المصريون والكويتيون يرتبطون بعلاقات قوية ومتينة منذ سنوات وعقود طويلة ولا يمكن لأي حادث فردي هنا أو هناك أن يؤثر على قوة ومتانة تلك العلاقات التي تشهد نمواً راسخاً منذ عقود وتزداد رسوخاً وقوة مع كل أزمة تمر في أي من البلدين.. وما يؤسف له أنه بعد الحادث الذي راح ضحيته الشاب المصري أحمد فرغلي، تسابق تجار الفتنة وضعاف النفوس من التيارات المعروفة لاستغلال تلك الحادثة في محاولة التصيد في الماء العكر وضرب العلاقة بين البلدين بكل الوسائل، متناسين عمق العلاقات التي يرتبط بها الشعبان المصري والكويتي.. وقد استطلعت «الوفد» آراء عدد من بعض الشخصيات والرموز الكويتية الرسمية والشعبية حول تلك الحملة المغرضة التي تحاول اختلاق الأزمات وضرب العلاقة بين البلدين في محاولة يائسة لإفسادها. جذور وفي تصريح خاص ل «الوفد» أكد خالد سليمان الجار الله، نائب وزير الخارجية الكويتية، أن العلاقة بين البلدين أكبر بكثير جداً من أن نتحدث عنها لأنها علاقات تاريخية وضاربة جذورها في الأعماق وفيها كل المعاني الإنسانية من حب ووفاء ودم ومصاهرة وصداقة حميمة وهي أكبر بكثير من أن ينال منها أي مغرض أو فعل شائن أو تصريحات غير مسئولة بعيدة عن العقل والمنطق.. وأن ما تشهده وسائل التواصل الاجتماعي من تأجيج واستفزاز لمشاعر الجانبين وألفاظ بذيئة ليست له أي علاقة بالعقل والمنطق.. مؤكداً أن ما يحدث سيزيد من صلابة ومتانة تلك العلاقة. وأضاف الجار الله في تصريحه ل «الوفد» أن المواطن المصري في الكويت شريك أساسي لأخيه الكويتي في كل مراحل الحياة ومجالاتها، مؤكداً أنه بالنسبة للكويتيين المدرس والمهندس والطبيب والصحفي والموظف والعامل، مؤكداً أن العطاء المصري والمشاركة في كافة مجالات الحياة في الكويت مستمر منذ سنوات طويلة، مشيراً إلى أن الأمر كذلك بالنسبة للكويت تجاه مصر فقد اختلط الدم المصري مع الدم الكويتي مع الدم المصري على أرض سيناء في حرب أكتوبر، كما اختلط الدم المصري مع الكويتي على أرض الكويت في حرب تحرير الكويتي. وأكد الجار الله أن مواقف الكويت الاقتصادية تجاه مصر تفرضها هذه العلاقة الراسخة والمتينة.. وقال نائب وزير الخارجية الكويتي: ليسمع العالم كله أن العلاقات الكويتية المصرية لا يمكن أن ينال منها حاقد أو مغرض، وأكد أن كل تلك المحاولات اليائسة تريد «تبويظ» و«تخريب» العلاقة لتحقيق أهداف دنيئة وأجندات خاصة بهم.. ودعا إلى ضرورة الحذر من هؤلاء وعدم إتاحة الفرصة لهم لتحقيق أهدافهم. واختتم الجارالله حديثه بالقول إن الكويت دولة مؤسسات ودولة قانون ولابد للمخطئ من أن ينال جزاءه مهما كانت جنسيته أو هويته والقانون في الكويت لا يفرق بين وافد ومواطن والكل سواسية تحت راية القانون. صنوان لا يفترقان من جانبه أكد الدكتور عبدالله سهر، مدير عام مكتب الإنماء الاجتماعي الكويتي، أن الكويت ومصر صنوان لا يفترقان.. وقال: إن مصر أم الدنيا.. هي تلك العبارة الجميلة التي دنت إلى مسامعنا منذ الصغر وتربينا عليها في الكويت، لذلك فإن حب بل عشق مصر وأهلها هو رحيق العلاقات السياسية بين البلدين. وأشار إلى أنه كمواطن كويتي وجد مصر في المدرسة، حينما تتلمذ على أيادي الأساتذة المصريين، وقال: وجدت مصر كذلك في جامعة الكويت، حينما تعلمت من علمائها، ووجدت مصر أيضاً الوظيفة حينما زاملت موظفيها ومستشاريها، ووجدت مصر في الثقافة العربية والإسلامية الصاعدة من منابر الأزهر الشريف، وهو ذات الحال في الفنون الجميلة، فأنا لا أزال أعشق وحش الشاشة فريد شوقي وسيدة الشاشة العربية فاتن الحمامة وفتى النيل شكرى سرحان رحمهم الله وغيرهم من