نقشت الحياة على وجهها تجاعيد وملامح معاناة الأيام والليالي التى تخفيها وراء ابتسامتها الصافية ، ليستقر بها الحال لبعض الأقفاص الخشبية لتتخذها مقعد لأكل العيش بإحدى الحارات، بجوار مستشفي معهد ناصر. تقول "أم محمد" البالغة من العمر 54 عامًا: "أستيقظ مبكرًا من أجل تحضير الأطعمة التى تعد مصدر رزقي الوحيد"، مؤكده أن ما يؤلمها هو حملها لبضائعها لمسافات كبيرة من اجل توفير تكلفة المواصلات. وما يميز "أم محمد" وسط أهالي شبرا الخيمة، عن غيرها من المطاعم الفاخرة أو حتى الشعبية، هو "الأكل البيتي" كما يقول أهالي المنطقة، حيث تقوم بعمل وجبات الفول والطعمية والمخلل والجبنة القديمة. قضت السيدة العجوز ثماني أعوام من عمرها على رصيف شبرا، تبيع الطعام الطازج لكسب لقمة العيش كي تستطيع الإنفاق على أربعة أبناء توفى والدهم وترك لها مسئوليتهم. ورغم ما تمر به من ظروف معيشية صعبة إلا انها حرصت على تعليم جميع أبناءها، الأمر الذي شكل عبئا ماديا عليها ما يجعلها تستمر لساعات طويلة بالشارع من أجل توفير نفقاتهم. لم تتألم تلك السيدة الكادحة التي ولم تطلب من المسئولين سوى علاجها من مرض الكبد والسكر، حيث إنها تحتاج لعلاج شهري بأسعار مرتفعة. وتضيف "أم محمد": "لم أناشد أحدا قط لمساعدتى وظللت أعتمد على رزقي طوال السنوات الماضية وحتى الآن"، متابعة بقولها: "كل ما اريده من الحياة هو الستر والرضا". وفي ظل المرض والفقر والمعاناة التي تمر بها السيدة العجوز، إلا أن أقصى أمانيها الرحمة من شرطة المرافق التي تقوم من حين لآخر وتزيل "فرشتها" على حد قولها. كما طالبت الدولة بتوفير كشك صغير تستطيع من خلال توفير نفقات أبناءها من التعليم والعلاج والزواج.