48 ساعة.. يوما الأحد والاثنين المقبلان.. تنطلق انتخابات مجلس النواب 2015، آخر استحقاقات خريطة المستقبل، أيقونة ثورة الشعب في 30 يونية، التي أسقطت دولة الإخوان الفاشية. شدد سياسيون وحقوقيون، علي أهمية هذه الانتخابات، دون سابقاتها علي الإطلاق، كونها الفرصة الوحيدة، لاستكمال بناء الدولة المدنية الحديثة، باختيار برلمان وطني خالص، يقود مسيرة الدولة وتقدمها، ويعبر عن آمال الشعب المصري في تحقيق أهداف ثورته العظيمة. وعبر السياسيون عن ضرورة التدقيق في اختيار الناخبين، لاختيار أفضل العناصر الوطنية، وحتمية الفرز الجيد، لاستبعاد الموالين من المرشحين، لجماعات المال السياسي، وبقايا «الوطني» المنحل والإخوان، وحذروا من تسلل عناصر الإسلام السياسي، عبر وسائل الخداع وشراء الأصوات. وطالب السياسيون بتنمية الوعي الانتخابي عند المواطنين، خاصة في الريف والمناطق الفقيرة، التي تنشط فيها حركة المرشحين الإسلاميين، وحثوا المواطنين علي الحشد الوطني والمشاركة الكثيفة في الانتخابات، لاختيار نواب يمثلون الأمة كلها، وليس دائرة ضيقة لكل نائب، يستغل فيها المال والمساعدات والعصبيات، ويخطف فرص المرشحين الشرفاء، الذين يشغلهم الهم الوطني وطموحات الشعب المصري. يذكر أن انتخابات برلمان 2015، تجري علي مرحلتين، الأولي في 14 محافظة، يومي الأحد والاثنين، 18 و19 أكتوبر الجاري، وتشمل محافظات الصعيد والاسكندرية ومطروح والبحيرة، وعدد المرشحين فيها 2573 علي المقاعد الفردية، و8 قوائم انتخابية، بينما يبلغ عدد الناخبين في هذه المرحلة، 27 مليونا و402 ألف و353 ناخباً، وتجري الإعادة يومي 27 و28 أكتوبر الجاري، وتعلن نتيجتها يوم 30 من نفس الشهر.. أما المرحلة الثانية من هذه الانتخابات، فتجري في محافظات الوجه البحري وعددها 13 محافظة، يومي 22 و23 نوفمبر المقبل. جدير بالذكر، أن عدد من يحق لهم التصويت في الانتخابات 55 مليونا و600 ألف ناخب، وتجري في 27 ألف لجنة فرعية في 11 ألف مدرسة للمرحلتين، علي مستوي الجمهورية. أحمد عودة، عضو الهيئة العليا بالوفد، يتوقع أن تشهد الانتخابات البرلمانية إقبالا كبيرا من الناخبين. وقال: لقد طال انتظارنا لهذا البرلمان، لاستكمال خريطة المستقبل، التي كانت تتضمن وضع دستور جديد، وانتخاب رئيس جمهورية، وبرلمان يصلح لمصر في زمن ما بعد ثورة 30 يونية، كما يتوقع- كما يقول- ان تشهد صناديق التصويت إقبالاً كبيراً، لنخرج ببرلمان يليق بمكانة مصر. وطالب «عودة» الناخبين بضرورة التدقيق في اختيار نواب يمثلونهم، والحرص علي اختيار الأجدر علي تحمل المسئولية، وأداء الرسالة كنائب عن الأمة بأثرها، وممثل لشعب مصر كله، وعلي كل ناخب أن يختار المرشح القادر علي العطاء، من أجل إعادة بناء مصر كدولة مدنية حديثة، خاصة أن عملية التصويت هي في حقيقتها ثورة بيضاء لتغيير وجه مصر إلي الأفضل. ويشير أحمد عودة، إلي أن نظام الانتخابات البرلمانية هذا العام، يعد من أسوأ الأنظمة، لأنه أخذ بنظام القائمة المطلقة، بدلا من نظام القوائم النسبية التي تحصل بموجبه كل قائمة، علي مقاعد بنسبة ما حصلت عليه من أصوات، هذا بخلاف ما تم الاصرار عليه من تقسيم للجمهورية علي 4 قوائم، ما أدي لحالة من الارتباك لدي الناخبين، لذا كان يجب أن يتم تعديل نظام القائمة، أو نأخذ بالقائمة النسبية، بدلا من القائمة المطلقة، وبذلك تحد من مساحة كل قائمة، بحيث لا تزيد القائمة علي محافظة واحدة فقط، حتي نبسط الأمور علي الناخبين أثناء عملية الاقتراع، والإدلاء بأصواتهم. وقال عبدالغفار شكر، القيادي بحزب التحالف الاشتراكي: إن الانتخابات البرلمانية، التي تلت ثورة 25 يناير 2011، في عهد المجلس العسكري، شهدت إقبالا كبيرا من المواطنين للإدلاء بأصواتهم، وكان السبب