لايصح ان يقلل احد من فقاء ثورة شباب مصر.. ولا يجب أن نغفل ان مصر باتت منذ سنوات علي شفا ثورة شعبية عارمة تقلب نظام حسني مبارك رأسا علي عقب.. لم يكن هذا سرا، ولكنها القراءة العمياء من النظام للواقع ومشورة ودهاقنة أركانه التي أوهمتهم ان الشعب يرقص فرحا بطلعتهم كل صباح وان الناس تعيش في رغد، وأننا نعيش في عصر الطهارة والديمقراطية والعدالة وكانت مصر تغلي صحافة واعلاما من تفشي النهب والتزوير وكرامة المصريين المستباحة من كل اجهزة الامن. ولم يفكر النظام في ان يستمع لمرة لكلمة الحق او يحقق ويدقق في صحة ماتنشره الصحف والبرامج التليفزيونية الخاصة. ولم يحاول النظام ان يعرف لماذا انتشرت بين المصريين النكات والاسقاطات التي يقدم له بها تقريرا كل يوم، وطالت الرئيس مبارك وابنائه واسرته من اهل النسب عن الاستيلاء علي المال العام واراضي الدولة التي أصبحت للخاصة من اهل النظام ورجال الاعمال الفاسدين، عشرات النكات بدأ الشعب المصري في تداولها منذ سنوات. وجميعنا لاينسي ترجمة الشعب المصري للفساد والنهب والاستيلاء علي اموال وممتلكات الدولة مع بداية نكتة »الرئيس مبارك طلب من وزير الاسكان تخصيص شقة لابنه علاء. قال له الوزير عندي شقة في العاشر من رمضان او اخري في مدينة 6 اكتوبر. رد مبارك.. خلاص خصص له الاثنين ويفتحهم علي بعض«. الثورة ضرورة حتمية توجها فخر المصريين ان شبابهم هو الذي فجرها ونفذها.. ولكن الا يقفز الي الاذهان أين الفوضي الخلاقة.. الدعوة التي تبنتها كونالديزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية السابقة منذ عام 5002 الا توجد اصابع امريكية خفية في كل الثورات الشعبية بالدول العربية. والا يكفي اعتراف رايس بذلك في صحيفة واشنطن بوست مؤخرا، »امريكا لاتتدخل بشكل مباشر في هذه الاحداث ولكنها الملهمة.. فكيف كان الالهام الامريكي ببث افكار الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان، ام وصل الامر الي التخطيط والدعم والمشاركة في التنفيذ. هذا ماهو متروك للتاريخ. الوزيرة الامريكية لم تبتكر مصطلح الفوضي الخلاقة، ذو الاصول الفكرية، ولكنها التي سعت الي تطبيقه في المجال السياسي والاستراتيجي بمنطقة الشرق الاوسط والذي تمثل ظواهرة الثورات الشعبية في صورة طبق الاصل من نظرية الفوضي الخلاقة. فعندما اطلقت رايس دعوتها هذه عام 5002، لم تطلقها علي عواهنها دون أن تعي هدفها وكيف يمكن تنفيذها. او تترك ذلك للصدفة او لانتفاضة شعب قد تأتي حالا او لاتأتي نهائيا.. ما لهذا تفكر مراكز البحوث الامريكية ودوائر صنع القرار، وما لهذا يخطط المسئولون ليكون التنفيذ بالصدقة.. اما عن الهدف فهو ماسوف يتوالي كشفه مع الايام. ولكنه ليس اولا.. ولا آخرا...، حرية الشعوب العربية ولاعيشها في رفاهية. ولكنها اولا واخيرا.. المصالح الامريكية..! وهو مشروع التغيير الكامل في الشرق الاوسط، الذي وضعه معهد بحوث »امريكا انتربرايز« عام 3002.. اهدم كل شيء.. ومن بين فوضي الدمار يخلق النظام والوضع الجديد..! [email protected]