بقلم محمد مصطفي الهلالي بين عيونهم تنام الذكريات بيت جميل تهل علي ستائره نسائم البخور ورائحة الطعام .تضحك زهور البلكونات وتبتسم الورود المعلقة علي جدرانها وتزهو صور الفرح بكل ألوانها وصوره جميله في برواز سعيد لزوج وزوجه في يوم عرسهم تزين صالون البيت.يذكرون أمهم صباحا تجلس بجوار مضاجعهم اصحي يا حبيبي اصحي ميعاد مدرستك, يفركوا عيونهم علي مهل وتتفتح علي وجه مبتسم في مرح .تعد فطورهم علي المائدة مغلف وطازج يرتدون ملابسهم بعد الحمام ويشربون كوب اللبن الساخن ويعرجون في بهجة علي حجره الأب .يستلمون مصروفهم اليومي ينطلقوا مرحين للشارع إلي المدرسة .منتظمة هي الحياة بين أب لا يألو جهدا في السعي للرزق وأم شاغلها الشاغل أبناءها,راحتهم سرورهم صحتهم ملابسهم دروسهم .أصحابهم أعياد ميلادهم تورتات الاحتفال هدايا العيد زيارات الأقارب بهجة الأهل ترحيبات العم والخال فرحه الجد والجدة بلهو الصغار بجواره عند العودة من المدرسة يسابقون الباصات والطرقات يتقافزون بالشوارع مرحا للوصول إلي البيوت تجلس في حنان معهم تناولهم أطباق الغذاء وتجلس معهم للدرس والواجبات . ..مشهد تتحرك صوره الجميلة في كل بقاع الأرض ألا إن المشهد الجميل هذا يتم تدميره بكلمه ينطق بها الأب .يدري او لا يدري لها بالا, فتلقي بكل هذا الكيان الي الفراغ فيلتحف هؤلاء الصغار برد الشتاء وتلهبهم حرارة الإسفلت يوم ان تخرج الأم او الأب عن المألوف بقرار طلاق فيصبح الأمل في أسره هادئة حلم يراود خيال أطفالهم تتشرد أحلامهم البسيطة من طبيب الي بائع مناديل ورق وحلم كليه الهندسة الي كشك علي رصيف الحياة ومن معلمه وممرضه الي خادمه بمنازل السعداء يحملون بداخلهم بعد الصدمة أهات وويلات أب أخر وأم أخري او الشارع الذي يكون احن وارأف من الآخرين .. .ولكن .كلمه " أنتي طالق " أنت طالق "تقذف لهيب الحمم البركانية الي شوارع العالم أطفالا مشردون صبيان وبنات في أعمار الورد علي ارصفه الحياة.انطفأت أنوار بهجتهم وتلاحقهم الويلات ويحملون بداخلهم الان ويلات وويلات سيفرغون قهرها في أيامنا القادمة نراهم وقد انتعلت أقدامهم ارصفه الحواري بمرها ببردها وقيظها مستغربين الا يكون الآخرين مثلهم فلا يأمنون ليد تسلم ولا يكترثون بقدم تطأ ويشاغبون العالم الغليظ الذي قذف بهم للرعب .. كلمه متسرعة ألقت بهم الي هذا الشارع الكبير كلمه سرقت بهجتهم وشالت الندي من عيونهم لتلتهب قلوبهم ثارا وحقدا علي الزمن والوقت والأيام.. مشهد فارق بين طفل جلس في فناء المدرسة منطويا علي ذاته يمضغ الوهم في أصابعه وعينه مغرو رقه بالدموع وبين طفلا يمرح بين أقرانه مبتهجا ..بين طفلا يلعب بين يدي أبيه وأمه في حدائق غناء وتبدو سعادته علي وجهه وطفل جلس منزويا في ركن الشارع بجوار الرصيف. بين طفل تلمع جبينه بالنقاء والنظافة والعطور وتزهر ملابسه كواءا ورونقا وأخر يلبس البالي منها ..انها كلمه حالت دون ان تكتمل المسيرة للحياة المبهجة .وأحالت الجنة الي نار والعمار الي دمار .والسعادة آلام. ... ماذا لو تأني الأب ماذا لو راجع نفسه وصبر .ماذا يحدث لو تحملت الأم وصبرت .فلم يجني هؤلاء جريرة كلمه انطلقت بلا وعي لتدك حصنهم المنيع ... يعتبر الطلاق مشكلة اجتماعية نفسية.. وهو ظاهرة عامة في جميع المجتمعات ويبدو أنه يزداد انتشاراً في مجتمعاتنا في الأزمنة الحديثة والطلاق هو " أبغض الحلال " لما يترتب عليه من آثار سلبية في تفكك الأسرة وازدياد العداوة والبغضاء والآثار السلبية على الأطفال ومن ثم الآثار الاجتماعية والنفسية العديدة بدءاً من الاضطرابات النفسية إلى السلوك المنحرف والجريمة.. أنتي طالقه إن ما يتبع ذلك اللفظ من خسارة للمجتمع خسارة للاسره ليفوق بكثير الصبر علي أخطاء من السهل معالجتها ولا ازدحمت محاكم الاسره.وأروقه المحاكم الشرعية وتعددت الخسارات من وقت وجهد وأوراق ولا تشردت أطفال وأدخلنا للمجتمع أفراد معاقون اجتماعيا .ونفسيا .فالإحصائيات تنبأنا ان حالات الطلاق في مصر بمعدل حاله كل 6 دقائق و96 حاله يوميا في السعودية و20حاله يوميا في سوريا والعراق وبمعدل اقل في بلاد أخري ولكنها ظاهره تتنامي برعب لتقضي علي أحلام أطفال شائت أقدارهم ان يولدو لأب ذو مزاج عصبي او ام تجهل الحياة0