ليس فى العالم كله مبرر واحد للقتل، مهما كانت تلك المبررات فإراقة الدماء أكبر من أى مبرر. أما قتل الأب لأبنائه بدافع رحمتهم من ظروف الحياة وقيام الأهالى بمعايرتهم بأمهم بأنها خائنة، كما ورد فى اعترافات قاتل أبنائه فى منطقة الرمل بالإسكندرية فلا منطق له مطلقاً. فهى جريمة سوف لن يغفرها التاريخ وسوف لن ينساها كل من عاصر أحداثها فحجم هذه الجريمة التى راح ضحيتها 3 أفراد هم أطفال القاتل. فى الساعة الواحدة من فجر الخميس استيقظ سكان أحد الأحياء الرئيسية فى منطقة الرمل على صراخ والدة المجنى عليهم كانت تصرخ بصوت عال وتقول: (لقد ذبح أبنائى.. أرجوكم ساعدونى..) ويرافق تلك العبارات صراخ وعويل اقتحم هدوء الليل وسكونه ليخرج الجيران على صوت تلك المرأة وسيارات الشرطة التى حضرت إلى المكان ومنعت الجيران من دخول مسرح الجريمة. وبالمعاينة تم العثور على كل من «نعمة. ع. ع - 45 سنة - ربة منزل» مصابة بجروح بالرأس واشتباه كسر بالجمجمة، و«عبدالرحمن. م. م - 12 سنة»، تلميذ مصاب بتهشم بالجمجمة متوفى، و«عادل. م. م - 5 سنوات»، مصاب بتهشم بالجمجمة متوفى، و«أمينة. م. م - 7 سنوات»، مصابة بتهشم بالجمجمة متوفاة. تم نقل الزوجة للمستشفى لتلقى العلاج وأمام المستشار وائل مهنا، رئيس نيابة شرق الكلية، كشفت المجنى عليها ان وراء الواقعة زوجها «محمد. م - 37 سنة»، عامل مدمن المخدرات، قتل أطفاله بسبب أصحاب السوء والكيف. بكت المجنى عليها «نعمة» وهى فى حالة صحية سيئة للغاية تمنت فيها الموت لنفسها لكى تكون مع أطفالها. أقسمت «نعمة» أنها زوجة شريفة وأم حسنة السير والسلوك لأبنائها فهى لم تخن زوجها قط وأنها زوجة مخلصة وأم وفية ولكن زوجها مدمن المخدرات أضاع أصحابه عقله بالكيف فقتل أبناءه. وتضيف: وكان قبل قتلهم على استعداد أن يبيع زوجته وأبنائه من أجل الكيف فهو أسوأ أب وزوج عرفته فى حياتى ولكنى كنت أتحمله من أجل أبنائى الثلاثة. وتمضى «نعمة» قائلة: تزوجت من المتهم منذ 15 عاماً ورزقت بأطفالى بعد عامين لأننى كنت أتعالج من أجل الإنجاب والحمد لله رزقنا الله بطفلى الأكبر «عبدالرحمن - 12 عاماً» وكانت فرحتى لم تقدر ورغم مرورنا بأزمة مالية لكون زوجى يعمل عاملاً إلا أننى كنت دائماً أساعده ببيع المناديل والبسكويت فى الشارع من أجل مساعدته فى توفير احتياجات أبنائى، خاصة بعد أن رزقت بطفلين آخرين وأصبح لدى 3 أطفال يملأون على حياتى كلها ولكن للأسف كان زوجى ضعيفاً جداً أمام الرياح فهو كان يستسلم للضعف ودائماً يتهمنى أنا والأطفال بأننا سبب تعاسة حياته وقلة إمكانياته وأن مصاريفنا كثيرة فوق طاقته، ورغم كل ذلك كنت أتحمل من أجل تعليم أبنائى. بكت «نعمة» بدلاً عن أن يساعدنى زوجى تعرف على أصحاب السوء الذين دفعوه إلى طريق الإدمان والمخدرات ومن وقت ذلك بدأ البيت فى الانهيار وكل ما فعلته وتحملت من أجله المصاعب ينهار بسبب تصرفات زوجى الذى كان يستجيب إلى أصحاب السوء وكأنهم أشقاؤه، حاولت أكثر من مرة التوجه