حاورها: نزار جاف أنثى ترفض خصوصية المعاناة والاستعباد لبني جنسها! تحاول النظر من زوايا أكثر شمولية وأوسع أبعادا، لا تعتبر العرق أو الدين أو الطائفة أو أي شيء آخر فوق الإعتبار الإنساني. تحاول الصراخ في عالم أصم، تحاول استنطاق عالم أخرس، تلوذ بفناءات الوجد وتستوحش أبجديات الحياة العادية وتسعى جاهدة كي تحفر شيئا ما في جيد الكون كأن يكون وشما أو أثرا وبقايا قبلة حارة فاختلطت ألوانه ما بين الوردي الفاتح والبنفسجي الداكن والأحمر المتقد جذوة، بيد أن مشكلة فاتن نور أنها لا تجد روضة ما في جيد الكون الطويل كي تزرع فيها قبلتها! فاتن نور التي تنادي وتصرخ وتحاجج وتحاول قلب الطاولة أو إعادة صياغة وكتابة المعادلات، لا تشعر بالملل من لهاثها المستمر وإن كان دون طائل، يخالها المرء سيزيفا بنكهة أنثوية حين لا تمل من حشر أنفاسها الحساسة "اللطيفة" في عوالم السياسة والحرب والسلام والإرهاب. عن قرب، بقرب المسافة ما بين الطلق والميلاد، التقيتها في حوار يعتقد كلانا أنه صريح وأمطرت المغرمة دوما بعشق المطر بصيب أسألة مختلفة، وعلى الرغم من تبايني معها في بعض من آرائها المطروحة في الأجوبة، لكنني وإيمانا مني بأن الاختلاف هو أساس الإنسان، ذلك أن الاختلاف يعطي للكون أريج وسحر التنوع، وجدت نكهة خاصة في تلك الإجابات تحديدا. * من تكون فاتن نور، وماذا تريد من الدنيا؟ - من أنا.. سؤال أكبر من أن يأخذ بفردية.. ياعزيزي.. أنا الفقيرة خرجت من أحلامي ملقاة على رصيف أنا الغربية بين الشروق والغروب، أسأل التاريخ من أنا بين أيامي وأفراحي وأحضان الحروب أنا.. اللقيط أسأل عن أبي.. حين أقول.. من نحن وماذا نريد؟ لا أريد أن أطيل.. لكني مضطرة لأن أكرر السؤال كي استقطب إجابة ما: من أنا بل من نحن؟.. اختصرت الإجابة مع نفسي وقلت: نحن عرب.. نحن أمة ممتدة بجذور ضاربة في عمق الزمن.. جاء صدى الإجابة في داخلي مرتابا لكارثية التصدع والشروخ التي أصابت جسد هذه الأمة والتي ما كان لها أن تستفحل بالشكل الملموس الحاضر فيما لو كانت أمة فعلا ولها برامجها الحاضرة والمستقبلية التي تعزز وجودها وصيرورتها واستمرارها كأمة.. إذن من نحن، من أنا، من أنت..؟ هل نحن مجموعة شتات؟.. أرجو أن لا يضيق صدرك بعدم نمطية الإجابة ودعني أستمر بتشوش فقد استذوقت السؤال .. هل نحن بطون وأفخاذ وامتدادات وفروع لقبائل عربية استقرت على هذه الأرض؟ هل نحن عرب حقا أم نحن أكراد - آشورييون - فينيقيون - آرامييون - حيثيوين أمازيغييون - كلدانييون أم كنعانيون أم آريون أم تركمان - أم أرمن أم فراعنة أم طوارق أم أفارقة أم الخ.... هل نحن بقايا هجرات وصراعات وحروب وفتوحات هل نحن بقايا مصاهرات وتهجين لقبائل ماهي هويتنا الدينية.. هل نحن.. مسلمون وحسب، أم سنة- شيعة- دروزيين- صابئة-إسماعلييون- علوييون.... إلخ هل نحن.. مسيحييون وحسب، أم كاثيوليك- موارنة- سريان- بروتستانت- أقباط-أرثودوكس... إلخ نحن تنوع هائل وجميل ساهم في كتابة التاريخ وبناء حضارة ولا يمكن إغفال إثنية من الإثنيات أو عقيدة من العقائد أو إغفال قيمة من قيم هذا الخليط البشري لأسباب سياسية سلطوية أو عقائدية.. فمن نحن، وهل ترهلنا باختزال تلك المسماة – نحن – إلى عرب؟ هل تصدعنا بسبب الاتكاء على عصا الاختزال أكثر مما ينبغي..لا أدري فأنا الفقيرة... أما الشق الثاني من السؤال (ماذا نريد من الدنيا أو ماذا أريد) فستكون إجابته واضحة قطعا بالنسبة لي على الأقل وعلى ضوء ما ورد وهي: أريد أن نكون "نحن" منها وفيها وإليها فقط..... وعذرا على الإطالة... * هناك أزمة إنسانية متفاقمة في مختلف المجالات، تربطها بعض الأقلام النسائية (وحتى الرجالية المتفهمة لمشاكل المرأة)، بإشكالية تابعية المرأة للرجل، أو بتعبير أدق لمبدأ سيادة الرجل، ماهو منظورك لهذه المسألة وهل حقا أن هناك ترابط بين الأمرين؟ - بلا شك هنالك أزمة إنسانية تمتد باتجاهات ومستويات متباينة وهي أعمق من أن تحصر بقضية واحدة.. أما قضية المرأة وتبعيتها للرجل فما هي إلا إحدى المسببات الطافية على السطح كنتيجة لمسببات وتداخلات وتعقيدات تاريخية - اجتماعية- سياسية أكبر، ولربما وحسب رأيي ممكن حصر أغلبها في سبل تفاعل الإنسان مع الحياة حيث كان ومازال اعتماده على مساحة اللاهوت الروحي في الأداء والقياس تاركا الباحة الأم والتي قوامها – إن جاز التعبير – اللاهوت العقلي بمساحته الإبداعية المتحركة بموازاة البعد الرابع – الزمن – والذي يحلو لي تسميته بالبعد الأول حيث لا قيمة لأي بعد آخر خارج الزمن – هذا اعتقادي – بمعنى أن الترابط أو الربط بين الأزمة العامة وقضية المرأة يبدو ممكنا وهو قائم كجزء من محصلة كبيرة لها جذور أكبر وعمق .. * ما هو مفهومك لحرية المرأة؟ وما مدى حدود المساواة التي تؤمنين بها مع الرجل؟ - يا سيدي اسمح لي أن أجيب سؤالك بسؤال: ما هو مفهومك لحرية الإنسان؟ وما مدى حدود حرية الرجل كي تحتذي المرأة بتلك الحدود ولا تخرج عنها؟.. للإيضاح فقط دعني أقول: الحرية حق مفتوح - أو يفترض هكذا - للإنسان بعيدا عن جنسه، وخصخصة نوافذ الحرية على أساس الجنس سيكون إسقاطا لروح ومفهوم الحرية علما أن الفوارق البيولوجية بين الجنسين ستفرض نفسها بطبيعية وانسيابية لتحقيق التجانس والتكامل البنيوي للمجتمع وبدون الحاجة إلى لائحة من قوانين التحجيم الاستباقية ضد حرية المرأة... الحرية لا تتجزأ جنسيا وإن تجزأت فهي ليست بحرية ولك أن تسمها ما شئت. * تدعي العديد من الأقلام المتباينة (نسوية ورجالية)، أن الرجل الشرقي مستعبد ولذلك فهو يحتاج إلى فك قيود استعباده، ولأجل ذلك فإنه – أي هذا الرجل المستعبد – ليس بإمكانه أن يمنح أية حقوق للمرأة وهو في هذه الحال! ماذا تقول السيدة فاتن نور في هذا الصدد؟ - يا عزيزي الفرد رجلا كان أو أمرأة لا يمتلك حقيبة الحقوق والواجبات كي يهب منها للطرف الآخر.. فالحقوق ليست بهبة إطلاقا يتفضل بها فرد لفرد أو مجموعة لمجموعة.. ولا هبة من سلطان لرعية.. الحقوق والوجبات بمعية مجتمع وكيان إنساني متمركز حول تاريخ وعرف وتقليد وعقيدة.. وهيكيلة البناء الاجتماعي بتلك القواسم وغيرها هي من يحدد سبل التعاطي مع تلك الحقيبة ومتى يجوز فتحها أو لا يجوز... بمعنى أن الخلل لا يقع على فرد لأن الفرد واقع في قبضة الكيان المعرفي العام تلك القبضة التي تحدد صيرورة مجتمع ما وتغرس المفاهيم الاجتماعية بعقول أفراده وبما يتناسب مع حجم تلك الحقيبة المحمولة ونوعها... وعلى سبيل المثال هل لك أن تقول لي ما ذنب الرجل المسكين الذي يرتضع من حليب امه ابتداءً ومن حليب المجتمع لاحقا يرتضع صورة الشرف كقيمة لا تبتعد أو ترتكز بين ساقي امرأة أو رجل كقاعدة ولا يجوز تحريكها من تلك القاعدة إلى رأس الإنسان بعقله وقلبه وضميره... كما ترتضع المرأة الحالة ذاتها بمجموعة قيم وعلوم مفادها أنها معففة مكرمة كما هي وأي تغيير محض انزلاق... كخلاصة فأنا أرى أن المكبل الأصل هو المجتمع بطريقة بنائه الراكدة المتعكزة على الدوجما-الثبوتية أو الحق المطلق-.. عدا ذلك فهو مجرد قيح الجمود وإفرازات حتمية مختلفة المستويات لمن يعيش في ظلال حقيبة اجتماعية فيها من البالي الكثير، رجلا كان أم امرأة. * تتميزين في طروحاتك السياسية والفكرية والاجتماعية بروح جرأة خاصة قد نفتقدها لدى العديد من الأقلام النسائية، من أين جاءت هذه الروح لفاتن نور؟ - ألا ترى معي بأننا محاصرون بالجرأة؟ سأعطيك أمثلة متفرقة: هنالك جرأة لتمزيق الثروات تحت الشمس، جرأة في سفك الدماء، جرأة في تحويل ما يسمى بالديمقراطية إلى محاصصة، "علما أن الديمقراطية لا تأتي سهوا ويسبقها إصلاح تنموي نهضوي وعلى كافة الأصعدة بما فيها الصعيد العقائدي" هناك الجرأة في نزع الهوية، جرأة في الفشل حيث التنفيذ بلا تفكير والتفكير بلا تنفيذ، الجرأة في التشريد والتجويع.. الجرأة في تهميش الإنسان الحاضر بفخر منطلِقين من مبدأ "لم يترك السلف للخلف أي شيء". الجرأة في تضخيم وتقديس عقل الغائب حد التأليه بأصولية دينية مقيتة أفرزت لنا شخصيات تكفيرية تلجيمية أمثال الغزالي وسيد قطب وغيرهم لزيادة أعداد الملجمين على الأرض، الجرأة في سرقة الإسلام وجعله مجموعة حرف دينية تحتكر النص للارتزاق والنفوذ والتملق للحاكم وتضليل المحكوم ووووو... ومن عاشر القوم صار منهم، مع اختلاف نوع الجرأة وطبيعة الخندق الذي تصب فيه.. إذا جاز القول بأن الجرأة في الأمثلة المذكورة هي بنكهة التصدع المرن وحسب رؤيتي .. لك أن تضفي النكهة التي تراها مناسبة في حق – الجرأة – التي نعتني بها وحسب رؤيتك... علما بأني خجولة وهذا ما يعرفه المقربون مني.. * المرأة بشكل عام – حتى الغربية – تعاني من العديد من المشاكل التي تحتاج إلى حلول جذرية، برأيك ما هي تلك المشاكل؟ - حسنا.. أرى أن الإجابة واقعة ضمن الإجابات السابقة ولكن دعني أضيف... قضية المرأة قضية قديمة ولكني أرجح تشعبها وتفرعها إلى زمن ظهور الملكية الخاصة واستغلال الإنسان للإنسان وظهور وسائل وقوى الإنتاج التي أدت إلى بزوغ علاقات إنسانية- اجتماعية- اقتصادية تتمحور حول الملكية والتملك ولأسباب يطول شرحها تمركزت أهمية المرأة على أنها وسيلة إنتاج يمتلكها الرجل لبناء مؤسسته الأسرية، وبطبيعة الحال فمن يمتلك وسيلة الإنتاج يمتلك حق القيادة (وهذه مشكلة).. كما يمتلك حق إغلاق تلك المؤسسة وتصفية وسيلة الإنتاج أو تطويرها بإدخال وسائل إنتاج حديثة، (هذه مشكلة).. ولا ننسى فإن هذه الصورة جاءت متناغمة مع مكنونات الموروث الديني مما ساعد في تأصيلها واستمرارها عالميا (وهذه مشكلة أيضا) – مع اختلاف المستويات نوعا وكما – هذا وقد ترتبت تداعيات كثيرة عن تلك الصورة المُستهلِكة للمرأة كوسيلة إنتاج بشري ليس إلا داخل هيكلية أسرية- عبودية ضمن هيكيلية أكبر اسمها مجمتع ففقدت المرأة حضورها الحقيقي الفاعل في المجتمع وبخست قدرتها على المساهمة فسقطت كل أسهمها في المشاركة الحياتية في باحة جدران ضيقة. أمام تلك الصورة المعقدة يبدو من الهراء التحدث عن حلول جذرية تخص قضية المرأة بمعزل عن القضية الأم وهي المجتمع ذاته.. إلا إذا كان المقصود إعادة قراءة الواقع والتاريخ والتراث من أجل قضية المرأة فهذه خطوة على طريق الحلول الجذرية.. وإذا كان المقصود إحياء نهضة فكرية لإعادة بناء سايكلوجيا الفرد وتأسيس العقل وإعداد الروح الناقدة فهذه خطوة مباركة على طول الدرب.. وإذا كان من الحلول إحداث ثورة فلسفية- تنويرية لصياغة البنية الاجتماعية بشكل صحيّ معافى قادرة على تحرير السياسة من رقبة اللاهوت – والمثال الأوربي كنموذج بفلاسفة التنوير أمثال كانط – فهذه قفزة تلمس جذور المشكلة. ومن هنا ترى أن رؤيتي لقضية المرأة ومشاكلها لا تخرج عن قضية مجتمع بأكمله بمشاكله وتصدعاته كما أن موضوعية الحلول الجذرية لقضيتها لا تخرج عن موضوعية الإصلاح الاجتماعي- السياسي وبأدوات المعاينة الجذرية.. ومن الهراء التحدث عن حداثة مسطحة تساير الحاضر ومستجداته وتتعامل بأدواته ولكن بعقلية الصحراء والبادية والقبيلة وهي بهذا حداثة استهلاكية - تبعية تلبس ثوب الحاضر بثقافة الماضي والتخلف.. * ماهو مفهومك للأدب النسوي؟ وهل من الضروري أن يكون هناك ثمة فصل بين القلم الآخر وقلم نون النسوة في هذا المجال؟ - عزيزي ما زلنا نعاني من ثقافة التكرار والفصل التي لا تخلو من الإيحاء اللغوي الذكوري بفصل الثقافة إلى ثقافتين إحداهما نسوية والثانية لا تردف بنعت معين يشير إلى الجنس الآخر فهو "ثقافة" فقط، وكأن المنتج الأدبي الذي يضعه الرجل هو "الأدب" بمفهومه العام.. أما ما تضعه المرأة من نتاج فهو الخاص الذي يميز بنعوت مثل نسوي أو أنثوي وفي هذا عزل – قد لا يكوم مرئيا للكثرة – لتفاعل المرأة مع واقعها حيث يوضع ما ينجم عن هذا التفاعل في سلة أخرى يتم قراءتها بشكل آخر وتقييمها بشكل آخر وما إلى ذلك. وأنا أرى بأن "الأدب" لا يأخذ شكله الإنساني العاكس للمحيط بصدق إلا إذا تصاهر في بوتقته كلا الجنسين بشكل تام يرتقي فوق أي نوع من أنواع الفصل حتى وإن كان لغويا... وعلى العموم أنا أرجح بأن التسمية موضوعة بحسن نية ولكنها لا تنفصم –شعوريا أو لا شعوريا – عن تلك الثقافة التي أشرت إليها في المقدمة.... * ما هي حدود الحياة الخاصة للمرأة؟ هل تتحدد بجدران منزلها العائلي وواقع اجتماعي مرسوم الحدود؟ هل يجب أن يكون لون الحياة الخاصة للمرأة بالألوان المحددة من "حضرة صاحب السعادة"؟! - يا سيدي.. حضرة صاحب السعادة ليس عدائيا وباعتقادي هو عاشق لحضرة صاحبة السعادة والعكس صحيح.. وأصحاب السعادة من كلا الجنسين رفاق درب طويل ونزلاء محطات تلونت قطاراتها واختلفت قاطوراتها وتفاوتت السرع.. إلا أن الخوف على المرأة والتخوف منها في نفس الوقت تلك الثنائية التي تستحوذ على عقلية الرجل –بفوارق ومستويات – هي من يقف وراء رسم تلك الحدود الضيقة الثقيلة، ظنا منه أن رفيق دربه من الجنس اللطيف سيكون بالحفظ والصون وبهذا تتحق غاية سعادته وارتياحه.. وتلك الثنائية – الخوف والتخوف – مكتسبة ووليدة ظروف وتعقيدات اجتماعية أشرت إليها في الأجوبة السابقة.. فوالله صاحب السعادة مظلوم لو نظرنا إلى الموضوع بعمق وتعقل.. * هناك مرحلة مراهقة متأخرة للرجل عانت وتعاني منها المرأة، ماذا عن المرأة؟ هل هناك مرحلة مراهقة متأخرة لها أم إنها ما أن تدخل بيت الزوجية تصبح "حكيمة زمانها"؟ - سؤالك محبب ولا يخلو من شقاوة، اسمح لي أن أجيبك بشكل ساخر ويقترب من الحقيقة وحسب رؤيتي... قد تستغرب إذا قلت لك بأن الإنسان بطبعه مراهق فهو المراهق الطفل- المراهق الشاب- المراهق الكهل... (هذا في عالمنا المرئي. أما في العالم الآخر فهناك روايات شتى لا مجال لذكرها ولكنها ترتبط بمراهقة الألم والفرح). ففي داخل كل إنسان رجلا كان أم امرأة ذلك الطفل الغريزي الفطري الممتنع عن التطور والراغب في التلون والتلوين والقابع في الذات الإنسانية تحت سياط التهذيب والخلق.. ومهما كانت جودة التهذيب وخشونة تلك السياط إلا أنه قد يتقافز في الداخل الإنساني تحت خمار ما يسمى بالمراهقة غير مكترث لعمر الإنسان الحاضن له ولا لظروفه الاجتماعية.. وبرأيي الشخصي تلك حالة صحية وإلى حد ما، قد تسبب بعض معاناة للطرف الذي تقافز طفله المشاغب، بينما قد لا تسبب أي معاناة للطرف الثاني فيما لو تعامل الطرف الأول مع الحالة بشكل مسؤول لا يتيح للطفل داخله بأداء قفزة طويلة نحو الخارج... ولا بأس من مداعبته من الداخل كي يستكين. * المرأة العراقية في ظل البعث وفي خضم الواقع السياسي الجديد الذي يشهده العراق، هل هي ذات المرأة أم أن هناك ثمة فرق؟ - هي ذات المرأة بلا شك ولا أرى ثمة فروق حيث أن السقف الزمني بين الواقعين غير كافٍ لولادة ثمة فروق سلبا أو إيجابا.. كما أن رياح الواقعين ما زالت بنفس الصفير الموحش. * ما هي قراءتك للواقع السياسي الفكري الاجتماعي بعد مرحلة البعث الاستبدادية؟ هل أن هذا الواقع المليء بالتناقضات أفضل أم واقع البعث المستقر على بحيرة الدماء العراقية؟ تحديدا كيف ترين المستقبل العراقي وهل هناك أمل؟ - بلا ريبة أقولها نعم أفضل... رغم الضبابية والهلامية والسوداوية بكل تداخلاتها التي تحيط بواقع اليوم فهو أفضل بلا منازع - تلك رؤيتي - حقيقة لا أرى مستقبلا واضح المعالم للعراق حيث تشعبت الرؤى وتداخلت المصالح وتزحلقت الولاءات تاركة مسرح الوطن والوطنية شبه عارٍ.. وفهمت الحرية على أنها تشرذم فبرزت تيارات وقيادات لا تحمل أجندة عمل ولا تمتلك برامج سياسية بأدوات التفعيل... وتغلغلت تيارات بأجندة المحاكاة واستهلاك الوجدان العام.. كما فهمت الحرية على أنها تهريج دعائي وإعلام بلا أقلام.. فصعد الهابط بعرق الانبطاح للمصلحة الفردية وهبط المترفع بخشية الإفلاس الوطني وحوصر العوام بكل هذا وذاك كما حوصرت الساحة العراقية من الداخل والخارج.. والمستقبل يا سيدي ما زال هناك بانتظار المخاض الحقيقي لمسرح عراقيّ أكثر حسما ونظافة وأعمق حسا بالانتماء للأرض المثقلة بالمواجع والشعب المقهور المنتظر أبدا. * كيف تقيم السيدة نور التجربة السياسية في كوردستان العراق؟ - بين الحاضر والماضي مرت التجربة السياسية في كردستان بتطورات وتحولات لا تخلو من تداعيات سلبية.. وكانت قد حققت إنجازات شكلية على الرقعة الجغرافية العراقية خلال الحقبة الدكتاتورية الصدامية كما أنها حققت إنجازات عملية في محيط الرقعة الكردستانية.. أود هنا أن أشير إلى نقطة مهمة مؤمنة بها شدما إيمان وهي أن القومية العمياء غير مقتدرة على إنجاز إصلاح اجتماعي - سياسي ومصيرها الفشل ولو على المدى البعيد.. وقد عانت تلك التجربة وواجهت تيارات شوفينية في الداخل والخارج العراقي تحمل هذا النمط من العماء القومي بإيحاءات القومية السائدة.. الواقع الكردستاني خليط من إثنيات وقوميات ويستوجب قراءته بموازاة قراءة عموم الواقع وعدم تأجيل تلك القراءة بذريعة متطلبات المرحلة وأولوياتها كي لا تتحول الضحية إلى جلاد بسياط القومية السائدة الذي عانت منه القومية الكردية.. أما مستقبل تلك التجربة فلا أراه منفصلا عن مستقبل التجربة السياسية العراقية، ومستقبل الأخيرة ومدى نجاحها يتمركز حول ثلاث محاور أساسية وحسب رؤيتي المتواضعة. أولا.. وجود دستور صارم ومتكامل ونافذ على عموم الساحة العراقية بطولها وعرضها. ثانيا.. حكومة مركزية رصينة ورشيدة بكل المقاييس. ثالثا.. وجود قضاء عراقي