التنسيقية: استمرار توافد أبناء الجالية المصرية في فرنسا للإدلاء بأصواتهم    جامعة أسيوط التكنولوجية تحصد المركز الخامس في مسابقة الكاراتيه (صور)    السياحة تشارك في المعرض السياحي الدولي ITTF وارسو    أسعار مواد البناء.. سعر الحديد في السوق    التخطيط تشارك في منتدى تمكين المرأة اقتصاديًا بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا    إيران والغرب ووكالة الطاقة الذرية.. مواجهة على حافة الغموض النووي    زيلينسكي يرفض إقالة أقوى مستشاريه رغم تفاقم فضيحة فساد كبرى    ارتفاع حصيلة ضحايا زلزال بنجلاديش إلى 5 قتلى ونحو 100 مصاب    اليابان تعيد تشغيل أكبر محطة نووية بالعالم بعد أكثر من عقد على فوكوشيما    تحديد موعد المؤتمر الصحفي لمدرب الزمالك قبل مواجهة زيسكو الزامبي    يورتشيتش يتحدث عن تحدي ريفرز يونايتد قبل موقعة دوري أبطال إفريقيا    محمد المنياوي يتوج بذهبية رفع الأثقال البارالمبي في دورة ألعاب التضامن الإسلامي    بعد حصوله على أفضل مدرب.. فليك يكشف لماركا عن نواقص برشلونة    تجديد حبس 11 أجنبيا بتهمة تهريب أقراص مخدرة بقيمة 2.7 مليار جنيه بالقاهرة    حرام عليكم، مصطفى كامل يفتح النار على أعضاء نقابة المهن الموسيقية لهذا السبب    يوسف شاهين الغائب الحاضر في مهرجان القاهرة السينمائي    تعاون جديد بين هيئة الكتاب ومكتبات مصر العامة لتوسيع إتاحة الإصدارات في القاهرة    الرعاية الصحية تطلق حملة توعية لضمان الاستخدام الرشيد للمضادات الحيوية    جامعة بنها وحياة كريمة ينظمان قوافل طبية وتوعوية بقرية الجلاتمة بمنشأة ناصر    السياحة: تزايد أعداد السائحين البولنديين للمقصد المصرى بنمو 37% خلال 9 شهور    "النيابة" تستمع لأقوال المتهمين في واقعة قتل شاب بالدقهلية وإخفاء جثمانه 6 سنوات    حبس شاب 15 يومًا بعد إطلاق نار عقب نتائج انتخابات النواب بالفيوم    إصابة 4 أشخاص بطلقات نارية في مشاجرة بين عائلتين بقنا    ضبط 367 قضية مخدرات و229 قطعة سلاح نارى فى حملة موسعة    قائمة بنوك تتلقى رسوم حج القرعة 2026.. اعرف التفاصيل    رشا عبد العال: النظام الضريبي المتكامل للمشروعات التي لا يتجاوز حجم أعمالها السنوي 20 مليون جنيه    أسعار الفراخ والبيض اليوم الجمعة 21 نوفمبر 2025    تليجراف: ستارمر على وشك الموافقة على إنشاء سفارة صينية عملاقة جديدة فى لندن    إكسترا نيوز من موسكو: العائلات وكبار السن من أبرز مشاهد انتخابات النواب    تعرف على سر سورة الكهف.. وفضل قراءة السورة يوم الجمعة❤️    أفضل وقت لقراءة سورة الكهف يوم الجمعة وفضلها العظيم    سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم" أذكار الجمعة التي تغيّر يومك للأفضل    كهرباء الإسماعيلية مهتم بضم كهربا    وصول حكام مباراة الزمالك وزيسكو إلى القاهرة    "المهن التمثيلية" تحذر من انتحال اسم صناع مسلسل "كلهم بيحبوا مودي"    بورسعيد الأعلى، جدول تأخيرات السكة الحديد اليوم الجمعة    بقيادة ميسي.. إنتر ميامي يفتتح ملعبه الجديد بمواجهة أوستن    فيديو| ضحايا ودمار هائل في باكستان إثر انفجار بمصنع كيميائي    أهلي جدة يستضيف القادسية لمواصلة الانتصارات بالدوري السعودي    الجالية المصرية بالأردن تدلي بأصواتها في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    