تحقيق : أحمد خيري حتي لا يصفنا القراء بأننا نهتم فقط بالشباب في العاصمة .. أردنا أن نعطي امثلة لشباب في القرى محروم من كافة الإمكانيات ، ضمن موضوعات حملة " وظيفتك في يدك " .. قطعنا مسافة 70 كيلو داخل قري المحافظات ، لكي نقدم نماذج لشباب في أماكن بعيدة عن المدن ، ونوضح كيف نجحوا في توفير فرص عمل لأنفسهم بعيدا عن الحكومة .. وجد أسامة ومحمد أن الطريق التقليدي في الحصول علي وظيفة عن طريق الشهادة الجامعية لن يثمر إلا علي نتيجة واحدة وهي الفشل .. تراءت لهما الشمعة من بعيد تحملها التكنولوجيا في يديها داخل نفق المظلم فاتجها إليها ، وبعدد قليل من الجنيهات قاما بإنشاء مركز صغير ، للألعاب الإلكترونية علي جهاز كمبيوتر قديم في قريتهما ، ولكن أمام عادتنا في تقليد كل جديد كاد المشروع يموت ويدفن في مقبرة اليأس .. وتكررت تلك العملية في عدد من المشروعات في نفس المجال تكنولوجيا المعلومات .. حتى جاءت النهاية وتكللت بنجاح هؤلاء الشباب .. ليأتي التساءل عن ما هي تلك المشروعات التي يمكن لتكنولوجيا المعلومات أن تتيحها أمام الخريجين في القري المصرية ؟ وكيف يضمنوا لها النجاح ؟ حتى نستطيع الإجابة علي تلك الأسئلة من أرض الواقع ، ومن خلال نماذج طبقها الشباب بنجاح ، قطعنا مسافة 70 كيلو داخل قري محافظة المنوفية ، بحثا عن إحدى العذب التي تسمي ( عزبة عليم ) ، التي يوجد بها إحدى النماذج الناجحة لمشروعات صغيرة توفرها تكنولوجيا المعلومات ، وتتيحها في طبق من فضة أمام الخريجين بمختلف مستوياتهم ، سواء كان الحاصلين منهم علي مؤهلات متوسطة أو فوق متوسطة أو جامعية ، ليجدوا فيها حلم الوظيفة الحرة الذي طال انتظاره . أسامة ... ومحمد .. شابان من إحدى قري محافظة المنوفية ، كان الطموح يملا صدرهما أثناء دراستهم ، بأن لا ينتظرا حلم الوظيفة الميري التي تتناسب مع دراستهم في كلية التجارة ، حتى تصدمهم صخرة الواقع في رؤسهم ، ويتحولوا إلي شباب برؤوس مهشمة ، فراح فكرهما أثناء الدراسة إلي الانطلاق تجاه بعض المشروعات التي توفرها مجال تكنولوجيا المعلومات ، وليست في حاجة ملحة إلي مبالغ مالية كبيرة لا تتناسب مع قدرتهما . وحتى تتم عملية الاختيار بين تلك المشروعات ، بناءا علي أولويات تتعلق باستيعاب السوق لها ، لذا كان لزاما عليهما البدء في عملية مسح ودراسة ميدانية داخل قريتهم والقري المجاورة ، حتى يمكنهما قياس مدي الاستعداد لاستقبال مشروعات في ذلك المجال ، مع تعرفهما علي أول مجال يمكنهما البدء به .. في النهاية توصلا إلي أن مجال الألعاب الإلكترونية هو السبيل الوحيد لبداية مشروعاتهم . بعد أن وضعوا قدميهما علي أول الطريق واختارا المجال المناسب للقرية ، أنطلق المشروع من مهده عن طريق جهاز كمبيوتر قديم ، حتى كثر الطلب عليه ، وبدأ يشعران بمدي العائد الاقتصادي له ، ولكن فرحتهما بالنجاح لم تستمر طويلا ، فقد جاءتهما ( الحدية التي تخطف الفراخ في قريتهما ) واقتنصتها منهما ، هذه الحدية ما هي إلا آفة التقليد الأعمى التي تدمر كل مشروع ناجح ، ما تلبث أن تظهر بمجرد الشعور بأن هناك مشروعا جديدا وناجحا ويدر ربحا في منطقة ما بعينها ، حتى دون اللجوء أولا إلي العمل علي قياس السوق ، للتعرف من خلالها علي مدي قدرته في استيعاب مشروع آخر مماثل ، ولكن دائما من تكون العين علي الأرباح التي يحققها