أنقذت ثورة 30 يونية الاقتصاد المصرى من الانهيار التام الذى تعرض له بعد ثورة 25 يناير وعام حكم الاخوان المسلمين فقد ارتفعت معظم مؤشرات الاداء مؤخرا وبدأ الاقتصاد يدخل مرحلة التعافى وكانت رؤى وتحليلات الاقتصاديين والخبراء قبل يونيو 2013 تؤكد ان البلاد على حافة الإفلاس من خلال مؤشرات أداء كافة القطاعات الاقتصادية التى تراجعت بشكل كبير مع استمرار توقف عجلة الانتاج وتعثر الكثير من المصانع منذ 25 يناير وحتى وقت قريب وتدهور تدفقات الاستثمار الأجنبى والمحلى معا مما أدى الى تراجع معدل النمو الاقتصادى إلى أقل من 2% وقد شكل عام حكم الإخوان لمصر بقراراته السياسية والاقتصادية حالة من الفشل انعكست على كثير من الفئات والطبقات وخلقت حالة من عدم الرضا والسخط الشعبى الذى واصل الاحتجاجات والمظاهرات فى الشوارع ضد الإقصاء الدينى ومحاولات أخونة الدولة وانعكست حالة الفشل على الوضع السياسى والاقتصادى والغضب الشعبى الذى أدى إلى سحب الثقة من حكم الاخوان لإنقاذ البلاد من حالة التدهور والسقوط ومع حالة التوتر والاضطراب قبل يونية سيطرت حالة الترقب وخشية رجال الأعمال سواء الأجانب أو المحليين من التوسع فى أنشطتهم فهناك حقيقة وهى أن «رأس المال جبان» فلا يستطيع المستثمر فردا أو حكومات أن يغامر بثروته فى أوقات الريبة وهو ما أدى إلى تدهور الاستثمارات، وبالتالى تراجع النمو وزيادة العجز وكافة مؤشرات الدولة. وأدت حالة الفشل لحكم مرسى الى خلل فى سعر الصرف ما أدى الى فقد الجنيه لنحو 20% من قيمته أمام العملات الأجنبية مما أثر سلبا علي قيمة العجز بالموازنة العامة للدولة، فضلاً عن العجز في تدبير العملات لتسديد واردات مصر السلعية، بالاضافة إلى خلق سوق موازية لسعر الصرف الرسمي. تلك العوامل ساهمت بشكل مباشر في تدهور التصنيف الائتماني الخاص بمصر والذى انخفض 6 مرات منذ ثورة يناير اثنان خلال المراحل الأولى لثورة يناير وانخفض 4 درجات خلال حكم مرسى، وما تبعه من ارتفاع أسعار فائدة القروض التى عقدتها مصر سواء من الداخل أو الخارج، والتى بلغت 3% بأكثر مما هو سائد عالميا وهروب الاستثمارات، فلم يدخل مصر سوى 400 مليون دولار استثمارات أجنبية خلال العام السابق لثورة يونيو وتراجع معدلات الجذب السياحي، وانخفاض الاحتياطى النقدى بصورة كبيرة وتعويض جزء منه عبر الاقتراض من دولتى قطر وتركيا ليصل إلى 14.9 مليار دولار بالدعم فضلاً عن تزايد عجز الموازنة العامة للدولة والتى بلغت 240.5 مليار جنيه بنهاية يونية 2013 اضافة إلى ارتفاع الديون الخارجية على مصر والتى بلغت نحو 45 مليار دولار مما أدى إلى زيادة الاعباء على الدولة وضعف الانتاج والاستثمار أدى لتراجع معدل النمو الاقتصادى إلى 1.8% معظمة نتيجة للطلب الاستهلاكى وانخفضت السياحة بنحو 34.7% حيث تراجع عدد السياح من 12.2 مليون الى 7.9 مليون سائح من يولية 2012 وحتى يونية 2013. وكشفت مؤشرات الأداء الاقتصادى الصادرة عن وزارة التخطيط عن تراجع الاستثمارات الكلية المنفذة بخطة الدولة للعام المالى 2012/2013 عام تولى الاخوان المسلمين الحكم بنحو 3.7% عن العام السابق الذى شهد ثورة 25 يناير وبلغت جملة الاستثمارات الكلية خلال العام بأكمله 248.6 مليار جنيه كما بلغت نسبة الانخفاض فى الاستثمارات الكلية خلال الربع الرابع للعام المالى الماضى نحو 8.1% وبلغت 73.5 مليار جنيه. انخفض معدل الاستثمار بوجه عام شهد انخفاضا خلال العام الماضى ليصل الى 14.2% مقابل 16,2% بينما بلغ معدل الادخار المحلى 7.2% مقابل 8% و اتساع الفجوة بين الاستثمار والادخار المحلى لتصل الى 7% من الناتج المحلى الاجمالى وللأسف فان التخطيط تحول من تنمية الدولة المصرية الى تمكين الاخوان وكان أولويات للاقتراض وتنمية «العشيرة» وبيع الوطن المرحلة القادمة. وبعد ثورة 30 يونية 2013 تكشف مؤشرات الاداء الاقتصادى بالارقام تحسنا فى كثير من القطاعات خاصة مع الرسائل الايجابية التى وجهها الرئيس عبد الفتاح السيسى لمجتمع الأعمال المحلى والاجنبى ببدء عدد من المشروعات الكبرى بدأت بمشروع حفر قناة السويس الجديدة ومشروعات الطرق وتنفيذ عدد من المشروعات بمدى زمنى محدد مدته عام واصدار عدد من التشريعات والقوانين أو نظرا لتدهور الاوضاع فقد ساهمت المساعدات والقروض