«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللواء حسام سويلم يواصل كشف أسرار أهل الشر (3)
نشر في الوفد يوم 06 - 07 - 2015

- يخبرنا المولي عز وجل عن المصير الأسود لأهل الشر في الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة، وهو ما يجب أن يكشفه المسئولون عن المواجهة الفكرية لتحذير الناس من مغبة الوقوع في شراك هؤلاء المتبوعين.. من ذلك قوله تعالي: «إذ تبرأ الذين اُّتبعوا من الذين اتبَّعوا ورأوا العذاب، وتقطعت بهم الأسباب وقال الذين اتبَّعوا لو أن لنا كرَّة فنتبرأ منهم كما تبرأوا منا كذلك يريد الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار» (البقرة: 166). حيث تشير هذه الآية إلي أنه عندما تتكشف الحقائق، ويري الاتباع ما يحيق بهم من عذاب في الدنيا والآخرة نتيجة اتباعهم أئمة التكفير الذين غرّروا بهم، ورأوا - التابعين والمتبوعين- العذاب رؤيا العين ولا سبيل للنجاة منه، هنا يقوم التابعون ويتمنون لو أن لهم عودة أخري لتبرأوا من متبوعيهم الذين تبرأوا بدورهم أيضا من أتباعهم، ولكن هيهات حين يري هؤلاء وهؤلاء كل ما دبروه وخططوا له من مؤامرات وأنفقوا من أموال تنهار أمام أعينهم وتذهب هباءً. يؤكد هذا المعني أيضا قوله تعالي حكاية عن التابعين عندما يكتشفون حقيقة متبوعيهم الذين أضلوهم فأوردوهم النار: «ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار، قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون» (الأعراف: 38). أما ما ينفقه رؤوس الشر من أموال لتجنيد عملاء لهم يثيرون القتل والخراب والترويع في ربوع مصر، فسينطبق عليهم قول المولي عز وجل: «فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يُغلبون» (الأنفال: 36)، وهو ما نراه واقعا يتبدد كل ما جمعوه وأنفقوه من أموال حرام في محاربة الله ورسوله.
- ويكشف المولي عز وجل عن خطورة الوقوع في حبائل من يلحنون في كلامهم، بينما يضمرون الشر في نفوسهم، في قوله تعالي: «ولعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول» (محمد: 30). وأيضا قوله تعالي: «ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا، ويشهد الله علي ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولي سعي في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد، وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد» (البقرة: 206). وربما تشير هذه الآية لواقع جماعة الإخوان قبل وبعد توليها الحكم في مصر، عندما نجحوا طوال 85 عاما منذ نشأتهم في خداع الناس بزعمهم أنهم يسعون لعودة حكم الخلافة، والحكم بما أنزل الله، وتطبيق الشريعة وإقامة الحدود.. إلي غير ذلك مما يُعجب ويجذب الناس إليهم، وهو ما حدث بالفعل حتي أراد الله تعالي أن يكشف حقيقتهم، وأنهم خبثاء ودعاة فتنة ومفسدون في الأرض، فمكنَّهم من تولي الحكم في مصر لعام واحد، انكشفت خلاله حقيقتهم حين نشروا الفساد والظلم وباعوا أرض مصر لأعدائها، وعندما نصحهم الناصحون - خاصة من قادة الجيش - بأن يتقوا الله في بلدهم مصر، أخذتهم العزة بالإثم وقالوا علي لسان زعيمهم: «إنما جئنا لنحكم مصر 500 سنة وبدعم من أمريكا». ولكن المولي عز وجل يخبرنا أيضا في نفس الآية عن واقع مصيرهم الذي استحقوه بعد 30 يونية من اعتقالات ومحاكمات وأحكام بالإعدام والسجن ومصادرة ممتلكاتهم، وهي نار تحرق قلوبهم في الدنيا قبل عذاب الله لهم بنار جهنم في الآخرة.
