بقلم : عزيز الحافظ بالضد من النظرة المجتمعية المنغلقة .. كاد الأب يطير فرحا بأجنحة تحليق فرناسية لما عرف مولدها الميمون فقساوة البيئة الحاقدة على مُنجبات البنات لم تكن لها أرضية في ذاته..ولإنها تختار للبنات في الغالب أسماءا تراثية مأثورة تيمنا بالأصل ،أختار الأب كسر حاجز التخوف المرسوم بخط إستواء الوهم..فسماها خارج المألوف التراثي...ورودا..لأنها في واقع ميسمها لم تكن إلا قبضة من باقة ورد فوّاح تجمعت بصيغة فتاة! وجه أقهدي بضّ وجبين لُجيني آخاذّ وعيون تتنورس فيها ومضات بارقة الشروق للبراءة سواطع.. ورموش تحلّق حولها نوارس بحر الجمالية الفريدة. كان وجه ورود مُصاغا ليحمل الناظر على تذوق الحزن كعنقود ألم متدلي ..تراها فتحس بمذاق السعادة وتفارقها لتحتضن كمدا غريب التكوين..تعكسه لك أنوارها ليقترب من ضفاف الرائي وليحمل مغادر لمحها،أشواق محطات الرحيل..نمتْ ورود وسط رياحين هي كانت شذاها وبهجة مونقة صاغتها حتى بنومها الطفولي وقفزت مع الزمن قفزات كنغرية...لتصل حافة السنتين دون ان تبلغ خط النهاية بسباق قفز الموانع الزمني الفتاكة..تربص بها المنون الغادر فقبض الموت على قبضة الورود ،ورود التي لم تُخلق إلا لرحيق ينضب لا محالة.. وهشم باقتها شرّ تهشيم.. قبيل زوال جمعة رمضانية..قائظيتها تبعث على تأفف مكتوم الهسيس..كان هناك للردى جرس يرّن من بعيد ..يقترب من مملكة الغفلة في أهلها غازيا..حاملا سيفه البارق الأعمى الحقود وورود تلهو في فناء الدار بلادرع حصين!! كان الموت يترصدها خلف المآقي وأقرب.. خلف جدران الجفون وأعمق..خلف الرياحين النواعس وأعبق..وللإن لم يعلم الاب هل اقتربت هي من الموت أم إن الردى باغت فروسية سينمائية حضورها وبهائها الطاغي؟وجمالها البهي وصفائها النقي.. رحلت ورود كنسمة تعلقت بأهداب الخيال.. ومن فورية الرحيل الطائف الطائر كان الموت الغادر لايرقص جذلا لمقدمها.. فلم تك مديته لتحز إلا رقاب المتشوقين لمطلعها الباهر البهي.. أين ندفن باقة الورد،ورودا؟ اختار لها المتشظي أبوها، أبعد جغرافية عن مقابر الأهل الذين أيقظهم من سباتهم مقدم غريمة الموت القنيص ورود! الأبعد في تلافيف المقابر والتجاعيد الصخرية الصامتة النحت والتي دمعت سكانّها على قدومها بيد من حملتها بين احشائها جنينا واليوم ومضة في عار الموت.. نامت هناك بينهم بلاصخب نسمع ولابسمة تمزق شغاف القلب..ليعود أبواها منكسرين الجناح صمتهم نياح ودموعهم نزف وشهقاتهم حشرجات قواتم كواتم..تعسا لقنص الردى.. فقد كانت ورود دمعة على خد الموت!