نشرت صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية تقريرا ركز على رفض دول أوروبا الشرقية الموافقة على استقبال لاجئين، وقال إن هذا الرفض أظهر الانقسامات الثقافية والسياسية في أوروبا وألقى المزيد من الضوء عليها. ورغم أنه قد طلب من دول الكتلة الاشتراكية السابقة في وسط وشرق أوروبا استيعاب أعداد قليلة جدا من اللاجئين، فإنها -حسب التقرير- أبدت مقاومة شرسة لهذا الطلب، وأن هذه المقاومة تقف الآن عقبة رئيسية أمام بلورة موقف أوروبي موحد لمواجهة أزمة اللاجئين. واستعرض التقرير تصريحات لرؤساء ومسؤولين كبار في كل من المجر وسلوفاكيا وبولندا وبلغاريا وليتوانيا وأستونيا تعكس حجم قوة رفض هذه الدول لاستقبال اللاجئين، قائلا إن هذه المعارضة زادت المشاكل التي يعاني منها الاتحاد الأوروبي الذي يحاول تجاوز مشاكله مع اليورو والأزمة المالية لليونان، وأضاف أن اجتماع ممثلي الاتحاد الأوروبي في بروكسل غدا الاثنين من المرجح أن يتعثر بسبب موقف دول شرق أوروبا. وأعاد التقرير للأذهان أن هذه الدول عندما تمت الموافقة على طلبات عضويتها في الاتحاد الأوروبي طُلب منها التعهد بدعم مجموعة من "القيم الأوروبية" التي تشمل الأسواق المفتوحة، وشفافية الحكم، واحترام استقلال وسائل الإعلام، وفتح الحدود، واحترام التعدد الثقافي، وحماية الأقليات، ورفض معادة الأجانب. وأشار إلى أن هذه الدول كانت بطيئة للغاية في فهم وممارسة هذه القيم، إن لم يكن أداؤها قد تدهور في معظمها، وقد شهدت صعودا في النزاعات الوطنية المتعصبة وصعودا للأحزاب والقوى السياسية الشعبوية التي أثارت التوترات المعادية للاجئين والمهاجرين. أسباب أعمق ثم دلف التقرير إلى تفسير ظاهرة معاداة اللجوء والهجرة في دول أوروبا الشرقية، وقلل من أهمية الأسباب السياسية والاقتصادية التي تعلنها هذه الدول، مثل موقفها الذي يدعو للعمل على وقف الحرب في دول المصدر، ومخاوفها الأمنية، وضعف قدراتها الاقتصادية لاستيعابهم، ليصل إلى أسباب أكثر عمقا مثل رفض التعدد الثقافي والديني والعرقي. ونقل عن المدير التنفيذي لمنظمة هيومن رايتس ووتش كينيث روث قوله إن تدفق اللاجئين على دول شرق أوروبا أغضب الأحزاب والحركات اليمينية، "فإذا نزعت القشرة السطحية لأسباب غضبهم، فستجد أنها لا تتعلق بالوظائف ولا القدرة على الإدارة أو الإنفاق، ستجد السبب أن هؤلاء اللاجئين مسلمون". وأشار التقرير نقلا عن بعض المختصين إلى أن الفروق التاريخية بين دول أوروبا الغربية وشرق أوروبا مثل التجربة الطويلة للأولى في التعايش مع التعدد الثقافي داخلها والاحتكاك مع الشعوب الأخرى "حتى وإن كانت عن طريق الاستعمار"، هي التي تقف وراء التوجهات الراهنة إزاء اللاجئين.