- ومما يؤكد أن اللعنة والعذاب يلحقها الله بأهل الشر في الدنيا قبل الآخرة، قوله تعالي: «وجعلناهم أئمة يدعون إلي الله، ويوم القيامة لا ينُصرون، واتبعناهم في هذه الدنيا لعنة، ويوم القيامة هم من المقبوحين» (القصص: 42) حيث تكشف هذه الآية الكريمة عن وجود «أئمة»، ضلال، وأن دعواهم تورد أتباعهم النار، ويوم القيامة لا نصير لهم عندما يعرضون للحساب، وأنهم ملعونون في الدنيا ويوم القيامة من المقبوحين. يؤكد هذه الحقيقة حديث سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم: «يكون دعاة علي أبواب جهنم، من أجابهم قذفوه فيها». أي سيكون هناك علي الدوام والاستمرار من يزعمون أنهم «دعاة» إلي الله تعالي، ولكن حقيقتهم أنهم دعاة فتنة، وكل ما يجيبهم مصيره النار في الدنيا قبل الآخرة.
- أما السبب الذي أدي إلي انخداعهم ووقوعم في براثن أئمة الشر، وتحولوا علي أيديهم إلي معاول هدم وقتل وتخريب.. إنما يرجع إلي عدم إعمال عقولهم فيما يطرحه عليهم أئمة الشر والضلال من أفكار هدامة أبعد ما تكون عن الدين، بل تتعارض مع كل ما جاء في القرآن وصحيح السنة المحمدية، فانقادوا لهم بلا وعي ولا تدبر، ووقعوا في أتون الفتنة ولظاها، وانطبق عليهم قول المولي عز وجل: «وقالوا لو كنا نسمع أن نعقل ما كنا في أصحاب السعير، فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير» (10- الملك).
- وهكذا تخبرنا آيات القرآن الكريم وأحاديث سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم بالواقع الذي نحياه اليوم، عملا بقوله تعالي: «لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون» (الأنبياء - 31) أي ذكركم أنتم يا من تقرأون القرآن اليوم، كما كان فيه أيضا ذكر من قبلكم وذكر من سيأتي بعدكم، وما يحمله هذا الذكر من تكليف وتحذير ووعد ووعيد للموجودين اليوم، كما كان بالنسبة للسابقين وكما سيكون أيضا بالنسبة للآخرين، ثم يختتم القرآن هذه الآية بقوله تعالي: «أفلا تعقلون» أي أفلا تعقلون يا من أوقفتم آيات القرآن علي عصر دون عصر، وجعلتم القرآن تأريخا لأحداث مضت. يؤكد سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم واقعية آيات القرآن في حديثه الشريف «فيه حكم ما بينكم وذكر من قبلكم ونبأ من بعدكم». فمن يريد الله تعالي ورسوله عليه بالقرآن عملا بقوله تعالي: «ما فرطنا في الكتاب من شيء» أي ما فرطنا في القرآن من شيء من سبل الهداية إلي الله تعالي إلا وتم ذكره وتوضيحه لمن يريده، ولكن أهل الشر والضلال بدلا عن أن يتمسكوا بالقرآن، الذي كفل الله حفظه من أي تحريف ليرجع إليه كل مسلم يريد الهداية، تركوه وهجروه ولجأوا إلي كتب أخري لأئمة الفكر المتطرف أمثال: ابن تيمية وسيد قطب والمودودي، المليئة بكل ما يتعارض مع الإسلام ويثير الفتنة ويفتح الطريق لتخريب المجتمعات الإسلامية.. بما يخدم أعداء الإسلام، ويصدق فيهم قول المولي عز وجل علي لسان رسوله: «يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً» (الفرقان: 30).
