بكاء ودموع وأحزان وأسي وثورة غضب تملأ قلوب أسر صيادي المطرية بمحافظة الدقهلية معلنين الحداد المفتوح، لاحتجاز 101 من أبنائهم بالسودان، الذين خرجوا في رحلة صيد في أوائل شهر أبريل الماضي علي متن ثلاثة مراكب صيد مصرية هي «الأميرة مريم» و«الأميرة ملكة» و«هدي الرحمن» وألقت السلطات السودانية القبض عليهم بالمجري الملاحي الدولي وهم في طريقهم للصيد بالمياه الإقليمية لدولة إريتريا وبحوزتهم تصاريح الصيد اللازمة. وقد قضي القضاء السوداني بحبس الصيادين المصريين الموجودين علي متن مراكب الصيد بأحكام تتفاوت ما بين شهر وستة أشهر وغرامات مالية ومصادرة مراكب الصيد. الغريب في الأمر أن وزير العدل السوداني أصدر قراراً في 7 مايو الماضي بالإفراج عن مركب «الأميرة ملك» الذي يضم 37 صياداً الذين لم تتم محاكمتهم وتم استثناؤه من ضمن الثلاثة مراكب المحتجزة لدي السلطات السودانية من المحاكمة وحتي اليوم لم يتم تنفيذ قرار الإفراج عنهم وهم محتجزون في السجون السودانية دون محاكمات، وجاء الرد بأن الإبقاء عليهم لحين عرضها لجلسة تأشيرة جواز مغادرة. يقول محامي الصيادين: إنني اكتشفت أن القاضي السوداني في أول درجة وثاني درجة مصر علي الإدانة، والمدهش أنه وجه سؤالاً ل 103 صيادين مرة واحدة: «هل معكم تصاريح؟»، وطبعاً نفوا لأنهم لم تكن وجهتهم السودان للصيد في مياهها، ولكنه أصر علي الإدانة، والغريب أنه لم يسأل كل منهم وهذا مخالف لقانون الإجراءات السوداني، والمحاكمة «السودانية» الموكلة عن الصيادين استأنفت الأحكام لعدم صحة الإجراءات، لعدم ثبوت الواقعة، ولم يحدد لهم جلسة حتي الآن بعد شهر، والحجة الملف عند المدعي العام للاطلاع، رغم أن أسر هؤلاء الصيادين الفقراء مقبلون علي شهر رمضان الكريم. يقول طه الشريدي، نقيب الصيادين المستقلين بالمطرية: عندما ذهبنا لوزارة الخارجية قالوا لنا إنهم متواصلون مع السلطات السودانية والدولة تبذل أقصي ما في وسعها للإفراج عنهم، ولكن للأسف الردود مخيبة للآمال، ولا نجد أي جديد، وانقطعت الاتصالات بأبنائنا الصيادين ولا نعلم عنهم شيئاً، وذووهم في حيرة من أمرهم ولا يعلمون شيئاً عنهم، كما تكلمنا مع السفير بدر عبدالعاطي عن الحالة الاجتماعية للأسر ووعدنا بمحادثة وزيرة التضامن لمساعدة هؤلاء الأسر ولكن للأسف لم يقدموا شيئاً، مشيراً إلي أن محافظ الدقهلية قام بتوجيهنا للشئون الاجتماعية لصرف إعانة، وبعد طلوع الروح وطوابير وتجهيز أوراق تكلفت مصاريف، وبعد شهر ونصف الشهر قاموا بصرف 300 جنيه فقط من معونة الشتاء بمؤسسة التكافل بالمنصورة، وتم صرفها بشكل لا آدمي من خلال طابور في عز الشمس، أمام مكتب الشئون الاجتماعية بالمطرية، متسائلاً: هل مشكلة الصيادين تم حلها لكي تصرف الإعانة مرة واحدة فقط، وأين المحافظ من مشاكل رعاياه؟.. ألسنا من مواطني المحافظة؟ علي جانب آخر كشفت لقاءات «الوفد» صور المعاناة التي تعيشها أسر وأهالي الصيادين ضحايا البحث عن لقمة العيش. في البداية تقول، سميرة القماش، 48 عاماً، والدة «علي ضرغام» 20 عاماً: إننا نبكي ليل نهار، فهو عائل الأسرة الوحيد الذي يقوم بالصرف علي والده المسن المريض بالكلي والسكر والغضروف، كما أنه يقوم بالصرف علي شقيقه «حمادة» 25 عاماً لأنه مريض نفسي، وهو يسدد ديون زواج شقيقته، وابنتان مازالنا في المنزل، واحدة علي وش زواج، والأخري 6 سنوات، وحمله ثقيل، وسفره بسبب الحاجة ومافيش شغل في البحيرة.. مرددة وهي تبكي إننا نعيش علي صدقة ومساعدات أهل الخير، ولا نجد للأكل أو الشرب أي طعم ولا نري أحدا يسأل فينا ولادنا محبوسين ليه؟.. مطالبة بتدخل الرئيس السيسي لعودة أولادنا، فهم غلابة ومظلومين والله حرام. وتضيف الحاجة فاطمة عبدالقادر، 52 عاماً، والدة ثلاثة من الصيادين المحتجزين هم «محمد السيد شتات» 32 عاماً، متزوج ولديه 3 أطفال، وشقيقه «السيد» 30 عاماً، ولديه 3 أولاد، والشقيق الأصغر «جمال» 21 عاماً، أعزب، ولم يكمل تعليمه لأنه يقوم بمساعدتنا بشكل كبير في الصرف علي المنزل بعد وفاة زوجي منذ 3 أشهر فقط، حيث كان يعاني من مرض الكبد. وتضيف «فاطمة» قائلة: أبنائي الثلاثة محتجزون في السجون السودانية بلا ذنب سوي أنهم خرجوا للبحث عن رزقهم في مهنة الصيد كالعادة فهم تعودوا علي هذا منذ أكثر من 10 سنوات، لا أحد يتكلم عنهم، هما مش مصريين ولا إيه؟.. ولابد من أن نبحث عن حقوقهم، لو دول ولاد مسئولين يقدر حد يتصور أي منهم يبيت بعيداً عن حضن أولادهم، نحن نعيش في أحزان ودموع مستمرة بالليل والنهار.. وبنقول يا رب وبنقول للرئيس السيسي دول أولادك مش بلطجية ولا تجار مخدرات وسلاح، دول صيادين غلابة خرجوا ليأتوا بمصاريف تعينهم علي العيش.. فهل نتركهم؟ ووجهت أسر الصيادين المحتجزين نداء إلي الدكتور السيد البدوي رئيس حزب الوفد، بالتدخل بما له من علاقات طيبة مع «السيسي» رئيس كل المصريين، وعلاقاته الطيبة بالمسئولين السودانيين بالتحرك لعودة أبنائهم المحتجزين في سجون السودان بلا ذنب، مرددين أن الثقة كبيرة في حزب الوفد بيت الأمة ليأتي بالفرج والفرحة في تلك الأيام المباركة بقدوم شهر رمضان، التي لن نشعر بها إلا بعودة أبنائنا لأحضان أسرهم التي لم ولن تتوقف دموعهم حتي يعودوا لديارهم. كما أرسلت النقابة المستقلة للصيادين إخطاراً لتنظيم وقفة احتجاجية أمام نقابة الصحفيين، وذلك بعد رفض الجهات الأمنية السماح لهم بوقفة أمام السفارة السودانية وأمام مجلس الوزراء.