بقلم د. رفيق حاج نحن نكتفي بالنظر من زاوية واحدة لتقييم الناس والاحداث والمواقف والاعمال ونحكم عليهم دون ان نكلف انفسنا عناء النظر من زاوية أخرى. نحن نختار الاكتفاء بزاوية رؤيا واحدة من فرط حرصنا وخشيتنا ان يؤثّر ذلك على آرائنا ومواقفنا والتزاماتنا تجاه الاشخاص والاحداث, وايضا من عدم رغبتنا بانكشاف الحقائق حول من نحبّهم او نؤيدهم او عدم تحمّسنا لبذل أي مجهود جاد لتقصي الحقائق. عندما اصادف مصطلحاً يصعب علي تفسيره او فهم معناه الدقيق او عندما اود الاطّلاع على المصدر الاصلي للمصطلح فالتجئ غالباً الى موسوعة "ويكيبيديا" التي عادة "تعدّل رأسي" وتهبني الايمان المجدّد بنفسي وبمعلوماتي وتحميني من مغبة تصنيفي في فئة االمدّعين بالمعرفة. فتعريف زاوية الرؤيا حسب "ويكيبيديا" هي الزاوية أو الاتجاه الذي يرى فيه المصوّر الموضوعَ المُراد تصويره, كأن تكون الرؤية من أمام الموضوع مباشرة أو عن يمينه أو من يساره أو من أعلاه او أسفله, ويمكن أن نسميها في مجال التصوير بزاوية التصوير وهي الزاوية التي يقف فيها المصور بالنسبة إلى الموضوع المراد تصويره عند التقاط الصورة. الكل يدرك بأن زاوية الرؤيا الني نختارها تؤثّر على كيفية استيعابنا للشكل الي ننظر اليه ومن ثمّ على نوعية الصورة التي ننقلها للآخرين, وقد يقوم بعضٌ منا بالنظر الى شكلٍ معيّن من زاوية معينه فيراه مختلفا تماما عمّا يرونه آخرون الذين ينظرون اليه من زاوية أخرى. وهنا قد يدور جدال حامي الوطيس بيننا وبينهم هل الشيء الذي رايناه هو "أ" ام "ب"؟ واذا لم يقتنعوا برأينا فنسارع لنعتهم باللاموضوعية واتهامهم بالتحيّز والرؤية الخاطئة لللامور.على ما يبدو ان زاوية رؤيه واحده غير كافيه للتأكد من ماهية الشكل الذي ننظر اليه- هذا ما تؤكّده الهندسة الفراغيه, وهنا لا اريد ان أثقل على قرائي باحضار بيّنات واقتباسات من علم الهندسة وساكتفي بعرض مثال بسيط يؤكّد اهمية النظر الى شكل معين بأكثر من زاوية لفهم ماهيته وهو كالتالي- عندما ننظر الى جسم بشكل "مخروط" او "اسطوانه" من فوق فانا نرى في كلتا الحالتين "دائرة" ولا يمكن التمييز بينهما الا اذا نظرنا اليهما من الامام او الجانب. اذا نظرنا من الامام على "الاسطوانه" نراها "مستطيلاً" وعلى "المخروط" من الامام نراه "مثلثاً" وهما شكلان مختلفان تماما. للاسف, في حياتنا العادية نحن نكتفي بالنظر من زاوية واحدة لتقييم الناس والاحداث والمواقف والاعمال ونحكم عليهم دون ان نكلف انفسنا عناء النظر من زاوية أخرى. السؤال الذي يطرح نفسه, لماذا نكتفي بزاوية رؤيا واحدة لتقييم الامور؟ والاجابة على ذلك قد تأتي من اتجاهات عديده- أولاً, الحفاظ على مواقفنا وآرائنا من ان تتغيّر او تتأثّر من رؤية الامور من زاوية أخرى لأن ذلك قد يتطلّب منا مد يد المساعدة او التنازل عن مصادرنا او العمل من أجل الآخرين. ان الذهاب الى الاحياء الفقيرة قد يغيّر موقفنا تجاه الفقراء, وسماعنا لأخبار معاناة العدو قد يجعلنا نتفهّم اسباب عدائه. من السهل علينا ان نكتفي بنظرة تقييم واحده تجاه شخص كان من المفروض ان يهمنا أمره فننعته بالكسل والتقاعس عن كسب عيشه ونتهمه بالاتكال على غيره, لكن لو نظرنا الى الامور من زاوية اخرى لنجد انه ما هو الا ضحية اختيارات ابيه له وان سبب تقاعسه ليس اكثر من أزمة نفسية عابرة ألمّت به. ان رؤيته ك"كسول" وليس "ضحية" يُعفينا من مساعدته ولن يلومنا أحد على ذلك. ثانيا, الخوف من المواجهة والخشية من تجلّي الحقيقه التي قد تظهر للعيان عند النظر للامور من زاوية اخرى, فقد يتبين لنا ان مدرّسنا الذي كنا نحترمه ونبجّله يضرب زوجته امام اولاده, والزعيم السياسي الذي كنا نؤيده فاسد وأناني ولا يهمه غير مصلحته والشاب الوسيم الذين تعرّفنا عليه وخطّطنا للزواج منه ما هو الا شاب عابث ولا يعني ما يقوله. وهنالك "مفاجئات" من الطرف المعاكس التي قد تنبثق من النظر الى الامور من زاوية اخرى وهي ان الانسان الذي أخذنا منه موقفا معاديا وحاولنا الايقاع به ولم نتوانى عن "تصفيته" ما هو الا صديق مخلص الذي تحمّل عدوانيتنا بصبر وأناة وتجاهل اسائتنا له ريثما يأتي الوقت وننظر اليه من زاوية أخرى. هنالك من تدرك بأن زوجها يخونها لكنها تصمت على مضض لكي لا تهدم حياتها الاسريه وتفضّل ان تراه زوجا مخلصا ومحبا وهي غير معنية برؤية الامور من زاوية اخرى. ثالثا, عدم رغبتنا بالقيام بمجهود اضافي من أجل النظر لللامور من زاوية أخرى. قد يكون ذلك مكلفاً وقد يكون ذلك مضنيا وقد يكون ذلك مقرونا بمخاطرة معينة نحن في غنى عنها. هنالك حالات نقوم بها باختيار زاوية الرؤية بانفسنا ليظهر علينا شكل او منظر يروق لنا او يخدم مصالحنا. كل هاوٍ لمهنة التصوير يدرك بان التقاط الص