خلاصة القول
- لقد صار واضحا لكل مصري شريف المقصد أن من عناهم الرئيس السيسي في حديثه الأخير، وأطلق عليهم تعبير «أهل الشر».. سواء في ذلك الإخوان الإرهابيين (خوارج هذا العصر) أو السلفيون، أو من يطلقون علي أنفسهم معارضون ونشطاء ونخبة وصفوة وخبراء في مجالات السياسة والإعلام والاجتماع.. وغيرهم داخل مصر وخارجها، إنما يؤسسون مصانع الشر التي لا تريد خيراً لمصر ولشعبها، فهم لا يحسنون سوي المعارضة من أجل المعارضة، نفوسهم المريضة تملؤها كل صور الحقد والغل والكراهية لنظام ما بعد 30 يونية 2013، وودّوا لو تفشل كل المشروعات الإنتاجية والخدماتية التي أنجزها هذا النظام في أقل من سنة، أو شرع في تنفيذها، لا يبغون سوي تحقيق مغانم ومكاسب سياسية ومادية لأنفسهم سواء من النظام في الداخل أو من أعداء مصر في الخارج - علي سبيل الابتزاز والشهرة وإدعاء البطولة، وهم في ذلك لا يتورعون عن اتخاذ أي موقف أو الإقدام علي أي إجراء يخدم أعداء مصر في الخارج ويحقق أهدافهم ومخططاتهم العدائية. إنهم حالة من خليط فكري غير مترابط ولا متجانس، لا يمثل أي هوية وطنية حقيقية، تجمعهم كراهية النظام والحكومة والجيش والشرطة، وربما أيضا الشعب الذي أيد ودعّم وساند السيسي ولايزال علي غير رغبتهم، لا يعرفون مصلحة الوطن ولا أمنه القومي، لا علاقة لهم بالدين، إنهم نبت شيطاني لحالة من الجنون المتأثر بالقوة المفرطة التي يفرضها الأمر الواقع بعيدا عن دولة القانون وثقافة الأخلاق والعادات والتقاليد والأعراف الجميلة التي ورثها المصريون أبا عن جد، فهم باختصار شديد يمثلون زمن انحطاط الفكر وضياع الأخلاق، يصدق فيهم قول الشاعر العراقي الجواحري:
لا أشتكي من زماني هذا فأظلمه ولكن أشتكي من أهل ذا الزمني
هم الذئاب من تحت الثياب فلا تكن لأحد منهم بمؤتمني
- وإذا انتقلنا لفئة أخري من أهل الشر تدعي لنفسها المحافظة علي حقوق الإنسان، فستسمع منهم صراخا عاليا وعويلا للأحكام الذي أصدرها القضاء المصري العادل والشريف والحر ضد جماعات الإرهاب والقتل والتخريب، واتهامات للدولة والقضاء والجيش والشرطة بانتهاك حقوق الإنسان، وعندما نسألهم أي إنسان تقصدون؟ فستجدهم يدافعون عن مجرمين قتلة ومخربين وخونة، باعوا وطنهم لقاء بضعة دولارات يتقاضونها من قطر، وعندما تسألهم:أين حقوق مئات الشهداء من رجال الشرطة والجيش الذين اغتالتهم أيادي هؤلاء القتلة ويتفاخرون بذلك، وأين حقوق أطفالهم اليتامي وزوجاتهم الأرامل وأمهاتهم وآبائهم الثكالي.. أو ليس لهؤلاء الشهداء وعائلاتهم حقوق تستحق منكم الدفاع عنها، فلن تجد منهم إجابة وذلك لسبب بسيط. هو أنهم لا يدفعون أموالا لمنظمات حقوق الإنسان كالتي تتحصل عليها هذه المنظمات من أمريكا وقطر والتنظيم الدولي للإخوان، وهي بملايين الدولارات وحقيقة الأمر أن أصحاب حقوق الإنسان لو يرون أبداً حقوق الشعب، فهم دائما في خندق الإخوان والإرهابيين، ويدافعون عن حق القاتل ولا يعرفون شيئا عن حقوق شعب تحوَّل يوم الجمعة لديه من يوم للصلاة والراحة إلي يوم لإغلاق أبواب البيوت بينما يعيث الإخوان فساداً في الشوارع، كما يدافع سادة حقوق الإنسان عن إنسانية قاتلي الإنسانية الذين لا يذكرون شيئا عن أكثر من 2500 قتيل من أبناء مصر منذ سقوط الإخوان في 30 يونية. فالإنسانية عند المدافعين عن حقوق الإنسان لا تسمح لهم بالنظر إلي ضحايا الإرهاب علي أيدي مرسي وجماعته، ولا بالنظر إلي وطن يجري تخريبه بالعبوات الناسفة والقنابل.. الإنسانية عندهم تسمح بالقتل والتخريب وقطع الرؤوس وحرق البيوت وسحل الرجال، لكن هذه الإنسانية نفسها عندهم لا ترضي بإعدام القاتل والخائن والمخرب!!