الرئيس الفنزويلي يأمر بنشر أسلحة ثقيلة وصواريخ على سواحل الكاريبي ردا على تحركات عسكرية أمريكية    أصداء إعلامية عالمية واسعة لزيارة الرئيس الكورى الجنوبى لجامعة القاهرة    شهيدان بنيران الاحتلال خلال اقتحام القوات بلدة كفر عقب شمال القدس المحتلة    مصادر: انتهاء استعدادات الداخلية لتأمين المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025    أخبار مصر: مصير طعون إلغاء الانتخابات، تفاصيل اعتداء 4 عاملين بمدرسة دولية على 6 تلاميذ، أبرز بنود خطة السلام في أوكرانيا    رئيس الطائفة الإنجيلية يشارك في الاحتفال بمرور 1700 على مجمع نيقية    بورصة وول ستريت تشهد تقلبات كبيرة    تحذير جوي بشأن طقس اليوم الجمعة.. خد بالك من الطريق    الصحة العالمية: اللاجئون والنساء أكثر عُرضة للإصابة ب«سرطان عنق الرحم»    دراسة تكشف عن علاقة النوم العميق بعلاج مشكلة تؤثر في 15% من سكان العالم    محمد منصور: عملت جرسونا وكنت أنتظر البقشيش لسداد ديوني.. واليوم أوظف 60 ألفا حول العالم    أوقاف القاهرة تنظّم ندوة توعوية بالحديقة الثقافية للأطفال بالسيدة زينب    المتحف المصري يفتح أبوابه لحوار بصري يجمع بين العراقة ورؤى التصميم المعاصر    خاص| عبد الله المغازي: تشدد تعليمات «الوطنية للانتخابات» يعزز الشفافية    التنسيقية: فتح باب التصويت للمصريين بالخارج في أستراليا بالمرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب    القرنفل.. طقس يومي صغير بفوائد كبيرة    هل التأمين على الحياة حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    هل عدم زيارة المدينة يؤثر على صحة العمرة؟.. أمين الفتوى يوضح بقناة الناس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القوات المسلحة لم تحارب فى النكسة.. والاستعداد للحرب بدأ من اليوم التالى لوقوعها
اللواء فؤاد فيود أحد ابطال أكتوبر
نشر في الوفد يوم 04 - 10 - 2015

جسد الانتصار العظيم فى 6 اكتوبر 1973 ملحمة كبرى فى تاريخ المصريين شعباً وجيشاً، وفى تاريخ العرب أنظمة وشعوباً.. إنها الحرب التى لم يتوقعها أحد.. إنها المرة الأولى التى ينتصر فيها العرب على إسرائيل منذ قيام تلك المستعمرة التى دعمها الغرب منذ نشأتها، وتبارت دوله فى دعمها بالمال والسلاح، حتى تحول جميع سكانها الى جيش لديه نهم غير إنسانى فى الاحتلال والقتل.
لقد حطم المصريون فى أكتوبر أسطورة الجيش الذى لايقهر، وفتك أحفاد الفراعنة بجيش من المشردين فى الأرض، تم تجميعه من كل مكان ليكون شوكة فى حلق الأمة العربية.
كانت حرب اكتوبر المجيدة حرب وجود خاضها أصحاب التاريخ والحضارة والتقاليد والأعراف ضد المشردين الذين لفظهم الغرب وأراد التخلص من شرورهم، فجمعهم فى مكان وأعطاهم كل ما يريدون دون حساب وفتح أمامهم احدث الترسانات العسكرية، ليكون لهم وجود ودولة فى تلك المنطقة وجعل منهم أسطورة، تمهيداً لاستخدامهم فى تحقيق اهدافهم ومصالحه.
لقد تحملت القوات المسلحة والشعب المصرى أعباء طرد هذا الجيش من سيناء، وأيضاً اعباء انهاء تلك الأسطورة ودحر خطرها عن الأمة العربية.. إنها ملحمة عظيمة توحدت فيها الآمال والطموحات وامتزجت فيها الوطنية بالتضحية وعبر الجيش والشعب معاً خط المستحيل رغم التفوق العسكرى والفارق المعنوى والدعم اللا محدود للعدو.
