«طرح حصص لشركات الحكومة لا تعني الخصخصة.. لا عودة للبرنامج أو بيع لأصول الدولة».. هكذا كانت تصريحات المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء والدكتور محمد عمران رئيس البورصة خلال الفترة الماضية عقب اتجاه الشركات الحكومية لطرح حصص للاكتتاب العام بسوق الأسهم. التصريحات أثارت المخاوف من جديد من عودة برنامج الخصخصة رغم ان الطرح هدفه تمويل الشركات وتوفير السيولة لديها بأقل تكلفة، وقدرته علي العودة والتنافس مع القطاع الخاص. التأكيدات المتكررة بان طرح حصص من الشركات الحكومية لا تعني الخصخصة والبيع، وإنما تهدف الي التمويل، يؤكد مدي مخاوف الحكومة من رد فعل المواطنين في حالة طرح حصص حكومية بسوق الأسهم رغم أن هذه الطروحات بهدف تمويل الشركات وإصلاح هيكلها الإداري والفني والمالي. خبراء سوق المال أكدوا أن وجود مخاوف لعمليات طرح الشركات الحكومية مرة أخري في البورصة المصرية كبداية لعملية خصخصة جديدة في الاقتصاد بسبب الحالات السابقة التي استخدمت كباب خلفي لعمليات الخصخصة وزيادة رأس المال الخاص في الشركات الحكومية والتي لم تستفد من تلك الخصخصة للآن. حينما سألت الدكتور محمد عمران رئيس البورصة حول تلك المخاوف أجابني قائلا: «ان طرح حصص من الشركات الحكومية بالبورصة بهدف التمويل والإصلاح الإداري، والهيكلي والفني للشركات الحكومية التي في حاجة الي تمويل منخفض التكلفة، ولا يعني الاكتتاب في الأسهم الخصخصة لهذه الشركات بمفهومها السابق». وتابع «في جميع اقتصاديات العالم الاكتتاب من خلال زيادة رأس المال للشركات التي تسعي مجالس إدارتها إلي العمل علي تقويتها مالياً وفنياً عبر توفير التمويل لها من البورصة، وهو ما تعتزم الحكومة فعله مع الشركات لإصلاحها إدارياً وفنياً». «مجموعة من الوزراء وقبلهم «محلب» رئيس الوزراء أشاروا إلي اقتراب طرح العديد من الشركات التابعة للشركات القابضة في البورصة.. يقول صلاح حيدر خبير أسواق المال إن الحكومة تدعم دور البورصة وتساندها لتحقيق أهداف التنمية، خاصة أن الدكتور خالد حنفى وزير التموين والتجارة الداخلية، يعتزم دراسة طرح الشركة القابضة للصناعات الغذائية فى البورصة المصرية في ظل أن الشركة مستوفية الشروط الطرح معتبراً أنه يسهم في انعاش البورصة رغم وجود شركات خاسرة بجانب نظيرتها الرابحة والتابعة. كما أن وزارة البترول تعكف على إعداد قائمة متكاملة بالتنسيق مع إدارة البورصة المصرية تضم كل الشركات البترولية المؤهلة للطرح والتى تحتاج إلى عرض جزء من حصتها فى البورصة لخلق سيولة تمكنها من التوسع فى أعمالها بالسوق المحلية الفترة المقبلة. الشراكة الحكومية مع القطاع الخاص سواء في رؤوس الاموال او في الادارة يعد التوجه الجديد الذي سيعيد القوة مرة اخري للقطاع الحكومي الخامل في الاقتصاد المصري بحسب «حيدر» الذي لا يستطيع المنافسة الحرة مع القطاع الخاص بعيدا عن الخصخصة الكاملة للشركات الحكومية التي أثبتت فشلها التام في عدد من التجارب الكثيرة السابقة، لذا فان افضل وسيلة لاستخدام أصول القطاع العام هي