- وعندما تتعرض لدور المعارضة، هناك فرق كبير بين معارضة بناءة تكشف الأخطاء وتسعي لإصلاحها وتضع مصلحة الوطن والظروف الصعبة التي يحياها نصب أعينها، وبين معارضة هدامة تتصيد الأخطاء مهما كانت تافهة تتجسمها وتضخمها، تتجاهل الإنجازات والمكاسب العديدة التي حققها نظام 30 يونية، وتدعو إلي ثورة ثالثة أو القول بأن «الثورة مستمرة» رغم وعيها بأن مصر لم تعد تتحمل مزيدا من الثورات بعد كل الفوضي والعنف الذي عاناه المصريون من ثورتين، فإن هؤلاء المعارضين من أجل المعارضة فقط.. والذين ينتمون إلي أحزاب كرتونية تافهة وانتهازية بالفطرة، لا وجود ولا نفوذ لهم في الشارع المصري بعد أن غرقوا في مستنقع المصالح والمعارك الصغيرة، حاولوا الانحياز للرئيس إلي حد نفاقه، وعندما تجاهلهم بعد أن كشف حقيقتهم، وأنهم يريدون نصيباً من كعكة الحكم، انقلبوا عليه إلي حد الكراهية واليوم يسعون - وعلي رأسهم رجال الأعمال المسيسون - إلي جرجرة الرئيس لمعارك وهمية يستخدمون فيها أدوات الإعلام المسيطرون عليها، فضلا عن أموالهم التي يتصورون أن بها يمكن أن يكونوا فوق الدولة التي يريدون أن يبسطوا سيطرتهم السياسية والاقتصادية والإعلامية عليها، أو علي الأقل المحافظة علي مكتسباتهم التي حققوها في زمن الفساد. لذلك.. نحن إزاء هذا الحال - لسنا أمام معارضة بالمعني المتعارف عليه، بل أمام عدة جبهات كلها مفتوحة وفي وقت واحد ضد الرئيس والنظام الذي يمثله وارتضاه الشعب بعد 30 يونية، وخطورة ذلك أن ظهر الرئيس صار مكشوفاً بحيث لم يعد له بعد الله تعالي سوي أن يحتمي بالمواطن العادي ويراهن عليه، وعلي الشرفاء من المثقفين الذين يحركهم خوف حقيقي علي مصر، ويدركون جيدا أن الرئيس يعمل بكل ما لديه من طاقة.. ولكنه أشبه بقاطرة قادرة علي الحركة والاندفاع بأقصي قوتها، ولكنها تسحب وراءها عربات متخلفة تضرب بفراماها علي القضبان تعرقل تقدم واندفاع هذه القاطرة.
- ومما لا شك فيه أن حالة الفوضي والارتباك التي أصابت الشارع المصري في السنوات الماضية، ألقت ظلالها، وبقوة علي الإعلام المصري بشقيه العام والخاص، حيث وجد الإعلام الخاص فيها فرصة لتحقيق المزيد من المكاسب وتصفية الحسابات والضغط علي النظام من أجل مصالحة، ودون مراعاة لأي جوانب تتعلق بالوطن والمواطن. وإذا حاولنا تقييم دور الإعلام الخاص في حياة المصريين. فكل النتائج سلبية وليست في صالحه. فنحن أمام عشرات الفضائيات والصحف، وعشرات المواقع، وكلها لم تضف شيئا لحياة المصريين غير المزيد من الصراعات والانقسامات والتفاهات والفوضي، فضلا عن التشتت والارتباك الذهني والأمراض العصبية. فهي لم تقدم ثقافة تضيف للعقل المصري شيئاً، ولم تضف سياسة يزداد بها وعي الناس وفكرهم، كما لم تشارك في مواجهة مشاكل المجتمع وأزماته، بل كانت سببا ومزيدا من الأزمات. أما إعلام الدولة - ورغم الميزانية الضخمة التي يستحوذ عليها ومعظمها موجه للمرتبات - فقد تراجع وترهل وخرج تماما من المنافسة أمام هروب كوادره وارتفاع الديون وقلة الخبرات وغياب الهدف أمام تقلبات سياسية حادة، وإذا كان الإعلام الخاص قد سقط في تفاهاته وجرائمه.. فإن الإعلام الحكومي قد سقط أيضا في ترهله وفشله وتراجع دوره.