المصريون حاربوا بعقولهم قبل سلاحهم، فدمروا خط بارليف المنيع الذى تباهى به العدو، وطلب السوفييت ضربه بالقنبلة الذرية، فكانت العبقرية المصرية أن دمرته بالمياه، وتغلبت على التفوق العسكرى بالمقاتل المصرى، الذى واجه الموت وحارب المستحيل، وأصبح هو الأسطورة، بعد أن سحق اسطورة الجيش الذى لايقهر تحت «البيادة».
واليوم وبعد مرور 42 عاماً على هذا الانتصار العظيم، مازالت حرب 73 هى أكبر وأشرس حرب تم تنفيذها فى ساحة الميدان، ففيها دارت أكبر معركة بالمدرعات بعد الحرب العالمية الثانية، وشهدت أطول معركة جوية استمرت لأكثر من 53 دقيقة فى قتال جوى متلاحم، إنها الحرب التى صنع فيها المقاتل الأسطورة بجسده سداً بشرياً أمام احتياطى تعبوى مدرع .
فى ذكرى الانتصار العظيم يحق للمصريين أن يتباهوا بين الأمم بجيشهم الذى قدم الدم صوناً للعهد، ولم يدخر جهداً على مر السنين فى الحفاظ على وحدة الأرض وتماسك الشعب وصون المقدرات، واحترام وتقدير الإرادة الشعبيه على مدار ثورتين متتاليتين حررتا مصر، وحطمت مشروع الشرق الأوسط الجديد.
«الوفد» تنشر سلسلة حوارات مع قادة القوات المسلحة الذين شاركوا فى صناعة نصر أكتوبر بمناسبة مرور 42 عاماً على الانتصار العظيم.
أكد اللواء فؤاد فيود أحد ابطال اكتوبر ومستشار اكاديمية ناصر العسكرية العليا ورئيس مجلس علماء مصر أن حرب أكتوبر المجيدة جسدت إرادة شعب وجيش، حارب من اجل استعادة الأرض والكرامة، بعد أن سلبها العدو فى «67» التى لم يعتبرها المصريون حرباً لأن جيشهم لم يحارب فيها.
وأضاف أن انتصار أكتوبر كان نتاج تضحيات من الشعب والجيش، حيث رفض المصريون الهزيمة وسلب الأرض وقدموا حياتهم ثمناً للانتصار، فخاضوا الحرب بإمكانات لاتقارن بنظيرتها فى جيش العدو، وصنع المصريون المستحيل نتيجة ترابط الشعب مع جيشه.. كان المصريون يد واحدة وهدفهم واحداً، فقام كل فرد بدوره فتم تجاوز الأزمة رغم شدتها وصعوبتها.
وأوضح رئيس مجلس علماء مصر أنه يجب على المصريين ان يستلهموا من حرب اكتوبر الدروس والعبر للانطلاق نحو المستقبل ووضع مصر فى مكانتها المستحقة بين دول العالم، مشيرا الى ان الشعب والجيش أسقطاً مخطط التقسيم فى 30 يونية، وبالتالى فإن لدى المصريين مخزوناً هائلاً من الخبرات والتجارب التى تؤهلهم للانطلاق نحو مستقبل أفضل، وتجاوز كافة التحديات التى تواجهها الدولة المصرية.
بصفتك احد أبطال اكتوبر.. كيف ترى هذا الانتصار العظيم بعد مرور 42 عاماً على الحرب؟
حرب أكتوبر هى معركة العزة والكرامة لكل المصريين بشكل خاص وللعرب بشكل عام لأنها تعد أول حرب شاملة ينتصر فيها العرب على العدو الإسرائيلى منذ قيام دولته التى نهبت وسلبت الأراضى العربية بمخططات غربية، فهى حرب لم تكن متوقعة وفقاً للحسابات العسكرية، ولكن المصريين دمروا أسطورة الجيش الذى لا يقهر.