لأسرته لكى ينقذوه مما هو فيه ولكن للأسف كان دائماً يسمع كلام الجميع ويضرب به عرض حائط والأكثر من ذلك أنه كان يحضر أصحابه للمنزل البسيط الذى كنا نعيش فيه وهو عبارة عن حجرتين وصالة أى وجودهما فى المنزل بأفعالهم الشاذة وتناول المخدرات يكون أمام أعين أبنائى الذين تعبت من أجل تربيتهم وكنت دائماً أحسن صورة والدهم أمامهم ليكون لهم مثال الأب القدوة الحسنة والشريف ولكن دخول أصحابه ورؤية أبنائى له وهو يتناول المخدرات افسد كل ما علمته لأبنائى فى هذه السنوات، فقد دمر داخلهم معنى الأبوة عندما كانوا يشاهدونه وهو يجلس يردد الكلام القبيح مع أصدقائه، وكانت الكارثة عندما وافق على طلبهم بأن أجلس معهم وعندما رفضت قام بالتعدى على بالضرب لأنى أغضبت أصدقاءه وأثناء محاولة نجلى الكبير الدفاع عنى تعدى عليه بالضرب، وكان الأبناء يتساءلون لماذا يفعل والدى معنا هكذا يا أمى؟ فلم أجد مبرراً لهم وظل بنا الحال هكذا أكثر من عامين وانا صابرة وأقول سوف يتغير ولكن للأسف لم يتغير كنت أفكر أن أترك له المنزل ولكنى كنت أفكر أين اذهب ولا يوجد أحد يتحملنى انا وأبنائى، وتمضى قائلة: كنت أوافق على الظلم والضرب والإهانة من أجل أن تسترنا الحوائط من وحوش الشارع ولم أعلم أن الوحش معى فى البيت، وقبل الحادث بأيام حدثت بيننا مشاجرة لقيامه بسرقة أموالى التى أدخرتها للإنفاق على أبنائى وعندما طلبت منه الأموال لشراء متطلبات للمنزل رفض وقال إنه أنفقها على شراء المخدرات ولم يكتف بذلك إنما ضربنى بشدة وأصابنى بجروح وكدمات فى رأسى وجسدى. تركنى وذهب لأصدقائه على القهوة وعندما رجع فوجئت به يتهمنى بأننى أخرج مع الرجال وأنى سيئة السمعة وأن أصدقاءه هم من كشفونى على حقيقتى، اندهشت من هذه الكلمات وقلت له كيف تصدق أصحاب السوء ومدمنى المخدرات وتكذب عشرة السينين فأنا شريكة حياتك وأم أولادك فكيف تصدق ما يقال عنى، هددنى بإعطائه الأموال من أجل عدم تشويه سمعتى أمام أبنائى ولم أصدق قط فهل هذا الزوج الذى تحملت معه كل المصاعب، من أجل المخدرات والأموال يشوه سمعتى وعندما أخبرته بأننى ليس لدى أموال قام بالتعدى علىّ بالضرب وظل يردد كذابة كذابة خائنة وقام بإيقاظ الأطفال فى الفجر وظل يقول لهم أمكم خائنة وتستحق القتل وأثناء قيام أطفالى بحمايتى من ضربه قام بالتعدى عليهم بالضرب واتهمهم بأنهم ليسوا أبنائه وأنهم أبناء حرام وفوجئت به يحضر الحبال ويربطنا بها وبدأ يضربنا بلوح خشبى. حاولت حماية أطفالى لكنه كان رابطنى جامد وشوفتهم وهما بيموتوا، واللى صعبان علىّ أنهم اتعذبوا قبل ما يموتوا. وطالبت «نعمة» بالقصاص لأبنائها من هذا الرجل وقالت: اعدموه مائة مرة. قررت نيابة شرق الإسكندرية، حبس المتهم بقتل أطفاله الثلاثة وإصابة والدتهم 4 أيام على ذمة التحقيقات، بعد أن وجهت له اتهامات القتل العمد، والشروع فى القتل. كما أمرت النيابة بالتصريح بدفن جثث الأطفال بعد انتهاء تقرير الطب الشرعى، وطلب تحريات المباحث حول الواقعة.