- إن خطورة وضع الإعلام في مصر والبعيد عن أي دور إيجابي، أن المواطن المصري صار بين فكي رحي الإعلام، فتارة يرفع سقف توقعاته بشكل غير منطقي، وتارة أخري يهوي به إلي الأرض، فيصاب بالإحباط. وبين هذه الموجة وتلك، ومع تكرارها يفقد المواطن الثقة في كل شيء. فهذه هي النتيجة الطبيعية لإعلام له هوي وليست له هوية وطنية، محركه الوحيد الإعلامي نفسه أو صاحب المؤسسة. ولقد بدأت المأساة منذ 15 عاما حينما بدأ عهد الفضائيات، وكان النظام الأسبق يمتلك آليات السيطرة علي رجال الأعمال، ويوافق علي إنشاء فضائيات لن يرتبطون بمصالح مع النظام آنذاك، ولم يكن هناك ميثاق شرف إعلامي مكتوب قبل أن تنطلق هذه الفضائيات، وحينما رحل هذا النظام ورجاله، وتبقت الفضائيات التي ظن إعلاميوها أنهم فوق المساءلة والمحاسبة، حيث تباري الجميع في لفت الأنظار بغض النظر عن المحتوي، وسيطر الهوي الشخصي لكل إعلامي وكل قناة علي ما تقدمه من مواد، وسادت الفوضي الإعلامية، ونسي الجميع أن الإعلام خدمة أساسية لتقديم المعلومة للمواطن، إلا أن المعلومة لم تعد مهمة ولا المواطن أيضا، حيث اعتبر الإعلامي أن ما يقدمه هو الصواب فقط من وجهة نظره، ولا يسمح لأحد أن يختلف معه. وأمام ضعف الدولة علي مدي السنوات الماضية لم يكن هناك من يجرؤ علي محاسبة الإعلامي إذا ما قدّم معلومة خاطئة أدت إلي تضليل المواطنين، وإلا يهيج الإعلام كله علي النظام.. بدعوي المساس بحرية الرأي والتعبير من وجهة نظرهم.. في حين أن حرية الرأي والتعبير ليست حقا للإعلامي أو الصحفي، لكنها حق المجتمع، يمنحه للإعلامي أو الصحفي كي يقدمان له الخدمة الإعلامية علي أكمل وجه، فإن أساء استخدام هذا الحق، أصبح من حق المجتمع أن يسحبها منه ويحاسبه لأنه ليس فوق المساءلة.