حطمت القوات المسلحة فى حرب أكتوبر أسطورة الجيش الذى لايقهر رغم التفوق العسكرى الإسرائيلى.. حدثنا عن مظاهر هذا التفوق من خلال معايشتك لتلك الفتره؟
التفاوت فى القدرات العسكرية كان رهيباً لصالح إسرائيل، فالقوات المسلحة فقدت معظم عتادها وتسليحها فى النكسه، فى الوقت الذى احتفظت اسرائيل بتفوقها نتيجة ان الترسانة العسكرية الأمريكية كانت مفتوحة أمام إسرائيل وبدون حساب، ولم تمنع عنها أى سلاح متطور، بما فى ذلك انشاء مفاعلات نووية لإسرائيل.
وكان الجيش المصرى يبذل مجهوداً خارقاً فى إعادة بناء قدراته وإعادة التسليح، ورغم تلك المجهودات استطاع الجيش ان يدبر أسلحة فى مجملها دفاعية، وكانت اهم مظاهر التفوق العسكرى الإسرائيلى سلاح الطيران الذى كان بإمكانه ان يوجه ضربات الى أى بقعه فى مصر، كانت هذه الحالة بعد النكسة، ولكن الجيش المصرى استطاع أن يتجاوز هذا التفوق ويحقق النصر.
مثلت مرحلة بناء حائط الصواريخ ملحمة مصريه شارك فيها القطاع المدنى مع القوات المسلحة.. حدثنا عن ظروف بنائه؟
حائط الصواريخ كان معركة مصير بالنسبة للجيش المصرى، حتى يتمكن الجيش من وقف الغارات الجوية التى ينفذها العدو ضد الأهداف فى الأراضى المصرية، وأيضا لتوفير الحماية للقوات أثناء تنفيذ خطط الهجوم خلال الحرب، وبالفعل دفعت مصر ثمناً باهظاً خلال مرحلة بناء حائط الصواريخ، حيث كان العدو يشن غارات متواصلة لتدمير ما يتم بناؤه، بأحدث الطائرات (فانتوم، سكاى هوك) ذات الإمكانيات العالية مقارنة بوسائل الدفاع الجوى المتيسرة فى ذلك الوقت، وتم بناء الحائط وسط تضحيات مذهلة، ومن خلال التدريب الواقعى فى ظروف المعارك الحقيقية خلال حرب الاستنزاف تمكنت قوات الدفاع الجوى خلال الأسبوع الأول من شهر يوليو عام 1970 من إسقاط العديد من الطائرات طراز (فانتوم، سكاى هوك)، وأسر العديد من الطيارين الإسرائيليين وكانت هذه أول مرة تسقط فيها طائرة فانتوم وأطلق عليه «أسبوع تساقط الفانتوم» وتوالت انتصارات رجال الدفاع الجوى، واعتبر يوم 30 يونية عام1970 هو البداية الحقيقية لاسترداد الأرض والكرامة بإقامة حائط الصواريخ الذى منع طائرات العدو من الاقتراب من سماء الجبهة فاتخذت قوات الدفاع الجوى هذا اليوم عيداً لها.
6 سنوات عجاف بين النكسه والانتصار.. وخلال هذه الفترة نفذ الجيش مايعرف بمرحلتى الصمود والدفاع النشط، ثم حرب الاستنزاف.. صف لنا هذه المراحل من خلال معايشتك لها؟
النكسة واثرها السريع فى احتلال سيناء كسرت أشياء كثيرة فى نفوس المصريين جيشاً وشعباً، لأن أكثر المتشائمين لم يكن يتوقع الهزيمة بهذه الدرجة واحتلال سيناء، ولكن المصريين جيشاً وشعباً رفضوا الهزيمة واعلنوا الحرب لاسترداد الأرض.
وعقب النكسة عكف الجيش المصرى على دراسة العدو دراسة دقيقة ومتأنية تعتمد على الحقائق والدقة، كما تمت دراسة الأمن الاسرائيلى ونقاط القوة ونقاط الضعف، ثم تحليل النتائج لبناء خطط الحرب.