في ذلك، هو تعدد المرشحين، وكثرة مؤيديهم، ولاحظنا بعدها تراجع معدلات المشاركة، وظهر ذلك بوضوح خلال الاستفتاء علي دستور 2014، لذا كان من الضروري الانتباه لهذا الأمر وتداركه جيدا، مع حث الشباب علي النزول والإدلاء بأصواتهم واختيار من يمثلهم في المرحلة المقبلة. وأضاف «شكر»، أن الانتخابات الحالية تشهد لأول مرة تواجد وجوه جديدة كثيرة، وتلك الوجوه كان يجب عليها النزول للشارع والتواصل مع المواطنين، وعرض برامجها، لكسب ثقة الناخبين، فإذا لم تتوافر قاعدة جماهيرية لهؤلاء الناخبين، فإن المواطن المصري سوف يفقد الثقة في هؤلاء المرشحين، وبذلك يعزف عن المشاركة والإدلاء بصوته. وأكد نبيل زكي، أمين الشئون السياسية، المتحدث باسم حزب التجمع، أن نسب المشاركة في الانتخابات المرتقبة، تتوقف علي عدة عوامل، أهمها شعبية المرشح ومواقفه السياسية، وقدرته علي إقناع أهل دائرته، هذا فضلاً عن تاريخه المشرف ومواقفه الوطنية، لكن هذا العام شهدت الساحة وجوهاً جديدة، وتلك أزمة حقيقية، خاصة أن أغلب المرشحين لم يتواصلوا مع المواطنين، وبعضهم ليس لديه رؤية واضحة. ومن ناحية أخري، نجد أن الأنظمة السابقة اعتادت علي تجريف واستبعاد الأسماء الجديدة وتخشي ظهورهم، لكنني أعتقد أن تتم الانتخابات بنزاهة، وأراهن علي وعي الناخب، لأننا بحاجة لاستكمال المرحلة الانتقالية، والبرلمان ضرورة سياسية واقتصادية، وحياتية في هذا الوقت، فالناخب هو الذي سيوجه النواب، ولن نشهد أي تجاوزات من قبل النواب كما كان يحدث من قبل. ويضيف نبيل زكي، أن أهل كل دائرة سيكون لديهم القدرة علي مراقبة مرشحيهم واختيار أفضلهم، لأن الوعي السياسي للمواطنين ارتفع في السنوات الأخيرة، وهذا هو العنصر الحاسم في الانتخابات القادمة، فالمواطنون في مصر لديهم استعداد تام للمشاركة السياسية والإدلاء بأصواتهم، لكنهم يحتاجون لقائمة مرشحين غير متكاسلين، ويؤدون واجبهم بترحاب. ودعت داليا زيادة، مدير المركز المصري للدراسات الديمقراطية الحرة، منظمات المجتمع المدني إلي المشاركة في حشد الناخبين في التصويت في الانتخابات. وقالت إن الانتخابات الرئاسية الأخيرة، شهدت إقبالاً كبيراً من المواطنين، بينما الانتخابات البرلمانية تشهد إقبالاً أقل غالباً خاصة أن المواطن المصري يري أن المعركة الانتخابية لا تخصه، بل هي منافسة بين المرشحين للوصول إلي البرلمان. وتؤكد «زيادة» أن هذا الأمر يعد مقلقاً، وهو ما يتطلب جهداً كبيراً من منظمات المجتمع المدني الموجودة بالمحافظات والمناطق الريفية والفقيرة، حتي تقوم بتوعية المواطنين بأهمية المشاركة، وبأن أصواتهم ستكون مؤثرة. وطالبت «زيادة» اللجنة العليا للانتخابات بنشر صور المرشحين علي الموقع الالكتروني للجنة، خاصة أن تلك الانتخابات تشهد وجوهاً جديدة غير معروفة لدي الكثيرين، مؤكدة أن تلك الخطوة سوف تسهم في التعرف علي خلفيات كل مرشح، وتساعد علي تبسيط الأمور علي الناخبين. وشددت الكاتبة الصحفية فريدة النقاش، علي أهمية المشاركة في الانتخابات البرلمانية. وقالت إن البرلمان القادم يأتي بعد موجتين متتاليتين من الثورة علي الأوضاع الفاسدة التي سادت في السنوات الماضية، خاصة بعد أن أصر وزير العدالة الانتقالية السابق علي إصدار قوانين الانتخابات الثلاثة، كما هي دون معالجة ما بها من ثغرات، أهمها، أن المقاعد الفردية التي تشكل 80٪ من مجلس النواب، تعتمد علي تدخل المال، والعصبية، وتكوين نواب الخدمات، الذين يتحولون لأعضاء مجالس محلية، يحرصون علي ملاحقة الحكومة من أجل الظهور الإعلامي، ما يضعف من قدرة البرلمان علي الرقابة والتشريع. وأضافت أنه بعد الثورتين الأخيرتين أصبح المصريون قادرين علي الاختيار الصحيح للمرشحين، رغم شيوع المال السياسي والعصبيات.