حالة من الشك انتابت المتابعين للشأن التركى عقب إعلان الرئيس رجب طيب أردوغان عن إجراء انتخابات تشريعية مبكرة فى نوفمبر المقبل، مرجعاً السبب فى ذلك إلى فشل الأطراف السياسية فى التوافق حول تشكيل حكومة اقتسام سلطة. وجاء تعليق عدد من الصحف التركية المحسوبة على حزب «العدالة والتنمية» بأن إجراء انتخابات مبكرة قد يمنح الحزب الأغلبية التى فشل فى الحصول عليها منذ شهرين لتشكيل حكومة جديدة بمفرده، وهذا ما أكده عدد من السياسيين الذين وصفو خطوة أردوغان بالمغامرة التى من الممكن أن تتحقق أو تفشل. الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، وصف الخطوة التى أقدم عليها الرئيس التركى رجب طيب أردوغان «بالمغامرة» فى حياته حيث من الممكن أن يخسر حزب العدالة والتنمية مرة أخرى فى الانتخابات التشريعية التى دعا لها، ومن ثم يتحول إلى مجرد رمز لدولة فاشلة، لافتاً إلى أن أردوغان ما قدم على تلك الخطوة إلا بعد التأكد من كونه سوف يحصل على نسبة الأغلبية فى البرلمان المقبل. وأرجع نافعة أسباب إقدام أردوغان على إجراء انتخابات تشريعية مبكرة، إلى عدة أسباب أهمها: تعزيز موقف حزب العدالة والتنمية مرة أخرى بعد تراجع شعبيته فى انتخابات يونيو الماضى، والحصول على نسبة تصويت عالية تمنحه الحق فى تعديل الدستور التركى من نظام برلمانى إلى نظام رئاسى يكون الحكم فيه للرئيس فقط ومن ثم ينفرد بالسلطة ويتحول إلى أتاتورك جديد. والسبب الآخر هو سعى أردوغان لتحويل تركيا من نظام علمانى إلى نظام إسلامى أو خلافة إسلامية، لذلك قد يراهن أردوغان على رهان خاسر أو قد يتحقق، والسبب الأخير هو التخلص من حزب العمال الكردستانى بعد صعوده فى الانتخابات الشريعية الماضية بإعلان الحرب عليه. وأكد نافعة، أن هناك عدة تحديات أمنية تواجه أردوغان يمكن أن تؤدى إلى عرقلة الانتخابات البرلمانية وهى محاربة تنظيم «داعش» الإرهابى وحزب العمال الكردستانى. وفى السياق نفسه قال ناجى الشهابى رئيس حزب الجيل: إن إعلان الرئيس التركى أردوغان عن إجراء انتخابات تركية مبكرة كان لابد منه بعد فشل حزبه ومرشحه أحمد داوود أوغلو فى تشكيل حكومة تركية تنال ثقة «البرلمان» ومحاولة من أردوغان لتغيير تركيبة البرلمان التركى من خلال حصول حزب العدالة والتنمية على نسبة مقاعد أكثر تمكنه من تحقيق الأغلبية المطلقة فى البرلمان، ومن ثم تشكيل الحكومة التركية منفرداً. واستطرد «الشهابى» أن حلم أردوغان صعب المنال وخاصة فى ظل ثبات التأييد الشعبى للأحزاب المعارضة لحكمه وخاصة حزب الشعب الجمهورى وحزب الشعوب التركية الذى حصل على عدد كبير من المقاعد فى الانتخابات الأخيرة ومتوقع له أن يحافظ عليها. وأوضح رئيس حزب الجيل فى تصريحات ل«الوفد» أن تركيا سوف تنجح إجراء الانتخابات التشريعية المبكرة التى دعا إليها الرئيس التركى، فالحرب مع داعش وحزب العمال الكردستانى لن تؤثر على مسار العملية الانتخابية، كما أن التأييد الجماهيرى للأحزاب التركية الصاعدة فى الانتخابات الأخيرة من المتوقع أن يعرقل حصول العدالة والتنمية بمقاعد أكبر من التى فاز بها فى الانتخابات الأخيرة وإذا حدث وفاز بمقاعد أكبر، فهذا يعنى لجوء أردوغان لتزوير الانتخابات التركية القادمة وهو أسلوب برعت فيه الأحزاب التى تكون مرجعيتها مثل مرجعية حزب العدالة والتنمية من خلال الضرورات تبيح المحظورات والغاية تبرر الوسيلة وأتوقع عدم استطاعة أردوغان الفوز بالأغلبية واضطراره تشكيل الحكومة بالاتفاق مع حزب الشعب الجمهورى وستكون حكومة تقيد أردوغان من تحقيق أحلامه وستراجع سياساته فى الشرق الأوسط وفى القلب منها المنطقة العربية. وقال الربان عمر المختار صميدة رئيس حزب المؤتمر، إن دعوة أردوغان إلى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة، محاولة للاستحواذ على أكبر نسبة مقاعد فى البرلمان المقبل تمحنه الفرصة لتشكيل حكومة منفرداً، لافتاً إلى أن حزب العدالة والتنمية التركى برئاسة أحمد داوود أوغلو تراجعت شعبيته فى الانتخابات التى جرت فى يونيو من العام الجارى، وأكد صميدة، فى تصريحات خاصة ل«الوفد» أن أردوغان هو من عرقل تشكيل حكومة ائتلاف فى تركيا ولإعادة إجراء الانتخابات التشريعية مرة أخرى على أمل أن يحصل على نسبة عالية من أصوات الناخبين. واستطرد رئيس حزب المؤتمر، قائلاً: «تركيا تواجه عدة أزمات أمنية وسياسية نتيجة حكم أردوغان وتدخله فى شئون الدول الأخرى مما ساهم فى تراجع الاقتصاد التركى وأدى إلى حالة من القلق بين الأوساط السياسية التركية. وقد خسر حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا الأغلبية المطلقة في الانتخابات التشريعية التى جرت فى يونيو الماضى، مما أدى إلى عرقلة التوصل إلى حكومة اقتسام سلطة بين الأطراف السياسية خلال الأسابيع الماضية، مما اضطر أردوغان إلى تحديد موعد لإجراء انتخابات تشريعية مبكرة. وقد حصل حزب «العدالة والتنمية» الحاكم ب41 في المائة من الأصوات ما يعني حصوله على 259 مقعداً في البرلمان، بينما حصل حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي في البلاد على 25 في المائة من الأصوات وهو ما يضمن له 131 مقعداً. وجاءت الحركة القومية في المركز الثالث بتحقيق 16 في المائة والحصول على 78 مقعداً.