تمر سنوات طويلة من حياة المدمن منذ أول مرة تعاطي فيها المخدرات وتدريجياً تتحول متعة تعاطي المخدرات إلى أزمة فكارثة ويحدث الزلزال ويندفع المدمن ضد الأسرة والمجتمع رافضاً العلاج وقد يتحول الضحية إلى مجرم، حيث لم يجد داعماً يساعده ويتفهم مشاكله ويعمل علي حلها قبل أن يتحول المتعاطي إلى مدمن وقد يتحول الأمر إلى تواطؤ بين الأسرة والمدمن عندما تعجز عن منعه من الاستمرار في الإدمان فتساعده علي التعاطي بإعطائه المال الكافي بدلاً من تحوله للسرقة وسرعة إنقاذه من القضايا إذا ارتكب جرائم حتي لا تفضح الأسرة أمام الآخرين وعندما يطفح بها الكيل تندفع ضد المدمن وتزج به للعلاج في مراكز تعلم عنها أنها مجرد مكان لقهره وتدمير دفاعاته وسط تكدس من المرضي المدمنين في أماكن غير آدمية بدون فريق كامل من الأطباء النفسيين المتخصصين والإخصائيين النفسيين والاجتماعيين والمعالجين المساعدين. وتطالعنا الصحف كل يوم عن ضبط وإغلاق وزارة الصحة لعشرات المراكز غير القانونية التي لم تحصل علي موافقة الإشهار ولا يوجد بها المقومات القانونية للعلاج. ويقول الدكتور أحمد جمال ماضى أبو العزايم، استشارى الطب النفسى وعلاج الإدمان ورئيس الاتحاد العربى للوقاية من الإدمان: عندما تقدم الأسر التي تدخل أبناءها إلى هذه المراكز غير المسجلة وغير المراقبة من وزارة الصحة ومن المجلس القومي للإدمان ولا يدقق في قدرة وكفاءة الفريق العلاجي، فإنهم يعرضون أبناءهم إلى كارثة حيث إن هناك مضاعفات خطيرة تحدث أثناء فترات الإدمان قد لا تلاحظ تحت وطأة الجرعات العالية للمخدرات مثل جلطات القلب والتهاب صمامات القلب وبؤر صديدية بالعضلات وبالرئة وجلطات بالأوردة ونوبات صرعية مستترة وقد تظهر جلية في إدمان الترامادول والاترامال كما قد يحدث مشكلات في المفاصل قد تسبب آلاماً شديدة في فترة العلاج الأولي أثناء الانسحاب من الإدمان ما لم تعالج تسبب اللجوء المبكر للمخدرات بعد العلاج للقضاء علي الآلام. كما يحدث تدهور عقلي (ذهان عقلي) واضطرابات في التفكير والمشاعر (اكتئاب ومرح) والتنبه والذاكرة وتدهور إحصائي في القدرات المنطقية تسبب الفشل في علاج الإدمان ما لم تكتشف قبل العلاج وتوضع لها خطة للعلاج. ويضيف الدكتور أحمد أبوالعزايم ما لم يكن فريق العلاج علي أعلي درجات الحرفية فإن ذلك يشكل خطورة علي حياة المدمن في الأيام الأولي للعلاج وعلي نجاح برنامج العلاج حيث إن هذه المراكز غير المرخصة لا يتم فيه اتباع المنهج العلمي السليم ولا تقييم شامل لحياة المريض منذ ولادته وتقييم حدة الإدمان وتقييم العلاقات الأسرية وانعكاسها علي المدمن سلباً أو إيجاباً ووضع خطة تفصيلية لكل مشكلة من مشاكل حياة المدمن وليس فقط الإدمان مما قد يؤدي إلى استخدام علاجات غير مناسبة تؤذي المريض وتؤدي إلى مضاعفات خطيرة وقد لا تساعد المدمن فيندفع ويواجه بعنف أعظم فتهدر حقوقه وتفقد العملية العلاجية إنسانيتها وتجعل المدمن كارها لها وهنا تفقد الأسرة الهدف من دخول المدمن للعلاج حيث يندفع المدمن للهروب أو ينتظر الخروج للعودة أول يوم بعد العلاج للإدمان كيداً في الأسرة وتخسر الأسرة قدرتها علي التأثير الإيجابي وتزداد كراهية المدمن للأسرة كما تخسر الأسرة كل ما أنفقته من أموال. ويؤكد الدكتور أحمد أبوالعزايم أن اندفاع الأسرة ضد المدمن قد يكون استمرارا لحالة طويلة من العنف منذ الطفولة وهذه الحالة لها آثار ومضاعفات وخيمة علي ابنائها. فمرحلة الطفولة من المراحل الهامة التي يمر بها الفرد في حياته، وما يتلقاه الفرد خلالها من رعاية وأسلوب تنشئة يؤثر على بقية مراحل حياته التالية وعلى رؤيته لذاته ورؤيته للعالم وعلي قدرته علي الاستماع للآخرين لتغيير ما قد يرتكبه من اخطاء فإساءة معاملة الأسرة لأحد ابنائها سواء كانت جسمية أو عاطفية أو جنسية أو إهمال عاطفي أو بدني من الخبرات السلبية التي تترك آثار لاحقة بعيدة الأثر، فإساءة معاملة الطفل تخلف ندابات مستترة قد تعبر عن نفسها في صور سلوكية متعددة مثل عدم الإحساس بالأمان وانخفاض تقدير الفرد لذاته والسلوك التدميري والمضاد للمجتمع والسلوك الانسحابي وفقدان المهارات اللازمة للنمو والإدمان.. وما أن تصل مضاعفات الإدمان إلى منعطف شديد الخطورة علي الأسرة فإن الأسرة قد تندفع إلى أسلوب العنف وإدخاله إلى مراكز سيئة السمعة لتأديبه وهو استمرار لمسلسل انتهاك حقوقه والعنف ضده. لذلك ينصح الدكتور أحمد أبو العزايم الأسرة أن تقرأ جيداً عن هذه المشكلة وتأخذ الطريق الصحيح وتغير من نفسها وتصلح علاقتها بأبنائها وقد تبدأ الأسرة برنامجاً للعلاج ثم يفشل وقد تفقد الأسرة والمدمن ثقتهم فى إمكانية الشفاء. لكنك رغم ذلك لا يجب علي الأسرة أن تستسلم. ولأن الإدمان مرض مزمن فإن النقاهة تعد عاملاً أساسياً فى عملية الشفاء ولهذا نقول إن مرض الإدمان يمكن علاجة بصورة فعالة فى أى مرحلة تقريباً من مراحل تقدمة وسط فريق علاج له خبرة علي قدر عال من التخصص بسمات إنسانية وخلقية وتدين متفهم لأساليب التحفيز وبرامج التعافي والمتابعة الطويلة حتي يعود الابن المريض إلى أحضان أسرته ومجتمعه في محبة ورحمة يجب أن تسود كل مناحي حياتنا.