بقلم خالد الشناوى هاهي الأيام تدور دورتها . ووسط ضجيج الساسة واضطرابات الساحة الفكرية وحرب الفضائيات هاهي الإنتخابات على وشك أن تلملم أوراقها وتقول صناديق الإنتخابات كلمتها الأولى والأخيرة . ولكن هل يا تُرى ستنهض مصرنا الغالية من كبوتها لتأخذ مكانتها وتعود إلى ريادتها كما كانت في سالف الزمان . الأمر بجد خطير ولابد من إتحاد في الكلمة وإتحاد في الرؤية للخروج من هذا المأزق الصعب . أضحى الإختيار صعباً للغاية القصوى وحالة من الغليان يشهدها الشارع المصري بعد النتيجة الغير متوقعة والغير مألوفة لدى المواطن المصري . لم يكن أحد يتوقع أن تأتي الإعادة بين قطبي دارا عليهما الكثير والكثير من الجدل في الحياة السياسية المصرية ( الإخوان المسلمين وأحمد شفيق ) . مازالت علامات الاستفهام تتوالي وتطرح نفسها على الساحة .. كيف صعد أحمد شفيق رئيس حكومة مبارك ؟ وكيف حصل على كل هذه الأصوات ؟ ولصالح مَن تم استبعاده تنفيذاً لقانون العزل السياسي ثم رجوعه بعد ساعات وبشدة ؟ فأحمد شفيق لكونه من رجالات مبارك ومن المحسوبين على النظام السابق بالكلية ناهيك عن مستندات الفساد المالي التي تلاحقه يوم أن كان وزيرا للطيران وتربعه على عرش سماء مصر وفضاها . لا سيما تصريحاته التي استفزت الشارع المصري بإعلانه أن المخلوع سيظل مثله الأعلى إلى أن يموت . هذا بجانب كونه كان رئيسا لحكومة المخلوع في غضون واقعة الجمل بميدان التحرير التي انتهكت فيها الآدمية المصرية وسالت فيها دماء الأبرياء . أما عن الإخوان المسلمين فهم الفصيل السياسي الأكثر جدلاً في الوسط السياسي والفكري داخل وخارج مصر . في الحقيقة لقد شهدت تلك الجماعة الكثير من التقلبات السياسية والمزاجية وتحديداً من لدن الثورة حتى وقتنا الحالي ومنها : 1 عدم مصداقيتهم أمام الشارع المصري في عدد المقاعد التي يريدون الحصول عليها في مجلس الشعب ثم اتضح انهم كانوا يبيتون النية لخلاف ذلك والحصول على نسبة الأغلبية وما قاربها . 2 إحتكارهم اللجان ذات الخطورة والمؤثرة في مجلس الشعب والتي تشكل صمام الأمان للمجلس عن بقية اللجان كلجان العلاقات الخارجية و التشريعية والأمن القومي وما إلى غير ذلك . 3 تخليهم عن شباب الثورة يوم مذبحة شارع محمد محمود أمام وزارة الداخلية وانشغالهم بعرسهم الإنتخابي عن دماء القتلى . 4 ضعف أداءهم في مجلسي الشعب والشورى على خلاف المتوقع وعدم اتخاذهم القرارات الحاسمة في وقتها المناسب . 5 محاولة سيطرتهم على تأسيسية الدستور بأغلبيتهم الساحقة تهميشاً لباقي الأوساط السياسية والفكرية . 6 إسناد الشعب إليهم مسئولية تضليل جموع الناس للموافقة على الإعلان الدستوري والذي ظهر مدى العوار الذي حواه . 7 تعهدهم بعدم الترشح لرئاسة الجمهورية هذه الدورة ثم نقضهم عهدهم الغير مبرر مما أغلق الطريق على أشخاص كان يفترض فيهم التوازن السياسي والوسطية والتوافقية . فلكل هذه الأسباب وغيرها الكثير أضحى الاختيار صعبا للغاية ويدور في دائرة ضيقة بين أحمد شفيق والإخوان المسلمون . وأقول : إذا كنا قد ذكرنا أخطاء ومساوئ الطرفين فإنما قصدنا تسليط بعض الأضواء على تلك القضية المعضلة وتحليلها رجاء الوصول الى حل جذري يساعد على الخروج الآمن من تلك المحنة لا سيما اننا جميعا اصبحنا في مركب واحد وأضحى العدو خلفنا والبحر أمامنا ولم يعد أمامنا خيار سوى الرضا بالواقع والاستكانة له والحفاظ على ثورتنا ومقدراتنا وذلك لن يكون إلا بالوقوف جنبا إلى جنب بجوار الدكتور محمد مرسي لأنه الواقع المحتوم وعلى كل حال فهو أخف وطأة من احمد شفيق . ولكن يجب على الدكتور محمد مرسي النزول من منصته المرتفعة إلى عقلية الشارع المصري واحتواء كل الأطياف السياسية وذلك بإبرام وثيقة إنقاذ وتعهد تنص على إختياره أربعة نواب له بعد نجاحه بشرط أن يكونوا من خارج مكتب الجماعة وأن يكون واحداً منهم على الأقل من شباب الثورة .. وكذلك الاتفاق والتعهد بعدم إسناد رئاسة الحكومة لأي من أفراد الجماعة .. وكذلك الحقائب الوزارية ذات الطابع السيادي . هذا إن أراد الإخوان لهذا البلد الأمن والأمان ...... وإلا سينطلق عوام الشعب فراراً منهم نحو النظام السابق ومن هنا ستكون الكارثة . لابد من ترك الخلافات وتنحيتها جانباً من أجل إنقاذ هذا الوطن لاسيما بعدما قالت صناديق الاقتراع كلمتها وأصبحنا جميعاً في قلب الملحمة الثورة خلفنا ومصرنا الغالية أمامنا . نعم : الموقف صعب والأجواء السياسية قد كساها الضباب .. فلا مجال للرؤية التامة للأحداث بعدما فوجئنا برسالة الصناديق القاسية .. وسواء كنا نتفق مع الإخوان المسلمين أم نختلف .. فلابد من إجماع أمرنا عليهم إن لم يكن حباً فيهم فلكونهم هم الخيار الذي لا بديل له سوى الرجوع إلى النظام البائد والرجوع إلى نقطة الصفر ومن هنا ستكون النهاية .