المشروع الأول ، دون الأخذ في الاعتبار تأثير العوامل الأخرى ، التي يمكن أن تقضي علي المشروعين معا ، وهو ما حدث بالفعل مع أسامة ومحمد .. فقد أفتتح أحد سكان القرية مشروعا مماثلا يعتمد علي الألعاب الإلكترونية ، حتى أخذ المشروعان في الضعف والوهن وصار جسديهما نحيفا لدرجة الهزال . وقتها وجد الشابان نفسيهما أمام تحدي يتمثل في ضياع مشروعيهما ، فما كان منهما إلا البحث عن مشروع آخر يوفره لهما مجال تكنولوجيا ، ومرة أخرى بدأ يمسحان القرية في دراسة تالية ، واثنائها لاحظا بأن أجهزة الحاسب الآلي بدأت تقتحم منازل القري المحيطة والمدينة القريبة منهما ، لذا توصلا إلي أن صيانة أجهزة الحاسب هي الطريق السليم نحو مشروع جديد ، وبالفعل بدأ أسامة في الاتجاه نحو مراكز التدريب التي توفرها جامعة حلوان لطلبتها ، من أجل الحصول علي دورات متخصصة في صيانة أجهزة الحاسب الآلي ، وبالفعل حصل علي الدورة المتخصصة في تكوين أجهزة الحاسب ، وكيفية صيانة الأجزاء العاطبة بها . بعدها اتجها إلي فتح مشروع صيانة مكمل لمشروعهما السابق الخاص بالألعاب الإلكترونية ، وأخذا يترددان علي القري المجاورة و المدينة القريبة منهما ، حتى يحصلا علي فرص للتعاون مع بعض الشركات التي تملك عدد من أجهزة الحاسب ، بالإضافة إلي الدخول في اتفاقيات مع بعض شركات الصيانة التي لا تملك الكفاءات ، واستمرا علي ذلك النحو حتى نمي المشروع . ومن أجل تنمية المشروع وزيادة الربح ، فقد وجدا في مجال تكنولوجيا المعلومات طوق النجاة ، وقاما بشراء جهاز كمبيوتر جديد ، يشتمل علي التجهيزات الخاصة بالطباعة ، وذلك للعمل علي توفير خدمة كتابة الرسائل ومشروعات للطلبة والدارسين ، ومن ثم طباعتها ومضاعفة مكاسبهم ... هذا بالإضافة إلي مشروع إحياء الحفلات والأفراح داخل القرية والقري المجاورة ، وأصبح جهاز الحاسب يتنقل بينهما لإذاعة الحفلات والأغاني ( دي جي ) ... وبذلك لم يقف هذا الشابان عند عتبات الوظيفة التي تتناسب مع المؤهل الدراسي ، بل اتجها إلي مجال التكنولوجيا بعد أن أيقنا بأنه المجال الوحيد الآن الذي يمكن من خلال عدد محدود من الجنيهات أن يجدا به الفرصة الأكبر نحو تحقيق أحلامهم .. لذا في النهاية نتساءل ما هي المشروعات التي تتناسب مع طبيعة القرية المصرية ؟ وكيف يبدأ المشروع ؟ في النهاية ..... عدد المشروعات .. 1 – الألعاب الإلكترونية ولها صدي عند الطلبة والصغار ، وعليها إقبالا شديدا . 2 – مشروع لكتابة الرسائل والخطابات للطلبة والدارسين ومن ثم وطباعتها . 3 – مشروع صيانة الأجهزة ، وخاصة بعد الزيادة الملحوظة في عدد الأجهزة داخل المنازل والشركات في المدن القريبة . 4 – مشروع الأغاني ( دي جي ) في الحفلات والأفراح . 5 – التدريب ولجدية المجال بالنسبة للقرية فهناك إقبالا كبيرا من جهة السكان . عوامل النجاح ... 1 – عمل مسح ودراسة للقرية والقري المحيطة بها بالإضافة إلي المدن القريبة ، لتحديد أنماط الاستهلاك أو الاحتياجات . 2 – البعد عن تكرار أي مشروع مقام بالفعل ، إلا بعد التعرف علي مدي استيعاب السوق . 3 – رأس مال صغير . 4 – التدريب المتخصص أولا علي المجال المزمع القيام به . 5 – امتداد التعاون مع الشركات المتخصصة في المدن القريبة ، حتى يصبح هناك سوق جديدة موازي أمام المشروع . 6 - محاولة تعدد المشروعات في نفس المجال .