بقلم ليلى حجازي هذا التمرد بات ظاهرة تسود في العديد من الدول والمجتمعات خاصة العربية، وفى كل بيت وحي وقرية ومدينة ومؤسسة ولعلي هنا أركز على البيت بصفتها المؤسسة الأولى في المجتمع قبل غيرها، للأسف الشديد تجد كل بيت يشكو من تمرد أولاده ، فالأم تشكو من بناتها أنهن لا يحترمن كلامها وتجد الأب يقول نفس الشئ وان أبناءه سواء الصغار أو الكبار وتكبر الدائرة هذه لتصل إلى الأهل الذين يعانون من نفس المظهر السلبي المؤسف هذا .. لا أدري ماذا أقول نادرا ما أرى الأبن يسأل عن الام والأب أو أرى زوجته نفس الشئ وأبناءه رغم أنهم يعيشوا في بيت واحدوكل منهم يشعركأنه في فندق وليس في بيت العائلة وليس هنالك روابط أو حقوق وواجبات يفكر بها احد اتجاه الكبار وما عاد لنا القيمة التي طالما كنا نتغنى بها"، ويسترجع الحاج أبو محمود ذكرياته قائلا: "كنت عندما أرى أبي إن كنت قاعدا أقوم فورا واسلم عليه واقبل يداه وأظل صامتا مستمعا له ومنفذا لكلامه ومطيعا لكل أوامره وكنت سعيدا واسمع رضا والدي على في كل يوم ". ونشير في هذا المضمار انه قد يبدو لتمرد الأبناء والبنات على والديهم أسباب نفسية واجتماعية واقتصادية، والواقع السياسي المزري وغيره، وهنالك من يرى أن التربية هي الأساس والدين هو الأساس، والبعض يعزو ما يحدث من تمرد وخروج عن العادات والتقاليد ورفض أوامر الوالدين وتقاليد الأسرة أو حتى التمرد على المدرس والأستاذ الجامعي إلى هذا الانفتاح الكبير في ثورة المعلومات ووسائل الاتصال والفضائيات وهي التي غزت كل بيت وكل عقل وللأسف أنتجت مظاهر سلوكية غير طبيعية وغريبة وسلبية ومعيبة كان لها واقع فظيع على كل أركان المجتمع ومؤسساته. وقد تشكو الام من تمرد ابنتها الصغيرة ذات العشر سنوات أكثر من أخواتها الأكبر، فهو ملاحظ أكثر منهم، والظاهر ان الجيل الجديد غير قادر إن تحكمه، ومتمرد بفعل التلفزيون والفضائيات فهذه باتت هي التي تربي بسبب انشغال الأهل كما أن الرسوم المتحركة وكثرة قنواتها تشجع الأطفال على سلوكيات تهدم المفاهيم الاجتماعية الموجودة عندنا " " وبالنسبة لطلبة الجامعة من البنين والبنات يتغير نمط سلوكهم وأسلوبهم بحكم الجو الجامعي المغاير للبيت وبحكم الأصدقاء والصحبة اي (الشلة) " وعن مظاهر التمرد أقول " أصبحنا نرى كل يوم معاندة الأبناء والبنات لإبائهم وامهاتهم والقسوة عليهم وعلى باقي إفراد العائلة، وعلو الصوت والصراخ والضرب أحيانا، وإهمال الدراسة والاهتمام بالأمور الثانوية بل والتافهة أحيانا على حساب الأساسية " واختتم بقولى " الله يستر من ها الجيل "وقد يكون ايضا الدلع الزائد خاصة في فترة الطفولة التي تعتبر مرحلة اللبنة الأولى لبناء شخصية الإنسان إضافة لغياب الأب أو الأم أو الوالدين معا عن أبنائهم وبيتهم عاملا مساعدا وقويا في عدم السيطرة على هؤلاء الأبناء كما أن توفير وسائل الترفيه واللهو من جوال وكمبيوتر ونت والسماح بالتدخين والشيشة كلها انعكست سلبا وأدت إلى إحساس الأبناء والبنات ب (الأنا) وبالاستقلالية أكثر وأكثر والانفراد بآرائهم وزيادة تمردهم. :قد يكون هذا الجيل"مخيف، حقاً مخيف بمعنى الكلمة " كما أن لا تستبعد أن هنالك استعداد نفسي قوي ومعقد لدى هذا الجيل بل والتباهي بأنه خارج عن طوع الأهل وغير متوافق ومنسجم معهم متمرد ، وبأنه منحرف. هنالك حلقة مفقودة ولكن معالمها ظاهرة للعيان فمثلا ملاحظ جدا عند الأبناء والبنات في احساسهم( اللامبالاة – الأنا في معظم الأمور إن لم يكن كلها) وفي تفكيرهم ( السطحية – اللامسؤولية- اللامنطق – تصل إلى رفض الصح وعمله) وأما في قلوبهم ( القسوة – الجحود – أمراض شتي) وطبعا كل ذلك انعكس على مجمل سلوكهم وتصرفاتهم في كل مكان وأصبحنا نسمع كلمة (عادي وأنا حر، أعمل اللى بيريحني،أيه يعني أبي أو امي ) وغيرها .. تلك كلها معالم فوضى شاملة يقودها العقل والقلب والإحساس بداخل الأبناء والبنات .. حتى أوصلت إلى أن نشاهد نتائج جنونية من جرائم بشعة لا توصف وقتل وعنف ضد الآباء والأمهات من هؤلاء الأبناء والبنات... هذه نقطة من بحر من مشاهد وصور لتمرد الأبناء على آبائهم وأمهاتهم وهذه الأمور جميعها تستدعي ليس فقط من الوالدين والمدرسة بل جميع ذوي العلاقة للعمل على محاولة فهم وفهم هذا الجيل ومراقبة كل السلوكيات الناتجة عنه من خلال خلق جو متواصل من النقاش الطيب الودود والاجتماع مع الأبناء والبنات لو في الأسبوع مرة للاطلاع على كل ما يدور بعقول وقلوب هذا الجيل، كما ينبغي نشر التوعية السليمة المدروسة والعقلانية والمطلوبة وفي الوقت المناسب، ويستدعي ذلك أيضاً استمرارية بحث أواصر التعاون بين كافة الجهات ذات العلاقة مع الأسر فيما يتعلق بفهم خصائص الأطفال والشباب والشابات والعمل على تلبية متطلباتهم بقدر الإمكان والاستفادة من طاقاتهم في عمليات بناء المجتمع والتنمية، وصدقوني الجميع مطالب للعودة إلى الأصول والجذور بمفهومها الواسع في جوانب حياتنا كلها .... أؤكد وما زلت على ضرورة حماية هذا الجيل وبالسرعة الممكنة وبشتى الوسائل الصحيحة مع إدراك عميق لحجم المشكلة والمخاطر التي تحيط بالجميع فقد يكون الكثير المسموح به للأبناء والبنات مشكلة وقد يكون حرمانهم مشكلة وخير الأمور الوسط ... فالكل مسئول والكل سوف يحاسب.