القاهرة - (ا ف ب) يؤكد الشاب المعارض فريد سيد خلال تظاهرة امام المقر الرئيسي للاخوان المسلمين في القاهرة "للاسف الامور تحولت الي حرب شوارع.. كل ضربة ضدنا نردها بضربة اقوى ضدهم"، مشيرا بذلك الى تحول النزاع السياسي في مصر الي ثار شخصي يشعل حرب عصابات الشوارع في البلاد. وخلال الاشهر الخمسة الماضية، جرت صدامات عنيفة بين الاخوان المسلمين ومعارضي الرئيس محمد مرسي القادم من هذه الجماعة تارة، وبين هؤلاء المتظاهرين والشرطة تارة اخرى اسفرت عن سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى في مختلف مدن البلاد. واشتبك شباب الاخوان مع المعارضين بعنف شديد في كانون الاول/ديسمبر الماضي امام قصر الاتحادية الرئاسي في القاهرة ما ادى الى سقوط عشرة قتلى تضاربت التقارير بشأن انتماءاتهم السياسية. وتكررت المواجهات المستعرة على الارض حول مقار الاخوان في حوالى عشر محافظات واحرق خمسة منها بايدي متظاهرين غاضبين. وتتهم المعارضة الاخوان بالاعتماد على ميليشيا. لكن الجماعة ترد بتوجيه اتهام مماثل الى التيار الشعبي وحزب الدستور المعارضين وتحملهما مسؤولية احراق مقارها. وفي غياب الحل السياسي بين اطراف المعادلة السياسية من الاخوان الذين يشغلون منصب رئيس الجمهورية ويسيطرون على الجهاز التنفيذي للدولة من جهة، والمعارضة من جهة اخرى اصبح الشارع المصري ساحة لتصفية الحسابات السياسية بين الجميع. وتحول الخلاف السياسي الي خصومة حادة تحمل ثأرا شخصيا بين الاطراف كافة وخاصة الشباب صغار السن بعيدا عن قلب العملية السياسية المعقدة. وقال فريد (24 عاما) بمرارة لوكالة فرانس برس ان "الامر بدأ بالدفاع عن افكارنا السياسية والفكرية ثم فشل الاخوان في اسكاتنا فحاولوا قتلنا"، وتابع "هناك شعور بالثأر الشخصي يحرك الجميع". من جهته، قال طالب الحقوق عبد الله سليمان (18 عاما) بضيق بالغ"حتى اذا رحل الاخوان عن الحكم، سيظل صراعنا معهم قائما لانه اصبح صراعا شخصيا يحركه العناد". واضاف ان "الامور خرجت عن اطار السياسة تماما. الغضب اصبح شخصيا ضد الاخوان الذين ينكلون بنا". واكد سليمان الذي اصيب زملاء له بجروح بالغة قبل ايام على ايدي شباب الاخوان "اصبحت معركة شباب لا علاقة لها بالسياسة". والرأي نفسه عبر عنه احمد سعيد (17 عاما) المنتمي لجماعة الاخوان. وقال ان "القصة تحولت لمشاحنات شخصية رغم اننا جميعا اصدقاء في المقام الاول". واضاف الشاب الذي رفض طلبا بالنزول لحماية مقر جماعته خشية الاشتباك مع اصدقائه "هم (المعارضة) استفزازيون (...) يرفعون شعارات ويوجهون كلاما مهينا على المستوى الشخصي بعيدا عن السياسة". وتابع "انه امر يستفز الغضب فينا". ويصف معارضي الاخوان اعضاءها "بالخرفان" في اشارة منهم الي طاعتهم العمياء لجماعتهم، و لا يترددون في شتم قادة الجماعة اثناء الاحتجاجات. ويؤكد شبان من كل من الجانبين تعرضهم لمضايقات ومطاردات من الجانب الآخر، بينما تخلو التظاهرات والاحتجاجات حاليا من اي هتافات وبات يطغى عليها العنف والكر والفر ومواجهات الشوارع. وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي اسماء وصور لشباب مطلوبين للعدالة والقصاص من الطرفين. ما قد يتحول مع ازدياد العنف لقوائم سوداء للتخلص من النشطاء من الطرفين. الى ذلك وفي الاشهر الخمسة الماضية، قتل عدد من الناشطين البارزين في حوادث غامضة ومبهمة ابرزهم النشطاء جيكا ومحمد الجندي الذي يقول مقربون منه انه جرى تعذيبه في معسكر للشرطة. كما تم خطف اخرين وتعذيبهم بدون الكشف عن الجاني الحقيقي. وخلاف الثأر الشخصي مع الاخوان، تعكس الاعلام التي يرفعها المتظاهرون وتحمل صور قتلى احداث العنف استمرار مسألة الثأر بين المعارضين والشرطة بسبب زملاءهم القتلى. وهو ثار شخصي يتجدد باستمرار سقوط قتلى من الطرفين. ويشارك في الصدامات عشرات من معتادي الاجرام، ضد الشرطة في عمل انتقامي منها لا علاقة له بحسابات السياسة على الاطلاق. وقال احدهم لفرانس برس اثناء الاشتباكات مع الشرطة في مدينة بورسعيد وهو يمسك بزجاجة مولوتوف ان "الشرطة قتلت زملاء لنا ولابد ان تدفع الثمن غاليا". وهذا الامر يتكرر بشكل شبه يومي في مختلف التظاهرات وامام اقسام الشرطة حين ينخرط موتورون لتصفية حساباتهم مع الشرطة. وعلى مدرعة شرطة معطوبة في بورسعيد، علقت لائحة باسماء ضحايا ضباط الشرطة في احداث الثورة. وقال ضباط شرطة لفرانس برس ان زملاءهم لهم يقتلون ايضا ما يزيد شعورهم باغضب والاحباط. من جهته، يقول ياسر محرز المتحدث باسم الاخوان لفرانس برس ان "الثوار الحقيقيين اختفوا من المشهد الذي يتصدره الان مجموعة من البلطجية واصحاب الثأر مع الشرطة". ويضيف ان "الامور خرجت من نطاق السياسة الي شكل من اشكال الاحتقان الشعبي الشديد". لكن هبة ياسين وهي متحدثة اعلامية باسم التيار الشعبي احد مكونات جبهة الانقاذ الوطني المعارض قالت بغضب "العنف يمارسه الاخوان ضد المتظاهرين (...) ميليشيات الاخوان تستهدف النشطاء وتقتلهم". واضافت ان "اي عنف مقابل هو رد فعل لغياب دولة المؤسسات والقانون ما يجعل المقهورون ياخذون حقوقهم بايديهم". ورأى استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة احمد عبد ربه ان "الازمة سببها ان الحاكم والمحكوم يلجآن الى الشارع لتصفية خلافهم السياسي". وتقول الدكتور نهى بكر استاذة العلوم السياسية بالجامعة الامريكية ان "الازمة الحالية سببها الرئيسي هو عقيدة شيطنة الاخر وشيوع سفك الدم وعناد مؤسسات الدولة". وتضيف ان "استمرار حالة حرب الشوارع سيؤدي الي تحول مصر لدولة فاشلة تفقد فيها الدولة السيطرة على المواطنين بشكل نهائي".