.... البحر لايعبأ بارتطام الموج بصخر الحواجز ..يوقن ان انسياب الموج للشط هو اللحن الذي يزيل أوجاعه .لا يدري ما الذي أتي به الي هنا ....وحيدا يجلس علي صخر السلسلة العتيق .. التهب ظهره من حرارة الشمس.... صوب عينيه قلعه قايتباي .يلحظ هدوءا للموج وتراخي اللطمات علي كتل الخرسانة الملقاة علي جوانب الشط .يتهادى الريم الأخضر العالق بها متراقصا مع الأمواج..يتمعن في صياد عجوز يحمل الجربنديه القماش حول كتفه شاهرا عود السنا ره عاليا يدقق معه وهو يطعم السن المعقوف دود البحر الملون .تتمرجح اسماك البياض ..تتراقص وهي تخرج غاضبه من الماء يدنو منها بيده وينزعها برفق من سن السنا ره .يلتفت ا ليه فرحا بصيده .يبتسم له ويعيد نظره إلي حوض الماء الواسع أمامه... تموج به الذكريات ترشده إلي يديها وهي تمتد حالمة إليه يتطابق وضع أصابعها مع كف يده.. ينظر إليها يجدها .. بعطرها الفواح وتموج شعرها ..ينسدل غارقا علي وجهها يبدو بياض خديها من تحت الشعر هدوءا وحبا وعشقا .. كانا يجلسا طوال اليوم ولا يملا... كلما مر الوقت تخرج من حقيبتها طعاما او زجاجه ماء او قطعه شيكولاته .تقترب بيدها من فمه لتطعمه لم يلتفتا مره الي الخلف. من المارة او السيارات المسرعة بل ان أصوات أبواق السيارات تتلاشي من صوت الموج فهو الوحيد الذي يسيطر علي المشهد.. يوما جاء مبكرا سبقها للمكان كانت تعد حقيبة يدها وأكياس الطعام نزلت خلفه .بدقائق. ظلت ترقبه وهي تعبر الطريق إليه خلفها مسجد القائد إبراهيم وعلي مرمي بصرها .تمثال ام المصريين عبرت الطريق تتفادى الباصات المسرعة إلي سيدي جابر او القادمة من جوار مسجد ابو العباس لم تلتفت لشي إلا إلي قميصه الرمادي الذي يمتلأ بالهواء من نسيم البحر وضعت يدها برفق علي ظهره التفت إليها ببهجة . يرمقها مليا كمن يراها أول مره .جلست بجواره تميل علي جسده بكتفها.. تداعب شعره الناعم ممتنة به ظلت تهمس له .. ..مازال صوتها يرن بأذنه.... بحبك ...بحبك ....ضحك عاليا فالتفت إليه العجوز وهو يفقد سمكته الثالثة .....غيرها جاي ...همس محدثا نفسه لن يعوضني عنها أي شيء....استدار رافعا قدمه لأعلي هبط بها علي الأرض... تحسس مكانه الخلفي منظفا بنطاله الأسود عبر الطريق إلي محطة الرمل دخل الترام صعد للدور الثاني جلس وحيا يرقب عينيها وهي تودعه .اخرج منديله ليمسح عبرات ساخنة هبطت إلي شفته ..