أكد محمد الديب رئيس مجلس إدارة والعضو المنتدب لبنك قطر الوطني الأهلي مصر أن القضاء علي السوق السوداء أمر حتمي ليس له علاقة بقرار الحد الأقصي للدولار، مؤكدا أنه لا يوجد عميل لم يتم توفير له احتياجاته من الدولار، إلا أن المشكلة تتمثل في أن البنوك تغطي الرسالة الاستيرادية للعميل، ثم يقوم بفتح رسالة ثانية، وثالثة. وقال الديب في حواره مع الوفد إن المصريين وقعوا فريسة في مصيدة المنتجات الراكدة مشيرا إلي أن مصر أصبحت مخزنا لتصريف البضائع الراكدة من الدول الأخري. وأشار إلي أن عودة السوق السوداء لن تغطي طلبات الاستيراد منوها إلي أن قوائم الانتظار متواجدة قبل قرار المركزي. إلي نص الحوار: كيف تصف موجة الهجوم علي السياسة النقدية وخاصة قرار وضع حد أقصي للإيداع بالدولار؟ - يجب التسليم بأن الاستيراد وتوفير احتياجات العملاء ليس له أي علاقة من قريب أو بعيد بموضوع القضاء علي السوق السوداء، لأن القضاء علي السوق السوداء كان أمرا حتميا، لأنه لابد أن يكون التعامل في النقد الأجنبي عن طريق الجهاز المصرفي، وليس أي جهة أخري تتعامل فيه. ودولة مثل مصر تتطلع إلي النمو ومكانتها في الوضع الدولي، وجذب الاستثمار، يجب ألا يكون فيه سوقان للنقد: سوق رسمي وآخر غير رسمي. لهذا كان يجب القضاء علي السوق السوداء، وهذه المهمة ليس له علاقة بالاستيراد وتغطية احتياجات العملاء. ولكن هناك انتقادات للبنوك بعدم تغطية مطالب العملاء؟ - البنوك بالكامل تقوم بفتح الاعتمادات المستندية التي تقدم لها، وهو الأسلوب الأمثل للاستيراد أو عن طريق، تغطية المستندات القادمة عن طريق العملاء أو المراسلين، والأولوية لمستندات المراسلين، ثم القادمة عن طريق العملاء والبنوك تحاول تغطيتها. لماذا يحدث اختناقات في تلبية احتياجات العملاء؟ - يأتي ذلك نتيجة لزيادة الطلب عن الموارد، والسؤال: لماذا الطلب مرتفع عن الموارد؟ فبالارقام والحساب، مصر لديها موارد تكفي كل احتياجاتها من الاستراد من الخارج، وهذا ما تم عام 2014 واستطاعت مصر تغطية كل احتياجاتها من الاستيراد سواء التي كان يتم تغطيتها من السوق الرسمي أو من السوق غير الرسمي، وبعد توحيد السوقين، فالجهاز المصرفي يستطيع عن طريق الموارد المتاحة أن يغطي الاستيراد من الخارج وكل احتياجات المستوردين. أين المشكلة؟ - المشكلة هي عملية التوقيت، فالعملاء يركزون علي استيراد كل احتياجاتهم في توقيت قصير، العميل بدلا عن أن يكون لديه مخزون ثلاثة شهور يريد أن يكون لديه مخزن أربعة أو خمسة شهور. هل الركود الذي يشهده الاقتصاد الأوروبي سبب في التكالب علي الاستيراد؟ - هناك عملاء تستغل الركود الاقتصاد في أوروبا وتضاعف من عملية الاسيتراد خاصة أن المصدرين في الخارج يقومون بتخفيض الاسعار بهدف التصدير بدلا عن الاحتفاظ بالمنتجات في المخازن، وهذا دفع المصريين للوقوع فريسة في هذه المصيدة، والاستيراد بكميات مبالغ فيها وهذا ما نشعر به من حجم الاستيراد، وكل ما يتم الاستجابة لطلب للاستيراد لعميل يوضع مكانه طلب آخر، لوحظ في بعض الاحيان باسعار مخفضة عن الأسعار السابقة؟ هذا يتطلب من المستورد أن يراعي المصلحة العليا لمصر؟ - نحن نحتاج إلي التزام وشعور بالمصلحة العامة والاستيراد وفقا للاحتياجات وعدم الخوف من المستقبل، والثقة في المستقبل وكل الموارد تكفي لكل الاحتياجات ولابد من الاستيراد وفقا لتوقيتات محددة تتماشي مع الموارد القادمة من النقد الأجنبي، ويجب ألا يكون كل الاستيراد في توقيت واحد. ماذا تلاحظ من سلوك المستوردين؟ - العميل عندما يقوم البنك بتغطية رسالة استيرادية له نجده قام بفتح رسالة ثانية وكأن هناك سلاسة من البضائع قادمة في الطريق، أو موجودة في مناطق حرة ويخرجها علي مراحل، أو رسالة كبيرة ويتم تجزئتها علي أكثر من بوليصة، وهذا كله سلوك غير صحي، وحجم ما تم تغطيته من قبل البنوك أو البنك المركزي يفوق ما تم عليه خلال العام الماضي بمراحل، وهذا يعني أن هناك سلوكا غير طبيعي من قبل العملاء لابد من تحسينه لتغطية كل الاحتياجات. ما الذي يجب أن يقوم به المستورد خلال هذه المرحلة التي تمر به مصر؟ - يجب أن يؤمن بأن الموارد تساوي الاستخدامات ولا داعي استيراد أكثر من اللازمة وتكوين مخزون أكثر من اللازم، وتحول مصر لمخزن للمنتجات الأوروبية أو دول أخري، وذلك حتى نعبر المرحلة ونغطي كل الاحتياجات. هناك بعض الصناع يشتكون من عدم توفير البنوك للمواد الخام لمصانعهم؟ - غير حقيقي تماما، البنك المركزي يحدد مثلا هذا اليوم لتغطية السلع الغذائية يتم تغطية كل الطلبات، ويوم لتغطية المواد الخام يتم تغطيتها بالكامل ولا يوجد شىء متأخر لفترات طويلة، ولكن المشكلة في التكرار، لأن العميل يقدم رسالة للاستيراد ثم يأتي الأسبوع الذي بعده ويقدم رسالة ثانية، ثم رسالة ثالثة مما يؤدي إلي ضغط علي النظام النقدي الأجنبي ما يتطلبه الأمر من ترشيد سلوك الاسيتراد حتى تتماشي الموارد مع الاحتياجات إيمانا بأن كل الموارد تغطي الاحتياجات، ولا نبالغ في المخزون للمصانع لأكثر من ثلاثة شهور. لماذا الإصرار علي عودة السوق السوداء وهل تركه يزيد من العملات الأجنبية؟ - الموارد واحدة، جزء منها كان يدخل السوق الرسمي وجزء للسوق غير الرسمي وذلك لتحقيق مكاسب خارج النظام، وبعد قرار المركزي قضي علي السوق السوداء وأصبحت تدخل عبر القنوات الرسمية، وعودة السوق السوداء لن تؤدي إلي تغطية الاحتياجات والدليل أنه قبل اتخاذ القرار كان هناك قائمة انتظار بالبنوك عام 2014، وكانت هناك اعتمادات متأخرة وهناك عملاء كانوا لا يتعاملون في السوق السوداء ومن كان يلجأ للسوق السوداء هم عملاء السلع غير الأساسية، وقوائم الانتظار كانت موجودة بالبنوك. هل البنوك تمتنع عن تغطية السلع غير الأساسية؟ - البنوك تغطي السلع غير الاساسية وهناك نسبة 40% من موارد حصيلة البنك موجهة للسلع غير الاساسية بالإضافة إلي 20% من عطاءات البنك المركزي موجهة أيضا للسلع غير الاساسية، مما يعني أنه تتم تغطيتها ولكن هناك طلبا متزايدا ولهذا سوف تظل المشكلة ولابد من ترشيد الطلب. هناك أولويات أمام البنوك تجب تغطيتها أولا؟ - البنوك لا تتوقف عن توريد السلع الغذائية والخامات لتشغيل المصانع وقطع الغيار للماكينات والآلات، لها أولوية مطلقة، ولكن هناك بعض السلع غير الأساسية التي عليها ضغط للاستيراد ومهما فعلت البنوك فلن تغطي حجم الطلب المتزايد علي هذه السلع لهذا يجب تقليل وترشيد استيرادها. والمستورد يجب أن يرشد من الاستيراد وفي النهاية إذا تم أخذ السنة بالكامل موارد واستخدامات سوف يتم تغطيتها. موارد البنوك زادت بعد قرار المركزي فهل يتم استخدامها بالكامل؟ - موارد الدولار زادت بكميات لا يتم تخيلها، وتضاعفت عدة مرات وكلها توجه لاعتمادات مستندية لها الأولوية الأولي، وهناك فرق بين السلعة سواء كانت غذائية أو مواد خام، وأسلوب استيرادها، ويوجد ثلاثة أنوع؛ أما اعتمادات مستندية لها أولوية مطلقة أو مستندات شحن قادمة من مراسل أو من عميل مباشرة مقدمها للبنك، وهناك عملاء يقدمون مستندات الشحن، في نفس اليوم الذي يوجد فيه الاعتمادات المستندية لهذا يتم إعطاء أولوية للاعتمادات المستندية، وقيام العميل بفتح اعتمادات مستندية أفضل له. كما أن مستندات الشحن القادمة من المراسلين لها أولوية عن مستندات الشحن القادمة من العميل. والعميل يعلم هذا وكل عميل لا يري إلا الطريقة التي يحتاجها في الاستيراد بغض النظر عن هذه الأولويات التي يضعها البنك لهذا يشتكي. هل هناك عملاء لم تغط مطالبهم من الاستيراد؟ - لا يوجد عميل لم تدخل له رسالة واثنتان وثلاث وأربع، بهذا النظام كل العملاء دخلت لهم رسائل متعددة، لا يوجد عميل واحد لم تدخل له رسائل استيراد متعددة. وكل ما تقوم البنوك بتغطيته رسالة استيراد للعميل، يقوم بوضع رسالة الأسبوع التالي وهكذا. لا يمكن أن يكون الطلب علي السلع بهذا الشكل. هل يوجد طابور انتظار للدولار، وتأخير لفترات طويلة؟ - لا يوجد طابور للانتظار، لا يوجد تأخير مثل فترات سابقة وهي والتأخير لفترات قصيرة جدا نتيجة للأولويات في عملية الاستيراد، ولا يوجد تأخير مثل الفترة السابقة عن قرار الحد الأقصي للايداع بالدولار، فمثلا لا توجد بضائع موجودة في الجمارك ويتم الانتهاء من تغطيتها، هناك أولويات للاستيراد لا يمكن أن نعطي أولوية علي استيراد السلع الغذائية والمواد الخام للمصانع، والأدوية، فهناك أولوية في عملية الاسيتراد، والتجارة والسلع غير الضرورية في المرتبة الثالثة وهو شىء طبيعي، ويحقق العدالة في توزيع الموارد وتغطية السلع الغذائية والأساسية اللازمة للدولة. هل تحولت مصر إلي مكتب استيراد؟ يجب ترشد الاستيراد، ومصر أصبحت مخزنا لتصريف البضائع الراكدة في الدول الأخري بسبب التكالب علي الاستيراد وهذا سلوك خاطئ ولابد من ترشيد الاسيتراد ولا يعني أن الأسعار منخفضة في الخارج أن يتم تحويل مصر إلي مخزن، ولا يجب أن تنحدر البنوك إلي هذا، لأن لديها مسئولية وطنية تجاة الوطن والمصلحة العليا للدولة. والجهاز المصرفي والمركزي بعطاءات الدولار يحاولون تغطية كل الاحتياجات ولا يمكن ان نطلب من البنك المركزي أكثر من ذلك لأنه هذا يعني استنزاف الاحتياطي النقدي الأجنبي. الاحتياطي الأجنبي إذا ترك سوف يستنزف خلال أيام فما رأيك؟ - سوف نحاسب في يوم من الأيام علي هذا الاحتياطي، ولابد من حسن استخدامه، لأنه يوجد أولويات وطلبات التنمية، ولا يوجد مصنع طلب آلات ولم يتم استيرادها، أو طلبت آلات للاستثمار أو التوسع أو فتح خطوط إنتاج جديدة ولم تتم تغطيتها. لهذا الاستغلال الأمثل للاحتياطي يجب أن يكون بهدف تنموي فنحن أمام دولة تهدف إلي التنمية.