وبعد 20 يوماً وتحديداً يوم 1 يوليو 1967 دارت معركة رأس العش عندما تقدمت قوة إسرائيلية من مدينة القنطرة شرق في اتجاه بور فؤاد فتصدت لها القوات المصرية ودارت معركة «رأس العش»، حيث تمكنت سرية من قوات الصاعقة عددها 30 مقاتلاً من قوة الكتيبة 43 صاعقة بقيادة المقاتل سيد الشرقاوي من عمل خط دفاعي امام القوات الإسرائيلية، ودمرت 3 دبابات للعدو، وأجبرته على التراجع، ثم عاود العدو الهجوم مرة أخري وفشل في اقتحام الموقع بالمواجهة أو الالتفاف، ودمرت قوات الصاعقة عدداً من العربات نصف جنزير وقتلت عدداً من القوات المهاجمة فأجبرتها على الانسحاب وظل قطاع بور فؤاد هو الجزء الوحيد من سيناء تحت السيطرة المصرية حتى قيام الحرب.
وفى يوم 14 يوليو 1967 استهدفت القوات البحرية تشوينات أسلحة وذخائر الجيش الإسرائيلي وتم تدميرها، وفى 21 اكتوبر من نفس العام استخدمت الصواريخ البحرية لأول مرة في تدمير المدمرة ايلات وإغراقها امام بورسعيد وعرفت هذه المرحلة التى أعقبت النكسة بمرحلة الصمود.
الدفاع النشط
بدأت القوات المسلحة تنفيذ مرحلة الدفاع النشط، واستمرت هذه المرحلة من سبتمبر عام 1968 حتى 8 مارس 69، حيث نفذ الجيش غارات قوية على العدو وأقام كمائن شرسة بها خسائر فادحة فى صفوف العدو.
ونتيجة للأعمال الانتقامية التى نفذها الجيش خلال تلك الفتره قرر العدو انشاء أقوى ساتر ترابى فى تاريخ البشرية وهو «خط بارليف»، حيث أنشأت اسرائيل ساتراً ترابياً على الضفة الشرقية للقناة وأنشأت بداخله نقاطاً حصينة وسلحتها بأحدث المعدات القتالية، ظناً أنها ستكون الحدود الأبدية لإسرائيل.
حرب الاستنزاف
بدأت القوات المسلحة فى شن حرب الاستنزاف يوم 8 مارس 1969، وفى اليوم التالى استشهد الفريق عبدالمنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المسلحة، أثناء تواجده على الخط الأول للهجوم مع القوات عند النقطة نمرة 6 في الإسماعيلية، وتعتبر حرب الاستنزاف هى مفتاح النصر للعبور العظيم فى اكتوبر، حيث أتاحت للقوات المسلحة تحقيق المواجهة مع العدو، ودرس القادة اسلوب وأفكار العدو ونقاط القوة والضعف، وقدراته وامكاناته فى مختلف الأسلحة الجوية والبرية والبحرية والمدرعات والمدفعية، اضافة الى انها كانت بمثابة مرحلة استعادة الثقة والروح المعنوية للمقاتل المصرى الذى أدرك من خلال الاشتباك المباشر مع العدو انه أضعف مما يشيع، فضلاً عن ذلك كانت حرب الاستنزاف هى فترة بناء منظومة الدفاع الجوى.
وكان الهدف الرئيسى لهذه الحرب يتمثل فى استهداف جنود واسلحة العدو فى سيناء، لإنهاء اسطورة الجيش الذى لايقهر وتدريب المقاتل المصرى على حصد أرواح أعدائه، وافتتحت هذه الحرب بقصف مدفعي مركز علي تحصينات ومواقع العدو في خط بارليف، ثم إغارات برية عبر القناة باستخدام الوحدات الخاصة والمشاة والمهندسين، بدأت بمجموعات صغيرة، حتي وصلت إلي عبور كتيبة صاعقة في ليلة 9 و10 يوليو 1969 عندما عبرت الكتيبة لسان بورتوفيق وقتلت افراد العدو ودمرت معداته وعادت دون خسائر واطلق علي تلك العملية 'معركة «لسان بورتوفيق»، ثم نفذت القوات عملية الاغارة في ميناء ايلات واغراق واصابة 3 سفن انزال بحرية اسرائيلية.