- ومع التسليم بأن الإعلام مثل المارد الذي خرج من القمقم، ومن الصعب لأحد السيطرة عليه، ومع الحرص علي إبقاء المشاهد المصري مرتبطاً بوسائل الإعلام المصرية.. العامة والخاصة علي السواء حتي لا يذهب إلي الإعلام الخارجي لمعرفة الحقائق فتنهار ثقة الشعب في الدولة، إلا أن تجارب السنوات القليلة الماضية أثبتت ضرورة الفصل بين ملكية وسائل الإعلام والتحذير بشكل كامل، وحتي لا يتحكم رأس المال فيما يقدمه الإعلام لخدمة مصالحه، وأيضا لضمان الموضوعية في الطرح والحياد دون فرض وجهة نظر المالك في بعض القضايا، في ذات الوقت الذي يتعين علي الدولة ألا ترضخ للإعلام الذي فقد رشده، ويسعي لرسم سياسة الدولة. هذا مع الوضع في الاعتبار أن إلغاء وزارة الإعلام أدي إلي انفجار الأوضاع في ملف الإعلام المصري لعدم وجود بديل لضبط الأمور وتنظيمها بدلا عن الفوضي الإعلامية التي نراها اليوم وتسبب التمزق والارتباك للمواطن المصري وتصيبه بالإحباط، إن إعادة منصب وزير الإعلام يعتبر أمراً ضرورياً بل حتميا، وعلي من يعارضون ذلك أن يجيبوا عن سؤال بديهي صار مطروحاً وبقوة عن الجهة التي يُناط بها اليوم رسم استراتيجية إعلامية للدولة تربط كل وسائل إعلامها العام والخاص بالغايات والأهداف القومية للدولة وتحقق استراتيجيتها الشاملة، وأبرزها قضيتا مكافحة الإرهاب، وتعزيز قيم الولاء والانتماء الوطني التي ضاعت في ظل بروز مفاهيم خاطئة حول الولاء للعقيدة وللجماعة؟! أما الذين يجيبون عن هذا السؤال بأن اتحاد الإذاعة والتليفزيون هو الجهة المسئولة عن ذلك، فإنهم يخدعون أنفسهم لأنهم يدركون جيدا مدي غرق هذا الاتحاد في حل مشاكله المادية، وانشغاله أخيراً ببيع الأصول لتسديد الديون، فضلا عن الصراعات علي المناصب، وإعادة الهيكلة.. في غير ذلك من مشاكل أبعد ما تكون عن مهمة وضع استراتيجية إعلامية تتواءم مع الاستراتيجيات التخصصية الأخري للدولة، وبما يساهم في تحقيق الغايات والأهداف القومية، ويحقق متطلبات الأمن القومي المصري. وإذا كانت هذه المهمة من الصعب أن توكل إلي الإعلام الخاص إلا إذا كان علي مستوي عال من الوطنية، وتضع الارتقاء بحال المواطن المصري وأمنه وأمانه وتلبية احتياجاته الرئيسية في قمة اهتماماته وأولاياته، بغض النظر عن المصالح الفردية، فإن المنوط بهذه المهمة هو إعلام الدولة الرسمي الذي يجب أن تعطيه الدولة اهتمامها ليتخلص من ترهله وغيبوبته، ليكون قادراً على المساهمة بفاعلية في تنفيذ استراتيجية إعلامية قومية، وليقوم بدوره التنويرى والأخلاقى، وليتحول من وضع الدفاع إلى وضع الهجوم، وبما يحقق الغايات والأهداف القومية للدولة، ذلك أن الإعلام الدفاعى لا يستطيع أن يساهم في تحقيق هذه الأهداف، كما لا يستطيع أن يكتسب ثقة المواطن.
وإذا كان الرئيس السيسي قد حرص علي التأكيد بأنه لا يتدخل فى شئون الإعلام واستقلاله، وأن الإعلام المصرى غير موجه، إلا أنه أكد علي نقاط مهمة عندما قال نريد إعلاماً يحافظ علي القيم والمبادئ والخلق الحسن، وهي كلمات تحمل في مدلولها الكثير من المعاني التي يتعين الوقوف أمامها، وتعد رسالة مهمة للإعلام تجاه مجتمعه يجب الحرص علي تفعيلها بحسم في المرحلة المقبلة، وعن دور الإعلام في ترسيخ وتعظيم السلوكيات الحميدة وأخلاقيات المجتمع المصرى وتماسكه. والسيسي في ملاحظاته هذه لم يرد أن يتعرض لما يلاحقه الجميع من العشوائية والانفلات المهني والخروج عن القيم الثابتة للمجتمع المصرى في العديد من وسائل الإعلام، كما لم يتعرض أيضاً لما يعرفه الجميع عن موقف رجال الأعمال أصحاب الإعلام الخاص، وهو موقف يتسم بالغموض والارتياب، وما يطمعون فيه من مكاسب ومصالح جيدة، وهم يتحصنون في البرامج التافهة التي تعرضها الفضائيات التابعة لهم، وهم بذلك يفرطون في مسئوليتهم تجاه مصر والمصريين، لذلك فإن أحداً لم يغضب إذا ما أغلقت هذه الفضائيات أبوابها لأنها لم تضف شيئاً إلي عقل مصر وثقافتها.