الشراكة مع القطاع الخاص يتولي فيها القطاع العام الانتاج والخاص التسويق داخليا وخارجيا بالتصدير وضخ استثمارات بعقد شراكة. «اعادة التفكير مرة اخري في عملية طرح بعض شركات الشركة القابضة للصناعات الغذائية بعد التجربة الجيدة الي حد ما في الشركات التابعة لها المدرجة في السوق التي تعتبر شركات ناجحة مالية بشكل كبير خاصة شركات المطاحن». وفقاً لقول حيدر. وتابع «وجود بعض الشركات التي لم تحقق نجاحاً ولم تستفد من تواجدها في البورصة المصرية مثل مصر للزيوت والصابون سيعد دفعة قوية لقطاع الاعمال العام الذي يحتاج تمويلات بطرق غير عادية بعيداً عن التمويل الحكومي المنتظم والذي تواجه الحكومة أزمات بسببه وذلك من إدخال جزء من رؤوس أموال القطاع الخاص التي يمكن من خلالها الاستفادة من زيادات رؤوس الأموال، بالإضافة إلي خبرات القطاع الخاص في الإدارة من خلال نموذج لاحتراف الإدارات في شركات قطاع الأعمال خاصة التي تعاني من سوء الإدارة والهيكل المالي لها. النموذج المتوقع لعملية الطرح الخاصة بالشركات سيكون لبعض الشركات الحكومية التي تحتاج الي إعادة هيكلة وفقا لقول إسلام عبدالعاطي خبير اسواق المال حيث إن ضخ مزيد من الاموال يدفع الشركة الي النمو مرة اخري ولكن هذا النموذج قد يدفع المستثمرين الي التخوف من الدخول في تلك الشركات بالرغم من وعود الحكومة بدعم تلك الشركات، ولكن هناك مخاوف من طرح الشركات الناجحة التي تسيطر عليها الحكومة والتي تسيطر علي اسواق سلع معينة مثل شركة السكر والصناعات التكاملية المصرية التي تحقق أرباحاً تدور حول 400 مليون جنيه حتي تستطيع الحكومة السيطرة علي العائد والمحافظة علي أسواق السلعة الأساسية. «طرح الشركات بالبورصة هو خصخصة أيضاً» هذا ما قاله محمد الدشناوي خبير اسواق المال، حيث إن الخصخصة تشير إلي أن الدولة تدير الاصول وتصبح شريكا فى الاسواق وليس مراقباً يمتاز بالحيادية ولا تطبق الرأسمالية وكذلك لا تتخلص من المشاكل الخاصة بالمال العام فى شركات الدولة، اما اذا كانت الخصخصة كليا فهى تمثل طرح الحصة الحاكمة بشركات المال العام او الشركة بالكامل بالبورصة فهذا خصخصة مكتملة الأركان فلا فرق بين البيع لشخص واحد أو عدة أشخاص. التخلص من الشركات الخاسرة ألا يكون إلا من خلال دراسة جدوى وتحديد القرار الأكثر استفادة للاقتصاد بحسب «الدشناوي» لتحقيق اكبر عائد دون التقيد بطريقة بيع الأصل وتخطي مشاكل الماضى ليس بعمل عكسها وانما بتقنين مواطن الفساد والغش والتلاعب، خاصة ان الخصخصة إحدي سمات ومن أهداف الرأسمالية فى ان تترك الدولة الإنتاج وتركز على الرقابة وتحقيق العدالة الاجتماعية والأمن ومنع الاحتكار ولكن النظام السابق شوهها وأخرجها من أهدافها وترك لنا مفاسد التطبيق مما جعلها كلمة مشبوهة وهذا على عكس الحقيقى. اذن سيظل برنامج الخصخصة «بعبع» للسواد الأعظم رغم اختلاف عملية تطبيقه، والهدف منه في تمويل الشركات الحكومية وإصلاحها فنياً وإدارياً، فهل تنجح الشركات الحكومية المنتظر طرحها في تغيير الصورة الذهنية للخصخصة أم تظل كابوساً؟