بقلم أحمد رشدى كنتُ أتابعُ التلفزيون خلال الإسبوع الماضى و أنتقلُ من محطةٍ إلى آخرى ، باحثاً عن أخبارٍ أو برنامج غير تقليدى ، يشدنى إليه ، فوجدتُ فيلم " طير إنت " للشاب أحمد مكى والفنان لطفى لبيب ، ولم أشاهده من بدايته ، و لكن فهمت من الفيلم بأن بهيج " أحمد مكى " خرج له مارد فى يوم عيد ميلاده ، و هذا المارد " ماجد الكدوانى " قرر أن يساعد بهيج فى تحقيق بعض أمنياته ليحقق هو أمنيته بالحصول على الإعدادية التى مرهون نجاحه فيها بتحقيق حلم أو أمنيه لأحد البنى آدمين ، و كانت إحدى أمنيات بهيج أن يحوله المارد إلى شخصية قوية ، لها كلمة مسموعة ، لكى ترضى عنه حبيبته ، و بالفعل فى الفيلم حوله إلى شخصية الكبير أوى ، الذى يحكم البلد بيدٍ من حديد ،حكم الفرد الواحد ، يظلم و يقهر و يُذل الناس ، يُدخل الرعب فى أبناء بلده و إخواته و أهله ، محاطاً برجاله ِ ، وحاشيته و حراسه ، الذين ماتت ضمائرهم و نخوتهم ، لا يخافون الله ، غيبوا عقولهم ، و ذلك كله من أجل إرضاء الكبير أوى ، ينفذون ما يطلب ،بإشارة من أصغر أصابعه ، بل حتى أحلامه يتمنوا تحقيقها ، و فى يوم من الأيام نزل الكبير من قصره الكبير ، نزل إلى البلد و كان سبب نزوله ، تجرؤ صميدة الفلاح العاجز البسيط ، إمتنع عن دفع الإتاوة الشهرية ، فعلم الكبير بذلك و كاد عقله أن يطير ، كيف لصميدة أن يتجرأ و يعترض عن دفع الإتاوة ، لذلك نزل الكبير أوى بنفسه ، محاطاً برجاله و رأيتُ كيف إنتشر الخوف و الهلع فى البلد بعد أن إنتشر الخبر فى البلد بقدوم الكبير أوى و كعادة كل الكبار لم يدخل البلد إلا بعد أن أخبره " الجبلاوى " أحد رجاله ، بأن البلد أمان و دار حوار بين الكبير أوى و صميدة المواطن البسيط : الكبير أوى : كيفك يا صميدة ؟ صميدة : عايشين بحسك و فضلة خيرك يا كبير . الكبير أوى : لماذا لم تدفع الإتاوة الشهرية يا صميدة و لا لازم الكبير يجى لك بنفسه . صميدة : و أنا أجيب منين 5 ألاف جنيه فى الشهر ، بقى ده إسمه كلام يا عالم، و الله حرام . الكبير أوى : الإتاوة لمصلحتك أولاً يا صميدة . إنت راجل طيب يا صميدة ، و أنا هسامحك المرة دى ، بس هأخد " جاموستك " ، و لم يستطع صميدة الكلام ، لكن الجاموسة أصدرت صوتاً و أعتقد إنه كان إعتراض ، بعد ذلك جاءه خبر من "وهدان " ذراعه اليمن بأن زوجته حاولت الهرب و ووهدان منعها و من أجل أن يحفظ سره ، قام بقطع ذراعه اليمين بقتل " وهدان " على مرأى و مسمع من " الجبلاوى " أخيه و رجاله و لم يعترض الجبلاوى و قال له عائلتى كلها فداك يا كبير ، كلمات قالها الجبلاوى من وراء قلبه ، وذاق ما ذاقه صميدة و أهل البلد من ظلم الكبير أوى ، و فى النهاية ، كان يجلس الكبير أوى ليلاً فى قصره ، ظن أنه آمناً مطمئناً ، و نسى أن لكل ظالم نهاية ، و أن مهما طال الليل لابد من طلوع الفجر و أن للشعوب صبر و للصبر حدود ، و لن تسقط إرادة الشعوب ، يدُ الله فوق أيديهم ، و فى تلك الليلة سمع الكبير أوى صوت رهيب ، زلزل قصره الكبير ، فخرج من قصره فوجد منظر لم يتوقعه فى يوم من الأيام ، وجد الشعب المظلوم