في هذا الكتاب يرسم الدكتور رشيد الخالدي الأستاذ بجامعة كولومبيا رؤية فريدة تأتي من خلال خبرته كمفاوض فلسطيني لكي يعطي للقارئ الكثير من الخبايا المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي وحقيقة الدور الأمريكي في هذا الصراع. وتقوم الفرضية الأساسية التي ينطلق منها «الخالدي» أن عملية السلام في المنطقة صادفت الفشل على مدى العقود السبع الماضية لسبب أساسي وهو الدور الذي لعبته الولاياتالمتحدة بالانحياز لإسرائيل أكثر من قادة تل أبيب ذاتهم. ويبدي «الخالدي» تحفظه على عبارة عملية السلام فيضعها بين قوسين باعتبارها تعبيراً غير دقيق على أساس أن ما كان يجري ليس من أجل السلام رغم أن ظاهره كذلك قائلا إن واشنطن وبشكل واضح لم تحقق السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل، كما لم تحل النزاع بينهم. ويتناول الكتاب بالتحليل طبيعة الدور الأمريكي في المفاوضات بين الجانبين قائلا أن الولاياتالمتحدة رغم أنها تدخلت باعتبارها وسيطاً نزيهاً أو أميناً فإن «الخالدي» يوضح كيف أنها وضعت مصالح اسرائيل على رأس أولوياتها على مدار إدارتها لعملية السلام . ومن أجل التدليل على فكرته يقسم «الخالدي» إدارة الولاياتالمتحدة لعملية السلام إلى ثلاث مراحل. الأولى خطة ريجان عام 1982، والثانية مؤتمر مدريد للسلام عام 1991 وحتى أوسلو، والثالثة اعتبارا من بدء حكم باراك أوباما. ويعتبر أن تناول هذه الفترات الثلاث يمكن أن يقدم لنا تأريخا لعملية السلام وكيف أنها مرت بأوضاع كارثية بالنسبة للفلسطينيين، وما يجعل من كلام «الخالدي» ذي أهمية عمله كمستشار للوفد الفلسطيني خلال مفاوضات أوسلو وبينما أشار الكثير من المحللين إلى أن الولاياتالمتحدة على مدى تاريخ الصراع الفلسطيني لم تتخذ موقفا محايدا، فإن الخالدي يطور هذه الرؤية ويوثق لما يؤكد أنه انحيازات واضحة لواشنطن . وعلى سبيل المثال فإنه خلال مرحلة ريجان يشير إلى أن واشنطن وقفت بقوة خلف إسرائيل، حيث سعى الجانبان – واشنطن وتل أبيب – إلى إجبار الفلسطينيين على قبول حل يتضمن اعترافهم بعدم قيام دولة مستقلة. وبشكل عام يشير الخالدي إلى أن الإدارة الأمريكية عملت على إضعاف الطرف الفلسطيني خلال تلك المرحلة، كما يناقش المؤلف الأفكار الأساسية لأمريكا بشأن الفلسطينيين واصفا لغتها بأنها مزدوجة، حيث إنها فيما كانت تحاول ان توحي للمفاوض الفلسطيني بحرصها على أنها تسانده في بحثه عن السلام، كانت على الجانب الآخر تفعل الكثير من أجل تقويض العملية أكثر من الإسرائيليين أنفسهم. ويضيف «الخالدي» أن الولاياتالمتحدة خلال تلك الفترة أقدمت على مجموعة من السياسات التي بدت مناصرة لإسرائيل بشكل يقوض مصداقية أي حديث عن نزاهتها في الوساطة بين الطرفين، ويجعل من الحديث عن نزاهتها بمثابة نوع من الترهات. أما في مفاوضات مدريد التي عايشها المؤلف عن قرب، فيشير إلى مفارقة أن موقف الولاياتالمتحدة كان أكثر تشددا من تل أبيب بما في ذلك رئيس وزرائها في ذلك الوقت إسحاق شامير. من المذهل ما يرويه «الخالدي» من أنه في بعض النقاط كان الإسرائيليون يقدمون نقاطا تفاوضية أفضل مما كان يعرضه الأمريكيون. أما بالنسبة لأوباما فيقرر أنه اتبع نفس سياسة أسلافه ويصفه بالسياسي البراجماتي الحذر يفضل السير في الجانب الآمن