يقال إن طريق النجاح يحتاج إلى أمر واحد.. وهو أن تُخلص لفكرة أو تؤمن بمبدأ.. ويقال أيضاً: إن التفريط فى المبدأ هو خطوة أولى للسقوط.. عندما تحمس «طارق العريان»، وهو مخرج صاحب رؤية، لإخراج فيلم «ولاد رزق»، كنت مثل كثير من الناس مؤمن بأن الفيلم سيكون جيداً وحاملاً لكل مواصفات الجودة.. ففى رأس الرجل خيال واسع، ويعرف جيداً كيف يغازل السوق.. ولكن بعد مشاهدة الفيلم تأكدت أن «العريان» لم يضع المشاهد فى حساباته، لكنه راهن فقط على شباك التذاكر.. نسى «العريان» أنه أمام مشاهد تغيرت قواعد اللعبة بداخله، فهو يريد أن يرى سينما ناضجة تعبر عن همومه دون أن تصدم مشاعر أو تجرح حياءه. لست من أنصار النظرية التي تروج لفكرة أن شعبية «عز» تراجعت بسبب خلافه الشهير مع الفنانة «زينة»، لأن الجمهور بات واعياً وقادراً على الفصل، وقادراً أيضاً على الاختيار، فالعمل الجيد يفرض نفسه مهما كانت المتغيرات والمؤثرات. فى «ولاد رزق» تجد قصة مثيرة، من تأليف صلاح الجهينى، عن أربعة أشقاء تدفعهم الظروف للسير فى طريق الحرام.. ويمثل الأخ الكبير الذي قام بدوره «أحمد عز» صوت الضمير، فهو لا يفضل أن يعيش عمره كاملاً مطارداً وغارقاً فى الحرام، لذا يفكر أشقاءه بأن الحرام مرحلة مؤقتة.. تلك هي فكرة الفيلم الرئيسية، لكن «العريان» مخرج الفيلم أفرط فى عناصر الجذب التجارى، تنازل كثيراً من أجل هذا الغرض.. ظهر العرى واضحاً، والجمل الإباحية والإسقاطات الجنسية المباشرة بشكل فج.. كان الحوار صادماً إلى حد كبير، لذا فقد «طارق العريان» جزءاً كبيراً من رصيده.. لا أحد يستطيع الإنكار أن الفيلم غنى إخراجياً، خصوصاً أن المخرج يمتلك أدواته جيداً ولديه وجهة نظر وبصمة مختلفة عن الآخرين.. ولعل مونتاج أحمد حمدى في «ولاد رزق» كان رشيقاً، فلا يوجد قطع في الفيلم سريع أو عنيف، المونتاج جيد والموسيقى التصويرية التي قدمها هشام نزيه معبرة عن القصة ومنسجمة إلى حد كبير مع إيقاعه وأحداثه السريعة. ويضم «ولاد رزق» أربعة نجوم هم: أحمد عز وعمرو يوسف وأحمد داوود وأحمد الفيشاوى.. كان أداء «عز» عادياً ولم يقدم أى جديد يزيد من رصيده.. والأمر نفسه ينطبق على عمرو يوسف.. لكن أحمد الفيشاوى يعيد اكتشاف نفسه ويعلن للقريب والبعيد أنه ممثل من طراز مختلف، ولديه قدرة ومهارة على التنوع والانتقال من حالة انفعالية لأخرى دون عناء أو مجهود.. ونقف كثيراً أمام أداء الموهوب «أحمد داوود»، أداؤه رشيق، وانفعالاته حاضرة، ولديه ترمومتر لقياس ردود الفعل.. قدم دور البلطجى بصورة كوميدية، وفي الشخصية تحولات كثيرة، كان بارعاً في ضبط التحولات الموجودة في الشخصية، ولم يفلت منه أي انفعال.. نجح أحمد داوود في لفت الأنظار إليه بقوة، وبأدائه الرشيق وحركاته السهلة، فهو يجيد الربط بين الحوار وبين ملامح الوجه، لذا من السهل أن يصل إلى قلب المشاهد.. ولم يكن العنصر النسائى حاضراً فلم تقدم نسرين أمين دوراً مختلفاً يضيف لرصيدها، على رغم أنها فنانة موهوبة ولديها أدوات جيدة. ولم تضف «ندا موسى»، التي أدت دور حبيبة عمرو يوسف، أي جديد.. ولو خرجت من الفيلم فلن تتأثر الأحداث ولن يحدث أى خلل. في «ولاد رزق» غنت «أصالة» وكأنها تريد إضافة عنصر نجاح آخر.. جاءت الأغنية في الختام لكنها لم تكن لافتة، لأن المنتج الإجمالى ليست جيداً.. باختصار نحن أمام فيلم توافرت فيه كل عناصر الخلطة التجارية، لكنه فشل في جذب الجمهور، فقد غنت «أصالة»، وتنازل طارق العريان، ولم يفلح «عز» في جنى الإيرادات كعادة أفلامه الأخيرة.