و المقهور ، يقودهم و يتزعمهم صميدة الفلاح المظلوم ، الذى ظن أنه عاجز ، و لكن العاجز و المعاق قاد أهل البلد و دخلوا قصر الكبير ، و كان صوت صميدة الجهورى يشعل الحماس و الثورة فى نفوس المواطنين ، صوته ينطلق كالصواريخ يردد : الكبير لازم يرحل ، الكبير لازم يرحل ، ويردد وراءه أهل البلد المظلومين ، لازم يرحل ، لازم يرحل ، و خرج لهم الكبير أوى من قصره مذهول و قام بإطلاق النار من مسدسه ليخوفهم ، و نسى أن الخوف لا يعرف طريقاً لمن جاع و تعرى و ظُلم و قُهرَ ، و قال له صميدة المحمول على الأعناق : " لم خلقاتك " و إرحل يا كبير ، ورد آخر : إحنا " معوزينكش" و ثالث : " طهقنا " من ظلمك يا مفترى و رابع : أيوة كلنا يد وحدة ، فهددهم الكبير أوى قائلاً : قسماً بالله لأخلى رجالتى يدفنوكم مطرحكم ، و نادى على الجبلاوى ، فرد عليه الجبلاوى : ألف من له تار يا كبير و هنا ظهرت الدهشة و الذهول على الكبير أوى ، مستنكراً عليهم الصحوة و الثورة و أراد أن يعرف من السبب ، من الذى حركهم ، فعرف السبب عندما ردت عليه زوجته من الخلف و هى ممسكة ببندقية آليه ، و قالت له أنا يا كبير ، فطار عقله ، فسألها كيف فعلت ذلك و أنا قاطع عنك النت ؟ فردت عن طريق ال SMS ، فلم يتوقع الكبير أوى أن يتخلى عنه رجاله ، حاشيته ، حراسه كما تخلى رجال الرئيس الهارب زين العابدين بن على و أمر الجيش بالتدخل لقمع الثورة و حمايته و لكن قادة الجيش رفضوا ذلك و هذا يحسب لهم ، فالجيش لحماية البلد ضد أى معتدٍ أثيم ٍ ، فالجيش مدرب على قتال العدو و ليس لقتل و ضرب أبنائه ،حتى زوجة الكبير اوى خانته لسوء معاملتها و قهرها و شعورها و إحساسها تجاه أهل بلدها ، إنه الظلم ، مهما طال لابد من نهاية ، نهاية لكل ظالم ، لكن قبل أن تقتله زوجته ، طلب منها أن يرد عليها و على أهل البلد بكلمة واحدة ، تيييييييت و طار ، وجدتُ تشابه بين حال صميدة و بين حالنا كمواطنين مقهوريين و مظلومين و مجوعيين ، و الكبير أوى و الكبار جدااااااااااااا ، يأكلون و يشربون و ينعمون و أهلهم و أقربائهم و أصهارهم و جيرانهم و أصدقائهم و أصدقاء ، أصدقاء ، أصدقاء أصدقائهم ،ينظروا لنا من بروجهم العالية كأننا عبيد و ليسوا أصحاب هذا البلد ، لماذا تحرك المواطنون يوم ال 25 يناير 2011 ؟ الإجابة نفس السبب الذى حرك صميدة المواطن البسيط و رفقائه ، الثوار الأحرار ، تحرك المواطنون المصريون ليقولوا لا ، " لا كبيرة اوى " ، ليقولوا " Stop" للنظام ، للكبير أوى و الكبار جدااااااااا ، تعبنا و تعبنين ، ظُلمنا و مظلوميين ، ماتت العدالة الإجتماعية ، قتل النظام و حكومته الأمل ، جوعونا و عرونا و إنتشر الفساد و تجاوز مرحلة الركب منذ زمن بعيد ، وزاد ركاب قطار البطالة و العنوسة و العزوبية ، الظلم و القهر و الشعور بالإحباط ، و القتل فى أقسام الشرطة ، من قلة من حراس الوطن و حماته ، فصار المواطن المقهور ، المظلوم قنبلة موقوته ، قد تنفجر فى أى وقت ، خرج آلاف المصريين غاضبين فى مظاهرة سلمية حضارية يوم الثلاثاء الماضى " 25 يناير 2011 " للمطالبة بحقوق