كما شهدت هذه الحرب عبور وحدات من القوات المصرية للضفة الشرقية لقناة السويس، وكانت معارك الجزيرة الخضراء ثم عملية الزعفرانة، ثم رادار خليج السويس ثم عملية جنوب البلاح ثم معركة شدوان.
وفي 19 يونية 1970 تقدمت امريكا بمبادرة «روجرز» لوقف اطلاق النار بين مصر واسرائيل، ثم سقطت مبادرة روجرز فى عام 1971 عندما اعلن الرئيس السادات ان مصر ترفض وقف اطلاق النار اكثر من هذا التاريخ بسبب عدم تنفيذ اسرائيل بند الدخول في مفاوضات جديدة، وهو ما يعني تكريس حالة اللاسلم واللا حرب.
السادات أيقن أن الحرب هى الحل لتحرير سيناء.. كيف تم التخطيط لحرب أكتوبر المجيدة؟
إسرائيل كانت متعنتة للغاية فيما يتعلق بأى محادثات، واتجهت لتكريس حالة اللاسلم واللا حرب، ولهذا كان قرار الرئيس السادات بطل الحرب والسلام، بضرورة شن حرب شاملة لتحريك القضية، وأعطى الأوامر بضرورة عبور قناة السويس وتدمير خط باريف والدخول بعمق 15 كيلو داخل سيناء، وبدأت القوات المسلحة فى اعداد خطط الهجوم اعتماداً على العقول المصرية قبل السلاح،لأنه لم تكن هناك مقارنة بين مستوى وحجم التسليح بين الجيشين، ولكن تم وضع حلول لكافة العقبات التى تواجهنا على الجبهة اعتماداً على الكفاءة القتالية وإرادة المقاتل المصرى، كما تم الاعتماد على تحقيق عنصر المفاجأة وهو أهم مبادئ الحرب وهو يعني القيام بعمل غير متوقع في مكان غير متوقع في زمن غير متوقع، وتم اختيار يوم الهجوم يوم سبت وهو يوم إجازة عند اليهود والحركة عندهم محرمة ويتزامن مع عيد الغفران، فضلا عن أن هذا الشهر كان وقت انتخابات الكنيست ومعظم أعضاء الكنيست من القادة الإسرائيليين فكانوا مشغولين بالانتخابات وكان يوم 10 رمضان اي أن ضوء القمر سيستمر حتي منتصف الليل مما سيساعد سلاح المهندسين على عمل الكباري، وتم استكمال كافة الخطط بأيدى وعقول الجيش المصرى، وكانت عبقرية التخطيط العسكرى تكمن فى الاختيار المناسب للوقت بهدف التأثير على الحالة العامة للتعبئة لان اسرائيل لا تتحمل معركة طويلة بسبب أن الشعب كله عسكرى، وتم تنفيذ الضربات الجوية الساعة 2 ظهراً، وهو وقت لم تكن تتوقعه اسرائيل،وبالفعل حققت الضربه اهدافها، كما ألحق سلاح المدفعية خسائر لا تحصى، وقام سلاح المهندسين بعمل الكبارى فى 8 ساعات فقط فى حين انها كانت تستغرق وقت التدريب 12 ساعة، وتمت الاستفادة من ظلام الجزء الأخير من الليل لضمان عدم رؤية العدو للمعدات والدبابات اثناء عبورها القناة، وتحطمت فى هذا اليوم أسطورة الجيش الذى لايقهر، وكان هذا اليوم حافلاً بالبطولات التاريخية للمقاتلين المصريين، فالبعض كان يلقى بنفسه على الالغام لكى يفتح معبراً لباقى الجنود، وهنالك من كان يمسك بفوهة الرشاش لتمزق جسده لحماية زملائه، ومن اقوال السادات عن هذا اليوم «ان القوات المسلحة قامت بمعجزة) فلم تكن هناك مقارنة فى الكم والكيف والسلاح بين قوات العدو والجيش المصرى، فهم الاقوى بحسابات المعدات، ونحن الاقوى بالإرادة والرجال، وهذا ما اكده بن عازر حينما قال «إن لكل حرب مفاجأة وكانت مفاجأة اكتوبر هى المقاتل المصرى».
