بقلم محمد غالية ما أشبه الليلة بالبارحة ، وكم هو غريب هذا التاريخ الذى يُعيد نفسه دوما بأشخاص مختلفة ، وكأن الحياة ماهى إلا مسرح يلعب من يلعب فيه دور البطولة ويلعب من يلعب فيه دور السنيد ويقف الجمهور ليصفق كالعادة وربما ظُلم الكثير من الكومبارس فلم يحظوا بحظ وافر من النجومية . ليلة الخامس والعشرون وحينما تحدثت إلى المقربين منى عن وجوب النزول والخروج من اجل أن نحصل على حريتنا ،ولن يكون هناك شىء أسوأ مما نحن فيه الاّن ، وساعتها وبحق كنت أنا وقلة من اصدقائى وحدنا نستميت فى الدفاع عن من هم فى التحرير يوم الخامس والعشرون ، كان الكلام عن اننا فئة قليلة وقلة صحيح ، لم يكن يحلم أحد بما حققناه ، ولكن كان هناك هدف وغاية نسعى إليها وتحقق ما نريد ،ليعلم الجميع اننا أصحاب الحق من البداية. فما اشبه الأمس باليوم ، حينما يقف كل علماء الدين على المنابر ليستغلوا عاطفة الدين ويلعبوا على وتر التعاطف والحب الفطرى للدين ليدفعوا الناس بالتصويت على التعديلات بنعم من اجل الحفاظ على الدين ومن اجل الإستقرار . فاليوم وبحق وبعد أن خرجت من المسجد استشعرت بأننا قلة لأن الكثير سينجرفون وراء كلام دعاة المنابر ويقولون نعم سمعا وطاعة لكلامهم وبأنهم هم أهل الثقة ، وازدت يقينا أنى فى الطريق الصحيح ، فهم سيحاربونك كالعادة ثم تنتصر . فى البداية أحترم وبشدة الرأى والرأى الأخر ولم احاول يوما أن اؤثر على أحد برأييى الخاص ، فلقد أصبحنا فى حرية ومن حق كل فرد ان يعتنق ماشاء من الفكر ، ولكن هناك فرق بين الساسة والمُسيسين ، فالساسة هم من يضعون كلا الرأيين بمميزاتهم وعيوبهم ثم يحكمون على الأفضل ، لا من ينصاعون لرأى الجماعة وفقط أو رأى أحد يمليه عليهم حتى وإن كان الرمز رمزا دينيا ، فالإخوان والسلف اجتمعا على قول نعم دون ان يتركوا فرصة لمناصيرهم ان يحكموا عقولهم فى الحكم ولكن هكذا أراد مكتب الإرشاد وهكذا أراد مشايخ السلف ( مع احترامى لهم ) فلو انصفوا لفعلوا مثل شباب الثورة وشباب الإئتلاف حينما قرروا أن يتركوا الأمر لحرية الرأى والتعبير وألا يصدروا بيانا بموقف معين ، فهؤلاء حقا من يعرفون معانى الديمقراطية الحقة ، اما من ينتظرون رأى الساسة ليقوموا هم بدور المُسيسين لينصاعوا للكلام دون ادنى اقتناع او مناقشة ، فأنت ستصوت بنعم من أجل المحافظة على الدين ومن أجل إعادة الأمن والأمان ( هو كده ) فهلا اتعبوا انفسهم وشرحوا للناس تفاصيل التعديلات وتركوا لهم حرية الرأى والتعبير. ولكن المواجهة هنا بحق غير شريفه ؛ أن تضع الدين فى كفة وأن تصوت بلا فى كفة لدرجة ان يجرح بعض الأئمة فى من سيقولون لا وأنهم يريدون أن ينالوا من الدين !! بل وربما اصدر البعض حكما فقهيا بوجوب التصويت بلا . فبعد ان كنت فرحا بحالة الحرية التى نعيشها سرعان ما صدمت من حالة الحكر الفكرى التى صنعها دعاة المنابر . فإن اردت أن تقنعنى بنعم أولا فلتُناقش معى مواد الدستور وما الذى سيحدث بعد نعم أولا وأى السناريوهات ستتم فى الحالتين ثم بعدها دعنى أحكم . أسف أن اقول بأن عمر سليمان حينما قال بأننا شعب ليس مؤهل للديمقراطية بعد ، يبدو أن كلامها كان يحمل من الصدق الكثير ، فلازال امامنا الكثير لنتعلم كيف نفكر وكيف نصدر الأحكام ، وأنا اقصد الرأيين سواء بنعم أو لا . سأرفع القبعة لمن يقول نعم عن اقتناع ولمن سيقول لا عن اقتناع ، أما المُسيسين الذين يسيرون وراء كل صوت عال ووراء عاطفتهم ، فرجاءا ارجعوا للخلف ، فمصر تتقدم إلى الأمام ، ولا تريد مثلكم أن يعطل المسير . ومن يعينون أنفسهم دعاة بإسم الشعب وبأنهم يسطيعون ان يجمعوه تحت شعار واحد ، وأنهم هم الساسة وهم وحدهم من يسيطرون على الشعب ،فهؤلاء عفوا لقد نفذ رصيدكم . لازلت على امل أن تحظى تلك التجربة بالكثير من التعليم وأن تكون تجربة مهمة للديمقراطية والنزاهة ، لنبتعد عن التخوين والأجندات ، ولنجعلها منافسة سياسية فكرية شريفة والصندوق هو الفيصل بيننا . وسنحترم رأى الأغلبية ، ولن يكون للإعتراضات وجود طالما ان الصندوق هو الفيصل والحكم .