تسكُنُ في جروحِ البلادِ يبحرُ الشّوقُ إليها مع المراكبِ يعاتبُ زرقةَ البحرِ تَضربُ الريحُ الشّراعَ بقوَّةٍ هنا غزةَ هكذا قالتْ و الرّيحُ في هزيعِ ليلِها تأتيها بلا إذنٍ ولا تصريحْ تواجهُ بإرادةٍ كلَّ الصّعابْ يُقبلُ المركبُ إلى شطآنِها فيرتطمُ بزجاجٍ مبعثرٍ إِنهارَ منْ شظايا و أحجارٍ يبحثُ عن زجاجٍ جديدْ فينتظرُ إلى ما بَعْدَ العيدْ و العيدُ يمرُّ كالشِّهابْ و هناكَ مرَّ المميزونَ في وهجِ التَّاريخْ الشافعيُّ و هاشمُ و ياسرُ ارْتَعدّتْ الأرضُ عندَ رحيلهمْ تساوتْ أشرعةُ المراكبْ تبحثُ عنْ جديدِ الراكبْ و تمتزجُ الدِّماءُ في حلًّةٍ تغطِّي القيعانَ و كلَّ المساربْ و هناكَ غزّةُ ما زالتْ تنتظرُ القادمَ و المزاحمَ تعبقُ بنفحاتِ الأرحامْ و بارتساماتٍ على الأفقِ لمركبٍ يعبرُ العِبابْ و هناكَ الأبجديّةُ تبدأُ بالجِّيمِ جنونٌ... جوعٌ ... جرحٌ غائرٌ و هناكَ ليَ صاحبٌ ينتظرُ رُسُوَّ القاربِ المحمَّلِ القادمِ بزجاجٍ هاربْ و مع كلِّ فجرٍ قادمٍ منْ كلِّ المطالعِ تسكنُ عيونٍ ترنو إلى سيفٍ زيَّنهُ محاربْ و هناكَ لمْ يعدْ البحرُ جميلا و لا الشطآنُ مقيلا و لا الهواءُ نسيماً عليلا و جسدها باتَ نحيلاً هزيلا و الأنفاقُ رحلةٌ إلى السرابْ و الرحيلُ في سفْرِ بلادي يمتطي الأملَ الكليمَ يطوي الزّمانْ... يختصرُ المكانْ و غزةُ تملأُ سماءَها الغِرْبانْ و يختلفُ على حُكمها إثنانْ فصارَ الوطنُ فِرْعَانْ فباتَتْ تُعاتبُ الخرابْ أنا لمْ أراها إلاّ في الصّورِ المتتاليه و في قلوبِ منْ أُحبهمْ هناكْ و ترغمُني قسوةُ الأيَّامْ على الإنغماسِ في الرُّوحِ الحائرَه و على التَّعمُّقِ في مأساةِ الذَّاكرَه و على التَّحديقِ بالطُّيورِ المسافرَه في لحظاتٍ لمْ و لنْ تكونَ عابرَه و في صورةِ طفلٍ محتارٍ مرتابْ و هناكَ انكفاءُ الظِّلِّ في سجايا اللَّهيبْ و اعتقالِ الحنينِ و الهيامْ في زنازينٍ هرمةٍ ضاقَتْ بها الأيَّامْ و هناكَ دماءٌ في قلوبٍ تنتظرُ القريبَ ليزرعَ الأملَ في الألبابْ