ومن ثم فإنه لا يعقل أن تبقي الدولة بعيدة وهي تشاهد مهزلة الإعلام في مصر، إن أحداً لا يطالب بالرقابة أو الوقف، ولكن المصريين يطالبون بمراقبة مصادر التمويل الخارجي، حيث هناك أرقام مخيفة يتحدث عنها الوسط الإعلامى.. وهي أموال ملوثة تتدفق من عواصم عربية وأجنبية الهدف من ورائها تدمير المصريين من الداخل بأيديهم وأجهزتهم وإعلامهم المضلل المريض، وهو ما يفرض علي الحكومة أن تتعجل في إصدار قانون الإعلام والصحافة، وهو ما يطلق عليه ميثاق الشرف الإعلامي الذي كثر الحديث عنه في السنوات الأخيرة دون أن يتحقق منه شيء، لأن مثل هذا القانون يضع الكثير من الضوابط لكي يستعيد الإعلام المصري دوره ومسئولياته، ويحدد دوره المهم في المجتمع والتعامل بوعي كامل مع المرحلة المهمة والخطيرة التي تعيشها مصر حالياً ومستقبلاً، هذا مع ضرورة تطبيق مدونة سلوك لتأكيد أخلاقيات المجتمع والقيم والاتجاه بقضاياه المهمة، فلا بديل عن أن يقود الإعلام المجتمع المصري نحو التطور والإيجابية والمستقبل، وأن يكون له دور في التوعية وبناء المستقبل، مع الالتزام بالمعايير المهنية السليمة، حيث لا مجال الآن للقضايا الهامشية والمبالغة وعدم الدقة في المعلومات، ولكن المجال فقط للدقة وتوجيه المجتمع لمرحلة البناء.
إن المجتمع المصرى الذي قوامه حوالى 90 مليون مواطن، وفي ظروف مثل التي تعيشها مصر، يحتاج بالتأكيد إلي منهج مختلف في إدارة شئونه.. فهذا المجتمع الكبير إن اتجه للعمل والبناء سيصنع المستحيل بعد أن استسلم لهوى الفضائيات والفضائيين سيضيع، لذلك لا يمكن أن يستمر المواطن المصري لعبة - بهذا الشكل - في أيدي الفضائيات الخاصة، فإن لم تكن الدولة قادرة على سن قانون ينظم عمل الإعلام كما نص الدستور، فمن الممكن الاستعانة بقانون دولة أخرى وتطبيقه، أما حالة اللاقانون تلك التي نعيشها فستدمر المجتمع. إن مصر في حاجة لأن تلقي بعيداً عفن سنوات مضت وصراعات مريضة ومعارك وهمية، وأن نتخلص كشعب من كل أوراق الماضى لكي نبني معاً مصر الجديدة، ورجال الأعمال لهم دور في منظومة العمل الوطني الجديدة يكونون فيها أكثر حرصاً، وأكثر ولاء لهذا الوطن، كما أن للنخبة السياسية والمثقفين دور مهم في بناء وترشيد العقل المصري فكراً وسلوكاً وتديناً. والإعلام المصري ينبغي أن يكون صاحب الدور والرسالة والمسئولية، وليس صاحب الدعم المالي الخارجي المشبوه. إن انتقاد الحكومة في أي مجال حق مشروع لكل مواطن وكل إعلامي وكل صاحب موقف ورأى، ولكن إلقاء الحجارة لا يصلح للبناء، كما أن تشويه الحقائق يعد إفساداً للعقول، والسعي إلي الباطل يعد أيضاً مذبحة للضمائر. ومن الخطأ الجسيم أن تبدو الدولة ضعيفة أمام سطوة رأس المال مهما كانت حاجتها له، أو أن تفقد هيبتها أمام الإعلام، أو أن تفتح أبواباً لانقسامات جديدة تهدد أمن مصر واستقرارها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.