بعد عدة مطالبات تقدم بها الرئيس الفلسطيني "محمود عباس" للقيام بزيارة إلى الأراضي الإيرانية، أكد مساعد رئيس البرلمان الإيراني للشؤون الدولية "حسين شيخ الإسلام"، صباح اليوم الأربعاء، أن طهران رفضت طلب "عباس" لزيارتها. وأوضح مساعد رئيس البرلمان الإيراني للشؤون الدولية، أن المسؤولين الفلسطينيين طلبوا زيارة الرئيس "أبو مازن" إلى إيران أكثر من مرة، ولم ترد عليهم السلطات الإيرانية بشكل إيجابي. ونفى "شيخ الإسلام" وجود أي خلاف مع حركة "حماس"، مؤكدًا أن الأنباء التي تحدثت عن وجود توتر بين بلاده وحركة الجهاد الإسلامي محض كذب وافتراء. خبراء الشأن السياسي أكدوا أن رفض البرلمان الإيراني لا يعتد به؛ لأنه ليس سلطة عليا في إيران، فضلًا عن أن الأخيرة تنحاز دومًا إلى "حماس" على حساب السلطة الشرعية في فلسطين. "جمال أسعد" المفكر القبطي، رأى أن هذا الموقف يدل دلالة قاطعة على أن هناك متشددون في إيران، لازالوا لا يستوعبون التغييرات التي وقعت في المنطقة، وما تشهده الأراضي الفلسطينية في ذلك الوقت. وأشار إلى أن البرلمان الإيراني رفض تلك الزيارة، في المقابل وافق على زيارات وزير الخارجية الفرنسي، ورئيس وزراء إيطاليا، ويعقدون اللقاءات وفقًا للمصلحة الحالية والتي لا لا تلبث وتتبدل. وأوضح أن إيران تدعي أن إسرائيل هي العدو الأكبر لها، وفي نفس الوقت لا تساهم في حل القضية الفلسطينية، وتتحالف مع حماس ضد الرئيس الفلسطيني "محمود عباس" ومنظمة التحرير الفلسطينية. وتابع، هذا الموقف يؤكد بلا شك أن حديث إيران عن فلسطين ليس سعيًا لحل أزمتها والوقوف جانبها قدر كونها تتاجر به؛ لأنها تتابع وتنسق مع فصيل وتترك الأخر، وتغلب طرف حماس على طرف الرئيس "أبو مازن"، وعن خروج الرفض من البرلمان الإيراني، لفت إلى الأدوار في السلطة الإيرانية يتم توزيعها. "يسري العزباوي"، الباحث بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية والسياسية، رأى أن الرفض الإيراني لتلك الزيارة، سوف يتسبب في أزمة بالغة في العلاقات الفلسطينية مع إيران، والتي تعتبر نفسها مدافعة عن فكرة المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي. وتوقع أن يكون ذلك الرفض بوازع أو مباركة من حركة حماس التي تتفاعل مع الكيان الصهيوني، في ظل تحسن علاقتها مع السلطات الإيرانية، موضحًا أن الأمر بالفعل يؤثر على طهران؛ لأنها لا تريد حل للمشاكل العربية معها. ولفت إلى أن رفض البرلمان لتلك الزيارة لا يعتد به؛ لأن المرشد الأعلى "علي خامنئي" له سلطة أعلى، وهو من يحدد، القبول أو الرفض، موضحًا أن شكل العلاقة بين الرئيس الفلسطينيوطهران أصبحت متوترة للغاية، ومليئة بالشد والجذب. ولفت إلى أن السلطات الإيرانية تتعامل مع حركة حماس بشكل أعلى، رغم انسحاب الأخيرة من الملف السوري، وأخذلت الإيرانيين في سوريا، ورغم ذلك هناك إعادة لتفعيل العلاقات بين إيران وحماس من جديد، الأمر الذي يزيد من المشاكل بين الدول العربية في الشرق الأوسط. "مختار غباشي"، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية، قال إن توتر العلاقة بين السلطة الفلسطينيةوإيران مبعثها خصوصية علاقتها بحركة حماس، مشيرا إلي أن الاتفاق النووي الإيراني قلب الأوزان في المنطقة العربية، وأصبح لها وجود في الساحة الإقليمية والدولية بشكل شرعي، وهو ما دفع "أبو مازن" إلي الرغبة في زيارة طهران. وأضاف أن محمود عباس يرغب في تصحيح العلاقة التي توترت في الفترة الأخيرة، إما لخدمة أطراف دولية أو إقليمية، أو دخولها في مفاوضات مع إسرائيل كان عنصر مانعا، دون إدراكه بأن القضية الفلسطينية في أمسّ الحاجة إلي علاقات متوازنة مع كافة الأطراف. وأوضح أنه من الأهمية للسلطة الفلسطينية إقامة علاقات متوازنة مع إيران، خاصة في ظل موقفها المُعادي للكيان الإسرائيلي، واليوم باتت إيران طرف إقليمي قوي سواء، وأصبحت تشكل عنصر ضغط يجب أن يستفيد منه لصالح القضية الفلسطينية. وأشار إلي أن العلاقات بدأت تختلف بعد الاتفاق النووي، وهناك أطراف عربية تسعى لتحسين علاقتها بإيران، وزيارة "أبو مازن" نوع من جس النبض للواقع الفلسطيني. وعن التحفظ الإيراني من الزيارة، فسر ذلك بان إيران إما متحفظة أو "متبغددة" وتريد توجيه رسالة للسلطة الفلسطينية بأن الأمر ليس سهلًا، ولسان حالها يقول: "سبق أن قاطعتني لخدمة أطراف دولية وإقليمية، والتي تسعي اليوم لتحسين علاقتها معي، وأنت جئت لذلك الغرض".