بقلم احمد خيري مقال أسبوعي في المواجهه بين " هو وهي " بين أنفاس الأكسوجين الصناعي .. وصرخات الممرضات .. وبكاء الزوجة .. ونحيب الأم .. شعر الشاب بأنه يشارف علي الموت .. بعد أن تحول إلى كومة من العظام .. بسبب تعرضه إلى حادث أليم .. وسط غيبوبته .. كان يتحسر علي ترك زوجته الشابة التي أحبها بشغف كبير .. وهو يحدق وجهها الصبوح .. ويراقب حبيبات الدموع وهي تتساقط من عينيها التي طالما تغزل في جمالهما كثيرا .. منذ عرفها وهي صغيرة .. بنت الجيران وحلمه الذي كابد من لوعة بعادها .. سهرا معا ليالي العشق .. واجهت معه رفض أهلها للزواج .. دفعها عشقها لمحاولة تناول الحبوب والانتحار .. وفي النهاية رضخ الأهل .. ووافقوا علي الزواج .. ولكن الحادثة لم تمهله أن يستمع بزواجهما غير عام.. وحينما اشتد به الألم وشعر باقتراب نهايته .. طلب الانفراد بزوجته .. التي ذبلت عيونها وتساقطت رموشها .. وبدأت الوصية : الزوج : حبيبتي عشقتك أكثر من روحي .. ولكن اسمعيني ولا تعارضي .. أنت ما زلت فتاة جميلة .. المئات يتمنون الزواج منك .. أريدك أن تتزوجي بعد وفاتي .. الزوجة : صرخت .. بكت .. وضعت يديها علي فمه حتي يسكت .. وأقسمت بانها لن تتزوج غيره .. ولن تكون إلا له في الدنيا والآخرة .. الزوج: يا زوجتي الحبيبة .. هذا شرع الله وحرام ان أحرمك شبابك .. ولكن أوصيك بألا تتزوجي طالما أوراق الشجرة التي سوف تضعينها فوق قبري مازالت خضراء .. وهذه وصيتي الأخيرة لك .. لم تمر ايام .. حتي كان الشاب قد قابل وجه ربه .. وارتدت الزوجة الشابة السواد .. وظلت تبكي فراق حبيبها وزوجها أيام وأيام .. ووالدتها تواسيها .. وتحاول أن تنزع من بين أحضانها ملابس الزوج .. ولكنها كانت ترفض .. وتصر على ذلك كلما كانت ترى أوراق الشجرة ما زالت يانعة.. مر شهران علي وفاة الزوج .. والزوجة تذهب لعملها مرتدية السواد .. ولا تتفاعل مع زملائها في العمل .. وكل خميس تذهب إلى قبر الزوج لتصف له عذاب الفراق وعشقها القوي حتي بعد فراق الجسد .. وكانت تري الأوراق ما زالت يانعة خضراء .. فيزيدها ذلك إصرارا علي الردود الجافة مع زملائها خاصة الموظف الجديد .. الذي حاول مرارا إخراجها من حزنها .. ولكنها كانت تصر علي معاملته بجفاء اشد .. وهو كان يحترم فيها ذلك .. ويراها زوجة مخلصة لذكري زوجها .. ولكنه بدأ يتحجج بأشياء ليحدثها ليلا في التليفون .. وللحق كانت تمانع في البداية.. بمرور الوقت أحبت الإنصات إلى زميلها .. وبدأت تتلهف علي سماع صوته .. وشيئا فشيئا بدأت تخلط السواد بالألوان .. حتي حان الوقت وطلب زميلها الزواج .. فحكت له عن الوصية التي لن تخلفها .. لم يصدقها فاصطحبته معها ليري بنفسه أن الأوراق رغم مرور الوقت لا تزال يانعة .. وهذا يعني ان روح الزوج تراقبها .. وتحمي الاوراق .. واقتنعت بأنها لن تتزوج.. فقطعت علاقتها مع زميلها رغم حبها الشديد .. فجن الحبيب .. وراح يراقب قبر الزوج .. وفي ذات الأيام راح مبكرا مع مطلع الفجر .. فوجد شخص يبدل الأوراق الذابلة بأخرى جديدة .. فسأله .. وعرف أن زوجها وصي أخيه بان يبدل الأوراق كل يوم فوق قبره مع آذان الفجر ..