تحاول إيران إعادة رسم علاقتها بدول الخليج العربي منذ توقيع الاتفاق النووي مع الدول الست الكبري، وأعلن حسين أمير عبداللهيان، نائب وزير الخارجية الإيرانى فى الشئون العربية والأفريقية، أن المرحلة الأولى من المحادثات بين إيران والدول الست "الإمارات والبحرين والسعودية وسلطنة عمان وقطر والكويت" ستنطلق يوم 22 سبتمبر المقبل. وقال عبداللهيان، إنه تم التوافق على اقتراح وزير الخارجية الايراني "محمد جواد ظريف" بعقد حوار مع دول الخليج المسمى ب"جى 7" بفضل جهود ومساعى وزارتى الخارجية القطرية والعمانية. وأوضح عبداللهيان، بأن الهدف من إجراء هذه المحادثات هو التوصل إلى فهم مشترك ومتبادل لمواجهة الأزمات الإقليمية وتحقيق السلام والأمن والاستقرار. فيما قال محمد محسن أبو النور، الباحث في العلاقات الدولية والشأن الإيراني، إن الدول الخليجية ستنخرط في الحوار الدبلوماسي مع إيران بعد أن استنفذ الجميع كل الخيارات المتاحة، ولم يبق إلا حل واحد وهو اللجوء إلى طاولة الحوار. ورأى أن الحوار الذي يسمي ب"جي 7" سيشمل نطاق أوسع من الدول، لافتا إلى أنه من المحتمل إشراك تركيا في جلسات الحوار، وهو ما يعني أنه لا مكان لمصر تلقائيا في الحوار، بسبب عدم انخراطها في الملفات العربية السائلة محل التفاوض وعلى رأسها الوضع في سوريا. وأضاف أن الدول الخليجية ستتعامل مع إيران بمعزل عن الدور المصري، تأكيدا لأولويات السياسة الخليجية الرافضة تماما ونهائيا لأي تقارب "مصري - إيراني"، وهو ما حدث سابقا عندما استضافت القاهرة الحوار الرباعي بخصوص سوريا بالاشتراك مع أنقرةوالرياض وطهران، ولم يحضر وزير خارجية السعودية وبالتالي باء الحوار بالفشل. وعن إمكانية الضغط الخليجي علي مصر لتحسين علاقتها بإيران، أوضح أن الموقف المصري الراهن من إيران هو ما تريده دول الخليج، فدول الخليج وعلى رأسها الرياض وأبو ظبي تريد أن تبقى مصر منعزلة كليا عن إيران، لأنها ترى أن أي تقارب "مصري - إيراني" سيضر الخليج ضررا رئيسيا ومباشرا. وأوضح أن الدعم الخليجي المالي والنفطي لمصر هو ما يجعلها تبقى في معزل عن مناطق نفوذها الحيوية وخاصة ما يتعلق بالحوار مع إيران، كما أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تريد أن تحاور إيران لكنها أيضا لا تريد لحلفائها الدخول في محاورات مع إيران. وقال "الإيرانيون بارعون في التفاوض وهم ملوك الدبلوماسية كلما اقتضت الضرورة، والحقيقة تشير إلى أنه من دون قوة فعلية أو مقاطعة فإن إيران ستزيد من وزنها النسبي في المنطقة على حساب الأوزان النسبية الأخرى المتمثلة أولا في القاهرة ثم الرياض". بينما أشار السفير محمود فرج، قائم الأعمال مصر السابق بإيران، إلي أن هذا الطرح تسعي إليه إيران بغرض تطبيع علاقتها بدول الخليج، والذي يحقق لها منافع اقتصادية وسياسية بعدما انتهت من التوصل إلي الاتفاق النووي الإيراني. وأوضح أن إيران تريد أن تنتصر في كل مكان وتحقق أطماعها السياسية والاقتصادية في المنطقة، مشيرا إلى أن أول جبهة تتحرك عليها هي الخليج، حيث تمتلك إيران 1250 كيلو متر مربع علي الخليج. وتابع أن من شأن المباحثات طمأنة دول الخليج بعدم تدخل إيران في شئونهم، والتهدئة وتحقيق نوع من التوافق الذي تسعى إليه إيران بعدم التدخل في شأن الجماعات الشيعية الموجودة في دول الخليج في الإمارات والبحرين والسعودية. ورأي طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، إن إعلان إيران عن مباحثات مجرد استطلاع للرأي ولم يتحدد بشكل نهائي، مشيرا إلى أنها مجرد رسائل موجهة لم تتبلور، لان جدول الاعمال غير واضح المعالم، وهناك جملة من الاعتراضات علي شكل الحوار ومضمونه، بالإضافة إلي الموقف الأمريكي والدول الكبري في الإقليم وعلي رأسهم مصر. وأكد أن اى حوار لابد ان يتضمن مواقف الاطراف الاخرى أي رد فعل دول الخليج، موضحا أن هذه المباحثات تعكس الرغبة الإيرانية في أن تكسب الجميع لحين تنفيذ بنود الاتفاق النووي في العام المقبل. وأضاف أن إيران بذلك توجه رسائل طمانة للجميع بدعم امريكي، لكن الأمر يحتاج بعض المفاوضات للوصول إلى جدول أعمال ومواقف كل الأطراف ليس فقط مجرد اتصالات. وأكد أن الموقف المصري سيكون حاكم لهذه اللقاءات، ولا أحد يستطيع ان يغيب الدور المصري، كما أن مصر لن تدخل مفاوضات تحت عباءة احد، مضيفا أن الموقف أولي حتى تتضح الرؤية.