ارتفعت معظم مؤشرات الأداء مؤخرا وبدأ الاقتصاد يدخل مرحلة التعافى بعد خمس سنوات عجاف منذ اندلاع ثورة يناير 2011 ومرورا بحكم الاخوان وسخط الشعب المصرى باندلاع ثورة 30 يونية 2013 والتى أنقذت الاقتصاد المصرى من الانهيار التام بفعل الاحداث السياسية وفشل الحكم وقد كانت رؤى وتحليلات الاقتصاديين والخبراء قبل يونية 2013 تؤكد ان البلاد على حافة الإفلاس من خلال مؤشرات اداء كافة القطاعات الاقتصادية التى تراجعت بشكل كبير مع استمرار توقف عجلة الانتاج وتعثر الكثير من المصانع منذ 25 يناير وحتى وقت قريب وتدهور تدفقات الاستثمار الاجنبى والمحلى معا، مما ادى الى تراجع معدل النمو الاقتصادى الى اقل من 2% وقد شكل عام حكم الاخوان لمصر بقراراته السياسية والاقتصادية حالة من الفشل انعكست على كثير من الفئات والطبقات وخلقت حالة من عدم الرضا والسخط الشعبى الذى واصل الاحتجاجات والمظاهرات فى الشوارع ضد الاقصاء الدينى ومحاولات أخونة الدولة وانعكست حالة الفشل على الوضع السياسى والاقتصادى والغضب الشعبى الذى ادى الى سحب الثقة من حكم الاخوان لانقاذ البلاد من حالة التدهور والسقوط ومع حالة التوتر والاضطراب قبل يونيو سيطرت حالة الترقب وخشية رجال الاعمال سواء الاجانب او المحليين من التوسع فى انشطتهم فهناك حقيقة وهى ان «رأس المال جبان» فلا يستطيع المستثمر فردا او حكومات ان يغامر بثروته فى اوقات الريبة وهو ما أدى الى تدهور الاستثمارات وبالتالى تراجع النمو وزيادة العجز وكافة مؤشرات الدولة. وقد ادت حالة الفشل لحكم «مرسى» الى الخلل فى سعر الصرف مما ادى الى فقد الجنيه لنحو 20% من قيمته امام العملات الاجنبية فى وقت لا توجد لدى الدولة موارد دولارية مما اثر سلبا علي قيمة العجز بالموازنة العامة للدولة، فضلاً عن العجز في تدبير العملات لتسديد واردات مصر السلعية، مما خلق سوقا موازية لسعر الصرف الرسمي. تلك العوامل ساهمت بشكل مباشر في تدهور التصنيف الائتماني الخاص بمصر والذى انخفض 6 مرات منذ ثورة يناير اثنان خلال المراحل الاولى لثورة يناير وانخفض 4 درجات خلال حكم مرسى، وما تبعه من ارتفاع أسعار فائدة القروض التى عقدتها مصر سواء من الداخل أو الخارج. بلغت 3% بأكثر مما هو سائد عالميا وهروب الاستثمارات، فلم يدخل مصر سوى 400 مليون دولار استثمارات اجنبية خلال العام السابق لثورة يونية وتراجع معدلات الجذب السياحي، وانخفاض الاحتياطى النقدى بصورة كبيرة وتعويض جزء منه عبر الاقتراض من دولتى قطر وتركيا ليصل الى الى 14٫9 مليار دولار بالدعم فضلاً عن تزايد عجز الموازنة العامة للدولة والتى بلغت 240٫5 مليار جنيه بنهاية يونيو 2013 اضافة الى ارتفاع الديون الخارجية على مصر والتى بلغت نحو 45 مليار دولار مما ادى الى زيادة الاعباء على الدولة وضعف الانتاج والاستثمار ادى لتراجع معدل النمو الاقتصادى الى 1٫8% معظمه نتيجة للطلب الاستهلاكى وانخفضت السياحة بنحو 34٫7% حيث تراجع عدد السياح من 12٫2 مليون الى 7٫9 مليون سائح من يوليو 2012 حتى يونية 2013. وتراجعت الاستثمارات الكلية المنفذة بخطة الدولة للعام المالى 2012/2013 عام تولى الاخوان المسلمين الحكم بنحو 3٫7% عن العام السابق الذى شهد ثورة 25 يناير حسب مؤشرات الاداء الاقتصادى الصادرة عن وزارة التخطيط، وانخفض معدل الاستثمار بوجه عام، إذ شهد انخفاضا خلال العام الماضى ليصل الى 14٫2% مقابل 16٫2% بينما بلغ معدل الادخار المحلى 7٫2% مقابل 8% واتساع الفجوة بين الاستثمار والادخار المحلى لتصل الى 7% من الناتج المحلى الاجمالى وللأسف فإن التخطيط تحول من تنمية الدولة المصرية الى تمكين الاخوان وكان اولويات للاقتراض وتنمية «العشيرة» وبيع الوطن مرحلة قادمة. ونأتى الى الوضع الاقتصادى الراهن الذى تكشفه مؤشرات الأداء، يشير الى أن الاقتصاد المصرى يسير فى الاتجاه الصحيح فقد شهد بالارقام تحسنا فى كثير من القطاعات خاصة مع الرسائل الايجابية التى وجهها الرئيس عبدالفتاح السيسى لمجتمع الاعمال المحلى والاجنبى ببدء عدد من المشروعات الكبرى بدات بمشروع حفر قناة السويس الجديدة ومشروعات الطرق وتنفيذ عدد من المشروعات بمدى زمنى محدد مدته عام واصدار عدد من التشريعات والقوانين أو نظرا