أين كان موقعك فى المعركه؟ وأهم المعارك التى شاركت فيها خلال الحرب؟
أثناء حرب اكتوبر كنت واحدا من قادة أطقم اقتناص دبابات العدو وأحدثنا خسائر مروعة للعدو وفشل في استرداد خط بارليف، وكانت قواتنا الجوية قد دمرت الأهداف الحيوية للعدو كاملة وألحقت به خسائر فادحة واستيقظ العالم كله علي هزة عنيفة وهو غير مصدق لهزيمة إسرائيل الاسطورة التي لا تقهر.
ومن أهم المعارك التي شاركت فيها، عندما تم تكليفنا بتأمين العمق التكتيكي للجيش الثاني الميداني انتظارا لأعمال التطوير، وبعد وجود الثغرة تصدينا لقوات العدو التي حاولت الاستيلاء علي مدينة الاسماعيلية، ونجحنا في صدها بالتعاون مع قوات الصاعقة المتمركزة في منطقة ابوعطوة، وتم ايقاف تقدمها بعد مواجهة شرسة، حيث كان القتال فى منطقة الثغرة من أشرس أنواع القتال خلال حرب اكتوبر، لأن القوة الرئيسية للقوات المدرعة الاسرائيلية كانت عبارة عن 3 مجموعات عمليات بقيادة الجنرال شارون، وقمنا بتنفيذ أكثر من كمين علي ترعة المنايف، وقدم الجيش المصرى بطولات وتضحيات لاتوصف فى المعارك التي شهدتها منطقة نفيشة والثغرة وأبوعطوة، و مازالت الدبابات الإسرائيلية المدمرة موجودة فى هذه المناطق حتي الآن.
وهنا يجب أن أؤكد حقيقة عملية ثبتت فى الحرب وفى الثورات، وهى ان الشعب المصري قادر علي صنع المستحيل نتيجة ترابطه مع جيشه، فالشعب والجيش قادران على صنع مصر المستقبل ووضعها في مصاف الدول المتقدمة، فحرب أكتوبر هى ارادة الشعب والجيش، والقوات المسلحة لاتنفصل أبداً عن ارادة شعبها مثل ما حدث فى ثورتى 25 يناير و30 يونيه.
كان للعرب دور بارز فى حرب أكتوبر.. حيث قدمت الدول العربية دعماً عسكرياً فى المعركة، اضافة الى استخدام سلاح البترول لأول مرة.. كيف ترى الدور العربى فى الحرب؟
خلال مرحلة الإعداد للحرب ساندت الدول العربية الجبهتين المصرية والسورية، فمثلاً قدمت العراق كافة المساعدات العسكرية للجبهة السورية، اضافة الى تقديم بعض المساعدات لمصر من خلال قوات جوية، ووصلت الى مصر كتيبة من الكويت واخرى من السودان، وتواجدت أيضا قوات جزائرية، وذهب الرئيس بومدين الى الاتحاد السوفييتى، وطلب توفير احتياجات مصر من الأسلحة والذخائر وقطع الغيار وفتح البنك المركزى الجزائرى اعتماداً للاتحاد السوفييتى لتغطية نفقات هذه الصفقة، كما قادت المملكة العربية السعودية أثناء الحرب دول الخليج فى حرب البترول بقطع المواد البترولية عن الدول المؤيدة لإسرائيل، وكان هذا عاملاً مؤثراً على مسار الحرب والدخول فى المفاوضات.
واجمالاً كان للعرب دور مشرف فى حرب اكتوبر، لأن خطر اسرائيل كان ممتداً لكل الدول العربية، ولم تكن تخفى مطامعها فى المنطقة العربية.
