الواقع - سحر عمرو للقراءة أهمية بالغة في بناء شخصية الطفل ؛ فهي تساعده على تصريف طاقاته بما يحقق له العديد من الفوائد التي تحدث تغييراً مرغوباً في سلوكه وفي طرائق تفكيره ؛ ومن أبرز هذه الفوائد أنها : تزيد معارفه وتوسع مداركه ، وتولد لديه حب الاستطلاع ، وتنمي قدرته على التخيل والإبداع ، كما أنها تنمي قدرته على مهارات التحليل والتركيب وإبداء الرأي ، إضافة إلى أنها توسع قاموسه اللغوي ، وتفتح أمامه أبواب الثقافة تزوده بالقيم الاجتماعية التي تهذب سلوكه ، وتؤهله للعيش الآمن المطمئن . غير أنَّ هناك العديد من العوامل التي تصرف الأطفال عن فعل القراءة أذكر منها : كثرة القنوات الفضائية التي تتبارى في تقديم برامج الصور المتحركة التي تسحر أعين الأطفال ، وتشدهم إليها بإغراءات تصعب مقاومتها . ورغم أن لبعض هذه البرامج فوائد لغوية ؛ حيث إنها تزود الأطفال بعبارات فصيحة ، إلا أنها تصرفهم عن القراءة بقوة فتحرمهم من فوائدها ومتعتها . إضافة إلى أن كثيراً من برامج الأطفال سطحية تهتم بالربح المادي أكثر من اهتمامها بتوجيه الأطفال نحو الثقافة النافعة والتفكير العلمي الجاد . ارتفاع أسعار الكتب بحيث لا يقوى على شرائها كثير من الناس ، وهكذا يُحرم الأطفال من اقتنائها . وكان يمكن استغناء الفقراء عن شراء الكتب لو توفرت مكتبات عامة للأطفال ، غير أنَّ هذه المكتبات نادرة يقتصر وجودها على المدن الكبيرة ، وبعض هذه المكتبات تفتقر إلى وجود الكتب الملائمة لأعمار الأطفال العقلية . إضافة إلى عدم ملاءمة بعض الكتب لقدرات الطفل الاستيعابية من حيث معاني الألفاظ أو الحروف التي كتبت بها فلا تشجعه على مواصلة القراءة . اهتمام بعض الناشرين المشتغلين بتجارة الكتب بالمظهر دون أن يتعدى اهتمامهم إلى الجوهر ، مما يعمل على عدم تقبل الأطفال للكتاب . ضعف توجه الأسرة للقراءة بسبب الجهل بأهميتها ، أو لسبب انشغال الأب والأم في العمل لساعات طويلة ، فلا يصلحا أن يكونا قدوة لطفلها في صحبة الكتاب . أو بسبب عدم وجود مكان ملائم في البيت يشجع الطفل على القراءة . ضعف إعداد المعلم ؛ بحيث لا يقوى على إثارة قابلية الطفل للتعلم ، وعلى تعزيز التقدم الذي يحرزه بالوسائل المعنوية والمادية ، إضافة إلى اعتماد بعض المعلمين على أسلوب التلقين الممل الذي يصرف الطفل عن متابعة القراءة . قلة الدراسات العربية الجادة حول حاجات الطفل وميوله وخصائص نموه ، والتي يمكن أن يستعين بها المؤلفون في تأليف الكتاب الموجه للطفل ، والاعتماد المباشر على الدراسات الأجنبية ، كذلك فإن قلة النقاد المتخصصين في تقييم الكتب الموجهة للأطفال ، تجعل الكتاب يظل عاجزاً عن جذب انتباه واهتمام الطفل . ونظراً لأهمية القراءة فإنه يتعين على الأسرة وعلى المدرسة أن تتعاونا على تعزيز توجه الأطفال إلى القراءة ، ومن أبرز العوامل التي تؤدي إلى ذلك : أن يدور محتوى الكتاب حول موضوعات تهم الطفل ومألوفة لديه . تشجيع الطفل على تكوين مكتبة تضم الكتب التي تستهويه . توفير مكان مناسب لممارسة القراءة بحيث يتسم بالهدوء والتهوية الجيدة . أن تكون كلمات الكتاب والصور التوضيحية ملائمة للعمر العقلي للطفل ، ولخصائص نموه . تقديم الكتب هدية للطفل في المناسبات المختلفة . الاستفادة من هوايات الأطفال وميولهم ، وتوفير المجلات التي تهتم بهذه الهوايات والميول . تنظيم مسابقات في المطالعة أثناء العطلات . اصطحاب الطفل إلى المكتبات العامة وإلى معارض الكتب وإعطائه الفرصة المناسبة للتعرف على الكتاب وشرائه . تنظيم جلسات قرائية يشارك فيها جميع أفراد الأسرة . عدم إجبار الطفل على القراءة إن لم يكن مؤهلاً لذلك . فإذا تكاتفت هذه العوامل وتهيأت الظروف التي تساعد الطفل على ممارسة عادة القراءة فإنه سيصبح من هواة القراءة وبالتالي من القرّاء المميزين فلا تفوته منافعها المتعددة .