البعض يستخدم العنف مع المدمن وهو ما طالعتنا به الأحداث الأخيرة من جريمة نكراء ارتكبها للأسف مدعو العلاج حيث وجدت مراكز طبية غير مرخصة لعلاج الإدمان ونتج عنها وفاة مريض داخلها جراء التعذيب وهذا يجافي أوامر الله والتعذيب والعنف جريمة مزدوجة فالمدمن في ازمة ويعامل بقسوة مما جعل هذا الشاب ينتحر هربا من التعذيب رحمه الله فقد كان في طريقة للصلاح والعلاج ويقول الدكتور أحمد جمال ماضى أبو العزايم، استشارى الطب النفسى وعلاج الادمان: إن أي خطة علاج ناجحة وأمينة يجب أن تنظر الي كل أركان مشكلة الإدمان الطبية وتاريخ التعاطي وأنواعه ومدد تعاطي كل مخدر وتاريخه السابق طفولته ومراهقته وشبابه وحياته الزوجية والعلمية والعملية وكل ما يخص الأسرة والمشاكل الجنائية والاضطرابات العقلية والنفسية والعصبية التي قد تكون أصابته وعمق ارتباطه بالدين. كل ذلك يتم قبل أخذ قرار العلاج حيث من بين الاحتمالات المختلفة إمكانية علاجه بالعيادة الخارجية لعلاج أعراض الانسحاب أم دخوله فترة قصيرة بالمستشفي أو برنامج تعافٍ طويل. ويضيف الدكتور أحمد أبو العزايم: تمر سنوات طويلة منذ أول تجربة لتعاطي المخدرات وتدريجيا تتحول متعة تعاطي المخدرات إلي أزمة فكارثة ويحدث الزلزال ويندفع المدمن ضد الأسرة والمجتمع رافضا العلاج ويتحول الضحية الي مجرم حيث لم يجد داعما يساعده ويتفهم مشاكله ويعمل علي حلها قبل أن يتحول المتعاطي الي مدمن وقد يتحول الأمر الي تواطؤ بين الاسرة والمدمن عندما تعجز عن منعه من الاستمرار في الادمان فتساعده علي التعاطي باعطائه المال الكافي بدلا من تحوله للسرقة وسرعة إنقاذه من القضايا اذا ارتكب جرائم حتي لا تفضح الأسرة أمام الآخرين. إن المقابلة الأولي مع المريض يجب أن تكون تحفيزية وهناك أساليب مختلفة حيث المدمن عادة ما يكون منكرا لوجود مشكلة ويهدف التدخل الي تحويله لإدراك المشكلة ثم الاستعداد لبداية التغيير ثم عملية التغيير ثم الثبات بعد الانقطاع عن التعاطي والادمان. ان الأسرة يجب أيضا ان يتم توعيتها قبل دخول المستشفى عن مراحل التغيير المطلوب من الأسرة وأن العلاج هو جهد انساني ومعرفي يتطلب الرحمة والاخلاص والحماس والتصميم وليس للإهانة والتعذيب أو العقاب مكان لذلك يجب أن تتحلي الأسرة بهذه الصفات فالعلاج الدوائي والكبسولات المزروعة، وغيرها ليست إلا وسائل لتحقيق التغيير وأن من يبدأ طريق العلاج هو خير الخطائين فقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون). ويشير الدكتور أحمد أبو العزايم قائلا: يمر المدمن بعلاجات طبية نفسية عديدة لمساعدته علي التخلص من أعراض الانسحاب ولاستقراره بعيدا عن العنف ثم تبدأ مراحل التعافي بتعرف المدمن علي مرضه وآثار هذا المرض ومشكلة الإنكار حيث يتم مناقشته في أهمية الاعتراف وأنه يجب ان يستيقظ من غفوته للخروج من القاع وأن يدرك حجم الجنوح ويجرد أخلاقياته ويناقش في ميله الخفي للانتحار بتعاطي المخدرات لشعوره العجز والاضطراب وتوضيح الفخاخ النفسية المحيطة به وأهمية التسليم لبرنامج العلاج ودعمه روحانيا ودينيا لعودة المبادئ الروحية وغرس الإيمان والأمل. ويستمر البرنامج لمناقشة اضطراب العقل واضطراب الحياة الذين هدداه وأهمية أن يعرف أن هناك مثلاً أعلي (رسول الله صلي الله عليه وسلم) ثم تأتي المرحلة التي يبدا فيها التهيؤ الاستعداد للتغيير وعودة الإرادة الي طريقها الصحيح والتعرف علي مقومات التعافي وأهمها التخلص من الكبرياء الزائف وغرس التواضع بالاعتراف بالأخطاء وأن يتفهم أهمية أن يكون نفسه وأن ينفصل عن جماعة وحياة وسلوك الإدمان والتخلص من الأنانية المشاركة مع الآخرين إيجابا فيما ينفع وتعلم الصبر والتحكم في الغضب والشفقة علي الذات وعودة الاهتمام بقيمة الذات والتخلص من الاستياء وتعلم التسامح والتخلص من الجحود خاصة لأسرته والتسامح معهم وأن يكون أمينا مع نفسه ومعهم والامتنان لمن ساعدوه. إن ذلك قد يأخذ عدة شهور يكون فيها في الفترة الأولي بدون خروج من المستشفي ثم يخرج في رفقة معالج ساعات لزيارة الأسرة ثم يخرج وحده يوماً ثم يومين ثم ثلاثة أيام ثالث شهر ثم 3 أيام ويكون له وزملاؤه أيام يخرجون سويا للترفيه والعشاء معا لدعم تكون مفهوم المجموعة الممتعة بعيداً عن مجموعة المخدرات ويتخرج من التعافي ليتكرر زيارته للمستشفي شهرين يومين بليلة مع مروره بعلاج معرفي وسلوكي للتحكم في الغضب وتنمية مهارات اتخاذ القرار وإدارة الوقت وعلاج أسري وعلاج بالفن والرسم وجلسات للنقاش قبل الإجازات وجلسات للنقاش بعد الاجازات للتعرف علي أحواله والضغوط التي حدثت وكيفية تعامله معها ومناقشة أفضل الأساليب للتعامل معها مستقبلا ومهارات الاسترخاء والبرامج الرياضية لبناء قدرات المنافسة مع الآخرين وبرنامج علاج ديني وغيره من العلاجات التأملية وبرامج لمنع الانتكاس للعلاج الخارجي. إن علاج الإدمان يتطلب وجود فريق علاج مدرب متدين مخلص علي أعلي مستوي من الاطلاع والثقافة وعلي الأسرة حسن اختيار المركز الذي يحقق هذه الأهداف تجنبا لتعرض أبنائهم لعنف غير مبرر أو إهمال والالتزام بتعليمات الفريق العلاجي للوصول بالمدمن الي تغيير حقيقي يباركه الله سبحانه وتعالي.