واجبه ، و ليست منه من أحد ، نحن أصحاب البلد و ليسوا سياح أو زائرين ، فحولها الأمن فى فجر الأربعاء إلى عنف ، فالعنف يقابله عنف ، و الجدير بالذكر إنه فى بداية المظاهرة قدم بعض المتاظهرين الورود للرجال الشرطة و قالوا لهم هاتفين " يا أبودبورة و يا أبوكاب إحنا منك مش إرهاب " ، لكن للأسف رجال الشرطة لما يبادلوهم نفس الشعور و بادلوهم بالقنابل المسيلة للدموع و القلوب ، لكن توجه المواطنون الغاضبون ، الثائرون برسالة واضحة ، لا تحتاج إلى جهد فى فهمها و لا قراءة ما بين سطورها ، رسالة إلى الكبير أوى ، ماذا أريد كمواطن مصرى ، إصلاح حقيقى ،تعديل الدستور ، تعديل المادة 76 و 77 من الدستور ، مدة الحكم ، مدتتين على الأكثر ، تعديل القوانيين واللوائح الخاصة بالترشح لرئاسة الجمهورية ، ليس تفصيل القوانين و اللوائح لمرشح بعينه ، عدالة إجتماعية ، لا فرق بينى و بين ابن كبير و لا ابن صغير ، إذا دخلت قسم شرطة أتعامل معاملة كريمة ، خفض الأسعار بما يتناسب مع المرتبات ، أحتاج فرصة عمل ، كوب ماء نظيف ولا أريد نظيف ، رغيف عيش صحى ، بإختصار أريد حياة كريمة ، أريد حرية ، كرامة بره و جوه ، عدالة ، لا للحكم المطلق ، لا للظلم ، لا للتوريث ، لا للوجوه التى كرهنا منذ زمن ، لا للجوع ، لا للبطالة ، فهل من مجيب ؟ رسالة إلى الرئيس : يا ريس تعبنا ، عليا الطلاق بالتلاتة تعبنا رسالة إلى المواطنين ، أهلى و ناسى ، نعم للتظاهر ،نعم للتظاهر السلمى ، دون تخريب ، دون إتلاف للممتلكات العامة و الخاصة ، مصر بلدنا ، و ممتلكاتها هى ملك لنا جميعاً و رجال الشرطة أهل و أخواتنا رسالة إلى السيد وزير الداخلية ورجال الداخلية حراس الوطن و حماته : أنتم حراس الوطن و حماته و أنتم منا و نحن منكم ، أنتم أهلنا و آبائنا و أخواتنا ، فالعنف يولد العنف . فى النهاية تحضرنى نهاية فيلم" طير إنت " ، خرج المواطنون بقيادة صميدة المواطن البسيط ، الذى تغلب عن عجزه و أعلن مع مواطنيه مطالبهم " الكبير لازم يرحل ، الكبير لازم يرحل " ، فطار الكبير أوى قبل أن يحدث ما لم يُحمد عقباه ، لكن بالنسبة لنا ماذا سيحدث ، هل سيخرج السيد الرئيس ليفجأ الجميع و يعلن عن تعديلات دستورية حقيقية ، و يدخل التاريخ كأول رئيس مصرى سابق فى 2011 عن عدم ترشحه خلال إنتخابات الرئاسة هذا العام و يستريح و ينعم بحياة أسرية دافئة و يترك قيادة السفينة لإبن من أبناء الوطن المخلصيين ، يعدل الدستور و خصوصاً المادة 76 و 77 ، تعديل مدة الحكم ، مدتتين على الأكثر ، قوانين و لوائح الترشح لرئاسة الجمهورية ليفتح الباب للجميع و يترك الإختيار للشعب ،يقيل الحكومة الحالية ، و يتم تشكيل حكومة من وجوه جديدة ، وجوه و أسماء وطنية ، مقبولة ، قبل ذلك أتمنى أن نتغير نحن الشعب المصرى ، ماذا سيحدث ؟ سؤال ستجيبُ عنه الساعات القليلة القادمة اللهم احفظ مصرنا و اجعلها آمنة مستقرة و سائر بلاد المسلمين ملحوظة : هذا المقال كُتبَ يوم الخميس الموافق 27 /1 /2011 أحمد رشدى – مذيع تلفزيونى و كاتب صحفى و أسعد سعيد فى العالم العربى [email protected]