سيناء حررها الجيش من العدو فى ملحمة اكتوبر واليوم يطهرها من الارهاب، وآخر هذه العمليات العملية الشاملة «حق الشهيد».. كيف ترى الأوضاع فى سيناء؟
يجب أن نعلم ان القوات المسلحة المصرية قادرة على الفتك بجميع الارهابيين الذين تواجدوا فى سيناء نتيجة دعم الجماعة الارهابية لتواجدهم، لتحقيق مخطط التقسيم، ولكن القوات المسلحة تراعى أبناء سيناء الشرفاء، لذلك فهى تعتمد فى حربها على الارهاب على العقل والحكمة حفاظاً على ابناء سيناء، ويجب ان نعلم أن الإرهاب فى سيناء فقد الأمل بقيام ثورة 30 يونية التى أسقطت مخطط التقسيم، لذلك حاول الارهابيون ومن خلفهم القيام بعمليات شرسة عقب قيام الثورة، أملاً فى اسقاطها لأن ثورة 30 يونيه هى العدو الحقيقى للارهابيين والدول التى تدعم تواجدهم لتحقيق مشروع الشرق الأوسط الجديد الذى يكمن فى تفكيك الدول العربية واعادة تقسيمها لضمان بقاء اسرائيل ولتكون هى القوة الأكبر اقليمياً، فتتوسع كيفما تشاء وتفعل بالدول العربية ما تريده.
والقوات المسلحة تحقق كل يوم تقدماً فى حربها على الارهاب، وعملية «حق الشهيد» هى عملية نوعية اعتمدت فيها القوات المسلحة على شقين الأول يتمثل فى مهاجمة الأوكار والبؤر الارهابية، وتوجيه ضربات مدمرة لهذه العناصر وتدمير ما تمتلكه من أسلحة وذخيرة ومواد متفجرة، وثانياً الاتجاه الى تحقيق التنمية من خلال القضاء على بقايا هذه التنظيمات وقطع جذورها لتكون المنطقة جاهزة للتنمية المستدامة، لأن القوات المسلحة على يقين بأن تنمية سيناء هى الحل الحقيقى لقطع يد الارهاب من هذه المنطقة.
كيف ترى مشروع قناة السويس الجديدة الذى نفذه الشعب والجيش خلال عام رغم التحديدات؟
قناة السويس الجديدة وظروف تنفيذ هذا المشروع تذكرنا بموقف الزعيم الراحل جمال عبدالناصر عندما أراد أن يشيد السد العالى، ومشروع قناة السويس الجديدة كان الشعب المصرى فى حاجة إليه لأن المصريين بحاجة الى مشروع قومى يلتفون حوله ويوحد إرادتهم، وفى هذا المشروع تجسدت عظمة الشعب المصرى عندما قدم التمويل اللازم لبناء المشروع فى نحو اسبوع، واستطاعت القوات المسلحة والشركات المدنية العاملة معها تحقيق الحفر والتوسعة فى زمن قياسى أذهل الجميع، وسوف تكون لهذا المشروع آثار ضخمة فى دعم التنمية فى منطقة قناة السويس وبالتالى تنمية سيناء.
كيف ترى مستقبل مصر فى ظل المؤامرات التى تتعرض لها المنطقة العربية؟
المصريون شعب مسالم يعشق الاستقرار وهذه طبيعة ترسخت فى الشعب منذ القدم، عندما استقر المصرى القديم بجوار النيل، ولكن المصريين عندما يواجهون تحديات كبرى، فإن المخاطر تحفز الهمم لديهم، ونجد على مدار التاريخ أن كل المستعمرين للدول العربية أو مدبرى المكائد لها تحطمت شوكتهم على أبواب مصر، وهذا ما حدث فى ثورة 30 يونية، عندما حطم المصريون مخطط الشرق الأوسط الجديد، وأوقفت مصر كافة سيناريوهات التقسيم، ولكن الظروف الحالية التى تعصف بالمنطقة تتطلب تكاتفاً وتضامناً عربياً لمواجهة هذه المؤامرات التى تكاد لهم من كل جانب، يجب على العرب أن يتوحدوا وتجتمع كلمتهم لإنقاذ وجودهم ودولهم، وايضا لتحقيق الاستقرار فى الدول التى انهارت بعد أن تم تدمير جيوشها.
كلام الصور:
لواء فؤاد فيود
اللواء فؤاد فيود فى حواره مع «الوفد»
الرئيس السادات عقب تفقده إحدى النقاط الخفية لخط بارليف
انتشال إحدى الطائرات الإسرائيلية عقب إسقاطها فى حرب أكتوبر
المدفعية المصرية شاركت منذ اللحظات الأولى للحرب فى قصف مواقع العدو


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.