لتدهور الأوضاع فقد ساهمت المساعدات والقروض العربية الخليجية لمصر فى أعقاب ثورة 30 يونية في تجنب البلاد ازمات كبرى. وبدا التحسن فى الاقتصاد نتيجة توجيه حزم من التحفيز بعد ثورة يونية مباشرة والتى ساهمت فى تنشيط القطاعات المختلفة وأدت الى زيادة النمو ليتجاوز بعد فترة اقل من 6 شهور 2٫2% ويرتفع لنحو 3% بعد عام ويصل حاليا لأكثر من 4% مع توقعات بزيادتة خلال العام القادم 2015/2016 ليصل الى 5%. وحسب احدث المؤشرات فإن معدل البطالة قد انخفض من 13٫6% ليصل الى 12٫6% وتراجعت نسبة عجز الموازنة الى 10٫5% مقابل اكثر من 13٫4% من الناتج المحلى الاجمالى ومتوقع ان يصل العجز الى 8٫5% بخطة العام القادم. كما ارتفع معدل الاستثمار خلال الربع الرابع لعام 2013/2014 ليبلغ 18% مقابل 14.1% خلال الربع الثالث فى حين كان 13.7 % خلال الربع الثانى من العام ذاته. وقد أدى النجاح الكبير لعقد مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى الى تعزيز الثقة فى الاقتصاد المصرى وجذب استثمارات كبيرة فى مجالات متعددة فى البترول والطاقة وغيرها والتهافت الدولى على الاستثمار فى مصر فضلا عن حجم المساعدات العربية التى حصلت عليها مصر خلال المؤتمر وساهمت فى تعزيز الاستقرار الداخلى. كما أدى التحسن فى الاداء الاقتصادى الى قيام مؤسسات التصنيف الائتمانية الدولية برفع تصنيف مصر مؤخرا بنحو درجتين. وقد انتهت وإلى الأبد ظاهرة السوق السوداء لسوق الصرف الاجنبى والمضاربة على سعر الدولار فضلا عن ان الثورة أوقفت ماكينة طبع البنكنوت وتبقى ارتفاعات اسعار السلع تحديات تواجه النظام رغم ان لها اسبابا متراكمة عبر الزمن. وهناك مؤشرات التحسن المستمر فى ايرادات الدولة من السياحة حيث حقق ميزان الخدمات فائضا بلغ 4٫2 مليار دولار خلال الفترة من يوليو وحتى نهاية مارس 2015 الماضى مقابل 418٫2 مليون دولار فى الفترة المماثلة للعام الماضى نتيجة لارتفاع ايرادات السياحة لتصل الى 5٫5 مليار دولار مقابل 3٫4 مليار دولار. وتشير البيانات الى ان الاستثمار الاجنبى المباشر حقق صافى تدفق للداخل بلغ 5,7 مليار دولار مقابل 3٫1 مليار دولار منها 2٫9 مليار دولار وذلك نتيجة لارتفاع الاستثمارات الواردة لتأسيس شركات جديدة او زيادة رؤوس أموالها ليحقق 2٫8 مليار مقابل 1٫7 مليار دولار خلال الفترة. كما ارتفع تدفق الاستثمار فى قطاع البترول الى 2 مليار مقابل 1٫3 مليار دولار والواردة لشراء عقارات لتصل الى 714 مليون دولار مقابل 93٫4 مليون دولار. وقد أكدت دراسة لمركز القاهرة للدراسات الاقتصادية برئاسة الدكتور عبدالمنعم السيد أن الشفافية والإفصاح والمشروعات القومية الكبرى ووضوح المشكلات الاقتصادية كانت من أهم أسباب تحسن أداء الاقتصاد المصري كما أن تحسن الأداء الاقتصادي يرجع إلى إرادة الشعب المصري متمثلة في عدم وجود مظاهرات ووقفات احتجاجية وفئوية خلال الفترة الماضية، والمشاركة الشعبية في المشروعات القومية وتمويل مشروع قناة السويس الجديدة بأكثر من 64 مليار جنيه خلال 8 أيام عمل فقط من ضمنهم 27 مليار جنيه أموال جديدة تم ضخها لشرايين الاقتصاد المصري مما أعطى ثقة دولية كبيرة في بدء تحسن الاقتصاد المصري. وترشيد الدعم وترشيد الإنفاق الحكومي بهدف تخفيض عجز الموازنة من 295 مليار جنيه إلى 245 مليار جنيه وإن كان العجز المتوقع سيتجاوز ال 250 مليار جنيه، ويظل هذا الشق تحديا امام الحكومات القادمة كما تظل ازمة ارتفاع الاسعار ومخاوف ضغوطها مستمرة خاصة بعد حدوث خفض تدريجى لسعر الصرف مؤخرا بلغت قيمته عشرين قرشا خلال اسبوع واحد. كما ان اقامة المشروعات القومية الكبرى مثل مشروع قناة السويس ومشروع تنمية الساحل الشمالي الغربي ومشروع المثلث الذهبي ومشروع بناء المليون وحدة سكنية وأيضاً مشروع استصلاح ال 4 ملايين فدان كل هذه المشروعات التي قامت الحكومة بالإعلان عنها والبدء في خطوات التنفيذ أعطت ثقة محلية ودولية في الاقتصاد المصري. وقد اقترب موعد افتتاح قناة السويس الجديدة رسميا وبالتأكيد سيعقبها مشروعات أخرى للبناء سوف المصريين وتحقق امالهم وبالتالى فإن كافة المؤشرات الحالية تشير الى ان الاقتصاد المصرى يتعافى بعد سنوات عجاف ويسير فى الاتجاه الصحيح.