السياسة عبارة عن ممارسة لعملية فاسدة في عالم فاسد. ممارسة البشر للسياسة هو نتاج لفساد نظامنا الاجتماعي, و انحطاط القيم و العلاقات بين البشر بسبب قيمنا الاقتصادية و الاجتماعية السائدة. لذلك فان ربط الديموقراطية بالسياسة و بالانتخاب و التمثيل هي احدى الاوهام السائدة التي تنتشر حتى الان في عالمنا و تتسبب في بقاء معاناة البشر. ان عالم يسوده الحرية و العدالة و المساواة هو ليس العالم الذي تقوم في التصويت فيه للتاكيد على حصولك على ابسط حقوقك البيولوجية, و هو لذلك عالم ليس فيه سياسيين و لا يصدر القرارات فيه استنادا الى الاراء الشخصية و التصويت عليه. فهل من المنطقي ان تقوم الشعوب بالتصويت على اذا كان من حقها الحصول على الرعاية الصحية المجانية؟. و هل من المنطقي ان نقوم بالتصويت على اذا كان من حقنا الحصول على الغذاء و المسكن و الماء في عالم يستطيع توفير كل ذلك لكل انسان؟ هل من المنطقي ان تقوم الشعوب بالتصويت لانظمة ترسل الجيوش لتدمير و نهب شعوب اخرى و تستخدم العنف في قمع مطاليبها و تبني السجون في الوقت الذي تحرم المجتمع من حق السكن و الرعاية الصحية؟ الديمقراطية الحقيقية التي ترتبط في اذهاننا بالحرية و المشاركة في القرار هي ان نقيم عالما لا يستند الى الاراء الشخصية او السياسة في اصدار القرارات, بل ان يستند الى المنهج العلمي في التفكير لايجاد افضل السبل لتوفير حاجات كل انسان على سطح هذا الكوكب بافضل شكل استنادا الى قدراتنا العلمية و الموارد التي في حوزتنا. حاجاتنا البيولوجية و الحياتية من غذاء و سكن و ملبس و رعاية صحية و تعليم و الحب و الامان و السلام و التعاون و غيرها من امور ليست مواضيع للتصويت لنرى اذا ما كنا سنحصل عليها ام لا. بل هي حاجات طبيعية ينبغي توفيرها و تحقيقها بافضل شكل استنادا الى ما لدينا من معرفة علمية و موارد طبيعية. نحن بمقدورنا الان اقامة عالم يوفر جميع حاجاتنا الانسانية الضرورية