الكتابة المختبئة وراء ستار الرمز، نادرا ما يتسرب منها العمق الدلالي. و حين يتعلق الأمر بالرمز الروحي في علاقته مع المدلول الجسدي ، تصير الكتابة تجاوزا لواقع و تبشيرا بآخر. محكوم على المتلقي ، وهو يلج رحاب قصة " عاشقة من وراء ستار " للمبدعة المصرية ميمي قدري أن يلملم دهشته أمام النص ليفكك رموزه الخبيئة ، و يقبض على بؤرة الحكي فيه، ضوءا و ظلا . ما يقوله النص أكبر مما يكشفه المعنى. لسببين: الأول: النص لولبيٌّ يُلَمِّحُ ولا يُصَرٍّحُ. يُجَمِّلُ و لا يُفَصِّلُ . و يذهب عميقا في صيرورة ثلاثية : الدين – الحب – الجنس. الثاني: غايات النص تمزج بين التعدد و التوحد. تعدد المعنى الروحي المنفلت من كل كوابح. و توحد الروح في معنى الحب و الجسد. " عاشقة من وراء ستار " قصة تعكس الحلقة المفقودة ( الحب ) في دائرة الثنائي ( الصليب و الهلال ) . إنه ذكاء سردي يمتطي حلم الالتحام العاطفي في ارتباط مع توابث ألمقدس، ليؤول إلى ترسيخ دلالة مواربة : الحب فوق الأديان. لأنه من أسس الأديان . المبدعة ميمي قدري انتقت من اللغة أقربها إلى المعنى الصادم. و اختارت من المعاني أعمقها على صعيد الكشف المثير . من الدال ( المسيحية ) إلى المدلول ( الإسلام ) ، أسست الكاتبة لعلاقة حميمة ( معيشة أو متخيلة ، ليس مهما تحديدها رمزيا ) بين نداء روحي – جسدي مسموع الإلحاح. و استجابة دينية - عرفية – مقننة لتتويج إحساسين و قلبين . يصعب الاستيقاظ من دهشة هذا النص . لأن مبدعته اختارت الأصعب لبنيات سردها : الرمز الديني المقدس المحتفي بالواقع الاجتماعي المعاش .