خاض حزب «النور» الذراع السياسية للدعوة السلفية الانتخابات البرلمانية المنتهية بما يقرب من 200 مرشح على النظام الفردى وقائمتين بشمال وجنوب القاهرة ووسط الدلتا وأخرى بغرب الدلتا ،ليتحصل على 12 مقعداً فقط بنسبة لم تتجاوز 2٪، جاءت منافية تماماً للنسبة التى حققها فى انتخابات 2012 التى تخطت 24%. إخفاق «النور» وتراجعه للخلف بهذه الصورة ، عرضه لهجمة من الانتقادات قد تؤثر سلباً على مستقبله السياسى خلال الفترة القادمة، فى الوقت الذى فسرت قياداته خسارة الانتخابات بأنه نتيجة التشويه المتعمد من قبل شركائهم فى العمل السياسي خلال فترة الدعاية الانتخابية. جاء ذلك وسط تحذيرات سياسيين للقوى المدنية، بالابتعاد عن الخلافات والتراشق إعلامياً سواء داخل أوخارج جلسات مجلس النواب المزمع عقدها نهاية العام الجارى،لكونها تصب فى صالح تيار الاسلام السياسى المتمثل فى «النور» وتقوى من موقفه وتضعف الجبهة المدنية المعارضة لتدخل الدين فى العمل السياسي. ووصف السياسيون، تراجع «النور» بأنه جاء نتيجة لوعى الشعب المصرى وتحالف الاحزاب المدنية والقوى السياسية فى قائمة وطنية نجحت فى الحصول على المقاعد المخصصة للقوائم الأربع على مستوى الجمهورية، مؤكدين أن «النور» سوف يسعى للمناورة لكسب ثقة الشعب معتمداً على اخطاء منافسيه. من جهته أكد الدكتور يسرى العزباوى رئيس منتدى الدراسات السياسية بالأهرام، أن النتائج التى حصل عليها حزب النور فى الانتخابات البرلمانية جاءت مرضية بالنسبة للحزب فى ظل الهجمة التى تعرض لها خلال الفترة الماضية، مضيفاً أن الحزب يركز الآن على التواجد فى الشارع السياسى بشكل أو بآخر من خلال الانتخابات المحلية وأوضح «العزباوى» أن «النور» حصل على ما يقرب من مليون و800 ألف صوت فى انتخابات مجلس النواب وهذه نسبة ليست بالقليلة وقد تعطيه دفعة الى الأمام فى الاستمرار والعمل على تحقيق ما يسعى اليه خلال الفترة المقبلة. واعتبر «العزباوى»، أن حصول النور على 11 مقعداً فى البرلمان يجعل بعض الأحزاب التى رفضت التحالف معه خلال فترة الانتخابات الى قبول التنسيق معه تحت قبة البرلمان لتمرير بعض التشريعات التى قد تخدم رؤيتها المستقبلية. وحول مستقبل الحزب خلال الفترة القادمة، قال مدير منتدى الأهرام للدراسات السياسية، إن الدولة المصرية ترى فى وجود حزب النور كممثل عن الاسلام السياسي المعتدل أمر يخدمها فى ظل التحديات القائمة. وقال الدكتور أحمد دراج القيادى بتحالف 25/30: إن مستقبل حزب النور والإسلام السياسى بشكل عام خلال الفترة القادمة متوقف على فشل أو نجاح الاحزاب المدنية فى تحقيق مطالب الشعب، خصوصاً بعد بدء جلسات مجلس النواب، لافتاً الى انه بعد ثورة 1952، وحظر الأحزاب السياسية، استحضر المشهد السياسيى تيار الإسلام السياسى من جديد الذى استطاع ان يصل الى السلطة فى 2011. وقال «دراج»، إن الماضى لا يعيد نفسه بكل تفاصيله ولكن قد تطرأ بعض الامور التى من شأنها أن تغير الواقع وأبرزها حالة الشعب، قائلاً: إن إخفاق «النور» ليس بالكاد اختفاؤه من الحياة السياسية بشكل نهائى. وأضاف ان من يهدد بقاء حزب «النور» هو فقط استمرار العمليات الإرهابية، الأمر الذى قد يدفع مؤيدى النور الى النفير بعيداً عنه وعدم مساندته خشية بطش الأجهزة الأمنية أو حتى المواطنين فى الشارع الذين يعتبرون أن النور والإخوان وجهان لعملة واحدة حتى وإن ثبت عكس ذلك. وأشار إلى أن الفترة القادمة تتطلب مزيدا من الجهد والتكاتف بين القوى المدنية لتحقيق مفهوم العدالة الاجتماعية بشكلها الواسع لكسب ثقة الشعب الذى قد يلجأ الى التيار الإسلامى لتحقيق مطالبه التى عجز عنها غيره. واعتبرت الدكتور كريمة الحفناوى أمين الحزب الاشتراكى المصرى، خسارة النور فى الانتخابات الحالية ليست مؤثرة بالشكل الكبير على مستقبل الحزب مثلما يتصور البعض، وطالبت مجلس النواب فى أول جلسة له بتفعيل المادة 74 من الدستور التى تنادى بعدم تأسيس أحزاب ذات مرجعية دينية لضمان عدم بقاء النور وغيره من الأحزاب الدينية فى العمل السياسي فى مصر. وأشادت «الحفناوى»، بالشعب المصرى الذى تعلم الدرس جيداً من تجربة الإخوان وعدم انتخاب أعضاء حزب «النور» الذى حصل على 12 مقعداً بنسبة لم يتجاوز 2% من مقاعد مجلس النواب الحالى، مستنكرة أن يطلق على «النور» حزبل سياسيا مؤكدة أنه حزب دينى وهذا سبب سقوطه لأنهم يفعلون عكس ما يقولون على حسب قولها. الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية، أوضح أن التيار السلفي المتمثل فى حزب «النور» لن يختفي من الساحة السياسية رغم عدم فوزه في الانتخابات البرلمانية، وتوقع فهمى، أن يسعى «النور» الى تحسين أدائه خلال الفترة القادمة استعدادا للانتخابات المحلية.