية طلبة يوضح حقيقة إحالتها للمحاكمة ب«إساءة استخدام السوشيال ميديا» (خاص)    أمين الفتوى ل الستات مايعرفوش يكدبوا: لا توجد صداقة بين الرجل والمرأة.. فيديو    مجهولون سرقوا دراجته النارية.. إصابة شخص بطلق ناري في أبوتشت ب قنا    لأول مرة «بإهناسيا التخصصى».. استئصال ورم كبير متضخم بالغدة الدرقية لمسنة تعاني صعوبة التنفس    محافظ الأقصر يلتقي وفد أهالي المدامود ويعلن زيارة ميدانية عاجلة للقرية    نفق وأعمال حفر إسرائيلية جديدة داخل ساحة البراق غرب المسجد الأقصى    مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير يفتح باب المشاركة في دورته ال12    ستاندرد آند بورز: رسوم واشنطن توجه الصين نحو أسواق الجنوب    كيف تعرف أن الله يحبك؟.. الشيخ خالد الجندى يجيب    الشيخ خالد الجندى: افعلوا هذه الأمور ابتغاء مرضاة الله    ميلان يخسر خدمات رافاييل لياو في الجولة الأولى للدوري الإيطالي    الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات يصدر إجراءات جديدة بشأن المكالمات الترويجية الإزعاجية    «التعليم العالي»: إعلان القائمة المبدئية للمرشحين لمنصب رؤساء 5 جامعات أهلية    أول تعليق من أشرف زكي بعد تعرض ألفت عمر للسرقة في باريس    موعد حفل توزيع جوائز الأفضل في إنجلترا.. محمد صلاح يتصدر السباق    بي بي سي ترصد طوابير شاحنات المساعدات عند معبر رفح بانتظار دخول غزة    صور.. النقل تحذر من هذه السلوكيات في المترو والقطار الخفيف LRT    من هم أبعد الناس عن ربنا؟.. أستاذ بالأزهر يجيب    تدريب المعلمين على تطبيقات الآلة الحاسبة.. بروتوكول جديد بين "التعليم" و"كاسيو"    "رقص ولحظات رومانسية"..منى زكي وأحمد حلمي في حفل عمرو دياب في الساحل الشمالي    بالصور- افتتاح مقر التأمين الصحي بواحة بلاط في الوادي الجديد    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    تأجيل محاكمة عاطل بتهمة سرقة طالب بالإكراه ل23 سبتمبر    مدير أوقاف الإسكندرية يترأس لجان اختبارات القبول بمركز إعداد المحفظين    تقديم الخدمات الطبية المجانية ل263 مريضاً بمحافظة كفر الشيخ    فنان شهير يفجر مفاجأة عن السبب الرئيسي وراء وفاة تيمور تيمور    صعود جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل جلسة اليوم    "الموعد والقناة الناقلة".. النصر يصطدم بالاتحاد في نصف نهائي السوبر السعودي    وزير الدولة للاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني: الاقتصاد المصري يحتل أهمية خاصة للاستثمارات    «الري»: منظومة إلكترونية لتراخيص الشواطئ لتسهيل الخدمات للمستثمرين والمواطنين    الداخلية تؤسس مركز نموذجي للأحوال المدنية فى «ميفيدا» بالقاهرة الجديدة    إلغاء إجازة اليوم الوطني السعودي ال95 للقطاعين العام والخاص حقيقة أم شائعة؟    «100 يوم صحة» تقدم 52.9 مليون خدمة طبية مجانية خلال 34 يومًا    عماد النحاس يكشف موقف الشناوي من مشاركة شوبير أساسيا    رابط نتيجة تقليل الاغتراب 2025 بعد انتهاء تسجيل رغبات طلاب الثانوية العامة 2025 للمرحلتين الأولي والثانية    «ثغرة» بيراميدز تغازل المصري البورسعيدي.. كيف يستغلها الكوكي؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الرازق الشاعر يكتب عن :بين قرنين
نشر في الزمان المصري يوم 15 - 06 - 2012

تنقل صاحبنا الأيرلندي بين الأزهار كفراشة الحقول ليجمع بين رئتيه خلاصة العبير، وحملته شهوة الرائحة إلى مرمى قدمي ثور هائج لا يغله قيد ولا تلهيه غلالة حمراء، ووجد الرجل نفسه بين قرن محقق ونجاة محتملة، فأطلق ساقيه لريح خوف عاتية، وبدأت الخيارات تتضاءل أمام قدميه حتى انحشرت بين قرنين لا تمهلان وسور عال لا يستطيع تجاوزه، فقفز الرجل في الهواء ووضع إحدى قدميه بين قرنين مشهورين وأمسك بيديه الفرصة الأخيرة للقفز فوق براثن الموت، وفجأة وجد نفسه في الناحية الأخرى من السور.
