لو كانت لديك قصة .. أو تجربة نجاح تفيد الشباب .. لا تتردد وأرسلها محمد الببلاوي نموذج مشرف للشباب .. لديه قدرة وإصرار علي النجاح رغم انه شاب يعاني من إعاقة ذهنية استطاع أن يحفظ القرآن حفظا جيدا حصد به العديد من الجوائز. قصة قهر الببلاوي لإعاقته، ونجاحه في حفظ القرآن كاملاً بطريقة كبار القراء سطرت أولى فصولها قبل 33 عاماً ، إذ وُلد في أغسطس 1978 لأبٍ يعمل بالقوات الجوية المصرية وأم ربة منزل. بعد مولد محمد بشهرين أصيب بفيروسٍ في المخ أدى إلى ارتفاع درجة حرارته بشكلٍ ملحوظ، وشاءت أقدار الله أن يشخِّص الأطباء حالة محمد في البداية تشخيصاً خاطئاً، فتفاقم أثر الفيروس وتسبب في إتلاف الكثير من خلايا المخ، نتج عنه إصابته بإعاقةٍ ذهنيةٍ وبطءٍ في النمو العقلي، وتأخرٍ في الكلام حتى وصوله سن السادسة. تقول والدة محمد: عندما أيقنّا أنه مصاب بإعاقةٍ ذهنيةٍ، ويئسنا من التنقل به بين الأطباء ورضينا بقدر الله فينا، حاولنا أن نعلمه بعض الرياضة التي يفرِّغ فيها طاقاته الزائدة، فضلاً عن تعليمه مبادئ القراءة والكتابة، لكن ما كان يبهجنا حقاً ويدهشنا ذلك التعلق الشديد منه بالقرآن الكريم، ففي سنوات طفولته الأولى، ورغم عدم معرفته التحدث أو إدراكه لما يدور من حوله، صادف ذات مرة تشغيل الراديو على القرآن الكريم أثناء حالةٍ من الهياج لديه، وفوجئنا جميعاً أن محمدا يهدأ تماماً ويستكين أكثر بعد سماعه القرآن أو الأذان، ومن يومها أصبح كلما ثار أو غضب نُسمعه القرآن الكريم فيهدأ. وتضيف: "عندما وصل محمد إلى سن العاشرة حاول خاله أن يردد أمامه بعض السور الصغيرة من القرآن الكريم، ويطلب منه أن يكرر بعده، وكانت المفاجأة أن محمد استجاب وبدأ في تكرار ما يقوله خاله". بكاء من الفرح ويمسك والد محمد بطرف الحديث قائلاً: "لم أتمالك نفسي من البكاء عندما وجدته ذات مرةٍ يردد أمامي بعض السور القصيرة بصوتٍ جميل، ووجدتني أحضنه بشدة، وأقسمت ألا أدخر جهداً في سبيل أن يحفظ ما تيسر له من القرآن الكريم أكثر ما دام يستطيع ذلك. واتفقنا مع الشيخ محمد الجداوي على أن يُحفِّظ محمدا، وكانت فرحتنا كبيرة أيضاً عندما وافق على تولِّي هذه المهمة الإنسانية النبيلة". من جهته يقول الشيخ الجداوي: "قضيت سنواتٍ من حياتي في تحفيظ القرآن الكريم، إلا أنني لم أجد من بين العشرات، ممن أتمّوا على يدي الحفظ أحداً مثل محمد، بما يحمله من إصرارٍ وعزيمةٍ على الحفظ والمواظبة على التلاوة ترتيلاً وتجويداً. وعلمت من البداية أن حالة محمد الذهنية تجعله يحتاج إلى جهودٍ مضاعفة حتى يحفظ، إلا أنني وجدت فيه استعداداً فطرياً، فكنت أراجع معه ما سبق حفظه وأجده كأني أحفظته إيّاه الآن فقط، وشيئاً فشيئاً أتمّ حفظ القرآن الكريم كاملاً" بعد أن حفظ محمد القرآن كاملاً اتجه معه شيخه إلى حفظ الأحاديث النبوية وبعض الأشعار، فما كان من محمد إلا أن استجاب للحفظ حتى أصبح الآن يحفظ -وبإجادة وطلاقة في الإلقاء- الكثير من الأحاديث وبعض الشعر. وتتويجاً لنبوغ محمد في الحفظ، حصد العديد من الجوائز، أحدثها جائزة المركز الثاني في مسابقة أبو العينين السنوية، وتفوق فيها محمد على المئات من الحفظة الأسوياء. رحمة الله وتعود والدة محمد للحديث مرةً أخرى بالقول: "كنا نشعر منذ معرفتنا بإعاقة محمد أن رحمة الله بنا واسعة ولن يخذلنا أبداً، وأيقنا أن الجائزة الكبرى لحفظه القرآن ذلك الأثر النفسي الكبير الذي تركه على سلوكياته وشخصيته، إذ أكد لنا الأطباء أن من هم في مستوى إصابة محمد الذهنية دائماً ما يتسمون بالعنف والتهور الشديد في كل تصرفاتهم، وسلوكياتهم عدوانية، ويفقدون السيطرة على كثيرٍ من أمورهم الشخصية حسب رواية أم بي سي. "إلا أن محمدا –تتابع الأم- بحفظه اكتسب الكثير من المهارات اللغوية، وتعلم المبادئ الدينية، والرعاية الذاتية والانتباه والتركيز، واتسمت سلوكياته في معظمها بالهدوء والاتزان، حتى أن الكثيرين ممن يزوروننا لأول مرة ولا يعرفون محمداً يأخذون وقتاً طويلاً حتى يتأكدوا أنه معاق ذهنيا". مثل عبد الباسط وطيلة سنوات حفظه للقرآن، تعلق قلب محمد بحلمٍ كان يبوح به بتلقائيته الشديدة لكل من حوله، وهو زيارة بيت الله الحرام والأذان في المسجد الحرام. وبالفعل تحقق لمحمد الجزء الأول من حلمه حيث كانت جائزته لحفظه القرآن الكريم هي حجه العام الماضي. وعن أمالها لابنها تقول والدته: "أتمنى أن يصبح ابني من مشاهير القراء، مثل الشيخ عبد الباسط عبد الصمد والشيخ محمد محمود الطبلاوي، وأن يجد من يرعاه ليتحقق هذا". أما الأب فيقول: أتمنى أن يأتي اليوم الذي يأخذ فيه كل معاق ذهني حقه في اكتشاف مواهبه التي لا بد أنه يملك الكثير منها، والواقع يؤكد ذلك، ومحمد خير نموذج، وأتمنى أن نرتقي بمستوى التعليم في مدارس التربية الفكرية، وأن تكون على أعلى مستوى لتواكب التطور العالمي في تعليم هذه الفئات".