بقلم الكاتب و السينارست والمُعد المصري وائل مصباح المقال الثالث والعشرون اغتيال الثورة!! هل سياتى اليوم الذي نصيح فيه معا"ثورة اونطة هاتوا أولادنا..هاتوا أحلامنا"؟ نعم كنا أول ثورة تقوم بميعاد سابق وتعلن عن كل خطواتها قبل منها بأيام،أول ثورة اليكترونية كاملة،أول ثورة تنظف الشارع وتعيد تجميل ما تهدم بعد نجاحها،ولكن لم تكتمل بعد. بالفعل وكما يقول التاريخ نعيش كأي ثورة مرحلة فوضى ما بعد الثورة،فما بعد الثورة الفرنسية كان تلال من الجماجم،وما بعد الثورة البلشفية معارك طاحنة بين الجيش الأحمر وفلول جيش القياصرة الأبيض،وتكررت المجازر بل وامتد الخلاف إلى قيادات الثورة نفسها كخلاف لينين وتروتسكى الزى انتهى باغتيال الأخير في المكسيك،إلا انه حتى في فوضى ما بعد الثورة المصرية كان لنا طابع خاص لان ثورتنا قامت بلا ايدولوجيات أو قيادات أو توجهات!! يجب التحذير من تجاوز الحد الفاصل بين فوضى الثورة وان تنقلب الثورة إلى فوضى بعد أن أصبح الاختلاف في الرأي يفسد كل مظاهر الود والحب والوطنية خاصة بين كبار المسئولين وشباب الثورة،ولابد أن يعلم شبابنا الواعي أن مصادرة رأى الآخر هو جرم لا تسمح به أي دولة ديمقراطية حرة حتى وإن كانوا على خلاف مع من يشاركهم الرأي،وان يتحركوا من منطلق مبدأ رد الفعل وليس الفعل بذاته وهذا في حد ذاته نوع من ثورة للفوضى، وألا تطغى تفاصيل الحياة الخاصة لبعض فئات الشعب المصري على الخطوط العريضة والأهداف الأساسية التي قامت لأجلها ثورة يناير،فتسرق مكتسباتها التي لم تتبلور أبعادها بعد، وتسرق فرحتها التي لم تكتمل حتى الآن، وعلى هؤلاء الشباب ردم كل الحفر التي يحاول البعض حفرها في طريق الثورة لإسقاطها، مع تدشين حملات توعية سياسية واجتماعية وسلوكية للشارع المصري قد أصبح ضرورة ملحة الآن للعبور إلى الغد المرتقب،فخلق الثورة أسهل بكثير من حمايتها من الاغتيال!! صحيح أن «فوضى ما بعد الثورة» تنطوي على أنواع كثيرة من فوبيا المعضلات وفقدان الإحساس بالثقة والضمان بأن مجتمع ودولة ما بعد الثورة يسيران وفق الحلم والأمل،ولكن الأخطر حقا هو «فوضى الحرية» التي تنتشر فجأة وباتساع فيستخدمها البعض والذين لم يتعود من قبل عليها وبالتالي لا تناسبه وهنا تصبح الكارثة،فتعم البلطجة والتجاوزات وعفوا "قلة الأدب"،لن يغفر التاريخ لأحد شارك في جلب الفوضى أو لم يحاول نزع فتيلها،فيا حكماء الأمة أفيقوا واتحدوا على قلب رجل واحد قبل فوات الأوان!! وبما أن الشئ بالشئ يذكرن يجب أن نشير إلى مصطلح "الفوضى الخلاقة" الذي صنعه الصهيوني "برنارليفي"ومولته أمريكا وأطلقته للمرة الأولى وزيرة خارجيتها "كونداليزا رايس" في محاولة لإعادة تشكيل المنطقة العربية وبناء ما يسمى ب"الشرق الأوسط الكبير"، إلا أن المخطط ذهب أدراج الرياح بخروج إدارة الرئيس بوش من البيت الأبيض مع حاشيته من المحافظين الجدد،وبقى المصطلح في الأدراج السياسية رغم محاولة البعض تصوير الربيع العربي على أنه تطبيق حرفي لمشروع "الفوضى الخلاقة" الأمريكي القديم. من اجل ألا يحصد ثمار الثورة الجبناء،وحتى لا نبكى على اللبن المسكوب،وهو هذه المرة دم شهداء حلموا بالحرية،علينا أن نتيقن من انه لن تستطيع أي قوة في العالم أن تقف بوجه الطوفان أو أن تخمد فوهة بركان،لان كل هذه الظواهر هي ظواهر طبيعية ومن سنن الحياة فالمجتمعات والحضارات والدول تولد وتشب وتهرم وتموت ولا يمكن للميت أن يعود لدنيانا،فالقذافى مات وسبقه بشار الأسد،كلاهما دكتاتور وصل إلى الحكم في غفلة من التاريخ،وكان حتما أن ينقرض كالديناصورات التي فشلت في التأقلم،أحمق من يعتقد انه سينتصر على شعب خرج لينال حريته، الشعب ليس لديه ما يملكه ليخاف عليه أما الطاغية ابن الطاغية يخاف على قصوره وعقاراته وأمواله التي سلبها من الشعب خلال عشرات السنين،الله يمهل ولا يهمل،وعجلة الطبيعة والتاريخ ستدوس على رأس الطاغية لان قوة الله والطبيعة لا تقهر؟؟؟ إلى اللقاء في المقال الرابع والعشرون مع تحيات فيلسوف الثورة وائل مصباح عبد المحسن