"كل الطرق تؤدي إلى روما"... هكذا أصبح موقف حزب النور من الانتخابات البرلمانية، بعد إعلانه اليوم أنه يدرس الانسحاب من المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية، لاسيما أن الإعلان جاء تزامنًا مع إعلان المؤشرات الأولية لنتيجة الانتخابات البرلمانية، التي أكدت تراجع نسب تصويت للحزب في معاقله، فأصبحت كل الشواهد تؤكد أن الهزيمة هي نهاية المطاف للنور سواء بالانسحاب من المشهد أو البقاء وتلقي الهزيمة. وأعلن الحزب، صباح اليوم الثلاثاء، أنه يبحث الانسحاب من العملية الانتخابية بشكل كامل، رغم وصول 26 مرشحًا له إلى جولة الإعادة، وقال يونس مخيون رئيس حزب النور، في بيان له، أن الحزب سيعقد اجتماع يوم الخميس المقبل؛ لبحث موقف الحزب من عملية الانتخابات البرلمانية. وأوضح، أنه سيتم تقييم سير العملية الانتخابية خلال المرحلة الأولى، وما تم فيها من تجاوزات، والنظر في اتخاذ موقف الحزب حيال العملية الانتخابية، مشيرًا إلى أن المناخ العام الذي يحيط بالعملية الانتخابية، لا يوجد فيه حيادية أو نزاهة. وحاولت بوابة "الوفد" التواصل مع أحد قيادات حزب النور للتأكد من مدى صحة القرار، منهم الدكتور نادر بكار مساعد رئيس حزب النور، ألا أنه رفض التعليق على الأمر، وفي المقابل أكد خبراء الشأن السياسي أن النور في مفترق طريقه الذي سيؤدي به في النهاية إلى الهزيمة. مختار غباشي، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، رأى أن حزب النور كان يراهن على أصوات التيار الإسلامي خلال الانتخابات البرلمانية، والمساندين له وقواعده الخاصة في المحافظات مثل الإسكندرية والبحيرة، ولكنه تفاجىء بتراجع مؤشراته الأولية، لذلك يدرس الأن قرار الانسحاب من المشهد الانتخابي. وأوضح، أن التيارات الإسلامية انقسمت قبيل الانتخابات إلى جهتين، الأولى تراهن على فوز حزب النور، وأنه سيكون الحصان الأسود في الانتخابات، وعراب للتيار الأسلامي بفصائله وإيدلوجيته المتنوعة. وتابع، والجهة الثانية امتنعت عن التصويت للحزب؛ لأنها تراه خائنًا للتيارات الإسلامية، بسبب تأيده لشرعية النظام والرئيس السيسي، فضلًا عن حضوره اجتماع 3 يوليو، الذي قال البعض عنه أنه انقلاب من النور على التيار الإسلامي. وأضاف، أن المشهد الحالي جاء في صف الجهة الثانية؛ لأن حزب النور لم يستطع أن يحقق شيء ولن تتعدى مقاعده في البرلمان 10 مقاعد، مشيرًا إلى أن بحث الانسحاب جاء بسبب تأكيد النور أنه لن يستطيع تحقيق أغراضه سواء داخل البرلمان أو خارجه. وأشار، إلى أن انسحابه من المشهد جاء لحفظ ماء الوجه، لأنه خسر المعادلة، لافتًا إلى أن انسحابه هو الأفضل الأن؛ لأن هناك رغبة شديدة من معظم القوى لخروج النور من المشهد السياسي برمته، ولا يواصل الانتخابات لأنه لم يحقق مطلبه منها. وأرجع، أحمد دراج، المتحدث باسم تحالف 25-30، ذلك القرار إلى ثلاث أمور، الأول أنه قد يكون مناورة سياسية من الحزب، حيث يطمح إلى استخدام التجاوزات التي حدثت في الانتخابات كالمال السياسي، وعودة الوجوه القديمة، وغيرها والتي تغض الدولة الطرف عنها، للتنديد بالانتخابات البرلمانية. وتابع، الأمر الثاني هو تراجع مؤشراته في النتائج الأولية للانتخابات، فأراد أن يحصل على لقب المنسحب، وليس الخاسر، ليتابع المشهد من بعيد ويستغل أي فرصة أخرى للدخول مرة ثانية، وفي الحالتين سيكون مهزوم. وأضاف، أن الأمر الثالث، هو محاولته لإبداء الاعتراض على عملية ادارة الانتخابات البرلمانية، ومحاولة الضغط على الدولة لتحسين الإدارة في المرحلة الثانية، مشيرًا إلى أن تصريح مخيون بعدم حيادية الانتخابات، ليس موثقًا بالأدلة كما أن المرحلة الثانية لم تبدأ بعد، حتى يكون هناك حكم نهائي، رغم أن الدولة أصدرت عدة قوانين غير موفقة قبيل الانتخابات، ولكن ذلك لايعد دليل على عدم نزاهتها. وأوضح، أن انسحابه يؤثر على المشهد السياسي وصورة الدولة؛ لأن النور سيحاول الإدعاء أن النظام يطفي أحزاب التيارات الإسلامية، فالأصلح للدولة في الوقت الحالي أن تترك النور يدخل البرلمان حتى يطفىء نفسه بنفسه من خلال سياسته. هشام النجار، الباحث في الشؤون الإسلامية، أكد أن النور يحاول بذلك القرار أن يثبت للجميع أنه حزب سياسي فى صراع سياسي تنافسي، وارد فيه المكسب أوالخسارة، وأنه يقبل بقواعد وطبيعة اللعبة السياسية التي من خيارتها الانسحاب. وأضاف، أن المقاطعة في حد ذاتها تعد أسلوب انهزامي سلبي، يتيح لخصومه مساحة أكبر للهجوم عليه، بإلحاقه بباقي الفصائل الإسلامية التي خلطت الديني بالسياسي، واختارت المقاطعة وتبرير الهزيمة، بإدعاءات تصب في صالح الاستقطاب والتحريض على عدم نزاهة الانتخابات. وأوضح، أن ذلك القرار قد يكون مناورة سياسية؛ من أجل تخفيف الضغط عليهم، والهجوم الحاد الذي يلاقونه، مشيرًا إلى أن تنفيذ الانسحاب فعليًا ستكون خسارته كبيرة على الحزب نفسه؛ لأنه سيخسر فرصته في التعويض، خلال مرحلة الإعادة، وفرصته في الحضور السياسي المتوازن العقلاني.