الحصاد المر للإعلام الرسمي بقلم : طلعت المغاوري الجمعة , 02 سيبتمبر 2011 02:31 عشنا لوقت طويل في وهم الريادة الإعلامية حيث ظل وزير الدعاية صفوت الشريف علي مدي 20 عاماً يغني علي ربابة الريادة الوهمية.. وبعد سقوط نظام الطاغية حسني مبارك.. أفقنا علي صفر الإعلام المصري.. الصحف الحكومية تدهورت حالتها وأصبحت لا تسبح إلا بحمد النظام تنصره وتنحاز له ظالما ومظلوماً حتي أوشكت علي الإفلاس وأصبح لديها مديونية نحو 7 مليارات جنيه.. أما عن التليفزيون المصري فالخيبة حصري تحول إلي عجوز شمطاء متهالكة لا يصلح معها أية وسيلة للخروج من الحالة المرضية التي أصيب بها وأصبح وفاتها حتمية.. وسبحان من يحيي العظام وهي رميم.. .. أين أنت يا زمن الريادة ويا زمن الفهلوة الإعلامية التي عشناها علي مدي ثلاثين عاما في ظل ديكتاتور لا يعرف الرحمة وكل يسبح بحمده.. يحاولون الآن فتح الأبواب والنوافذ ولكن كيف والحالة متأخرة وربما لا يسعفهم الوقت بعد أن هرب المشاهد إلي القنوات الخاصة والعربية.. بعيداً عن برامج ومسلسلات لا يعجب بها ولا يشاهدها إلا من صنعوها في مقابل إنفاق مئات الملايين سنوياً والنتيجة ديون تبلغ نحو 13 مليار جنيه علي اتحاد الإذاعة والتليفزيون.. لماذا أصبح التليفزيون الحصري المصري طارداً للمشاهدين، .. إنه الكذب والنفاق والتملق الذي أفسد وسمم الحياة هو السبب لما وصل إليه.. كانوا يقلبون الحقائق ووزراء الإعلام السابقون يمسكون الجهاز بقبضة من حديد.. كل همهم رضاء سيدهم حتي ولو غضب كل الشعب.. كانت الرسالة الإعلامية الموجهة إلينا هي موتوا بغيظكم حتي ولو كانت النتيجة هي الفشل حصري علي التليفزيون المصري.. وكان التخبط منذ قيام ثورة 25 يناير إلغاء وزارة الإعلام وإعادتها مرة أخري فلماذا ألغيت ولماذا عادت؟ تحول مبني ماسبيرو إلي مجال واسع للاعتصامات والاضطرابات بسبب الفارق الكبير في المرتبات والتفاوت غير المبرر فهناك من يحصل علي الملاليم وهناك من يحصل علي الملايين دون وجه حق.. استغل الجميع قيام الثورة للمطالبة بمصالح فئوية بدلا من ان يستغلوا هامش الحرية الذي أصبح متاحاً للجميع.. ظل الجهاز العتيق علي نفاقه لم يعد هناك رئيس ولكنه أصبح لدينا رئيس للمجلس الأعلي للقوات المسلحة.. لذلك ظل التليفزيون يبحث عمن ينافقه رغم أنه لم يعد مطلوبا منه ذلك.. لذلك ظل المشاهدون منصرفين عنه وسقط من حساباتهم.. تحول العاملون في هذا الجهاهز الحيوي إلي موظفين ينتظرون مجئ أول كل شهر للحصول علي رواتبهم.. تحول معظم العاملين في هذا الجهاز الي «تنابلة السلطان» فلم يعد هناك أي عائد أو مردود من الفرجة علي خيبة التليفزيون الحصري.. لا مشاهدة ولا إعلانات رغم ان هذا الجهاز العتيق يذيع نفس المسلسلات التي تذاع علي القنوات الخاصة؟.. فإذا بالخراب الحصري للمحطات الرسمية في الوقت الذي تحصد فيه المحطات الخاصة عشرات ومئات الملايين من الجنيهات كعائد من عرض تلك المسلسلات وكذلك برامجها وربما نشرات الأخبار التي تذيعها.. ما السر يا وزير الإعلام وإلي متي تستمر الخيبة حصري علي التليفزيون المصري؟ هل هناك تليفزيون في الدنيا يبلغ عدد العاملين فيه 43 ألف عامل.. ماذا يفعل هذا الجيش الرهيب؟.. وهل يعقل ان يكون من بينهم 6 آلاف شخص فرد أمن.. من أين يأتون بنحو 150 مليون جنيه للمرتبات شهريا.. ولماذا ينفق هذا الجهاز البالي نحو 2 مليار جنيه سنوياً؟ وما هو العائد المادي والمردود الثقافي والعلمي والتربوي والتعليمي والترفيهي من وراء 21 محطة تليفزيونية وعشرات المحطات الإذاعية التي لا يشاهدها ولا يسمعها أحد.. هل التليفزيون الذي كان يحصد إعلانات في رمضان خلال الأعوام الماضية علي 300 و400 مليون جنيه.. هو نفسه التليفزيون الذي حقق هذا العام مليون جنيه فقط.. «يا وقعة سودة».. عائد كل التليفزيون خلال رمضان هو مليون جنيه فقط.. وما هي رسالة الفشل التي يقدمها حتي يحصل علي هذا الفشل غير المسبوق؟.. هل يعقل ان عدد العاملين في جهاز ماسبيرو يظل لغزاً لا يعلم عددهم إلا الله؟ قالوا إنه 37.5 ألف وأخري 40.5 ألف وخاصة 43 ألفا وتحول عددهم إلي لوغاريتم.. يضاف إلي الفشل فيما يقدمون للمشاهد. لقد كانت قرارات أسامة هيكل وزير الإعلام بالاستغناء عن خدمات 385 مستشارا من الذين عششوا لسنوات طويلة في ماسبيرو وكانوا يحصلون علي ملايين الجنيهات سنويا.. ولكنه في نفس الوقت قام بتعيين مستشارين آخرين بعد إحالتهم إلي الاستيداع مثل رئيسة التليفزيون السابق ورئيس قطاع الأمن فهل هذا هو الإصلاح وتلك هي الهيكلة التي يقودها الوزير «هيكل»؟ هل يستطيع أحد سواء وزير الإعلام أو أحد مستشاريه فك طلاسم ولوغاريتمات هذا الجهاز الرهيب.. ويقول لنا لماذا سقط هذا الجهاز. ولماذا ترهل إلي هذا الحد بحيث أصبح عبئا كبيراً علي ميزانية الدولة ولابد من اتخاذ قرارات حاسمة للعودة به إلي صوابه.. وإلا فيغلقوه «بالضبة والمفتاح» ويكتفوا بقناة واحدة أو قناتين.. مع فتح باب المعاش المبكر لخفض أعداد العاملين.. فمثل هذا الجيش لن يعمل حتي ولو جاءوا بأعظم الخبراء لإعادة هيكلته.. فمن يريد ان يعمل هناك عشرة علي الأقل يريدون إعاقته وخاصة أن التليفزيون قد تحول إلي قهوة للموظفين عمليا؟ اين يتحقق أي تطوير كما نحلم ويحلم وزير الإعلام ليس بلجان التقييم التي شكلها فكم من اللجان تشكلت وكم من التوصيات صدرت.. بلا فائدة فالحل الجذري يجب أن يتم من خلال خفض أعداد العاملين إلي الربع علي أكثر تقدير ودورات تدريبية والتخلص من وجوه انتهي عمرها الافتراضي علي الشاشة .. شجر جميز وتهتهة في الأداء واستظراف أحيانا ومقاطعة مستمرة للضيوف.. وجوه مرهقة بالهموم والمشاكل كيف لها ان تجود في أدائها؟ بماذا ستحكم لجنة تقييم وزير الإعلام والمشاهد قد ولي وجهة عن الشاشات الكثيرة التي يقدمها التليفزيون المصري؟.. هل سيقولون له انسف حمامك القديم وكفاك بثلاثة أو أربع محطات.. هل سيقولون له انسف كل المذيعين والمقدمين والمخرجين والذين جاءوا بالواسطة ولا يحملون أية موهبة.. هل ستقبل حكم الإعدام علي كل البرامج وكل الموظفين في الأرض الذين لا يقدمون شيئا غير إفشال جهود من يحاولون العمل؟.. أم ان هناك من سيقول إن البلد «مش ناقص مشاكل وأزمات» وكله تمام وأهل ماسبيرو ناس زي الفل والعيب في المشاهدين الذين لا يستطيعون تقدير الرسالة الإعلامية المطاطية المهلبية التي تقدم حصري علي التليفزيون المصري؟ لقد كان لدي وزير الإعلام المصري فرصة لتقليل حجم الخسائر لدي التليفزيون ولكنه أهدر الفرصة.. حين سمح للمحطات الخاصة والعربية والعامية بنقل محاكمات الرئيس السابق ورموز نظامه علي الهواء مباشرة مجانا. وكان في استطاعته أيضا فرصة «لوجو».. شعار التليفزيون المصري أيضاً للحصول علي الدعاية التي تذرع بها لمنحهم إشارة البث مجاناً.. أليس هذا إهدارا للمال العام وكانت فرصة لتعويض ضياع الإعلانات منه خلال شهر رمضان.. ولكنه استمرار للخيبة الحصري علي التليفزيون المصري.. وزير الإعلام جاء لإعادة هيكلة التليفزيون المصري قام باختيار رئيس جديد ورؤساء للقنوات ومع كل تغيير يتحدثون عن شاشة جديدة وجذابة جاذبة للمشاهدين.. وبرامج ستجمع مشاهدي العالم حول شاشة التليفزيون المصري.. وسرعان ما تتبخر الوعود والكلمات ويستمر الهم الحصري. يا وزير الإعلام المسكنات لن تجدي ولابد من البتر لوقف هذا السرطان في الجسد الإعلام الممدد في غرفة الإنعاش.. قناة واحدة رسمية تكفي وتحويل باقي القنوات الي هيئة مستقلة اقتصادية تشبه هيئة الإذاعة البريطانية مع تخفيض أعداد العاملين بالمعاش المبكر وحريات ملتزمة لا تجور علي حقوق الآخرين انسفوا عقلية الموظفين وتعلموا من المحطات الخاصة إذا كنتم تريدون الإصلاح؟