عن الأسباب التي حالت بين الأجهزة الرقابية والقيام بدورها المؤثر في ملاحقة الفساد استطلعت «الوفد» آراء عدد من خبراء القانون وبعض المسئولين. من جانبه قال سامر عطا الله أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأمريكيةبالقاهرة إن ثمة ضرورة لتمتع الأجهزة الرقابية وعلى رأسها الجهاز المركزي للمحاسبات بحق تحريك الدعاوى القضائية مباشرة كما هو الحال في عدد من الدول الأوروبية.. وإن هناك ضرورة لمعرفة حدود السلطة المتاحة للجنة الأمن القومي بالبرلمان أو غيرها حيال الرقابة على الجوانب المتعلقة بالأمن القومي وما إذا كان الأمر يقتصر على منحها حق الاطلاع فقط على قرارات السلطة التنفيذية وتوجهاتها في هذا الشأن، أم يمتد لمنحها حق المراجعة والمحاسبة لتلافي الفساد المتعلق بتحقيق أي مسئولين لمصالح شخصية أو فساد التوجهات نفسها من حيث عدم ملاءمتها للصالح العام. بينما يرى محمد عمر وهبة رئيس هيئة الرقابة الإدارية أن عدد الأجهزة الرقابية في مصر يصل إلى 3 أجهزة فقط وليس كما يردد البعض حتى من المسئولين أنها 29 أو 33 جهازا مؤكدًا أن الأجهزة الرقابية تتمثل في (هيئة الرقابة الإدارية، والجهاز المركزي للمحاسبات، ومباحث الأموال العامة في وزارة الداخلية). وأشار أيضا في مؤتمر عقد تحت عنوان «الظهير الدستوري لمفوضية مكافحة الفساد بمشاركة مركز العقد الاجتماعي الجديد والبرنامج الانمائي للأمم المتحدة الي أن كل الاجهزة الرقابية الأخرى يطلق عليها أجهزة نوعية أي تتبع وزارة أو جهة مثل الرقابة علي المصنفات الفنية والصادرات والواردات وغيرهما من الأجهزة الأخرى. ويتبع الجهاز المركزي للمحاسبات -الذي يراقب مالية المؤسسات والهيئات الحكومية في مصر- رئاسة الجمهورية مباشرة وهو وضع لا يبدو أنه يرضي رئيس الجهاز هشام جنينة الذي قال إنه يرى أن ثمة ضرورة قصوى لتعديل القانون المنظم لعمل الجهاز على نحو يضمن له المزيد من الاستقلالية.. وأضاف «جنينة»: «الجهاز أجرى صياغة لتعديلات مقترحة من جانبه على القانون على أن تُعرض على مجلس النواب بعد الانتخابات النيابية (المزمع إجراؤها هذا العام)».. وقال هشام جنينة: «ثمة ضرورة واضحة لضمان استقلالية رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات بالذات عبر تحصين موقعه من العزل من قبل رئيس الجمهورية كرئيس للسلطة التنفيذية». وقال رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات إنه لا يرى أن ثمة أي وضع خاص يمنحه القانون لجهات تسمى نفسها ب«السيادية» فيما يتعلق بكيفية الرقابة على أدائها على نحو يضمن عدم انجرافها إلى ممارسات يشوبها الفساد.. «ومع ذلك فلا يمكن توقع تعاون كامل من جهات ذات طبيعة حساسة -أو هكذا ترى نفسها- مع ممثلي الجهاز المركزي للمحاسبات أثناء تأدية عملهم في الرقابة عليها.. مقاومة كتلك تبديها هذه الأجهزة استناداً إلى ثقافة سابقة على ثقافة ثورة يناير تلك هي ثقافة المجتمع التي ترسخت عبر ممارسات استمرت لنحو ثلاثين سنة أدت لأن يمد الفساد جذوره في هذا المجتمع بالطبع يقاوم أصحاب المصالح في كل مؤسسات الدولة كل محاولات كشف الفساد». وأضاف هشام جنينة: «القانون يتيح لنا -أعضاء الجهاز المركزي للمحاسبات- من حيث المبدأ الحق في الرقابة على كل مؤسسات الدولة بما فيها وزارتا الدفاع والداخلية باستثناء ما يتعلق بصفقات السلاح وما إلى ذلك من شئون تتصل بالأمن القومي فتلك تناقش في لجنة الأمن القومي بمجلس النواب، أما عدا ذلك من أنشطة اقتصادية وخدمية فتؤديها القوات المسلحة على سبيل المثال أو أخرى تتصل بنوادي أفرادها فكلها تخضع لرقابة الجهاز وفقاً للقانون». اما عاصم عبدالمعطي وكيل سابق بالجهاز المركزى للمحاسبات فقال إن دور الأجهزة الرقابية الرسمية فى مصر غير فاعل لأنها تفتقر بشكل تام إلى الاستقلالية فى ظل تبعيتها المباشرة للسلطة التنفيذية التى تخضع قانونا لرقابة تلك الأجهزة وبطبيعة الحال لن يستقيم دورها الرقابى مادام تم تعيين رؤساء هذه الأجهزة من قبل رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الوزراء. وأضاف أن الكثير من تقارير كشف المخالفات المالية الصادرة عن الجهاز المركزى للمحاسبات الذى يُفترض أن يكون أحد أضلع مكافحة الفساد فى مصر لا تُفعل ولا يتم الأخذ بتوصياتها ونتائجها غير أن القانون الذى أُنشئ بموجبه قانون فاسد لا يمكّن المراقبين من رفع دعاوى قضائية بصفتهم الشخصية ولا يملك هذا الحق إلا رئيس الجهاز نفسه وهذا الدور الرقابى المترهل فى الأجهزة الرسمية يتطلب تدخلاً عاجلاً من صناع القرار لإعادة هيكلتها بما يمكنها من أداء وظيفتها بفاعلية.