عمالقة الفن العربي.. أنا ابن الكويت وكل تلك الألوان المصرية في حشاشتي وذاكرتي لا يمكن أن يمحوها حادث مؤسف ذهب ضحيته بريء ولكنه دون شك شكل جرحاً عميقاً سأداويه بماء النيل، سوف تستمر مصر أم الدنيا وأمنا جميعاً والأم دائماً هي الحضن الدافئ الذي يجمع الأبناء مهما كانوا شتاتاً. امتزاج وقال الإعلامي الكويتي قيس الشطي: إن الجريمة البشعة التي ارتكبها مواطن كويتي وراح ضحيتها إنسان مصري وافد جاء للعيش الكريم هي بلا شك جريمة مأساوية بكل معنى الكلمة ونحمد الله أن الجهات الأمنية قامت بالقبض على المجرم وشركائه بسرعة قياسية وتوجيه تهم القتل العمد إليهم تمهيداً لتحويلهم إلى القضاء ليأخذوا جزاءهم العادل، ومن المؤسف أن هناك من قام بإطلاق الأحكام دون معرفة التفاصيل، خصوصاً أن هناك تحريضاً حصل بين الطرفين وبما يخالف القانون وتهديد النظام العام أدى إلى هذه الجريمة المأساوية، وعلى الرغم من ذلك فإن هذه الجريمة لا تعكس واقع العلاقات الكويتية - المصرية من جهة وبين الكويتيين والجالية المصرية التي تعيش في الكويت، وجاءت لكسب الرزق الكريم التي يملؤها الحب والتقدير والاحترام المتبادل وهي اليوم جزء لا يتجزأ من تركيبة الحياة اليومية في الكويت، وما لا يدركه الكثيرون أن الامتزاج الكويتي المصري على أرض الكويت له أبعاد تاريخية بعيدة نتج عنه علاقات اجتماعية ومصاهرات ونسب. ومفهوم الاغتراب في كثير من نواحيه لا ينطبق تماماً على الجالية المصرية لأنها تذهب إلى أبعد من ذلك بكثير، والمفهوم الأقرب إلى الواقع أن المصري يذهب من بلده إلى بلده كمن يذهب من منطقة إلى أخرى داخل البلد الواحد، وأن كثيراً من المواطنين يخرجون من بيت أهلهم في الكويت إلى بيت أهلهم في مصر، صحيح أن هناك قوانين مختلفة من الواجب اتباعها تتعلق بتنظيم أوضاع الجاليات من حيث العلاقة مع جهات العمل وحقوق وواجبات تلك العمالة كحال أي بلد، إلا أن الإحساس غير ذلك لأن المصريين هنا «أبناء بلد» ووطني الكويت يظل بلداً وارف الظلال وواحة أمن وأمان لكل من يعيش على أرضه، ومضيافاً لكل الجاليات التي جاءت إلى كسب الرزق والعيش الكريم وعلى رأسها المصرية، وبناء على ما سبق فإن الجريمة المروعة هي سلوك فردي لا يمثل إلا من ارتكبها ومن الخطأ الجسيم التعميم على بلد وشعب بأكمله من خلال انفعالات مبالغ فيها لا تعكس الواقع إطلاقا.. فهناك ما يفوق الخمسمائة ألف مصري يعيشون بيننا ومنطق التعميم لا محل له هنا إطلاقاً لأن العلاقات التاريخية بين البلدين وبين الكويتيين والمصريين على المستوى الشخصي لا يمكن نسيانها بسبب حادثة أو جريمة ترتكب ولا تعبر عن ذلك الامتداد التاريخي للعلاقات. تضامن وقال بدر الرفاعي، أمين عام المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الأسبق: إن الحوادث الناتجة عن الغضب غير المنضبط، مع الاحتقان والنفخ في النار كلها جعلتنا أمام هذا الوضع الذي صرنا نناقش فيه بديهيات «كالعلاقات بين الدول وبين الأشقاء»، وقال: إنه مع هذا الوضع يأتي دور القيادات الواعية «المسئولين ورجال الأمن والإعلاميين والمثقفين والمفكرين وغيرهم» في تهدئة النفوس وليس النفخ في نار الفتنة. وأضاف الرفاعي: من المؤسف ما نسمعه من دعوات الانتقام والتحريض والتحشيد والتشكيك في القضاء الكويتي قبل أن يصدر هذا القضاء كلمته التي هي عنوان العدالة.. وقال: ليس هناك فائز واحد في هذه المأساة، فالجميع خاسرون، فإذا كانت شرارة ما حدث كلمة مستفزة، وغضباً لم يسيطر عليه.. أنا ومعي الكثيرون بالكويت لن نرضى أن يتعرض أي إنسان لأي أذى أكان لفظياً أو جسدياً أو أن يضار في رزقه.