العربية الخليجية لمصر فى أعقاب ثورة 30 يونيو من تجنب البلاد أزمات كبرى. وبدأ التحسن فى الاقتصاد نتيجة توجيه حزم من التحفيز بعد ثورة يونيو مباشرة التى ساهمت فى تنشيط القطاعات المختلفة وأدت إلى زيادة النمو ليتجاوز بعد فترة أقل من 6 شهور 2.2% ويرتفع لنحو 3%بعد عام ويصل حاليا لأكثر من 4% مع توقعات بزيادته خلال العام القادم 2015/2016 ليصل إلى 5%. وحسب احدث المؤشرات فإن معدل البطالة انخفض من 13.6% ليصل الى 12.6% وتراجعت نسبة عجز الموازنة الى 10.5% مقبل اكثر من 13.4% من الناتج المحلى الاجمالى ومتوقع ان يصل العجز إلى 9.9% العام القادم ارتفع معدل الاستثمار خلال الربع الرابع لعام 2013/2014 ليبلغ 18% مقابل 14.1 % خلال الربع الثالث فى حين كان 13.7% خلال الربع الثانى من العام ذاته. وقد أدى النجاح الكبير لعقد مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى الى تعزيز الثقة فى الاقتصاد المصرى وجذب استثمارات كبيرة فى مجالات متعددة فى البترول والطاقة وغيرها والتهافت الدولى على الاستثمار فى مصر فضلا عن حجم المساعدات العربية التى حصلت عليها مصر خلال المؤتمر وساهمت فى تعزيز الاستقرار الداخلى. وأدى التحسن فى الأداء الاقتصادى إلى قيام مؤسسات التصنيف الائتماني الدولي برفع تصنيف مصر مؤخرا بنحو درجتين. وقد انتهت وإلى الأبد ظاهرة السوق السوداء لسوق الصرف الأجنبى والمضاربة على سعر الدولار فضلا عن أن الثورة أوقفت ماكينة طبع البنكنوت وتبقى ارتفاعات اسعار السلع تحديات تواجه النظام رغم أن لها أسبابا متراكمة عبر الزمن. كما تحسنت ايرادات الدولة من السياحة حيث حقق ميزان الخدمات فائضاً بلغ 4.2 مليار دولار خلال الفترة من يولية وحتى نهاية مارس 2015 الماضى مقابل 418.2 مليون دولار فى الفترة المماثلة للعام الماضى نتيجة لارتفاع ايرادات السياحة لتصل الى 5.5 مليار دولار مقابل 3.4 مليار دولار. وتشير البيانات إلى أن الاستثمار الأجنبى المباشر حقق صافى تدفق للداخل بلغ 5,7 مليار دولار مقابل 3.1 مليار دولار منها 2,9 مليار دولار وذلك نتيجة لارتفاع الاستثمارات الواردة لتأسيس شركات جديدة او زيادة رؤوس أموالها ليحقق 2.8 مليار مقابل 1.7 مليار دولار خلال الفترة .كما ارتفع تدفق الاستثمار فى قطاع البترول إلى 2 مليار مقابل 1,3 مليار دولار والواردة لشراء عقارات لتصل الى 714 مليون دولار مقابل 93.4 مليون دولار. وأكدت دراسة لمركز القاهرة للدراسات الاقتصادية برئاسة الدكتور عبد المنعم السيد أن الشفافية والإفصاح والمشروعات القومية الكبرى ووضوح المشكلات الاقتصادية من أهم أسباب تحسن أداء الاقتصاد المصري كما أن تحسن الأداء الاقتصادي يرجع إلى إرادة الشعب المصري متمثلة في عدم وجود مظاهرات ووقفات احتجاجية وفئوية خلال الفترة الماضية، والمشاركة الشعبية في المشروعات القومية وتمويل مشروع قناة السويس الجديدة بأكثر من 64 مليار جنيه خلال 8 أيام عمل فقط من ضمنها 27 مليار جنيه أموالاً جديدة تم ضخها لشرايين الاقتصاد المصري مما أعطى ثقة دولية كبيرة في بدء تحسن الاقتصاد المصري. ورغم ترشيد الدعم الإنفاق الحكومي بهدف تخفيض عجز الموازنة من 295 مليار جنيه إلى 245 مليار جنيه إلا أن العجز المتوقع سيتجاوز ال 250 مليار جنيه، ويظل هذا الشق تحديا امام الحكومات القادمة. كما أن اقامة المشروعات القومية الكبرى مثل قناة السويس تنمية الساحل الشمالي الغربي المثلث الذهبي بناء المليون وحدة سكنية وأيضاً استصلاح ال 4 ملايين فدان كل هذه المشروعات التي قامت الحكومة بالإعلان عنها والبدء في خطوات التنفيذ أعطت ثقة محلية ودولية في الاقتصاد المصري. بالإضافة الى السياسات والإجراءات التي اتخذتها الدولة متمثلة في تطبيق الحد الأقصى للأجور حتى على رئيس الدولة، بتفعيل قانون الضرائب العقارية، منظومة التموين والخبز الجديدة وساهمت إلى حد ما في تحقيق العدالة الاجتماعية المنشودة والتي هي أحد أهم مطالب ثورة 25 يناير وسياسة الإفصاح والمصارحة التي اتبعها الرئيس السيسي وهي المكاشفة عن المشاكل وخطوات الحل وساعدت هذه السياسة على مشاركة الرأي العام في الأحداث وتحمله للمسئولية وتكشف كافة المؤشرات الحالية أن الاقتصاد المصرى بدأ يتعافى بعد سنوات عجاف ويسير فى الاتجاه الصحيح.