لكن صاحبنا لم ينس للثور فعلته، وتجاوزه لخطوط الغفلة الحمراء، فلوح بسبابته اليمنى من وراء السور متوعدا بثأر قادم. ومضى وقد عقد العزم على انتقام يليق بثور راهن على قرنيه وغفلة خصم أدار له ظهره. وفي صبيحة اليوم التالي، توجه الرجل إلى نفس المرج مسلحا بعصا غليظة تعيد إلى أنفاسه المضطربة بعض الثقة بالعضلات المنسية. لكنه وجد مكان ثور الأمس عجلين صغيرين يرعيان. فانتظر في مكانه متوثبا حتى يخرج الثور من مكمنه، لكن انتظاره طال حتى بلغ به السأم مبلغا. عندها هجم الرجل بكل قسوة على أحد العجلين وأوسعه ضربا، ولاحقه حتى سور الهزيمة. وحين نظر إليه العجل الصغير مستنكرا هجومه المباغت، نظر إليه صاحبنا في سخرية وقال: "يمكنك الآن أن تذهب إلى أبيك الثور وتخبره عما فعلته بك. هو يعلم جيدا أصل الحكاية."
والحكاية أننا فقدنا رشدنا وحملنا عصينا ولوحنا بها في تحد غير مفهوم لمن لم يشهر قرنه في وجوهنا ولم يسابق الهواء نحو أفخاذنا، ولم يحشر أنفاسنا اللاهثة داخل أقفاص صدورنا، ولم يحرمنا متعة الرحيق. الحقيقة أن ضعفنا وقهرنا وضآلة أجسامنا أمام قرني ثور انقلب على أحلامنا وحشرنا بين ظلف وقرن هو ما دفعنا إلى هجوم غير مبرر على رفاق المرعى الذين اختلفنا مع قرونهم فتشابهت القرون علينا، وانشغلنا بصراعات جانبية حملتنا إلى هزيمة مدوية.
ليت صاحبنا الأيرلندي تمهل قليلا قبل أن يرفع عصاه على العجل المنكل به، فقد لا يكون بين قرنيه وقرني ثور طاردنا حتى مربع الحرية الأخير صلة نسب أو حتى صلة قرابة. لعله حمل قرنيه ذات خوف من غدر ألم بنا ولم نحسن التعامل معه، ولعله أشهر سيفيه العاجزين ليحك بهما ظهرا يلدغ بين فواصل التاريخ من ذباب الحقل وطفيليات الوطن. ولربما كان مشروع ثور نستطيع مواجهته فوق حلبة الصراع القادم. لكن ذلك كله لا يبرر هجوما أيرلنديا كاسحا على صغير عجل يحلم مثلنا بشمس حرية تشرق على قرنيه وتدفئ مفاصله الباردة.
يحكى أن سفير فرنسا لدى واشنطن، جين جوسيراند، تطرق في حديثه مع زوجة تيودور روزفلت ذات يوم إلى أهمية الحفاظ على السلم، فقالت له: "لماذا لا تتعلمون من الولايات المتحدة وكندا؟ ألا ترون أننا نحتفظ بحدود غير محصنة تمتد لمسافة ثلاثة آلاف ميل ليس بها جندي واحد؟ أما أنتم أيها الفرنسيون فتغالون في التسلح." فأجابها جوسيراند: "سيدتي، قد نضطر يوما إلى تغيير الجوار."
لكن تلك الحشود الممتدة فوق الحدود الفرنسية وتوقع الغدر من الأصدقاء والجيران لم يمكن لفرنسا من التقدم نحو الآخر أو من تجاوز حدودها الجغرافية الضيقة. أما أمريكا التي تخلت عن خوفها المفرط ومدت حدودها نحو الآخر استطاعت أن تتجاوز كل الحدود وأن تستبيح كافة الأعماق وتخترق كافة الحصون. لا يجب اليوم أن يحول تحفزنا المفرط دون وحدة مصيرية صارت واجبا مقدسا ومسئولية تاريخية أمام أجيال تتوق للحرية والتحرر من عقد الخوف والتحفز. لنفتح حدودنا على الآخر ونكف عن ضرب صغار العجول بالسياط لأننا هُزمنا ذات غفلة أمام قرني ثور هائج، لأن انتصارنا على صغير العجول لن يرفع قروننا في سماوات الهزيمة التي ستطالنا جميعا. بقي أن أقول أنني لا أدافع عن أي قرن يتطاول على سماوات الوحدة لكنني أدافع عن بساط يجب أن يتسع لنا جميعا فيما هو قادم من محن.
أديب مصري مقيم بالإمارات
هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.